أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - منصور الطورة - احتفال.....















المزيد.....

احتفال.....


منصور الطورة

الحوار المتمدن-العدد: 3281 - 2011 / 2 / 18 - 02:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


احتفال....

البارحة، احتفلنا في حركة اليسار الاجتماعي بانتصار الثورة العربية في مصر وتونس، ولقد كنت مقدم الحفل بصفتي منسق النشاط الثقافي في المنتدى الاجتماعي الأردني، احتفلنا، لأن الحدث عظيم برمته.... احتفلنا رغم أن الحدث أكبر من أي تبجيل وتهليل...

قلت للرفاق بأننا نحتفل بعودة الحياة للجسد الميت، وبعودة الماء يمزق نضوب النهر... وللمطر....للسنين العجاف........ لليأس الذي قد صار أخيرا تحت أحذيتنا وللخوف الذي تمزق فصرنا أحرارا وكبار....

آه لو أن جدران السجون العربية تعي ما حصل..لاكملت من تلقاء نفسها الانهيار...وآه لو يدرك المخبرون سخف أفعالهم لشهدنا انتحارا جماعيا بالملايين...

آه لو أن فرسان هذه الأمة يعرفون، لابتسموا في هناء سرمدي طويل... وآه لو أن ( عمر المختار ) قد شاهد النار تشتعل في القلوب لقال: لأجل هذا قاتلت....لأجل هذا صرت شهيد....

قلت للرفاق, باننا كنا قد وصلنا لمرحلة نحيا فيها في عزبة حسني مبارك، ونعمل أقنانا في أرض حسني مبارك، وندرس في مدرسة حسني مبارك، ونتعالج في مشفى حسني مبارك، ونقطن في الشارع المحاذي لشارع حسني مبارك....قلت بأنهم قد سرقوا كل شيئ لدينا وفينا...سرقوا حتى أسماء الأماكن....

وقلت أيضا بأن الدولة كمفهوم وكوجود قد أصبحت ملكا شخصيا لليلى الطرابلسي....الدولة كلها برمتها وبقدها وقديدها......الدولة كلها ربما كانت هدية لأحد أعياد الزواج....فللسيدة الأولى كل شيئ.... لها الحكومة فتعين الأصحاب والأحباب، ولها الأرض الميري فتتدارك الأخوة والأرحام.... لها أن تسير على عظامنا وأن تقتات على دمائنا وليس لنا الا أن نشرب الدمع من الاحداق.....

لليلى الطرابلسي، جوع الملايين لكي تختال هي بثوب باريسي قصير، ولها ، تطهو النساء حجارة الفقر كي يطهو لها الطهاة الفرنسيون...ولها، ينحني الشعب اكراما لتسريحة شعر جديدة..... ولها، يؤدي قائد الجيش التحية وتطلق المدفعية قذائفها ابتهاجا بلون أحمر الشفاه الأخاذ....

لكنما كل شيئ قد تغير في لحظة حاسمة.... لقد انبثق الليل عن فجر جديد... ولهذا احتفلنا....

احتفلنا للشعب العربي العنيد... للعيد... لوعد بعمر بهي زهي مديد....

احتفلنا اكراما للذين أعادوا للزمان دورته الدائرة.... للذين أعادوا الجيش للدولة، والصحافة للدولة، والأجهزة الأمنية للدولة، وأعادوا الدولة للوطن، وأعادوا الوطن للشعب، وأعادوا للشعب شعوره بالفخار وقليل الكرامة الذي كان يفتقد ويحتاج....

حين مرت مجنزرات اسرائيل من فوق أجساد أطفالنا في غزة، كان النظام العربي الرسمي يهلل تصفيقا لهذا العار.... وحين أحرقت اسرائيل لبنان، كان النظام العربي الرسمي يدعي العقلانية ويتبرأ من المغامرين..هذه العقلانية التي غامرت في حفر الباطن ووقفت فيما بعد مشدوهة تأخذ الصور التذكارية لبغداد يغتصبها الغزاة ويحرقون منها ومنا الحياة والمعنى والفؤاد...

أنا في غاية السعادة لهذا الذي يجري، كنت تواقا الى ما أرى، وأني لأود أن أذهب للمقابر كي أزرع على قبر كل شريف شتلة ياسمين، أو أن أسير بيدي اللوتس أنثر على الجميع...وأني أيضا لأود أن أملأ الأرض صخبا زوربائيا وأن أجعل السانتوري يغني وأن اراقص الموجات هياما وحبور...

قلت احتفلنا هناك، وكلمنا خالد الكلالده بقليل من الشعر ( للورد اللي فتح في جناين مصر)، وأنشدنا ماجد المجالي بعض الجديد، وعزف وغنى كل من هديل ورامي وفارس وسليمان، كان احتفالا بهيج الا أنني غادرته والحزن سويا نجوب شوارع عمان ونسأل، أين هم يا ترى شباب الأردن، ماذا يفعلون الآن وما هي اهتماماتهم، وهل يشاهدون الشباب العربي وماذا يفعل!!!

