مشكلة الوعي

جوتيار تمر
كاتب وباحث
(Jotyar Tamur Sedeeq)

الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 23:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

مشكلة الوعي :
جوتيار تمر
الوعي يظل بكل الظروف العامل الاكثر امانا لسلك طريق التطور، ولعله يظل أبدا أهم ركيزة في العملية التطويرية دون منازع، لذلك نجد ان عملية التوعية تكون في اغلب الاحيان عملية معقدة وصعبة ان لم نقل بأنها الاصعب في مراحل التحول البشري منذ القدم .. ولأهمية هذه المرحلة فان التنظيمات الدولية و العالمية لم تستطيع الاستغناء عنها بل خصصت اقساما خاصة و مستقلة للقيام بواجباتها التوعوية قبل القيام بأي عمل.. وما يميز اهمية التوعية انها لا تقتصر على ميدان دون آخر.. و نحن في هذا الوقت نحتاج الى وعي خاس للمرور بسلام في مرحلة لم نعد نعرف لها تسمية حقيقية لم تحمل في طياتها من احدث وتناقضات اصبحت تشكل عقدة للمواطن الكردي بوجه خاص وللعراقي بوجه عام.
ان انجراف الفكر وراء الشكليات الرمزية الباهتة التي اظيفت الى الواقع اللامستقر لحد الان جعلت البعض ينادي باستمرارية الوضع ، و البعض الاخر يتباهي بما وصل اليه بعض الرموز، واخذ البعض يتحدث عن المستقبل وكأنه واقع ، والكل يتناسى الحاضر عمداً، ولاينظر الى ماكان وما اظنه سيظل ان لم نستطيع اقصاء جذور الماضي واحقاده في اعماقنا .
لو نظرنا نظرة تاريخية للوضع الذي نمر به الان سنجد مشهداً تاريخياً وثائقياً قديماً يعرض علينا وقد حاول مخرجه ان يظهر فيه مدى التفكك الذي يعيشه هذا الشعب منذ القدم ففي التاريخ القديم مثلا تحالف ابناء هذا الوطن مع غيرهم ضد حضارة تعتبر من اعظم الحضارات ونقصد بهذا التحالف اللامنطقي (بابل - ميديا) ضد(آشور)و النتيجة انهاء آشور.
ولم تمر سنوات حتى بدأ الصراع بين بابل وميديا ونتيجة تحالف بابل مع(الاسكيث)و انهاء ميديا و هكذا جرت الامور، ومع جذور اللامنطق هذا ظهرت الفتن التي لم تنتهي منذ القدم واصبح هذا الوطن ساحة قتال كبرى لدول عظمى.. وتذكروا حملة زينفون أين وصلت وماذا حدث بعدها..؟ ولا تنسوا الاسكندر اين وصل..وأين مات.. و اين دفن..؟ و لنتقدم قليلاً وننظر الى عصر اقرب ومجئ الاديان ولنقيس ارض العراق بعدها.. معارك "الجمل وصفين وكر بلاء ..." و بعدها معارك الحركات المعارضة ومعها ما دار بين الامارات الكردية وما حصل لها مع الخلافة ومن ثم الاستعمار.. لكن لندع الامور هذه ولننظر الى ما حصل للمسيحيين من مذابح والخيانات التي حدثت وما جرى بين الامارات الكردية نفسها ولنذهب الى الوسط والجنوب وكل ما حل فيها من صراعات مذهبية واحيانا طائفية حادة، و لندعها كلها و لننظر الى وقتنا هذا وما حصل لهذه الارض من دمار جراء حكم دكتاتوري مستبد..واضطهاد الجنوب و الشمال و تهميش الاقليات .. وقمع كل الحركات المعارضة.
هذاه بعض الصور او اللقطات التي ابدع المخرج تصويرها واظهارها في ذلك المشهد الوثائقي ، وعلى الرغم من فداحتها الا انها لم تتوقف حتى بعد التغيرات السياسية في الحروب الثلاثة التي فرضت على هذا الوطن .. ففي الحرب الأولى قتل مئات الآلاف وهدم ألآلاف من القرى وتشرد ألآلاف.. وفي الثانية قتل مئات الآلاف وهدم ألآلاف وتشرد الآلاف والقضاء على البنية التحتية و انهيار الاقتصاد وموت وفقر ولاحياة واضطهاد .. و الثالثة .. انها بقايا الحياة.و لننظر الى نتائج الحروب من منظور آخر .. في البدء تحرر كردستان العراق من السلطة العسكرية .. لكن لنقص حاد في الوعي لم يستغل الوضع بالصورة المطلوبة .. فماذا جرى..؟ قتل ونهب وسلب للمؤسسات جميعا.. و بعدها عادوا بانفسهم ليدفعوا من حقوقهم لأعادت بنائها .. ولن اذكر قبلها الهجرة المليونية لانها تمزق القلب وتحرق بقايا الانسانية في الذات .
واذا قسنا كل تلك الاحداث بمسألة الوعي لوجدنا انه العامل الاهم في المتحولات والمتغيرات والاحداث التي عصفت بنا اجمالاً، لأن اللاوعي هو ما جعلنا لا نستغل الوضع كما يجب ففقدنا الكثير من ابناء هذا الوطن فما ان سمعنا بكلمة التحرر حتى بداء الكل يبحث في مسائل امتلاك القوة لا لمجابهة الاعداء اذ ا لزم الأمر انما لمواجهة الأخ الشقيق و الأخ الغير الشقيق .. والنتيجة قتل الآلاف ودمر الكثير وفقد الكثير من المصداقية.
ومن النتائج التي علينا هنا ذكرها هي انتهاء الدكتاتورية واقصائها نهائيا و قد بدأنا هذه المرحلة كسابقاتها بالنهب و القتل و السلب.. والأمر مازال لحد الان حيث فقدان الأمن و الاستقرار ووجود الآلاف الجنود و الآليات و الدبابات في الشوارع و المزيد من الجثث و المزيد من اللامان و اللاستقرار و الرعب وماذا بعد ..؟ لقد حدث بالظبط في هذه المرة أيضا ماحدث لنا هنا عندما نمت جذور العصبية القبلية وأدى الى صراع مرير راح ضحيته الآلاف من الابرياء . لماذا..؟ وكذلك الصراعات الأخرى داخل المنطقة الواحدة الصراعات الطائفية والمذهبية والقومية بين الاخوة الاعداء داخل العراق الذي أراه قد حدث في مرحلة بسبب نقص حاد في الوعي والشعور بالمسؤلية الحقيقية تجاه المكتسبات الكبيرة لهذا الشعب .

#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات