أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - منير العوادي - في مواجهة النزعات الطفولية















المزيد.....


في مواجهة النزعات الطفولية


منير العوادي

الحوار المتمدن-العدد: 3366 - 2011 / 5 / 15 - 19:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ملاحظة هامة
يتناول هذا العـمل بعـض محاور الصراع مع أحد المجموعات "الوطج"، أي مجموعة "الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة".
وقد كان هذا النص (الذي كتب في أوت 2002) داخليا، ولا يوزّع إلا في الحلقات الضيّقة، لظروف معلومة. أمّا الآن، وبعد أن تحوّلت مجموعة من الوطج، بالاتفاق مع بعـض العـناصر التي تدور في فلك أحد العـناصر، الذي اعـتُبر، بل واعـتبر نفسه جزء من "البيروقراطية الصاعـدة"، فقد ارتأينا نشر هذا النّص (كما هو) عـلنيا، تعـميما للفائدة من جهة، وتأكيدا من جهة أخرى أنّنا كنّا دوما بالمرصاد للانحرافات اليمينية والانتهازية، التي حاولت تخريب خط النضال الشعـبي الوطني الديمقراطي.


تـقـديـم:
إنّ أهـمّ خاصيّة يتميز بها الفكر اليساري هي أنّه أوّلا وبالذات فكـر ناقد، بل إنّ النقد هـو ما به يتشكـل جـوهـر هـذا الفكر، وبـدونه تنعـدم إمكانية الحديث عـن وجود فكر يساري أصلا.
وتتأكد ضرورة اضطلاع الفكر بمهمته تلك في هـذه الظـروف بالذات، ذلك أنّ الحركة اليسارية والثورية تشهـد اليوم حالة جزر أو تراجع. وتجاوز هـذه الحالة يقتضى أوّل ما يقـتضي تحـديد أسبابها والمسـؤولين عـنها، وعـدم الإكتفاء بتحـميـل العـدو الخارجي ( النّظام - القوى الإسلامية - القوى الإصلاحية---إلخ) المسـؤولية، بـل يجب أيضا نقد بعـض القـوى التي تدّعي اليسارية، والتي تحوّلت في الواقع إلى سند للطـبقات الرجعـية.
وفي هـذا السّياق بالضبط تبرز ضرورة توجيه نقد مبدئي وحازم للوطج/ الأوطاج، نظرا لما راكـمته عـناصر هـذه المجموعة /المجموعـات من انحرافات، أصبح تاثيرها السلبي باديا للعـيان، سواء منذ فترة طويلة نسبيا في الحركة الطلابية أو منذ مدّة أقصر في الحركة العـمالية.
فكيف تجسّدت هـذه الأخطاء والانحرافات ؟
وما هي النتائج المترتبة عـنها ؟
I/ الــوطـج فـي الـحـركـة الـطـلابـيـة: نـشـاة مـلـتـبـسـة وسـلـوك غـيـر قـويـم.

برزت مجموعـة الوطج في الحركة الطلابية في الموسم الدّراسي 84- 1985، دون أن يكلّف العـناصر الذين بعـثـوا هـذه المجموعـة أنفسهـم عـناء البحث للإجابة عـن السّؤال الأساسي التّالي: هـل هـم استمرار للتجربة الوطنية الديمقراطية أم هـم في قطيعـة معها؟
وفي حالة الإجابة الثانية هـناك سؤال يطرح فورا: ما هي الإضافة التي تميّزهم والتي تبرّر بعـث مجموعة جديدة؟
من الواضح أنّ عـناصر الوطج أنكروا ارتباطهم بأيّ تجربة سابقة، وقدّموا أنفسهم كمجـموعـة جديدة نوعـيا، وأهمّ ركن من أركان جدّتهم هـو أنّهم وحدهم "الوطنيون الديمقراطيون"، وهم وحدهـم كذلك"الماركسيون اللينينيون".
كـلّ ذلك دون تقديم أيّ قـراءة نقدية لتاريخ الخطّ في إنجازاته وإخفاقاته. ولعــلّ أهـمّّ سبب لغـياب هـذه المراجعـة النّقدية افتقار العـناصر"المؤسـسة" للقدرة النظرية والسياسية ومحدودية تجربتهم، نظرا لصغـر سنهم، خاصة وأنهم طلبة، غـادروا لتوهـم مقاعـد الدراسة في المعاهـد الثانوية.
