أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود الزهيري - مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد رأس السنة الميلادية : مجتمع ضعيف .. ونظام قوي















المزيد.....

مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد رأس السنة الميلادية : مجتمع ضعيف .. ونظام قوي


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 3242 - 2011 / 1 / 10 - 06:24
المحور: المجتمع المدني
    


أهتزت جوانب النفس , وتلعثمت الشفاه , وخفق القلب , وتاه العقل , واهتز الوجدان , وارتعشت الأنامل , وطفق الطغيان وسدنته , يخصف علي عورات المجتمع بأوراق البردي العتيقة المجلوبة من حواشي الماضي المصري التليد , ليمحو مادون بها , ويكتب الطغيان قصائده بدماء الأقباط في أعيادهم , التي هي أعياد المصرين جميعاً.

شاهدت الجثث والأشلاء البشرية الممزعة مرات عديدة قبل الوفاة , بإرادة كافرة بالديمقراطية والحريات , ولاعنة لمن ينادي بتداول الحكم والسلطة , رأيتها في طوابير الخبز والغاز , وزحام المواصلات , وضآلة الأجور والمرتبات , وغلاء الأسعار المصنوع بفسادات أيادي مجرمي النظام , وضيق السكني , ومضايقات المتأسلمين الضائعين في دروب الفساد والطغيان , وشاهدت الجثث هذه المرة , ولكنها ليست كأي مرة سابقة , لأنها جثث وأشلاء ممزعة لشهداء , بإرادة كافرة بالإنسان !!

أسباب هذه المجزرة البشرية لايمكن الإبتعاد بها عن إرادة النظام الإستبدادي الحاكم ومنظومته الإجرامية المستعينة بأدوات دينية من الجانب الإسلامي الرسمي , والجماعات الدينية , وكذا من الجانب المسيحي الرسمي المتحالف مع هذا النظام رغباً ورهباً !!

بمعني آخر : الإستبداد السياسي يستعين بأجنحة دينية وسياسية فاشية تعمل علي بقاء منظومة الإستبداد , ولذلك فإن أعداء غالبية التيارات الدينية , والفاشيات السياسية هم أعداء بجدارة للديمقراطيات والحريات , لأنها تنتج في الغالب الأرجح الحقوق المدنية التي تجعل المجتمع متحللاً من وساخات الوصايات السياسية , وقاذورات الوصايات الدينية المقيتة .

وكل هذه الوصايات تؤدي إلي إضعاف المجتمع وتهميش دفاعاته المدنية في مواجهة الفاشيات السياسية والدينية , والملاحظ أن المجتمع المصري صار في حالة متردية من الضعف الإنساني الوجودي حتي في الحصول علي أبسط الحاجيات الإنسانية التي تؤمن وجوده في المجتمع بعزة وكرامة إنسانية , حيث البنية الإجتماعية أصبحت مهترءة من شدة الضعف .

المجتمع القوي نتاج دولة قوية , والمجتمع الضعيف نتاج نظام قوي , والفارق واضح بين مفهوم الدولة , ومفهوم النظام .. الدولة تعمل من خلال مؤسسات خادمة للمجتمع , والنظام يعمل من خلال مجتمع ومؤسسات خادمة للنظام الحاكم فقط , وهذا لاتراه إلا في الأنظمة الديكتاتورية الشمولية التي يتحكم فيها الحاكم الفرد في مصائر الجميع من خلال منظومة الطغيان والإستبداد .

وتتكلف هذه المنظومة هبات وعطايا وحوافز داخل إطار المنظومة الإستبدادية عبر الرواتب والمهايا والحوافز والبدلات , وكذا خارج هذه المنظومة عبر الوسائط الدينية الموظفة كخادم مطيع , من الجماعات الدينية علي كافة توجهاتها الدعوية السلفية , أو الجهادية حسب المفاهيم الدينية , وكذا عبر القبائل والعشائر الخارجة عن منظومة الدولة , والبعيدة عن الإحصائيات الرسمية , لتكون أذرع معاونة لنظام الطغيان الإستبدادي الذي يعمل ضد المجتمع .

وهذا وحده لايكفي لنظام الإستبداد , لأن الأمر يحتاج إلي قوة عسكرية مسلحة تكون بمكنتها السيطرة علي المجتمع , وتحويله إلي مايشبه مجتمع القبيلة والعشيرة ليدين بالولاء رغباً أو رهباً للنظام الحاكم , ويتوقف إستمرار منظومة الإستبداد علي هذه القوة العسكرية المسلحة بأعداد تضمن السيطرة علي المجتمع , وتهميشه !!

كل هذه الأمور أمور ضاغطة علي أعصاب المجتمع الضعيف , والذي أصبحت أعصابه متوترة وذهنيته مشتتة بين أروقة المطالب الإجتماعية المزدحمة بالمطالب الأولية الحياتية والتي تشمل السكن , والطعام والشراب وفواتير العلاج والأمراض , علي أبسط التقديرات , ومن ثم أصبح أكل العيش هو الهم الوحيد لهذا المجتمع الضعيف , وهذا أصبح صعب المنال !!

