أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رزكار نوري شاويس - عربة البوعزيزي .. مزار الياسمين















المزيد.....

عربة البوعزيزي .. مزار الياسمين


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 21:02
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


هي مجرد عربة بسيطة التركيب كغيرها من عربات باعة الخضار المتجولين , المطاردون غالبا من قبل مراقبي دوائر البلديات او مخبري الامن و الشرطة الباحثين دوما عن مناسبة او حجة لاظهار او اثبات اهميتهم و سلطتهم بفعالية تنسجم مع الطبيعة الاستبدادية لحكامهم و حكوماتهم , فيرون في اضطهاد الناس و التضييق على سبل عيشهم و معيشتهم القانون السامي الواجب فرضه و اطاعته و لا باس من ممارسة العنف سبا و اهانة , صفعا و ركلا او ضربا بالهراوات و اخماص المسدسات لتطبيق مثل هذه القوانين و التشريعات المفصلة حسب مقاس و مزاج الحاكم الاوحد ..
عربة ( محمد البوعزيزي ) التونسية ربما تداولها الكثير من البؤساء قبل ان تصل لمحمد المواطن ( من فئة غير المقربين من السلطة ) خريج الجامعة العاطل و الباحث عن عمل شريف في بلد يتحكم بمقدراته نظام غير شريف .. نظام من السهل ان يكون فيه المرء لصا او قوادا او مخبر امن او جلادا في واحدة من السجون السرية الكثيرة في البلاد .. لكن الذي كان يتوائم مع طبع البوعزيزي المثقف هو عمل نظيف ينتفع منه و يتفع به الاخرين ..
ولا شك في ان امتلاك عربة لبيع الخضار لم يكن بالامر الهين عليه و انه عانى من المزيد من التقشف في سبيل ذلك .. و بدا يجرب حظه كبائع خضار متجول في ازقة و دروب الاحياء الشعبية المكتضة بالفقراء و الكادحين و المتخمة بالحرمان و الكثير من الغضب المكبوت تحت ركام البؤس .. يساوم و يبيع بما يرضيهم او ليسوا فقراء معدمين مثله ..
و هكذا مر الحال الى ان وقعت الواقعة .. خرج له من حيث لايدري رمز فاسد من رموز السلطة , يستعرض عليه قدراته بمضايقته وسد سبيل كسبة لقمة ذلك اليوم عليه باسلوب فض نابع من طبع حاقد متأصل في امثال هذا الرمز .. يضايقونك و يهددونك بحقد الجبان المحتمي بقوة غاشمة قاسية , بهدف الابتزاز او للتنفيس عن عقد و احقاد ترتبط بشخصية مريضة ناقصة تتستر بزي رسمي حكومي كقشرة يغلفون بها هزال تكوينهم و انتمائهم للاخرين و همومهم .. وبرغم سلطتهم ( الوضيعة ) في المراقبة و المضايقة فانهم ايضا يعانون من استبداد اسياد اعلى سلطة وهكذا الى السيد المستبد الاكبر حاكم البلاد ..
عربة البوعزيزي قلبت راسا على عقب و تبثر ما عليها من خضار على الشارع و قبل ان يحتج صاحبها , صفع و اهين باقبح سباب و ابشع النعوت .. و جرمه كان ( خريج عاطل يكسب رزقه كبائع خضار متجول ..!)
و عندما اشعل البوعزيزي النار في نفسه لتطهير كرامته الانسانية من الذل و الاهانة اللذان اذل و اهين بهما ؛ اشعل فتيل الغضب الكامن في مجتمعه المظلوم , لينفجر بركانا هز عرش الكتاتور ليستيقظ مذعورا من احلامه السلطوية الرغدة , سلطة هزيلة جوفاء تعرت و انهارت بسرعة خرافية امام سلطة الشعب و صوته الهادر الذي هد اركان نظامه المستبد الذي نخر اسسه سوس تولد من الاستبداد نفسه ..
