أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسب - علاقة الممثل بعناصر السينوغرافيا في العرض المسرحي















المزيد.....

علاقة الممثل بعناصر السينوغرافيا في العرض المسرحي


جواد الحسب

الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 16:58
المحور: الادب والفن
    


تسهم العناصر السينوغرافية، مساهمة فعالة، في تشكيل الفضاء وتأمن شغل الممثل وتحقق له اداء تعبيرياً متكاملاً، وذلك لما تقدمه وتضفي على أدائه الدلالات والرموز التي عبر عنها النص، ومن ثم تجسيد الشخصية الدرامية على المسرح فالتعامل مع الخطاب البصري بات أكثر أهمية في وقتنا الراهن، فالعروض المسرحية والتجارب الحديثة في أوروبا، وما يتمخض عن المسرح التجريبي، جميعها تؤكد على أهمية الصورة وخطابها البصري، من خلال الممثل والسينوغرافيا.
يرى الباحث أن هناك عناصر سينوغرافية مرتبطة، وعناصر غير مرتبطة. ونعني بالارتباط هو ربط العنصر بالممثل، فالأزياء والماكياج من العناصر المرتبطة بينما العناصر غير المرتبطة هي الديكور والإضاءة والأكسسوارات والمؤثرات الصوتية والموسيقى، لكن جميع العناصر السينوغرافية يكون عملها موحداً، لذا فقد " اكتسب مصطلح سينوغرافيا معنىً معاصراً منذ منتصف القرن العشرين ليحدد المفاهيم الجديدة لتنظيم الفضاء المسرحي التي أبدعها مجددو القرن العشرين من أمثال ( أدولف آبيا 1862 – 1928 ) و( ادوارد كوردن كريغ 1872 – 1966) حيث اهتموا بإعادة الفضاء المسرحي وإعطائه مسحة تشكيلية (1). والمقصود هنا الديكور والإضاءة بشكل أساسي. فالعرض تشترك في تكوينه عناصر أو عدة فنون أخرى إذا جاز التعبير، وهذا التركيب منسجم بشكل هارموني ، حتى يغدو وحدة موّحدة تصب في النهاية في بوتقة العرض المسرحي. وقد عَدَّ أرسطو : الخطاب البصري عنصراً درامياً ولم يتطرق إليه بالتفصيل حيث يعدّ " المرئيات المسرحية هي أقل الأجزاء الكيفية أهمية في العملية الدرامية، بينما تصبح تلك المرئيات من أهم عناصر العرض المسرحي(2).
ويقصد بالمرئيات المسرحية هي السينوغرافيا، حيث يدل من ذلك قوله إن كل عنصر مرئي على خشبة المسرح يشاهده الجمهور، بما في ذلك المنظر والأكسسوارات، والملابس، والإضاءة، والمكياج، مع حركات الممثلين وإيماءاتهم، ولقد ترك شأن ذلك إلى أشخاص آخرين غير المؤلف المسرحي، ويقصد به المخرج، الذي يجمع العناصر في معنى وهدف واحد. " من الواضح أن تفاصيل التجسيد المسرحي لاتعني أرسطو، وقد تم ضمها تحت لواء العنوان العام opsis (المنظر). ومن المعتاد ترجمة كلمة opsis إلى "المنظر" لكنها فعلياً تغطي البعد المرئي كله، الذي أقول إنه كان في غاية الأهمية في التراجيديا.(3) تأسيساً على ذلك أن المرئيات المسرحية، هي الصورة المسرحية بكل تجلياتها، "وكأنها تقول لنا: انظروا إن ما أعرضه عليكم صحيح لأنه تقني. ونصدق ذلك لأننا ننخدع، لأنها تفزعنا، تثيرنا، تدهشنا بمؤثراتها البصرية. وتقنعنا بأن نظاماً له كل هذه المآثر التقنية لا يمكن أن يكذب "(4).
إن انفتاح الصورة على المسرح بكل وسائطها واستخداماتها التكنولوجية من بداية عصر الفن حتى اللحظة الراهنة لم تبحث لها عن استقرار، وإنما ظلت ترافق تطور الحياة وتحقق مستوياتها بأدق التفاصيل لتقدمها لعين المتفرج. فالصورة في حقيقة الأمر هي تجميع كل ما على الخشبة من تشتيت وتضعه في إطار تكويني وتشكيلي كي تحقق غرضها هو إبراز معانيها المتدفقة من خلال الحدث. " فنحن نصل بطبيعة الحال إلى استيعاب حل تقني معين بوصفه تمثيلاً لتجربة طبيعية، لأننا كونا نسقاً مسنناً من التوقعات، يسمح لنا باختراق العلامات الخاصة بالفنان."(5) والتي ساعدت على إبرازها العناصر السينوغرافية. وهذه العناصر هي اللغة المرئية، ففي دخول الممثل وحضوره تتحرك العناصر في إنتاج لغة مكثفة ومشفرة يقرأها المتفرج بصرياً. فثمة علاقة تشكيلية تسهم في رفد العرض بالدلالات الجمالية والتعبيرية، فعناصر السينوغرافيا بتكويناتها المتحركة للشكل تصبح متجانسة فيما بينها لملء الفضاء والمساحة المسرحية بصورة فعالة، وذلك من خلال إبراز الأفكار وصياغتها بشكل مادي قابل على التمظهر في حدود معينة، " إن كل عمل فني يعي ذاته بحواشي وعلامات على أرضية التقاليد الثقافية. والعرض المسرحي يكف، تدريجياً، عن كونه عالماً مكتفياً بذاته، وعن كونه شيء جامع شامل يطرح نفسه كهدف بذاته ولذاته في حلقة مغلقة، وإنما كجزء من العرض الكبير الذي يقوم على ملايين الخشبات والساحات. العرض المسرحي يُبنى كنظام اقتباسات ورسائل ومفاهيم إلى المتفرج "المتنور"، وموجهة خصيصاً إلى ذلك العارف القادر على فك الشيفرات الواضحة والغامضة، والإقتباسات والأوهام."(6)
فتشييء الأفكار إلى صور متدفقة، لم يعد بالأمر الهين وإنما تكمن خلف ذلك مجموعة من المصممين والمنفذين والفنيين، وإلى غير ذلك من الحرفيين، الذين أحالوا كل ما نراه من كتل والوان وأضواء إلى دلالات ومعانٍ، فحركة العناصر السينوغرافية مع وجود الممثل الذي يُعَدُّ العنصر الأساسي في العرض المسرحي، يتجانس الجميع وتتآلف لتنهض بمعاني العرض المسرحي، وماهية الأفكار التي يطرحها النص، وصولاً إلى العرض، " الذي يُشاهد أو يُرى، مركب من عدة عناصر أو عدة فنون، لكن هذا التركيب متناغم، بل إن توازنه ينهض على الانحلال، أي انحلال كل عنصر (فن) وذوبانه، ليشكل في النهاية مع بقية العناصر (الفنون) كُلاً واحداً"(7). فالعرض هو إعادة صياغات النص الأدبي، ليحيلها إلى صورة في الفضاء. إن الصورة لايمكن الولوج إليها دون إدراكها حسياً بمجمل عناصرها التي تؤدي بالضرورة إلى شكل معرفي، حتى تغدو الرؤية البصرية هدفها ترجمة أفكار النص إلى حدث وصورة. فمن خلال الخبرات المعرفية والبصرية عند الفنان التي تراكمت لديه بفضل التجارب والاشتغالات الكثيرة أصبح لديه الخزين المعرفي الذي مكنه من التعامل بكل ما موجود بالفضاء بقدرة فائقة، " وقد عملت النظرة الحداثية على إدماج جسد الممثل داخل الرؤية البصرية المادية للعرض المسرحي (السينوجرافيا ) بحيث يصبح عنصراً تشكيلياً مثله مثل العناصر المادية التي تكون المنظر المسرحي العام " (8).تسهم السينوغرافيا في خلق العرض دون أن يكون لها استقلال، فهي في ذوبان من أجل إبراز دور الممثل. وهي مرئية لأنها تصوغ المكان وتملأه، وفي نفس الوقت لا تحقق لنفسها الدور، وإنما في الغالب تكون منسية. لأنها مكانياً محجوبة، بالرغم من أن العناصر السينوغرافية تسهم في صنع لغة مع الممثل في العرض المسرحي(9). فهناك لغة نص، ولغة عرض، ينتمي المؤلف إلى النص، إلى الأدب. بينما ينتمي المخرج إلى العرض، إلى الفن. بدأ فن تصميم خشبة المسرح بهدف خلق فضاء مناسب للنص وهو يتحول إلى عرض. " ومن خلال السينوغرافيا تظهر قوة الزمان وقوة المكان للنص المسرحي، إنها تتجلى عيانية حسية مادية، بعد أن أفلتت من الكلمات المجردة (النص). ويتحدث نفر من السينوغرافيين للنص، من حيث كونها – السينوغرافيا – تجسيداً وتجسيماً لكلمات وترجمة بصرية قوامها الحركة والجسد."(10). فخشبة المسرح هي الفضاء الذي يمتلك عدة فنون كالإضاءة والأزياء والموسيقى والمنظر والماكياج والأكسسوارات، جميع هذه العناصر تمثل الأجزاء، التي تنتظم لتكون الكل، وهو العرض المسرحي. والمخرج هو الذي يستنطق جميع العناصر من خلال إشاراتها وعلاماتها ليحقق المعنى من ذلك وصولاً بهذا المعنى إلى المتفرج. " الفن المسرحي، فن دلالي، ينهض على نظام تعددي، كأنه يخاطب المتلقي بأصوات متعددة، وهذه الأصوات المتعددة ليست متقابلة أو متنافرة وإلا تحولت إلى ضجيج، وإنما متناغمة"(11).
