أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - ديمقراطية العمائم هي التي فشلت بالعراق















المزيد.....

ديمقراطية العمائم هي التي فشلت بالعراق


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 3362 - 2011 / 5 / 11 - 21:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديمقراطية العمائم هي التي فشلت بالعراق
لا اعتقد بأن هذا العويل على فشل الديمقراطية في العراق الذي يصرخ به هذا وذاك من الذين لم يؤمنوا يوماً ما بالنهج الديمقراطي ، ينطلق فعلاً من الحرص على هذا النهج حتى وإن سكبوا دموع التماسيح على فشله في العراق ، إذ ان الذي لا يؤمن بالشيئ ولا يعرف عنه شيئاً لا يمكنه ان يتأثر بفقده أو عدم نجاحه ، ناهيك عن قدرته الفكرية وتجربته العملية لإثبات فشل أو نجاح هذا النهج المجهولة تفاصيله وأُطره وتقاليده وأولياته وثوابته ونواهيه لديه . ام هو التشفي الذي يلجأ إليه هذا البعض لغاية ما في دواخله سياسية كانت هذه الغاية ام دينية طائفية ام قومية متطرفة أو الكل مرة واحدة ، والتي لم تتحقق كما كان يخطط له، حيث ان القائمين على شؤون هذا البلد من أصحاب الأمس وشركاء اليوم وربما اعداء الغد لم يفتحوا ابواب كل خزائن هذا البلد المسكين الغني بكل سياسيي السوء لهؤلاء المتباكين الآن على الديمقراطية التي شعروا بفقدها وفشلها اليوم وبعد مرور ثمان سنوات على إشتراكهم هم أنفسهم في هذه العملية السياسية التي اصبحوا من المتنفذين فيها والتي رفعت اسهمهم الدينية والمالية إلى مصاف اسهم البورصتات العالمية المشهورة التي تخضع كل ساعة وكل يوم إلى متغيرات العالم السياسية والإقتصادية ، تماماً كما تخضع بورصة هؤلاء التي يعتبرونها تستند أساساً على ثوابت دينية لا تتغير ، فإذا بها تهوى في مهب ريح السياسة اليومية التي اصبحوا فرسانها بعد ان جاء بهم الإحتلال إلى صفوفها الأولى حتى إذا ما إشتد ساعدهم على هذا الإحتلال رموه بالحجر بعد ان كانوا يقفون أذلاء على مشارفه يناشدونه العون على إزاحة دكتاتورية البعث التي حققها لهم دون غيرهم بعد ان كان المرجو من زوال الدكتاتورية هذه التوجه نحو إصلاح ما خربته لا الإستمرار في التخريب الذي كان يشيعه اللون الزيتوني سابقاً ، فإذا به اليوم اسود اللون وأخضره دون ان يستغني اي من هؤلاء المخربين القدامى والجدد عن النقاب الساتر لوجوه الشر والجريمة .
إن الذين يتهمون الديمقراطية بالفشل بالعراق بعد ثمان سنين من تجربة العمل السياسي مارسوها هم بأنفسهم مع شركاءهم في ثوابتهم الدينية ، كما يزعمون وفي المصالح الذاتية التي نقلت بعضهم من حال البؤس إلى حال الأنس ، يعلمون جيداً بأن لكل صنعة صانع ولكل عمل عامل ، فمن هم صناع الديمقر اطية يا ترى في عراق ما بعد البعثفاشية ؟ ومَن هم القائمون على العمل ضمن النهج الديمقراطي الذي المعروف في المقاييس العالمية للتطبيق لهذا النهج ؟ والسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً بالضرورة هنا هو : هل ان مفهوم الديمقراطية الذي يعتبره هذا البعض مفهوماً غربياً قد فشل تطبيقه في عراق ما بعد دكتاتورية البعث واضح تماماً لمثل هؤلاء الذين لم يشغلوا أنفسهم بفهم الأسس الصحيحة لهذا النهج يوماً ما وذلك لسبب بسيط جداً ، ألا وهو قناعتهم بإمكانية إستغناءهم عن هذا المفهوم بالنظر لوجود بديله لديهم ، كما يزعمون .
