أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سرحان الركابي - منابع التكفير في الاديان , الجزء الرابع















المزيد.....

منابع التكفير في الاديان , الجزء الرابع


سرحان الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 3220 - 2010 / 12 / 19 - 15:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرنا في الجزء السابق ( الثالث ) ان اهم منبع تستقي منه الجماعات الدينية وتمارس في ظله التكفير هو جزمية النص الديني المقدس , مع ملاحظة ان ليس كل مجموعة دينية تمتلك نصا مقدسا قابلة لان تكفر الاخر وتبيح قتله وتصفيته , فالنص وحده لا يكفي لتكفير الاخر مالم تتظافر عدة عوامل وظورف اخرى قد تحيط بالجماعات الدينية , وتدفع بها نحو التقوقع على الذات والتمسك بالنص , وما يمثله هذا النص باعتاره معادل موضوعي للحيقية المطلقة , ولو كانت كل مجموعة تمتلك نصا دينيا مقدسا لكانت كل الديانات والمجموعات الدينية والعقائدية تكفر بعضها بعضا , ولشهدنا حروبا عالمية دينية ليس لها ولانهاية
وسنواصل ذكر باقي الروافد والمنابع والتي تتمثل بالشكل التالي

2 – الاختلاف في تفسير وتاويل النص الديني ,

عند قراءة النص الديني ستواجهنا مشكلة ذات فرعين او شقين , الشق الاول , مشكلة الاختلاف في قراءة وتاويل النص , الشق الثاني , هي ما يسمى بالتفسير الفللوجي للنص , أي التفسير الحرفي للنص , ذو الوجه الواحد الذي لا يقبل التعدد , ولا يخضع لاي نوع من انواع القراءة المغايرة
فاي محاولة لقراءة النص الديني بطريقة تختلف عما توارثه الخلف عن السلف , تعد خروجا عن النص ايضا , ذلك ان القداسة وبمرور الزمن ونتيجة لظروف وعوامل عديدة , قد تسربت الى التاْويل ايضا , فلم يعد النص وحده مقدسا ومشحونا بالحقيقة فقط , بل ان التاويل وقراءة السلف للنص اكتسبت قداسة وقوة وشرعية , وغدت تحمل من الحقيقة ما يحمله النص نفسه , وبالتالي فالاختلاف في القراءة والتاويل للنصوص الدينية يعد بمثابة خروج وتجاوز للنص وافراغ له من مضمونه ومحتواه
ومن هنا ينشا الانشقاق في داخل المنظومة الدينية الواحدة , لان العقل الديني عادة ما ينظر الى الاختلاف في القراءة والتاويل على انها نوع من الخروج عن شرع الله وغايته ومقاصده التي بينها في النص
, وسنضرب لذلك مثلين مختلفين , ومن دياتين مختلفتين ايضا
, الاولى , تجربة مارتن لوثر , فالحقيقة ان مارنت لوثر لم يكن ثائرا , ضد الدين او ضد نصوص الانجيل , بل ثار ضد سيطرة البابوية وطبقة القساوسة واحتكارها لقراءة نصوص الانجيل , وضد صكوك الغفران والخلاص , قائلا ان كل انسان قادر على ان يصنع خلاصه بيده , وان بامكان كل انسان ان يفسر نصوص الانجيل دون وسلطة او ساطة رجال الدين
وقد احدث مارتن لوثر بدعوته هذه ثورة حقيقية ضد احتكار النض , واعطى للعقل , لاول مرة في التاريخ سلطة على النص , بعدما كان النص يمارس سلطة مطلقة على العقل , ويحيده تماما من أي عملية تفسير او قراءة للنصوص الدينية
التجربة الثانية هي تجربة محمد عبدة , الذي راى ضرورة تحرير العقول من مخلفات الماضي , وكان يرى ان أي انسان عالم بالعربية وفنونها وعلومها يستطيع ان يفسر النص الديني , دون الرجوع الى المفسرين او التقيد باراء السلف , الذين تاثرت تفسيراتهم بالظروف والعوامل التي كانت سائدة في اياهم


