أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - المسيرات السلمية في القطيف .. محاولة للفهم















المزيد.....

المسيرات السلمية في القطيف .. محاولة للفهم


نضال شاكر البيابي

الحوار المتمدن-العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22 - 08:36
المحور: المجتمع المدني
    


أي جماعة يكمن وجودها في "الروح العامة" التي تجعل أفرادها يشعرون ويفكرون ويعملون بكيفية تخالف الكيفية التي قد يشعر ويفكر ويعمل بها كل واحد منهم على انفراده. وهذه "الروح العامة"هي عصب وجوهر التظاهرات. والسبب كما يراه المحللون النفسيون: إن الناس على الرغم من تفاوتهم في عقولهم ولكنهم يتشابهون في مشاعرهم الفطرية.
فالإنسان الذي من طبيعته الوداعة والهدوء قد يجمح بكل نزق ثوري إذا ما وجد المحفز المنبثق من "الروح العامة". والذي يعني تماهيا وجدانيا نحو وجهة واحدة يحدث هنا أن تغلب الصفات المشتركة على الصفات الخاصة، بمعنى أن الشخصيات الفردانية تذوب وتنزوي نحو الظل فاسحة المجال لسيادة الشخصية العامة.والحاكمية هنا بطبيعة الحال ليس العقل الذي يخبو وإنما للمشاعر. فالجماعة تندفع بمشاعرها ولا يسعها الأناة والهدوء والتفكر .. قد يقول قائل إذن هي إرادة جمعية للتدمير، والحقيقة أنها إرادة جمعية نحو البعث والإحياء. لأن المحفزالأقوى لائتلاف الجماعة يكون غالبا بسبب تفاقم الإحساس بالغبن والظلم وبأنها-أي الجماعة- سليبة الإرادة الحرة. وهذا الضعف أوالإحساس بالوهن جراء الغبن- الذي يبدو متفاقما على المستوى الفردي- يتلاشى إذا اجتمع أفرادها، وعليه تتسرب تباعا القوة في مفاصل وأوردة الجماعة. فالاندماج مع "الروح العامة" ولد العدوى أو ما يسمى "بالنوبة المغناطيسية" التي تستولي عادة على عواطف الجماهير. ويقول في هذا الصدد جوستاف لوبون في كتابه " روح الاجتماع": يهبط المرء بمجرد انضمامه إلى الجماعة عدّة درجات من سلم المدنية ولعله كان رجلا مثقف العقل مهذب الأخلاق في نفسه ولكنه في الجماعة ساذج تابع للغريزة ،ففيه اندفاع الرجل الفطري وشدّته وفيه عنفه وقسوته وفيه حماسته وشجاعته. وفيه من سهولة التأثر بالألفاظ والصور مالم يكن يتأثر به وهو خارج الجماعة ، تم فيه الانقياد بذلك إلى فعل ما يخالف منافعه البدهية ويناقض طباعه التي اشتهرت عنه"
وقد يبدو الأمر مخيفا للوهلة الأولى .. لكن السؤال الذي ينبغي أن يطرح بجدية ما العوامل المساعدة أو المحفزات التي أستطاعت دمج ألوان الطيف في شخصية واحدة ولون واحد في تظاهرات القطيف الأخيرة؟!
افترض البعض أسئلة خاطئة نحو المسيرات السلمية في القطيف ولذا كانت إجابته منقوصة ومشوهة لحقيقة الأمر.. فصوغ الأسئلة الصحيحة هي نصف الإجابة .. ومن أحسن التشخيص والقراءة العالية للواقع سيجد إجابات تقارب الحقيقة أو تكاد على أقل تقدير.
فكل فعل اجتماعي أكان فرديا أو جماعيا لاينبجس فجأة أو يُخلق من العدم إنما هو نتيجة لعوامل مباشرة وغير مباشرة ولايمكن فهم الظواهر الاجتماعية من خلال الأفكار المسبقة والمفاهيم الجامدة والإجابات المنجزة.
إن التظاهر كوسيلة للتعبير السلمي عن الرأي في السعودية حدث لم يألفه الناس عندنا من قبل إلا في حالات استثنائية نادرة . وأكاد أجزم أن فريقا من شعبنا ممن تغلغلت مفاهيم "الخصوصية" في نسيجهم الفكري والوجداني سيلقون كل حراك اجتماعي جاد بالسخط والنفور.
ولا أحسب أن المتظاهرين سيحفلون بسخط أولئك أو نفورهم . فهم مقتنعون ومطمنئون أن التظاهر والتعبيرعن الرأي حق أصيل لكل إنسان ، وإن أسخط قوما أو شقَّ على آخرين.
وقد يزعم البعض أن التظاهرات تمزق الأمن وتشيع الفوضى وتعرض الآمنين للأذى ، ونحن أمام خيارين: إما أن نجحد حق كل إنسان في التعبير عن رأيه وحقوقه تحت ذرائع الخصوصية وما شابه ذلك من أدوات قمعية للذات الحرة ، ونضع أنفسنا بجانب المدجنين والمؤدلجين، وإما أن نعترف بأن حرية الرأي بكل آلياتها السلمية أقدس المقدسات غيرعابئين بسخط الساخطين وحنق المؤدلجين.
وكل من تظاهر لم يدعِ أنه يكره الحياة الهادئة والمطمئنة .وإنما آمن بأن الحياة لا يمكن أن تكون جديرة بالهدوء والاطمئنان دون الحرية والمساواة وحقوق المواطنة الكاملة..
فالتظاهر هو نوع من أنواع التنفيس عن المكبوت والمسكوت عنه، وما يراه البعض بأنه أدوات تدمير، هي في حقيقة الأمر أدوات إحياء وبعث، وكل مجتمع يخشى الحرية هو يحفر قبره بيده.
إن آلاف المتظاهرين الذين خرجوا المسيرات السلمية في القطيف ليسوا أرقاما هامشية أو مغردين خارج السرب كما يحاول البعض التشويه والتشويش. فثمة تقاطع بين مطالبهم ( كالإفراج عن السجناء المنسيين مثلا) ومطالب أشقائهم في مناطق متفرقة من المملكة.
اختلف الفعل ولكن المطلب واحد، هو الحرية بتعدد دلالاتها.
فلننظر لمطالب الضمير "الشيعي" في القطيف ونرَ مقدار شرعيتها ، وهل ثمة نفس طائفي يعتورها؟!
1-إرادة سياسية جادة تلغي حالة التمييز الطائفي وتجّرم كل من يحرض طائفيا على الآخر كائنا من كان.
2- منع الإعلام بمختلف وسائله من بث فزاعة ولاء الشيعة للخارج عند كل حراك مطلبي للشيعة السعوديين.
3- المساواة في الفرص التعليمية والوظائف المدنية والعسكرية بين أبناء الوطن بصرف النظر عن انتماءاتهم العقدية أو القبلية أو المناطقية.
4-المساواة بين المواطنين أمام القانون.
5- حرية الفكر والتعبد والمعتقد وتنقيح المناهج الدينية التي تحرض على الآخر المختلف.
6- اطلاق سراح سجناء الرأي.
7- هوية وطنية جامعة تذوب فيها كل الهويات المذهبية والقبلية والمناطقية. ولايعني ذلك المحو والإلغاء، إنما الاندماج والتعايش في حاضنة وطنية كالأم الرؤوم التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تأكل أبناءها.
8-حقوق مواطنة كاملة، وأهمها المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي.
في تقديري أن معضلتنا في السعودية تكمن في مزج الدين والتدين بالوطنية ، والتدين بوجهه السلفي على وجه التحديد، فأن تكون مواطنا "صالحا" ينبغي بالضرورة أن تكون "سلفيا".
فلماذا نتصنع الدهشة والذهول إذا شعر أحد منا من خارج إطار "التدين السلفي" بأنه أجنبي في وطنه؟!
فهل يمكن الحصول على امتيازات هائلة ومغرية دون أن تكون سلفيا؟!
ياسادتي كيف يمكن للمواطن أن يشعر بذاتيته ، وبكينونته، وبوطنيته.. وحريته مقيدة بأغلال الدين تارة وبأغلال الخصوصية الوطنية تارة أخرى؟!
وكيف يمكن اختزال الوطن في طيف واحد دون أن يشعر البقية بالغبن ؟!
أن تكون حيا.. يعني بالضرورة أن تكون حرا.. حرا في اختلافك .. وقمع هذه الحرية، بحجة أو بأخرى، هو نوع من الحياة المجازية المستعارة التي لا يمكن أن تليق إلا بالعبيد.
ياسادتي ..ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ..