لم يكن بالحفل سوى الرفاق، أولئك الذين يتواجدون دوما في المظاهرات التي تناصر القضايا العربية أو الانسانية، أو يتواجدون في اعتصامات جايين أو العمال، هم وحدهم يذهبون لمادبا هناك عند غالب هلسا، أو يجتعون في الرابية بعد كل طعنة لأمتنا.... هم وحدهم أتوا للاحتفال بينما يغيب شباب الأردن....

كنا في ما مضى نعذر غياب الجمهور عن الفعاليات الثقافية والسياسية في عمان سواء لدينا في المنتدى أو غير مكان، وكنا نعزو ذلك لحالة اليأس السائدة، وضعف اقتناع الجماهير بالكلمة رغم أن الكلمة بحد ذاتها رصاصة قاتلة، كنا نعزو ذلك للتغول الأمني أو الحرص على كسب العيش، لكن بم نعزو غيابهم في هذه الأيام؟.............

جرت احتفالات عديدة بانتصار الثورة سواء بالنقابات أو ببعض الأحزاب، كل من حضر هم نفس الذين اعتادوا الحضور، ربما ما اختلف نسبيا هو التدفق الذي جرى أمام السفارة المصرية ليلة الانتصار، وربما أيضا أن كل ذلك التدفق لا يعني سوى تجمع نفس ( الزبائن) أما محل واحد! وهنا ، أستعجب من هذا الغياب، حتى ( برشلونه) وقفوا دقيقة حداد على شهداء الثورة بينما يغيب شباب عمان في غرف الشات أو معتقلات الذات......

لقد أرسلت من هاتفي أكثر من مئة رسالة شخصية علاوة على ارسال اعلان للصحف لم ينشر كعادة هذه الصحف بعدم نشر شيئ للآخر الذي ليس هو النظام، واستعملنا الفيس بوك والايميلات ومئات الرسائل من قبل بقية الرفاق ولكن لم يحضر أحد سوى سؤال هذا الغياب المريع!!!............

التقيت بأحد أصدقائي الذي دعوت ولم يحضر، عاتبته وقلت له أعد الي الثلاثة قروش ثمن الرسالة وأريدها ثلاثة وحمراء لكي أقذفها بوحهك.... ضحك وقال أنه ( بعدين معك يا منصور خلينا نحافظ على لقمة عيشنا )، صديقي هذا جراح كبير!!

أنا يؤلمني افتقاد المقاعد لجلسائها ، ويؤلمني حصر الاهتمام لدى الشباب بالعادي والروتين، ويؤلمني موظف الدولة الذي يعتقد ان هو ذهب الى منتدى يساري فانه سيخسر وظيفته، ألم تعلمنا الثورة المصرية بأننا موظفون لدى الدولة ولسنا أقنانا لدى حسني مبارك.... يؤلمني أيضا هذا الخوف، ألم نر عمر سليمان صاحب أقوى نفوذ مخابراتي عربي يقف وبالكاد يرى بالعين المجردة....يؤلمني كثيرا أيضا استمرار الحياة في عمان وكأن الذي جرى في القاهرة قد جرى لدى أمة أخرى وفي عالم آخر....ان بقيت عمان هي عمان، قسما لأعود أرعى الأغنام وحيدا في صحراء الجنوب ولن أكلم أحدا الا هجير الليالي القاحلات.....

أنا أكتب هنا لكي أدعوا الى تغيير نمط الوجود وثقافة الوجود ونوعية الحياة...أنا أكتب لأدعوا الجميع لمغادرة الاعتكاف الذي لن يفيد... اكتب لكي ادعوكم لتلمس طريق جديد وللهفة لمذاق للحياة جديد وللثقافة، نعم للثقافة، لا طعم لهذه الحياة من غير كتب نقرؤها ومسارح نرتادها وندوات وفكر وسياسة... كل شيئ لدينا عادي وضئيل، أنا اكتب لأدعوكم جميعا للانطلاق في رحاب هذه الحياة وللانعتاق من تلك السجون التي تربينا عليها...أكتب لأدعوكم لنثر البذار عله يأت موسم الحصاد عما قريب....

( من مات منكم بلا بيعة فقد مات ميتة جاهلية)، هكذا يردد الرسول الكريم محمد عليه السلام... أي بيعة لدينا هنا في ظل كل هذا الانسحاب وكل هذا الغياب....!



#منصور_الطورة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفل أنا وبيروت أم رؤوم
- هل يجوز تعرضي للضرب في المسجد
- تزاحم أفكار


المزيد.....




- دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد ...
- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - منصور الطورة - احتفال.....