ونظـرا لما حفّ بهذه النشأة من ملابسات وقصور، فقد ترتّب عـنها العـديد مـن النتائج، لعـلّ أهـمّهـا:
1- الغـموض في مسـتوى المرجعـية النّظرية :
ــ فبعـضهم يعـتبر "ستالين" حجـر الزّاوية في الماركسية اللينينية، وهـو نقطة الفصل بين الفكـر الشيوعي والتحريفيّة، وبعـضهم الآخر يعـتبره بيروقراطي وارتكب أخطاء شنيعـة وجرائم.
ــ والبعـض منهم يعـتبر أنّ "ماو تسي تونغ" قائد شيوعي عـظيم، وبعـضهم الآخر يرى أنّه مناضـل وطني وغـير شـيوعي.
ــ أهـمّ مرجع نظري معاصر عـند بعـضهم هو "مهدي عامـل"، وعـند آخرين " لوي التيسار"، وبالنسبة لآخرين أيضا "غـرامشي"......
2- الاختلاف بين كل ّفرد وآخر في تقييم تاريخ الحركة الطّلابية وتاريخ الخطّ الوطني الدّيمقـراطي:
ــ حركة فيفري عـند بعـضهم نقلة نوعـيّة، أما عـند البعـض الآخر فهي تراكم كمّي.
ــ الخط الوطني الديمقراطي هـو خـطّ الطـبقة العاملة بالنسبة لأفراد منهم، وهـو خـطّ الطـبقات الشّعـبيّة بالنسبة لأفراد آخرين .....
3- الخلط بين النّشاط السياسي الحزبي والنّشاط النّقابي:
ــ المهـمّة الأساسيّة هي العـمل داخل الجماهير الطلابية بالنسبة للبعـض، وهي النشاط داخل الإتحاد العـام لطلبة تونس بالنسبة للبعـض الآخر.
- البعـض يرى أنه لا بدّ من تكويـن كوادر سياسية، وآخرون يرون أنّ المهم هو تكوين كوادر نقابية......
وكان ما كان في المؤتمر 18 الخارق للعادة للإتحاد العـام لطـلبة تونس الّذي انعـقـد في ربيع 1988، حيث بدأت عـناصر الوطج في الظّهور عـلى حقـيقـتها، إذ ناورت وساومت واستقـدمت أحد قـدماء الحركة الطّلابية للتفاوض باسمها، وهـو ما سيفضي في النّهاية إلى تعـيين عـنصرين من هـذه المجموعـة في المكتب التنفيذي.
وأن تنصـّب مجموعـة الوطج أبرز عـنصرين لديها في المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس، فذلك يدلّ لا فقط عـن ضبابية الرؤية ( النشاط الخطّي يجب أن يكون داخل الحركة الطّلابيّة لا داخـل إ.ع.ط.ت)، بل يدلّ خاصّة - وهـو ما سـيتجلّى لاحقا - عـن رغـبة جامحة لدى هـذين العـنصرين الانتهازيين في الظّهـور و"النّجـومـية".
وهـكذا، وعـوض أن يكون المؤتمر 18 تتويجا لسيرورة نضال إجتماعـية وفكرية وسياسية ونقابية، تحـوّل عـلى أيدي كـلّ من الوطج والبوكت، إلى كرنفال هـزيـل ومضحك، وإلى فرصة للتكالب المسعـور عـلى المواقع.
ومـنذ تلك اللحظة بدأ العـدّ العـكسي في مسيـرة الوطج، حيث ازداد التّخبّط النّظري والسّياسي، وتفاقـمت روح الميوعـة والانتهازيـة في صـفوفهم، بل وبرزت عـقلية الاسترزاق - بالمعـنى الحقيقي للكلمة - ( مقالات تمجـّد النّظام العـراقي في مقالات أسبوعـية بجريدة "الجمهورية" لمن كان مقيما في العـراق، ومقالات أخرى بائسة تمجـّد سلطة 7 نوفمبر في المجلّة المشـبوهة "الملاحظ" لمن بقي مقيما في تونس). أمّا البقيّة الباقية من أفراد هـذه المجموعـة فقد أصبح يعاني الضّياع والحيرة، بعـد أن أيقنوا أنّه لا يوجد من يأخذ بأيديهم ويوجههم.