#نضال_شاكر_البيابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوى الفقهاء: دفاعا عن أولياء نعمتهم ..!
- النخب السعودية: تخبط ونشاز في إيقاع العصر
- أما آن للثبات من تحول ؟!
- المناهج الدينية ، وزر الماضي وعبء المستقبل
- قراءة في الفلسلفة «العدمية» لنيتشه
- أنا أفكر، إذن أنا موجود
- لا يوجد في البنات صغيرة !!
- من يذكي النزعات الطائفية في أوطاننا ؟!
- حرق القرآن الكريم..كلنا ندين بشدة ولكن..!
- الهيئة عندما تنتهك إنسانيتنا!
- شخصنة الاختلاف
- عندما يتحول المثقف إلى روزخون ..!
- مجتمعنا السعودي وبعبع الحرية
- البريك والرغاء الطائفي وتأصيل الكراهية..!
- الكارثة الأخلاقية..تكريم الجلادين..!
- انتظار المخلص..وأسئلة حائرة
- شات القنوات الفضائية والحب المحرم
- (المرأة ومجتمع التناقضات)


المزيد.....




- إسرائيل لواشنطن: سننتقم من السلطة الفلسطينية إذا أصدرت الجنا ...
- إسرائيل تبلغ واشنطن بأنها ستعاقب السلطة الفلسطينية إذا صدرت ...
- إسرائيل تحذر أمريكا: سنعاقب السلطة الفلسطينية حال أصدرت الجن ...
- السعودية.. حكم بسجن مناهل العتيبي 11 عامًا ومنظمات حقوقية تط ...
- اعتقال 300 محتج بجامعة كولومبيا وأنصار الاحتلال يهاجمون اعتص ...
- الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة هائل وأكبر من أوكرانيا
- من حرب غزة لأوكرانيا.. حرية التعبير في فرنسا تحت مقصلة العقو ...
- مسؤولان إسرائيليان: تل أبيب تنازلت عن مطلبها بفرض قيود على ع ...
- بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين لترحيلهم إلى رواندا
- تمكين «ذوي الهمم» الأوراق المطلوبة للتقديم على شقق ذوي الاحت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - المسيرات السلمية في القطيف .. محاولة للفهم