أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عودة - مسرحية(الشاطر يكسب)















المزيد.....



مسرحية(الشاطر يكسب)


علي عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 22:43
المحور: الادب والفن
    


الشّاطـر يكسب !
(مسرحية باللهجة الفلسطينية الدارجة)




الشخصيات:
جابر البصير: رجل تجاوز الستين من عمره، مدرس سابق، يعاني من ضعف شديد في البصر طويل القامة، ضخم الجثة، قوي البنية.. والد سجين ويتخذ من السخرية والفكاهة وسيلة للتغلّب على تناقضات الواقع..
كامل القصير: رجل تجاوز الستين من عمره أيضاً، بائع دجاج، صديق وجار قديم لجابر البصير.. يعاني من ضعف شديد في السمع.. قصير القامة، نحيل الجسم، يتكلم بطريقة غريبة وينطق حروف السين والزاي والشين شبيهة بالجيم – والد شهيد..
أم مروان: زوجة جابر البصير.. امرأة في الخمسين من عمرها.. صابرة مخلصة.. تحب زوجها وتحاول حثّه على الاهتمام بعينيه.. تعاني من سخرية زوجها، لكنها تجاريه فيها أحياناً!..
حسام الشاطر: رجل في الأربعين من عمره، وسيم متأنق يشغل منصباً مهماً، ويحيط به المساعدون والموظفون والحرّاس.
الشيخ حسام : رجل في الأربعين من عمره ملتح ويضع على مكتبة مسبحة ويقف دائما بالقرب منه الحراس والمساعدون (يقوم ممثل واحد بدور شخصيتي حسام الشاطر والشيخ حسام )
نمر التعبان: رجل في الأربعين من عمره.. فقير، يعاني من البطالة.. سلب حسام الشّاطر أرضه وزيّف الأوراق الخاصة وسجن بسببها .
الشيخ سلطان المنشار: تاجر لديه العقارات والشركات التجارية ويتستر بلحيته ولباسه مدعّياً التدّين، الذي هو بعيد عنه في الحقيقة.
بديع الناعم: رجل في العقد الخامس ، انتهازي ولا همَّ له إلاّ الربح والصفقات.
حراس وموظفون


المشهد الأول
(في بيت بالمخيّم - مسائي)
تنبعث أغنية شجيّة لشادية "والله يا زمن ما بايدينا زرعنا الشوك ولا جنينا يا زمن".. يضاء المسرح فنرى جابر البصير وهو يجلس في الصالة، بجواره عصا ويمسك في يده مذياعاً صغيراً، يضعه قريباً من أذنه.. وأمامه مباشرة يوجد تلفزيون يبث رسوماً متحركة للأطفال!..
جابر البصير: (وهو يرفع عصاه ويطوّح بها): طز.. طز.. سلامتك يا لجنة! لجنة أيش هذي اللّي بدها تحل المشاكل! بدها تحل المشاكل ولاّ تعقدها؟!.. يا أم مروان (ينادي على زوجته) يا مرة حرام عليكي، والله حرام عليكي وعيب! سكّري هالراديو، سكّريه وبلاش وجع قلب.. إحنا ناقصين غناني؟.. ولاّ أقول لك وطيّه وخلّيه على قَدِّك إذا الأغنية عاجباكي لهذه الدرجة!..
أم مروان: (وهي تدخل إلى الصالة وفي يدها صينية عليها كمية من الأرز):
راديو؟.. راديو أيش يا راجل! هو أنا فاضية للرداوي والغناني؟ هو أنا فيّ قلب يسمع غناني؟!
جابر البصير: وَلِك يا مرة الراديو اللّي عندك في المطبخ، فتحتيه وانسيتيه؟ وطيّه شوية.. أيش بدهم يقولوا علينا الناس والجيران؟!