وانساق العـديد من هـؤلاء الأفـراد بفعــل الإحباط والفشـل إلى ممارسة كـلّ فـنون السّباب والشّتم والنّميمة ونهـش أعـراض بعـضهم البعـض، كما أصبحت المقاهي والحانات مسرحا لصولاتهم وجولاتهـم.
وأصبحت حالتهـم هـذه تثير العـطف والرّثاء عـند البعـض، والسخريّة والازدراء عـند البعـض الآخر.
كان يمكن لكـلّ هـذه الأمـور أن تقبل، لـو اقتصر الأمر عـلى مجموعـة شبابية، مجال نشاطها الحركة الطلاّبية، خاصّة إذا ما توفـرت الإرادة الحازمة والقدرة الفعـليّة عـلى الإعـتراف بالأخطاء والإنحرافات، وعـلى طرح حلول نظرية وعـملية تحقّق إمكانية التّجاوز.
أمّا ما لا يمكن قبوله بأيّ حال من الأحوال فهـو أن تعـمّم هـذه الأخطاء والإنحرافات، بـل وأن تشهـد اسـتفحالا خطيرا في المجال العـمالي.

II / الأوطـاج فـي الـحـركة الـعـمـالـيـة: وسـقـطـت ورقـة الـتـّوت.
عـند تناول الحركة العـمالية، لن يتعـلّق الأمر بالوطج بـل بالأوطاج، لأنّ الأمر هـو فعـلا كذلك، بمعـنى أوضح، فإنّ الأمر يقتصر عـلى مجموعـة متشظيّة محدودة التأثير في التعـليم الثانوي، وأخرى ذات فعالية نسـبيّة ولكن دون قـدرة عـلى التوجيه والقيادة في التعـليم الأساسي، أمّا البقيّة فعـنصر هـنا وآخر هـناك.
كيف تصرّفت هـذه المجـمـوعـات في بعـض المحطّات النّقابيّة؟
بدأت الحـلقة الأولى في مسلسل تهـاوي الأوطاج خلا ل مؤتمر النّقابة العـامة للتعـليم الثانوي، الملتئم من9 إلى 12 جانفي 2001. إذ سعى الأوطاج في هـذا المؤتمر إلى تـرشيح عـنصريـن من عـناصرهـم في قائمة التحالف الوطني، وهـو ما تمّ فعلا.
ولكن ونظرا لعـدّة عـوامل، لعـلّ من أهـمّها جدّتهم عـلى السّاحة النّقابية أوّلا، وتعامـل الأوطاج مع نواب المؤتمر كمجرّد كتـل أنتخابية ثانيا، فشل هـذان العـنصران في الوصول إلى المكتب الوطني الجديد.
وعـوض اسـتخلاص الدّروس بصدق وجرأة من هـذا الذي حدث، راح الأوطاج يردّدون دعاية بائسـة مفادهـا تعـرّضهم للإقصاء والغـدر، وخاصّة لواحد من عـنصريهما الفاشلين، الذي أوهـمه بعـض من رأى أنّ الفرصة أصبحت سانحة لاستعـماله ومن ورائه الأوطاج، أنّه " كفاءة نادرة قـلّما يجود الزمان بمثلها"، وأنّه "هـو وحـده الجدير دون غـيره( لولا الخيانة) لأن يكون الكاتب العام للنقابة".
إنّ قيام الأوطاج بحملة تشكيك واختلاق الأكاذيب حـول إحدى المجموعـات الوطنية (التي لها دون شك أخطاءها، ولكننا نرفض عـلى الأقـل إلى حدّ الآن نقدها والتشهير بها عـلنيا) إنّما يكشف عـن عـقلية انتهازية جهازية لا يهمّ أصحابها في الحـقيقة إلا البحث عـن التموقع بأيسر السّبل وأسرعها، وذلك تحت قشرة الثورية البرّاقة التي يتظاهـرون بها، والتي لا يمكن أن تخدع إلاّ المغـفلين.
لم يكن هـدفهم تثبيت التوجه التّقدمي الوطني الدّيمقراطي في مسـتوى القطاع، بـل فـقـط التّواجد في المكتب الوطني وتحـقيق أطماع ذاتية، بدليل أنّهم غـيّروا كـلّ مواقـفهـم وتحالفاتهم إثر هـذا الفشـل.