الذي يدلل علي ماسبق في الشق الأخير الخاص بالجانب العسكري أن النظام المصري يوظف في الدولة المصرية مايقترب من ستة ملايين موظف رسمي , بجانب مليون موظف خارجين عن هذا العدد , ويختص بهم قطاع الأعمال الخاص , بمعني أن عدد 6 مليون موظف يوجد من ضمنهم مليون وسبعمائة ألف موظف لدي قوات الأمن فقط , بتكلفة ميزانية قدرها 190 مليار جنيه مصري , فمعني ذلك أن كل مجموعة من المواطنين لايتعدي عددهم أصابع اليدين , يراقبهم فرد أمن , ويحصي عليهم تحركاتهم وسكناتهم وصحوهم ومنامهم !!
أليس هذا يضعف المجتمع , ويقوي النظام الحاكم !!

الأقباط من نفس هذا المجتمع , ويمثلوا فصيل هام وحيوي في المجتمع المصري , ومعهم باقي الأقليات الدينية الممتزجة في المجتمع المصري , والتي يندر معها أن تظهر هويتها الدينية في أي شأن من الشئون العامة أو الدينية , لدرجة يصعب معها التفرقة بين مسيحي ومسلم سواء في الزي أو الشكل أو طريقة التعامل اليومية .

ولكن تظهر المضايقات من بعض المرضي النفسيين , والجهلة والأغبياء من أنصاف الآدميين , كما يعلو معدل البغضاء والكراهية لدرجة تصل إلي الرفض التام من غالبية أعضاء الجماعات الدينية , الدعوية منها والقتالية , مع أنه لافارق بينهما سوي في الدرجة , إلا أن الألوان تتفاوت ..

الأزمة الكبري تجدها في أركان الدولة ومؤسساتها العامة , وخاصة المؤسسات الدينية , فهي تعمل علي مدار الساعة للتحريض علي الكراهية وإظهار البغضاء للأقباط , وهذا واضح من خطباء المنابر في أيام الجمع والمناسبات الدينية , ومن المناهج الدينية , وكذلك تراخيص بناء المساجد والزويا الممنوحة بلا أي ضمانات , وتعقيد بناء أو ترميم أي كنيسة أو دار عبادة دينية !!

النظام الإستبدادي الطغياني , يستمد قوته من إستخدامه للأقليات الدينية درع حماية له كضمانة لإستمراره وبقاؤه في الحكم والسلطة الإستبدادية , المعتصمة علي الدوام بمقولة حماية الأقليات الدينية من الإرهابيين والتطرف الديني , في حين أن الإرهاب والتطرف هما صنيعة الأنظمة الإستبدادية التي يتم توظيفهما لمصلحة الإستبداد .

أنظمة الإستبداد تجعل من الأقليات الدينية علي الدوام جسد ضعيف منهك لايقوي علي القيام بواجباته الإجتماعية المعطلة بإرادة النظام الطغياني , ومن ثم إبتعاد الأقليات الدينية عن ممارسة حقوقها السياسية , وتستمر العزلة الإجتماعية بتوابعها السياسية لترتكن الأقليات الدينية إلي دور العبادة الدينية , وتبدأ الوصايات الدينية مغموسة بوصايات سياسية واقعة علي رأس المؤسسة الدينية , التي أصبحت الملاذ الوحيد للأقليات , ولكن داخل المؤسسة فقط , ومن هنا كان إستخدام روؤس المؤسسات الدينية درع أعلي لحماية الطغيان والإبقاء عليه , وهذا يتم بمباركة المؤسسات الدينية للإستبداد ممثلاً في شخص الحاكم الذي صار أمام الجميع وكأنه إله يصدرأوامره وكأنها وحي من السماء للجميع , ومن يرفض هذه الأوامر يصير في عداد الكافرين بالحاكم الإله/ الصنم , أو الإله الصنم / الحاكم ..

هذا يستمر مع كافة رموز المؤسسات الدينية الرسمية , المسيحية منها , والإسلامية , إلا أن الأخيرة تدين بديانة الحاكم .. وهذا هو الفارق .. !!
ليستمر نظام الطغيان والإستبداد في مسيرة فساده , يستخدم العناصر والرموز الدينية في إدارة الفتن الطائفية , والصراع من أجل الله , ومن أجل الجنة المؤجلة للآخرة حسب المعتقدات الدينية , ويتم إستثمار هذا الصراع الآخروي لضياع الحقوق الدنيوية , وكأن الحاكم الطاغية المستبد , قد تحول من دوره الوظيفي لصيانة وحفاظ وتوزيع الثروات , بميزان الدستور والقانون , حسب النظرية البسيطة المتعلقة بتوزيع الحقوق والواجبات , ليقوم بدلاً من هذا الدور بدور وظيفي آخر هو العناية بالإيمان الديني الذي يؤهل المجتمع للدخول في إستثمار مضمون أخروي , متمثلاً في جنة الآخرة , هروباً من تبعات جنة الدنيا , والتي تعني البحث عن الوسائل والأساليب السياسية لتحقيق مجتمع الرفاهة والعدالة الإجتماعية , بمنظومة تحافظ علي الإنسان , مجرداً من أي عنصر إلاعنصر المواطنة وفقط !!
وهذا الدور الوظيفي للحاكم الطاغية , يستميل رجال وفقهاء الدين أياً كان هذا الدين ..