3 – مركزية النص الديني وما يشكله من هوية لجماعة المؤمنين ,
قلنا فيما سبق ان النص الديني , يمثل بؤرة ارتكاز تتمحور حولها هوية الجماعات الدينية والعقائدية , وان أي محاولة لتاْويل النص او تفكيك خطابه , من خلال قراءة واعية وعلمية , من شانها ان تخدش روح الجماعة وتخلخل من بنيانها المرصوص المتمحور حول دوغمائية النص ودوغمائية التفسير في نفس الوقت
, بمعنى ما ان النص الديني خلق بؤرة معينة او مجال فكري وعقائدي وطقوسي , تتمحور حوله روح المجموعة , ومن خلالها تكتسب هويتها وخصوصيتها واختلافها عن الاخر , لذلك نجد بعض التشريعات الدينية والفقهية , تبدو في مجملها مصاغة بشكل يخدم مصلحة المجموعة فقط , ويدفع باتجاه توحيد المجموع والمحافظة على مصالحها وصيانتها من الاعتداء او التجاوز , بل اننا نجد تشريعات يمكن تسميهتا بالاستثنائية , حيث ان اغلب الجماعات الدينية مثلا لا تجيز لافرادها الاعتداء على بعضهم البعض ولا تجيز لطرف خارجي ان يعتدي على فرد من افرادها , لكنها من جانب اخر تغض النظر عن اعتداء افرادها على الاخرين , هذا ان لم تشجع وتحث عليه في بعض المجموعات المتطرفة
, ومن الافضل ان نعطي صورة او مثل بسيط , يمكن ان تتجلى فيه غائية التشريع , وميله باتجاه تحقيق منفعة الجماعة وحماية مصالحها , فالتشريعات والمحرمات التي اطلقنا عليها بالاستثنائية تجيز لبعض الجماعات الاضرار بالاخر وتمنع من الاضرار بمصلحة المجموعة او افراد الديانة الواحدة , وهذا بحد ذاته يمثل غاية الشعور بروح المجموعة ومصالحها , وان المقياس في القيم الاخلاقية التي تكتنف النصوص الدينية والتشريعية ليست مقاييس عقلية بحتة , أي انها لا تخضع لمعيار انساني عام بقدر ما تخضع لمعيار ذاتي يخض المجموعة الدينية او العرقية فقط
فمثلا حرمت اليهودية الربا بين اليهودي واليهودي الاخر , لكنها اجازت وسمحت لليهودي ان يرابي مع غير اليهودي , وبنفس المنطق حرم الاسلام الربا , لكنه اجاز للمسلم ان يرابي مع غير المسلم بقصد اضعاف العدوا وتقوية للاسلام

4- نرجسية الفروق الصغيرة ,
, ويعني هذا المصطلح الذي اوجده فرويد , ان يكون الفرد مسرورا بفروق صغيرة تميزه وتميز المجموعة التي ينتمي اليها عن الاخرين , فهي ارتماء لذيذ في المجموعة التي ترمز الى الحضن الطيب , حضن الام التي لا يريد الانفصال عنها , وتشير الرموز والطقوس التي يمارسها الافراد داخل هذه المجموعات الى رغبة في الامن والامان وحماية للانا المهددة بالتفتت والانفصام والتلاشي
ان كل مجموعة دينية او عرقية او سياسية او مهنية او طبقية , تكتنف افرادها شيئا من مشاعر الفروق النرجسية يشعر افرادها انهم افضل وارفع شاْنا من الاخرين , ويمثل هذا الشعور نوع من وهم الذات البشرية وتصورها حول الواقع المحيط بها , او هو احساس الفرد بذاته الذي ينتقل الى المجموع , لان الفرد يتماهى مع المجموع وتنصهر ذاته في كتلة الحشد الجماعي الذي يمثل مجتمعه ومحيطه , لذلك مثلا تجد ان العلاقات بين الشعوب والجماعات الدينية رغم هدوءها وصفاءها ظاهريا , لكنها تتسم بالتوتر الخفي , الممزوج بالسخرية والهزء والحط من شان الاخر , كالعلاقة بين الالمان والفرنسيين , او الانجليز والايرلنديين او العلاقة بين العرب والفرس والامثلة كثيرة

نستخلص مما سبق , ان كل نص ديني لا يمثل في نظر المؤمنين به سوى الحقيقة المطلقة , وبالتالي يكون دور هذا النص هو ممارسة العزل والاصطفاء , بين الحقيقة والزيف , وبين الخير والشر , بين الايمان والكفر ,و بين العدل والظلم الخ ,,,,,
وعلى هذا الاساس يمكن ايجاد الالية التي يعمل بموجبها العقل الديني الفقهي , الذي يتكلس ويفقد القدرة على التمييز بين الواقع والخيال , جراء تراكم العوامل والظروف السالفة الذكر , وتنصهر في بوتقة واحدة لتصنع شخصية ماْزومة غير قادرة على التصالح مع الواقع , وتسيطر نظرة الشك والريبة على مجمل العقل الديني , لتغدو هي المقياس , ما يجذر عصابيته وتكهفه على ذاته , ويزيد من ديناميكيته للحفاظ على ذاته اولا , ولاحتواء الاخر المختلف او اخضاعه لمنظومته ثانيا , وبهذا فالعقل الديني الفقهي وفق هذا المنظور يعمل على مستويين ,