و تجنبا للاطالة و بالعودة الى ما اردت قوله تحت عنوان (عربة البوعزيزي .. مزار الياسمين ) , فان هذه العربة ( الخضراء ) هي اليوم واحدة من رموز انتفاضة الشبيبة التونسية الكادحة .. عربة بسيطة الشكل و التصميم..قديمة و متهالكة لبائع خضار متجول كان خريجا جامعيا اهين من قبل نظام فاسد لم يفر له و لا للعشرات من امثاله فرصة عمل , ففضل ردا و احتجاجا على الاهانة و الظلم العام السائد في مجتمعه ان يشعل النار في جسمه وليس في عربته , ربما فكر لحظتها بامكانية ان يستفيد منها بائس اخر من بعده .. نعم ربما هكذا فكر لحظة قراره الصعب الذي لم يكن فقط تعبيرا عن حالة احتجاج فردية بل عبرت عن حالة احتجاج و سخط شعبي جماهيري بدليل ان الشرارة التي الهبت جسده الهبت الشارع التونسي برمته وام تهمد لحد الان . عربة البوعزيزي دخلت التاريخ التونسي كرمز من رموز النضال ضد القمع و الاستبداد والتضحية بالحياة من اجل الحرية و كرامة انسانية لا تهان .
عربة بيع الخضار المتهالكة هذه تمتلك الان قيمة معنوية لا تقدر بثمن وهذا امر لا يثير استغراب او عجب اي انسان يمتلك قدرا حتى لو كان ضئيلا من الفهم و التقدير للقيم النضالية التحررية وكل ماله صلة بهذه القيم من ادوات و وسائل مادية و معنوية بسيطة او معقدة .. عجبي انا من معايير و مقاييس بعض الناس في تقييم مثل هذه الامور و تثمينها بالنقد و المال الذي به يتكابرون و يقدرون و يقدرون .. لا يزالون كاسلافهم في ازمنة الجاهلية لا يدركون ان في الدنيا اشياء كثيرة , كثيرة جدا بل اكثر من ما يقدرون ؛ لا تقدر بالمال , لا بالدينار و لا بالدرهم او اليورو و الدولار , هي اشياء ترتبط بالقيم و المباديء و ثقافات و رؤى يضحي الانسان في سبيلها من دون انتظار مقابل او ربح و مردود ..
وهكذا نرى في الوقت الذي ينظر فيه العالم بانبهار و اعجاب للانتفاضة التونسية و تستذكر وسائل الاعلام في كل اطراف الدنيا يوميا تفاصيلها من لحظة اندلاع شرارتها ؛ يأتي تفاعل ( بعض رجال الاعمال و المال الخليجيين ) مع هذا الحدث التاريخي تفاعلا تجاريا استثماريا ..! حيث قدم بعضهم عرضا لاسرة الشهيد محمد البوعزيزي لشراء عربته ..! فذاك يدفع فيه (10) الاف يورو و اخر (20) الف دولار و ...الخ
و لا ادري ان كنتم انتم ايضا تحسون مثلي بشيء من السخط المشوب بشيء من الاسى على امثال هؤلاء و على نمط تعاملهم مع هكذا احداث ...برايي فان هؤلاء التجار يستحقون الكثير من الرثاء كونهم مفلسين معدمين من اثمن القيم التي تعزز وتغني انسانية الانسان .. هي قيم مثلما قلت لا تثمن لا بالمال و لا بالذهب ولا بتقلبات البورصات و مناخاتها.. هي مسائل اخلاقية انسانية ’ مبدئية و ثقافية حضارية .. فيا لتعاسة من يتعاملون مع القيم و المباديء الاصيلة و رموزها بالمال و البيع و الشراء و يا لخيبة املنا فيهم ..
ومن الطبيعي ان ترفض اسرة البوعزيزي مثل هذه العروض البليدة بلسان ( سالم البوعزيزي ) شقيق الشهيد محمد البوعزيزي الذي اكد ان عربة شقيقه ليست للبيع ابدا حتى لو كان الثمن كل بترول الخليج ..
نعم مثل هذه الاشياء ليست للبيع ستبقى في وطنها التونسي , في وسطها الشعبي مزينة باكاليل الغار و الياسمين , مزارا مباركا يؤمه الالاف يوميا من مريدي الحرية و سمو قيمها و رموزها .. لا فمزارات الحرية ليست للبيع ..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الى .. قيمة الانجاز على سلم الحضارة
- قيمة الانجاز على سلم الحضارة


المزيد.....




- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...
- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
- م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق ...
- تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
- الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رزكار نوري شاويس - عربة البوعزيزي .. مزار الياسمين