لنحاول الآن ان نتقصى عن صناع هذه الصنعة الديمقراطية التي يتهمها البعض بالفشل بالعراق الجديد . إن صناعها هم من نوع خاص إنطلق في خصوصيته ومن بلورته لنهج سماه ديمقراطياً ، إلا أنه ظل يتحرك ضمن القشر السميك الذي رسمه هذا النوع الخاص لديمقراطيته هذه . ومما ساعد هذا التحرك الذي لبس لبوس الديمقراطية لمدة ثمان سنوات ، قد تطول أكثر لا سامح الله ، إلا أنه تعرى تماماً من كل القيم والأخلاق التي تقوم عليها الديمقراطية الحقة ، هو توظيف الدين الذي يتعلق به الإنسان العراقي تعلقاً عاطفياً فطرياً عرف صانع الديمقراطية الجديدة والخاصة هذا كيف يوظفه لصالح جشعه واستغلاله ولصوصيته ، وما منتقدي هذا النهج فيما يسمونه بفشل الديمقراطية إلا شركاء الأمس في صنع هذه الديمقراطية الخاصة التي يتنكرون لها اليوم بعدما أوصلتهم إلى هذه المراكز التي يتمتعون بها اليوم .
لقد إعتاد تجار وسماسرة الإسلام السياسي ان يجعلوا من الديمقراطية وسيلة لعرض الدين كبضاعة يتاجرون بها في أسواق سياساتهم الطائفية وصراعاتهم المذهبية ، واضعين الثوابت الدينية الواضحة وتعاليمه الحقة في متاهات تقلباتهم السياسية اليومية وضمن تفسيراتهم وتأويلاتهم البدائية التي لا يريدون بها إلا تضليل الناس البسطاء وجرهم إلى متاهات صراعاتهم وحلبات عراكهم على أساليب السلب والنهب والتزوير والرشاوي والكذب والفساد بكل اشكاله الذي تمارسه أحزاب الإسلام السياسي منذ أن تربعت على السلطة في العراق بعد سقوط دكتاتورية البعث المقيتة السوداء ولحد الآن ، ألهذا النهج علاقة بالديمقراطية الحقة وثوابتها ، أم ان ذلك ينبي عن ديمقراطية بعض مَن يمارسونها على مقاساتهم الخاصة ، التي يربطونها بالدين دوماً ؟. ولم يكتف صناع الديمقراطية هؤلاء ، او لنسمهم تجار الإسلام السياسي أفندية ومعممين ، بجعل الدين الإسلامي بكل تعاليمه السمحاء شعارات تظهر وتختفي حسب الطلب والحاجة وبأشكال تنوعت وتفرعت حتى أصبحت لفظة الدين الإسلامي تعني عند مَن لا يعرف هذا الدين حقاً لا تتعدى الكذب والقتل والنفاق والجريمة والإرهاب والمفخخات والمليشيات والتهديدات بالإختطاف والتهجير واستعمال كواتم الصوت والتربص بالآخرين وكل ما تحويه جعبة الجريمة من ممارسات حيوانية بدائية ظهرت على الساحة العراقية كنتيجة لممارسات هذه الأحزاب التي تنكرت للهوية الوطنية العراقية وتبنت الهويات الزائفة للطائفية والمذهبية والإقليمية والعشائرية والمناطقية والقومية الشوفينية ، فهل هذه هي الديمقراطية التي يدّعون فشل تطبيقها في عراق مابعد دكتاتورية البعث البغيضة ؟ ولم يتوقف هؤلاء الأشرار عن استمرارهم على نهب الوطن وخيراته للسنين الثمان الماضية فأثروا ثراءً فاحشاً لا تقره ابسط تعاليم الدين الذي يتبجحون بانتماءهم إليه ولا يقره اي بند ديمقراطي من أجندة الديمقراطية الحقيقية لا ديمقراطية التبجح ، حتى شغلهم هذا الإثراء الفاحش والركض والعراك على المناصب والتنافس في جرائم التزوير والخداع والكذب على الناس عن الإلتفات حتى إلتفاتة بسيطة لأرامل ويتامى الثورات والإنتفاضات على الحكم الدكتاتوري البعثي الساقط ، ولا إلى أطفال المزابل ، ولا إلى الفقراء المنهكين الذين لا يجدون قوت يومهم من بنات وابناء هذا الشعب الذي صعدوا على أكتافه إلى مناصبهم هذه ليتلاعبوا بخيرات أغنى بلد في العالم لهم ولمليشياتهم وذويهم وأذنابهم ، ولا إلى جيوش العاطلين عن العمل من الشباب الذين وضعوا شهاداتهم الجامعية والمهنية على الرفوف ، في حين يحظى غيرهم من خريجي جامعات سوق إمريدي والحاملين على مثل هذه الشهادات من هذه الجامعات باهم المواقع الحكومية ويتمتعون باعلى الإمتيازات على حساب الدولة التي استباحوها لهم ولعوائلهم ومؤسساتهم وشركاتهم الوهمية التي تنهب الملياردات من العملة العراقية يومياً ، هذه هي ديمقراطيتهم التي يصفها المشاركون في مثل هذه المآسي جميعاً بالفشل ،وقد صدقوا بذلك ، إلا أنهم لم يقولوا بأن ديمقراطيتنا قد فشلت . ولا نريد هنا ان نبتعد بفهمهم لخصوصيات ديمقراطيتهم عن الخدمات اليومية للمواطنين التي بدت تسوء يوماً بعد يوم حتى نالت البطاقة التموينية التي تشكل مصدر القوت الأساسي لآلاف العوائل العراقية البائسة الجائعة التي يريدون إشباعها بخزعبلاتهم التي يسمونها شعائر دينية وما هي إلا وسائل للتجارة بمشاعر الناس وارتباطهم الفطري بالدين وتعاليمه التي يعرف هؤلاء الأشرار كيف يستغلونها ويوجهونها لتجارتهم ببضاعة الدين ، وهذا هو النهج الذي يسمونه ديمقراطياً والذي اثروا منه بالأمس ولا زالوا كذلك ، إلا أنهم ينباكون على فشله اليوم .
هذه هي المواد الأولية التي صنعوا بها ديمقراطيتهم التي يقرأون عليها الفاتحة اليوم بعد ان إغتصبوها لمدة ثمان سنوات ثم تبرأوا منها ، إلا انهم لم يتبرأوا مما اتت به عليهم من مال وجاه وعقار ومن كل الأصفر والأبيض الذي جمعوه طيلة سنين إغتصاب هذه الديمقراطية.