كي تتشكل منها اللغة البصرية وهي الصورة المسرحية. وأهم سمات المسرح هو دلالته البصرية المكثفة. فالصورة المسرحية هي التي تفسر نفسها، وما تجعل التأويل لذاتها. "هي الملكة، هذا هو الاعتقاد السائد. الصورة تساوي ألف كلمة"(12). في كل الوسائط المرئية، ومنها المسرح الذي يثري اللغة بدلالاته البصرية. "والمسرح بحكم طبيعته السمعية والبصرية يمثل عملية جدلية تجمع بين نظام العلامات الأيقونية ونظام العلامات الرمزية ويسعى من خلالهما في آن إلى تصوير وتمثيل مدلوله المبتكر أي الحدث المسرحي المقصود"(13).
إذا كان بوسع الصورة أن تكتفي بذاتها وأن تصل إلى التكامل، من خلال تطورها في الحياة، وإذن، فالمسألة هي في الحركة الدؤوب والبحث عما تقوم عليه قضية تكامل الصورة، وعما يقوم عليه التكوين الجمالي. فالقضية ليست تقنية بحته استحضار العناصر السينوغرافية والعمل عليها، وإنما هي أولاً وأخيراً قضية جمالية مع التقنية تصل إلى حالة نسبية من التكامل. يتحقق من خلال العرض الفعل الجمالي الانعكاسي ويبقى المتلقي مستغرقاً في حالة أشبه بالذهول والتأمل، في مواجهة العرض وما ينتج عنه من تأثير، " معنى هذا أن للسلوك الجمالي قدرة انتزاعية هائلة، لأن من شأنه أن يستبعد من مجال إدراكنا كل ما عدا الأثر الفني أو الموضوع الجمالي، فلا نلبث أن نجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام الموضوع المشاهد، وكأننا قد استحلنا إلى عالم جمالي قائم بذاته"(14). بمعنى أن العرض المسرحي ظاهرة لا تمت للواقع بأي صلة ويبقى تأثيرها الجمالي يأخذ بالمتفرجين. فنحن حينما نشاهد عرضاً مسرحياً آلينا على أنفسنا أن نخدع حيناً من الزمن، وعلى هذا يكون اهتمامنا بالصورة وما تحققه من تأثير، بغض النظر عن مضمون العمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) الدسوقي، عبد الرحمن: الوسائط الحديثة في سينوغرافيا المسرح، مصدر سابق، ص7.
(2) أرسطو: فن الشعر، مصدر سابق، ص106.
(3) والتون، ج. مايكل: المفهوم الإغريقي للمسرح، مصدر سابق، ص28.
(4) رامونه، ايناسيو: الصورة وطغيان الاتصال، مصدر سابق، ص48.
(5) إيكو، أمبرتو: سيميائيات الأنساق البصرية، تر/محمد التهامي العماري، دار الحوار للنشر والتوزيع، سوريا، اللاذقية، 2008، ص45.
(6) مجموعة مؤلفين:السرد والمسرح، تر/أشرف الصباغ، المجلس الأعلى للثقافة، 2000، ص26.
(7) معلا، نديم: لغة العرض المسرحي، مصدر سابق، ص5.
(8) سعد، صالح: الأنا – الآخر، مصدر سابق، ص148.
(9) ينظر: معلا، نديم: لغة العرض المسرحي، مصدر سابق، ص101
(10) معلا، نديم: لغة العرض المسرحي، مصدر سابق، ص102
(11) معلا، نديم: لغة العرض المسرحي، مصدر سابق، ص13.
(12) رامونه، ايناسيو: الصورة وطغيان الاتصال، مصدر سابق، ص37.
(13) هلتون، جوليان: نظرية العرض المسرحي، مصدر سابق، ص74.





#جواد_الحسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممثل والممثل الآخر: ( العلاقة الأولى ).
- ديناميكية جسد الممثل في العرض المسرحي .
- السيرة الذاتية للكاتب والمخرج المسرحي جواد الحسب
- مسرح سامي عبد الحميد الانتقائي والتجريبي
- شذرات من أعمال جواد الأسدي في المسرح
- طقوس سامي عبد الحميد في مكبث (**)
- تجليات مسرح الصورة عند القصب


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسب - علاقة الممثل بعناصر السينوغرافيا في العرض المسرحي