وسيشهـد هـذا السّقـوط والتساقـط مرحلة متقدمة في علاقة بما حدث في مؤتمر قطاعي آخر، هو المـؤتمر 21 للنقابة العامة للتعـليم الأساسي الذي انعـقد يومي 2 و3 جوان 2001، وهـو المؤتمر الذي شهـد فوز ثمانية مرشحين، مع إرجاء البتّ في أحـقيّة من سـيفـوز بالمقعـد التّاسع عـلى أساس الأقدمية في المسؤوليّة النّقابية.
وبعـد أن تمّ حسم هـذه المسألة لفائدة خديجة سعـد اللّه، وأصبح الأوطاج بالتّالي في وضع الأقليّة (4/9) بالرّغـم من تحالفهم مع الكاتب العام السّابق الطاهـر الذاكر (الذي يعـرف الجميع أنّه من أعـوان السحباني المخلصين)، وعـوض أن يحدّد الأوطاج خطّة نضالية لتوضيح موقـفهـم والضّغـط عـلى البيروقراطية، فإنّهم دفعـوا العـنصر الذي لم يقع اختياره إلى رفع قـضيّة عـدليّة ضدّ الإتحاد العام التونسي للشغـل.
نعـم لقد فعـلها الأوطاج ولم يتـرددوا: رفعـوا قضـية لدى"العـدالة" ضدّ الإتحاد.
ولم يقف الأمر بالأوطاج عـند هـذا الحدّ، بـل واصلوا انتهاج سلوك أقـلّ ما يقال عـنه أنّه غـير مبدئي بمناسبة أخرى، هي مؤتمر الإتحاد.
إذ أنّ التّثبت الدقيق في وقائع مؤتمر جربة المنعـقـد أيام 7- 8- 9 فيفري 2002 وما حدث قـبله، يبيّن مدى الإستهانة والإستخفاف بكلّ القيم التي يمكن أن يصل إليها بعـض الـذين لم يضعـوا نصب أعـينهـم سوى"الـفوز" بمقعـد أو موقع في المكتب التنفيذي.
فـلقد سعى من نصّبه الأوطاج "النّاطق الرّسمي" باسمهم إلى التواجـد ضمن "القائمة الرّسمية"، معـتمدا عـلى أساليب سخيفة من التزلّف والتملّق والنّفاق.
وحين وقع إشعاره أنّه غـير مرغـوب فيه داخل" ملعـب الكبار"، اتّجه إلى تشكيل " قائمة التحالف النقابي الدّيمقراطي " أو "قائمة اليسار". كما اتجه في الوقت ذاته إلى التنسيق مع المجموعـة الأصوليّة، إذ شهدت المقاهي الخلفية لنزل" منزل جربة"، حيث انعـقـد المؤتمر الاستثنائي، إتصالات مشـبوهـة بيـن "النّاطق الرّسمي" وعـلي رمضان شخصيا. وقـد شارك أحـد عـناصر الأوطاج من قطاع المالية في هـذه الاتصالات، ودافع باستماتة عـن قائد المجموعة الأصولية. وقد برّر الأوطاج سلوك هـذا العـنصر بكونه ينتمي إلى نفس عـشيرة" الأخ رمضان".
هـكذا إذن يصبح الإرتكاس إلى ما هـو عـشائري، أي إلى ماهـو لا وطني وما قـبل قـومي، وكذلك الوقـوف إلى جانب قـوى العـبودية والتخلّف والظّلام، مسألة وجهة نظر لا غـير، يمكن تفهـمها والتماس العـذر لصاحبها عـند الأوطاج.
ولعـلّ اخـتلاط الرّومانسية عـند الأوطاج ( ليس صدفة أنّ أغـلب عـناصرهـم"القيادية" يكتبون الشعـر) بالانتهازية، هـو الذي أنتج ضربا مـن الغـباوة جعـلتهم يعـتبرون أو بالأحرى يتوهـمون أنّ مؤتمر جربة أنتصار لهم وللحركة النّقابية. يقول أحدهـم:" نقولها وبصوت هادىء تماما وتفكير مرتفع جدّا إنّه مؤتمر تاريخي بكلّ المقاييس في الدّواعي والأسـباب وكذا في الممارسة والأهـداف".