وهذه جملة أسباب تجعل المجتمع ضعيفاً والنظام الحاكم قوياً , ولكن الذي يظل ضعيفاً ومستهدفاً من الطغيان والإستبداد , كافة الأقليات الدينية , ولذلك فإن المستفيد الوحيد حصرياً من جريمة مجزرة كنيسة القديسين بالأسكندرية ليلة عيد الميلاد , هو النظام المصري حصرياً , وبلا منازع , والخاسر الوحيد بلامناع حصرياً هو المجتمع المصري بمسلميه , ومسيحييه وكافة الموجودين علي أرض مصر , والذي نأمل أن تغيب عنه المفردات اللغوية الضاغطة بتعبيراتها الدينية , لتقول هذا مسيحي , وهذا مسلم , وهذا بهائي , وهذا نوبي , او شيعي , أو حتي من عبدة الأصنام من أصحاب الديانات الوثنية الأرضية , ولكن هذا لايتم إلا بتغييب دورمثلث الإستبداد والطغيان والفساد , ذلك المثلث الحاكم في مصر بجدارة وامتياز غير مسبوق . وأي حديث يذهب بإلقاء اللائمة الإجرامية في حادث مجزرة كنيسة القديسين علي تنظيم القاعدة , والموساد , وأقباط المهجر , هو حديث هراء , وكذب , وهارب من المسؤلية , لأن المسؤلية واقعة علي عاتق النظام السياسي القوي , في مواجهة المجتمع الضعيف , وإلا ماذا يعني أن عدد أفراد الأجهزة الأمنية يزيد عن (1,7), مليون وسبعمائة ألف فرد , بميزانية تخص الأجهزة الأمنية تقدر بـ 190 مليار جنيه مصري سنوياً , وكل عام في إذدياد .. !!

البديل الوحيد هو تفعيل الحريات الإجتماعية , ومعها الحريات السياسية , لتنتج مجتمع يقوم علي أسس ومباديء الديمقراطية لإنتاج دولة المواطنة القائمة علي أساس الحق والواجب , وهذه هي المسؤلية الحقيقية بأبعدها الإنسانية السامية , وهذه مسؤلية تؤدي في النهاية إلي رحيل نظام قائم علي أضلاع ثالوث الإستبداد المنتج للطغيان المؤدي لصناعة كافة منتجات الفساد .

تصبحون علي وطن !!



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤلية نظام : مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد الميلاد بالأسكند ...
- تحالف الشر : الجماعة الإسلامية والأجهزة الأمنية
- ليس بوذياً !!
- أصحاب الفتاوي المجانية .. إرحلوا لا أثابكم الله ..
- محمود الزهيري في حوار جريء مع المهندس محمد فريد حسنين رجل ال ...
- محمد فريد حسنين .. وسقف السلطة السياسية !!
- محمود الزهيري في حوار جريء مع المهندس محمد فريد حسنين رجل ال ...
- حمدي قنديل .. وأقوي رجل في مصر
- سعاد صالح .. المواطنة والتكفير
- أسطول قافلة الحرية .. الفرق بين إجرام وإجرام !!
- خاطرة
- الأقباط ونهاية مرحلة : المطالب الدينية والمطالب المدنية -مجر ...
- قانون الطوارئ وجرائم قيد الإنتظار: الفكر القديم والفكر الجدي ...
- ذو الأفواه السبعة
- يحمدون الموت : نص للدكتورة خلدية آل خليفة , قراءة مشاهدة للذ ...
- حائرة أنا : قراءة في نص الغرور والعشق والحيرة
- إلى : قراءة في نص الحيرة والأماني ل آمال جبارة
- مطالب الجمعية الوطنية للتغيير والمتساقطون علي طريق الحرية
- الجمعية الوطنية للتغير ضرورة مرحلة : عن إعتقالات الكويت
- الهروب من المسؤلية


المزيد.....




- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...
- السفير ماجد عبد الفتاح: ننتظر انعقاد الجامعة العربية قبل الت ...
- ترحيب عربي وإسلامي بقرار للجمعية العامة يدعم عضوية فلسطين با ...
- سفير فلسطين بالقاهرة: تمزيق مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة ميث ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود الزهيري - مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد رأس السنة الميلادية : مجتمع ضعيف .. ونظام قوي