فالعمل على تصنيع ديمقراطيتهم هذه قام على وسائل لم تعرفها الديمقراطية التي تمارسها الشعوب اليوم والتي إلتزمت بإصول وآليات العمل الديمقراطي الحق لا المزيف . إن الديمقراطية التي يتباكى عليها البعض بالعراق اليوم إلتزمت بذات الوسائل التي إلتزمت بها بعض الأنظمة الدكتاتورية المعروفة في العالم والتي جعلت من الديمقراطية طريقاً للوصول إلى الحكم مستعملة ابشع اساليب الكذب والدجل والخديعة . حتى إذا ما إستتب لها الأمر جعلت من ديمقراطيتها هذه حمماً تصبها على رؤوس الداعين لتبني النهج الديمقراطي الحق . وهذا بالضبط ما يحاول المدَّعون بالديمقراطية تطبيقه بالعراق اليوم . إلا أن المضحك المبكي في وطننا العراق المستباح ليس بدم أهله فقط ، بل وبكل ما يملكه أيضاً ، هو لجوء المتباكين على الديممقراطية إلى التمويه والخداع والمراوغة واللصوصية . ففي الوقت الذي يؤكدون فيه إصرارهم على تمسكهم بالدين الذي كان موجهاً لهم في تطبيقهم لديمقراطيتهم هذه وربط ما يعتبرونه من الثوابت الدينية المقدسة بهذا النوع من الديمقراطية من جهة . إلا أنهم يضعون ما يعتقدونه ديناً خارج إطار الممارسات التي أدت إلى فشل ديمقراطيتهم هذه من جهة أخرى . وما يؤكد هذا التناقض الصارخ والكذب الفاضح هو عويلهم الذي لا ينقطع على تفشي الفساد وكثرة الجريمة وتزايد التزوير والخداع وترديدهم المتواصل في جلساتهم العامة والخاصة وتأكيدهم على مدى تعارض كل ذلك مع التعاليم والقيم الدينية . إلا أنهم لا ينطقون بكلمة واحدة عمن يقوم بمثل هذه الأعمال المنافية للدين ، إذ انهم يعلمون تمام العلم بأن أحزابهم السياسية التي لبست لبوس الدين وأحزاب حلفائهم وشركائهم في مثل هذه الجرائم وكل مَن ينتمي إلى هذه المجاميع التي تسلطت على الحكم من خلال الإحتلال ، هم الذين يخططون لمثل هذه الجرائم وهم الذين ينفذونها من خلال تسلطهم على امور هذا الوطن صغيرها وكبيرها . أيحق بعدئذ لكل ذي عقل سليم ان يطلق على كل ذلك ديمقراطية ؟ وإن كان ولابد من ذلك فما هذه الديمقراطية إلا ديمقراطية المعممين من رجال السياسة واشباههم من الأفندية ذوي المحابس الفضية والجباه المكوية من خازني الذهب والفضة .
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايها الجبابرة الطغاة ... اين المفر ؟
- كالمستجير من الرمضاء بالنار
- قاسم العطاء بين ملاعب الشعب والكشافة والزوراء
- أصداء العيد السابع والسبعين للحزب الشيوعي العراقي
- التحرك الجماهيري في العراق ... أصالة مُتوارَثة
- المناضل الأممي عبد الله أوجلان في شارع المتنبي
- السقوط في مستنقع العداء للشيوعية
- حينما تتحول القمم إلى قمامة
- عنجهية المجرمين
- تاء التأنيث أللعينة ...
- التيار الديمقراطي العراقي بين الشك واليقين
- بحث البطون وبحث العقول
- خطاب العقل وخطاب القتل
- اليعقوبي يفتي لنفسه
- نعم...نحن بعض المأجورين...فمَن أنت يا رئيس مجلس محافظة بغداد ...
- قوانين الدكتاتورية في خدمة ديمقراطية الملالي
- فرسان جُدد لحملة قديمة ...
- الأعراب أشد كفراً ونفاقاً (التوبة 97) وعائض القرني خير مثال ...
- صورة واحدة لطا غيتين
- ايها الكورد ...البعثيون قادمون لكم ، فتأهبوا لأنفال جديدة


المزيد.....




- أجزاء من فئران بشرائح خبز -توست- تدفع بالشركة لاستدعاء المنت ...
- مسؤولون يوضحون -نافذة فرصة- تراها روسيا بهجماتها في أوكرانيا ...
- مصر.. ساويرس يثير تفاعلا برد على أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل
- العثور على بقايا فئران سوداء في منتج غذائي ياباني شهير
- سيئول وواشنطن وطوكيو تؤكد عزمها على مواجهة تهديدات كوريا الش ...
- حُمّى تصيب الاتحاد الأوروبي
- خبير عسكري: التدريبات الروسية بالأسلحة النووية التكتيكية إشا ...
- التحضير لمحاكمة قادة أوكرانيا
- المقاتلون من فرنسا يحتمون بأقبية -تشاسوف يار-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - ديمقراطية العمائم هي التي فشلت بالعراق