ثمّ يضيف في لغـة رثّة كيـل المديح المجاني ( هـل هـو فعـلا مجاني أم أنّ صاحبنا يتقاضى مقابلا عـمّا يكتبه؟ نحن نعـرف الجـواب.):" الثّابت عـندي وبما لا يدع مجالا للشكّ وقـد عايشت المؤتمر من أوّله إلى آخـره من الدّاخـل والخارج أن ّالمكتب التنفيذي المنتخب سيغـير كلّ من موقعه ( تأمـل جيّدا ركاكة التعـبير) من طريقة آدائه وتعاطيه مع المنظمة وأعـني القاعـدة ومع الملفات التي تعـنيها من قريب أو بعـيد. الإتحاد استعاد روحه وثوابته وخـلق قيما ومكاسب جديدة لن يسمح بالتراجع عـنها قـيد أنملة." ( المصدر: جريدة الشّعـب- العـدد645 السبت 23 فيفري 2002- ص 18).
ولم يمرّ وقـت طـويـل حتى تهـاوت توقعـات الأوطاج، إذ تنكّرت البيروقراطيّة لقرار المؤتمر القاضي بالإضراب مدّة ساعـة يوم الثلاثاء 26 فيفري2002 مساندة للشعـب العـربي الفلسطـيني في انتفاضته الباسـلة.
الأوطاج من جهتهم في التعـليم الأساسي قاطعـوا هـذا الإضراب وحاولوا إفشاله. "النّاطق الرّسمي" باسمهم لم يضرب في مدرسته، وحينما تفطن نقابيو التّعـليم الأساسي إلى صنيعـه ووقعـت محاججته بما فعـل، استظهر بوثيقة إدارية صادرة عـن مدير مدرسته " تثبت" مشاركته في الإضراب، وادعى هـذا "المناضـل الفـذّ " أنّه أضرب بمفرده في مدرسـته.
نعـم: ناطقهـم الرّسمي، ومرشحهم للمكتب التّنفيذي للإتحاد، وعـضو النقابة العامة للتعـليم الأساسي، والكاتب العام للنقابة الجهوية بتونس، .....، أضرب (حسب إدعائه، وهـو مجرّد إعاء لا غـير) بمفـرده.
ولم يكتف الأوطاج بذلك، بـل واصـلوا انتهاج نفس هـذا السلوك السـلبي واللا مبدئي. ذلك أنّ النقابات الجهـوية للتعـليم الأساسي بإقـليم تونس حاولت - عـلى غـرار التعـليم الثانوي- القيام بإضراب يوم الثلاثاء 16أفريل 2002، للتنديد بالجريمة البشعـة التي يقترفها الصهاينة في فلسطين المحتلـة.
الأوطاج، عـبر النقابة الجهوية للتعـليم الأساسي بتونس، ساهـموا في مرحلة أولى في اتخاذ قرار الإضراب، قصد إحراج الكاتب العـام للنقابة العـامة المنصف الزاهي، وعـندما تبيّن لهم أنّ "تكتيكهـم " فشل، رفضوا المشاركة في الإضراب.
وحينما حاول بعـض مناضلي هـذا القطاع في نفس اليوم ولنفس الغـرض القيام باعـتصام في دارالإتحاد بنهج محمد عـلي، رفض الأوطاج من جديد المشاركة في هـذا التحرّك.
لـمـاذا؟
انتهج الأوطاج هـذا السلوك لسـببين محددين:
أوّلا: لأنّ كلّ ما يأتي من منصف الزاهي يجب رفضه حسب الأوطاج، حتى وإن كان يندرج في إطارالدّفاع عـن قـضية عادلة(الإضراب بساعة).
ثانيا: وبالنسبة للإضـراب والاعـتصام يوم16أفـريـل2002، فلأنّ بعـض عـناصر الأوطاج تطـمح إلى التموقع في أجـل قـريب:
- أحدهـم في مؤتمر النقابة الجهـوية للتعـليم الثانوي بمنوبة، الذي انعـقد يوم الأحد 21 أفريـل 2002.
- والآخر في مؤتمر الإتحاد المحلي: باردو- الزهـروني، الذي كان مقررا ليوم الجمعـة26 أفريل 2002 ( والذي تأجـل عـقده إلى يوم 13 ماي2002).