مستوى داخلي لحفظ المجموع وتلافي حالة الانفراط والتفكك بين افرداه ومجموعاته , ومستوى خارجي لدرء خطر الاخر او لاحتوائه وادخاله ضمن دائرة الاتباع
أي ان الاعتقاد بقدسية النص وجزميته وما يفيض به من حقائق , وما يمارسه من غربلة بين مفايهم الخير والشر , بالاضافة الى العوامل التي ذكرناها , قد خلقت نوعين من التدافع والصراع داخل العقل الديني الفقهي

الاول , ويمكن ان نسميه مجازا بالصراع الافقي , الذي بموجبه راح العقل الفقهي يقسم الناس الى نوعين او صنفين , مع ملاحظة ان ساحة هذا الصراع والتدافع تمتد بين حدود الجماعية الدينية او العقائدية وبين حدود العالم الخارجي , أي ان الصراع هنا يدور مع الخارج والمختلف

1 – فريق المؤمنين المصديقن المتبعين لاوامر الاله ونواهيه , وهؤلاء طبعا يحضون بامتيازات وحقوق ومكاسب الهية لا حصر لها , فقد اباح لهم الاله ان يقتلوا خصومهم وياسروهم ويستعبدوهم , ويستولوا على اراضيهم واملاكهم , بما فيها اطفالهم ونساءهم اللواتي اباح لهم اسرهن ومضاجعتهن باعتبارهن ملك يمين كما هو معمول به في معظم الديانات , فضلا عن الامتيازات الاخرى , فقد جعل لهم الجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا , ومن تحتهم تجري انهار من لبن وعسل مصفى , ويخدمهم غلمان مخلدون وتحيط بهم الحوريات الحسان

2 – فريق الكافرين والمشركين والظالين والمعاندين والمنتهكين لاوامر الاله ونواهيه ,
وهؤلاء ليس لهم من الامتيازات او الحقوق سوى جهنم وساءت مصيرا , يرمون على وجوههم في نار جهنم ليذوقوا سعيرها جزاءا بما عملت ايديهم وما اقترفت انفسهم الظالة وعقولهم الجاهلة

اما المستوى الثاني من الصراع والذي يمكن ان نطلق عليه مجازا , بالصراع العمودي , فقد قسم الناس بموجبه من داخل المنظومة الدينية الواحدة , أي ان الصراع يجري بين اتباع الديانة نفسها ,

هذا النوع من التدافع او الصراع بين ابناء الدين الواحد للوصول الى اسس المشروعية او اسس السيادة العليا كما يسميها محمد اركون , هذا النوع من التنافس والتدافع والتزاحم قد قسم افراد وجماعات الديانة الواحدة الى عدة فرق ومذاهب لكنه في كل الاحوال لا يخرج عن تقسيم الناس الى فئتين او قسمين

الفريق او القسم الاول , وهو فريق الارثذوكسية او الاستقامة , أي اتباع السنة الصحيحة , والنسخة الحقيقية الوحيدة التي تتطابق وتتماهى مع النص ومع شريعة الاله , كما انزلت وكما بلغت من الانبياء والرسل الى الحواريين والصحابة والاتباع وهؤلاء هم الناجون الوحيدون من العذاب والعقاب الالهي , والفائزون برضا الاله وثوابه ومنحه وعطايا وتفضيله لهم من بين جميع خلائقه

اما الفريق او القسم الثاني , فهم فريق الهراطقة والزنادقة والفرق الظالة والمنحرفة ممن حرفوا وبدلوا شريعة الاله ومنهجه من اصحاب الظلالات والبدع , الذين حادوا عن طريق الحق وانحرفوا عن نهج الاله
فهؤلاء رغم انهم ينتمون الى فس الدين ونفس الملة لكنهم مع ذلك , يحشرون مع المغضوب والكفار , وقد يعاملون معاملة اتباع الديانات الاخرى التي انحرفت وحادت عن شرع الاله وطريقه السوي

والتكملة في الجزء القادم



#سرحان_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منابع التكفير في الاديان - الجزء الثالث
- منابع التكفير في الاديان الجزء الثاني
- منابع التكفير في الاديان
- لقاء مع الكاتبة والناشطة السياسية والحقوقية الليبية , ليلى ا ...
- علي بن ابي طالب . السعودي الذي احبه العراقيون وكرهه السعوديو ...
- فتوحات ام غزوات 3
- هل ثمة ضرورة للقائد الضرورة
- غزوات ام فتوحات مرة اخرى
- رد على مقال الكاتب حسن مدبولي حرق القران الكريم .وحرق الانجي ...
- فتوحات ام غزوات
- قصة قصيرة الشاعر
- اياد علاوي هل سيكون فؤاد الركابي الثاني


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سرحان الركابي - منابع التكفير في الاديان , الجزء الرابع