ألا يحتم التّموقع مهادنة البيروقراطية، التي ما فتأ عـناصر الأوطاج يتظاهـرون بالتّباين معها قولا ويخضعـون لها فعلا ؟
ولأنّ الأخطاء والانحرافات لا يمكن لها إلاّ أن تتفاقم وتتعـمّق في حالة غـياب المعالجة الجديّة والجادّة، فإنّها في حالة الأوطاج قـد أدّت إلى ما يشبه التحلّل من كل القيم، وهـو ما برز بصورة جـليّة بمناسبة مؤتمر النّقابة الجهـويّة للتعـليم الثّانوي بمنوبة.
فـلقد ساهـم عـناصر الأوطاج خلال هـذا المؤتمر في تشكيل تحالف بين مجموعـة مـن الأفـراد الذين لا يهمهم سـوى التّموقع بقطع النّظر عـن الموقف، وبشرط استثناء عـناصر إحدى المجموعات الـوطـنيّة الديمقراطية التي تتباين معـهم. وقد شمل هـذا التّحالف حتّى أحد العـناصر المنحدرة من المجـموعـة التي تعـتبـر أنّ " التّيارات الإسلاميّة ضمن القوى الوطنيّة، ومـن ينعـتها اليوم بالظّلاميّة انتهازي".
صحيح أن ّهـذا التحالف لم يتمّ بجهـد الأوطاج، بل بتوجيه وإشراف من أحد العـناصر العـروبيّة في القطاع، ولكن الجميع وجد ضالته في الثأر" لما وقع في مؤتمر القطاع"، وفي محاولة إيجاد "نموذج يمكن تعـميمه".
وكان أوّل ما قامت به هـذه النّقابة"النّموذجيّة" أن راسلت مباشرة وزير التّربية في 26 ماي 2002 دون عـلم النّقابة العـامّة.
وحتّى يبيّن للوزارة أنّه مخاطب كفء يمكن الاعـتماد عـليه لإيجاد الحلول النّاجعة للمشاكل التي يعاني منها قطاع التربية والتعـليم، سعى الكاتب العام للنقابة الجهوية بمنوبة - في الرسالة المشؤومة التي تحمل إمضاءه- إلى طمس الحقائق الموضوعـيّة. وأوّل هـذه الحقائق وأهـمّها هي أنّ النّظام هـو المسؤول الأوّل والأساسي عـن تردّي أوضاع المؤسسات التّربويّة، وليس التّلميذ سوى ضحيّة (عـكس ما ذهـبت إليه المراسلة).
وانطلاقا من هـذه المقدمة الخاطئة( اعـتبار التلميذ مسؤولا وليس ضحيّة)، كانت النّتائج المترتبة خاطئة. وتتمثل هـذه النّتائج أو الإقتراحات في جملة من الحلول التّرقيعـيّة والسّاذجة.
ونتيجة لما تضمنته الرّسالة من تبرئة لساحة النّظام، ومن مقترحات هزيلة، كان ردّ وزير التّربية توجيه رسالة شكر للكاتب العام للنقابة الجهوية شخصيّا، وهي الرسالة المؤرخة في 7جوان 2002.
إنّ نظـرة متفحصة وثاقـبة في كلّ هذه المعـطيات، الموثقة عـندنا بالحجّة والدليل، تثبت بما لا يـدع مجالا للشكّ الطبيعـة الانتهازيّة لعـناصر الأوطاج.
ولئن كانت أهـمّ سمة للانتهازيّين هي الازدواجيّة، إذ هـم "يأكـلون مع الـذّئب ويبكـون مع الرّاعي"، فإنّ هـذه السـّمة تتجسّد عـند الأوطاج من خلال تبنّيهم لخطاب مزدوج:
الأوّل: موجه إلى عـناصر البيروقـراطيّة وبعـض "الوجاهات" النّقابية، وهـو يقوم عـلى المجاملة والتّودد، وهـدفه ضمان بعـض المواقع.
والثّاني: موجـه إلى القواعـد، وهـو يعـتمد المزايدة ورفع رايات المواجهة والتّحدّي، وهـدفـه اسـتقطابي لا غـير.
ولقد تصوّر الأوطاج أنّهم بهـذا الأسـلوب قد تمكنوا من تحـقيق بعـض المكاسب (النّقابة الجهويّة بمنوبة، الإتحاد المحلّي بباردو- الزّهروني)، ولكنّهم لم يدركوا أنّ هـذه "المكاسب" هـشّة ومحدودة، وهـم لم يحققوهـا بالاعـتماد عـلى قـواهـم الذّاتية.
وإن كانوا في هـذا السّياق يتوهـمون أنّهم يتلاعـبون بحـلفائهم، فإنّ ذلك ليس سـوى خداع للذّات. ذلك لأنّ التّحالفات يتحكّم فـيها في النّهاية الطّرف الأقـوى، وهـو الذي يملي عـلى الطرف الضعـيف الشّروط التي يريد.
إنّ انتهازيّة الأوطاج هي انتهازية يمينية. وقد برز هـذا المنعـرج اليميني في مواقـفهم وسلوكهم شيئا فـشيئا، واتضحت معالمه بدون أدنى لبس وبالوضوح الكافي في المدّة الأخيرة.
فـقد عـرف صيف سنة 2000 حركية نسبية، سواء عـلى السّاحة النّقابية أو السياسية تجسّدت خاصة في إزاحة اسماعـيل السّحباني في 21 سبتمبر2000، وعـقد المؤتمر الخامس لرابطة حقوق الإنسان يومي28 و29 أكتوبر2000.
هـذه الحركيّة ساهـمت في توليد نمط جديد من التصور والممارسـة، نظّرت له خاصة بعـض العـناصر والتّيارات المتحـلّقة حـول ما يسمّى"المجلس الوطني للحريّات"، ويرى هـذا البعـض أنّ مواجهة حالة القهر والإستبداد التي يعـيشها الشعـب في تونس تقتضي مواجهة عـلنية مفتوحة ضدّ السلطة الحاكمة، وهـو عـمل لا يمكن أن يتصدّره– نظـرا لإختلال موازين القوى – سوى أفراد أو"أبطال"، بإمكانهم إكتساح مواقع إعلاميّة وسياسية متقدّمة، خاصّة وأنّ السّلطة لا يمكن لها أن تمارس سياسة بطش عـمياء، إذ أنّها أصبحت تحت مجهـر بعـض القوى الدّولية المهتمّة بمسالة "حقوق الإنسان".
هـذا التحليل صادف هـوى في نفوس بعـض عـناصر الأوطاج، المتشوقة بطبيعـتها للشهرة والمجد، خاصّة وقـد عـرفت إحدى المجموعات التروتسكيّة- بشيء قليـل من الدّهاء- كيف تؤجج الصّراع حـول الزّعامة في صلب الأوطاج، فتم ّنتيجة لكـلّ ذلك استدراج أحد " رّموز" الأوطاج إلى هـذا المنطق، والذي هـو من حيث مضمونه وشكـله منطـق تروتسكي- ليبيرالي (une logique trotsko - libérale) يرتكز عـلى عـنصرين:
1- الحركية الدائمة والمستمرة ( l’agitation permanente ).
2- تشخيص الصّراع السياسي: أفـراد ضدّ أفـراد، وليس صراعـا بيـن طّبقات.
هـذا السّلوك الفـردي اللّيبيرالي جـسـّده في البداية أحد عـناصرهم، الذي كان ينشر "مقالاته الثّوريّة" بإمضائه في بعـض المواقع في الإنترنات وفي المجلّة التروتسكيّة " قوس الكرامة" (العـدد2/3 فيفري- مارس2001، والعـدد4 ماي2001)، ثـمّ تمّ شيئا فـشيئا استدراج عـناصر أخرى من الأوطاج للدخول في نفس الإطار. ولم تعـد هـذه العـناصر ترى أيّ حرج في نشر إعلانات إشهاريّة حول نشاطهم "الثّوري" وبأسمائهم ( مثلا الإعلان الإشهاري للندوة العـلنيّة التي حاولت تنظيمها مجلّة " قوس الكرامة" بمنزل جلول عـزونة).
طبعـا ليست هـناك حاجة إلى مناقـشة ما صدر من كتابات، إذ هي آراء تبسيطيّة ساذجة، تعـكس رؤية ضبابية، وتحاول تغـطية عـجزها عـن فهم الواقع وتحليله بجمل إنشائية فارغـة، وهي في النّهاية تعـبّر أكثر ما تعـبّر عـن تورّم ذات منتفخة.
إنّ ما يجب التأكيد عـليه من خلال كـلّ ذلك أنّ عـناصر الأوطاج قد انتقـلوا إلى موقع اليمين الليبيرالي، الذي يعـلّق كـلّ آماله عـلى أولوية النّشاط الدّعائي العـلني ودور الضّغـط الدولي وإمكانية مساندة المنظمات الأجنبيّة غـير الحكوميّة.....، إلى غـير ذلك من المعـزوفة المعـروفة، والذي يهمل مسألة هامّة وجوهـرية، وهي أنّ العامل الدّاخلي هـو الأساس في كلّ تغـيير يكون في صالح القوى الشعـبيّة.

III / إسـتـنـتـاجـات أوّلـيــة:

إنّ من يقيّم بكـلّ موضوعـيّة هـذه المواقف وما ترتب عـنها من سلوكات مؤذية، يتبيّـن له بشكـل واضح أنّها تتعارض كليّا مع النضال الوطني الدّيمقراطي، وهي تؤدّي في المحصلة النهائية إلى النّتائج التّالية:
1- إنّ الأوطاج تحولوا شيئا فشيئا، إن من حيث مواقـفهم أو تحالفاتهم إلى سند للقوى الرّجعـية، أي القوى التي تسعى إلى إبقاء الوضع عـلى ما هـو عـليه، وبالتاّلي إلى تأبيد واقع الاضطهاد والاستغلال الذي تعـيشه الطّبقات الشّعـبيّة في القطر، وذلك مقابـل الحصول عـلى بعـض الإمتيازات والمواقع.
وهـذا السّلوك الفـردي هـو سلوك بورجوازي صغـير يشكّـل في المرحلة الراّهـنة مصدر ضرر فادح، وخاصة في علاقة بالجماهير الطّلابية والعـمالية.
2- من الواضح أنّ الأوطاج غـير قادرين وغـير راغـبين أصلا في تجاوز هـذه الحالة، وهـو ما يؤشّر إلى تواصل التذبذب الفكري والسّياسي في صفوفهم، وبالتّالي تواصل العـجز عـن إيجاد تصوّر متميّز للعـمل النّقابي ولآفاقه الموضوعـية، والربط بين المهام النّقابية والجماهـيرية من جهة والمهام السياسية المتمثلة أساسا في إنشاء الحزب الثّوري من جهة أخرى. وهـو ما يؤدّي إلى الإستنتاج الضّروري أنّ كلّ نقاش جديّ معـهم هـو مضيعـة للوقـت، بل إنّ له مخاطر جمّة أحيانا، نتيجة تفشّي اللّيبيـرالية في سلوكهم.
3- إنّ الإتجاه العـام في مسار الأوطاج هـو اتجاه نحو الهزيمة ومزيد الهزائم ( التعـليم الثانوي- التعـليم الأساسي---)، وهـو ما سيؤدّي إن عاجلا أو آجلا إلى العـجز والعـزلة والإستزلام.
هـكذا إذن يتبيّن انتقال الأوطاج إلى صفّ القوى المعادية والمضادّة للقوى الوطنية وللحركة الجماهيرية، وهـو ما يقتضي مـواجهـتهم مـواجهة نظرية وعـملية ملموسة، ووفق خطة محكمة ومتدرجة في مراحلها وأهـدافها.
وفي النهاية لا بدّ من التأكيد عـلى أنّ الصّراع اليوم يشتدّ بين خطين متعارضين: خط استرضاء السّلطة وإستحصال الأوسـمة وشهائد الشكر من جهة، وخط الكفاح الشعـبي والتمسك بالثوابت الوطنية الديمقراطية من جهة أخرى.
وحتى ينتصر المعـسكر الوطني في هـذه المعـركة الضارية، يتحتم عـليه مزيد تشديد الخناق عـلى المتخاذلين والخونة والانهـزاميين وكشف أضاليلهم ومزايداتهم، وهو ما يتطلب أولا توحيد القوى الثورية الوطنية الديمقراطية عـلى أسس سياسية وفكرية وتنظيمية صلبة.



#منير_العوادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار التونسي اليوم : مواصلة التحايل على الواقع
- الحركة النقابية التونسية بين فكي كمّاشة : العشائرية والبيروق ...
- الحركة النقابية التونسية بين فكي كمّاشة : العشائرية والبيروق ...
- الحركة الطلابية التونسية في السبعينات


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - منير العوادي - في مواجهة النزعات الطفولية