أم مروان: الراديو مش عندنا.. هذا راديو الجيران.. كمان بدنا نتحّكم في العباد ونقول إلهم أيش يسمعوا وأيش ما يسمعوش! هذه آخريتها يعني؟!
جابر البصير: راديو الجيران؟.. هه.. هذه عايشة أخت نمر التعبان، مفيش غيرها! دايماً هي اللّي بتعّلي الراديو على الآخر! انهبلت المقصوفة.. ولِك يا أم مروان الراديو كأنّه في الدّار!
أم مروان: يعني هو قدّيش بينا وبينهم؟ مترين، زي من هان للمطبخ!.. آه يا حسرتي عليها عايشة! مسكينة (تجلس بجوار زوجها) قلبها ملّوع على جوزها، ملحقتِش تتهنّا المسكينة مقعدتش معه غير شهرين بعدين راح منها! خطفه السجن.. وأبصر الله العالِم أيمتى يطلع! أي هو نمر التعبان ناقصها وناقص همومها؟!
جابر البصير: والله ما هو ناقص.. ويله أخته ولاّ ويله ابنه اللّي تصاوب ولاّ ويله قِلّة الشغل.. ولاّ همّه الكبير، أرضه اللّي نهبوها منّه! هييه!
أم مروان: (وهي تنظر إلى زوجها وتراقبه للحظات):
إنتَ بدكاش تحل عن الراديو شوية؟.. كمان مشغّل التلفزيون! يعني عامل محطة إذاعة! مزهقتش؟ متعبتش؟ قوم يا راجل شوف حالك، ودوّر على مصالحك!..
جابر البصير: (في سخرية): لا! اطمئني! مصالحي ماشية مظبوط! شركاتي والمطاعم، كلها ماشية تمام!!.. اطمئني!
يشير نحوها بالعصا، لكنها تبتعد عنه..
أم مروان: (مقتربة منه مرّة ثانية): بتتمسخر!!، شركات ومطاعم وفنادق!.. كل إشي عندك مسخرة.. هذا اللّي إنتَ شاطر فيه! المسخرة والحكي والراديو!.. روح شوف لك واسطة، إلحق حالك، دوّر على طلاّبك والنّاس اللّي تعبت معاهم وعلمتهم.. خلّيهم يسفّروك علشان تلحق عينيك، بدل ما انتَ قاعد وحاطط الراديو على ذينيك وكل شوّية طز.. طز..
جابر البصير: واسطة؟!.. وَلِك إنتِي هبلة ولاّ مجنونة؟ طيّب ليش يساعدوني.. ها.. ليش (بطريقة تمثيلية) أنا لا جبّار ولا هبّار!!
أم مروان: (تجاريه في سخريته): ولا تاجر ولا فاجر!!..
جابر البصير: (مقهقهاً وفرحاً بانصياع زوجته لروح السخرية) أيْوه.. أيْوه.. ولا عندي وظايف!!
أم مروان: (منتشية) ولا إلك مصايف!!
جابر البصير: (منتشياً حتى الرقص) أيْوه.. أيْوه.. ولا أنا وزير مشهور!!
أم مروان: ولا عندك حسابات وقصور!!
جابر البصير: (وقد أذهله تجاوب زوجته لحالة السخرية):هه.. وَلِك والله أشطر من معلمين اللغة العربية والشعرا! طيّب كمّلي لأشوف! على نفس القافية هه.. على نفس القافية بلا قافية! وخلّينا في الحاجات الخفيفة (يجفف عرقه ويشرب قليلاً من الماء).. ها خفيف خفيف يا ظريف!
أم مروان: (وقد سيطرت عليها القافية): لحسن يشحطونا على الرصيف.. ها.. ها..
يرتبك جابر البصير، ويتحرّك متعثراً مذعوراً ويحرّك عصاه في اتجاهات مختلفة..
جابر البصير: (وهو يدور في الصالة ويبحث عن زوجته بعصاه) وَلِك هذا خفيف؟! هذا خفيف يا زكيّة؟ إذا كان هذا خفيف وين الثقيل يا مرة؟!
أم مروان (بطريقة أهل المدن) الثقيل في ملفات المجلس التشريعي حبيب قلبي!!
جابر البصير: (يلطم على خده ويضرب نفسه) هه.. اسكرتي يا زكيّة؟ أيش اشربتي في المطبخ يا زكيّة؟ ها.. يجلس في مكانه.. ويصمت للحظات ثم ينفجر في الضحك مرة ثانية، ويستأنف.
جابر البصير: (وهو يضحك) خلص.. خلص ظايل وحدة.. وحدة بس.. كمّلي لأشوف، إن شاء الله ما ردّت! قالوا للقرد بدنا نسخطك قال أيش يعني، بدكم تعملوني غزال؟!.. قافية وحدة بس.. ها، ولا أنا من أصحاب الشبح والمرسيدس..
تصمت زوجته، ولا ترد!!
جابر البصير: (مستغرباً) مالِك يا زكيّة؟ وين رحتي؟ أيش وقعت منّك القافية؟ دوّري عليها، شوفيها هان ولاّ هان!!
أم مروان: لا وقعت ولا راحت! الصراحة مش لاقية قافية للّي قلته!
جابر البصير: (وهو يتحرّك في الصالة): طيّب، الشبّاك مسكّر يا زكيّة؟ والحيطان مسكّرة ذينيها؟!
أم مروان: آه، الشبّاك مسكّر، والحيطان مسكّرة ذينيها!.. بس هذول (تشير إلى الجمهور) مش مسكّرين ذينيهم.. هه إطلّع! شايفهم؟!
جابر البصير: (ينظر إلى الحائط): آه.. آه.. شايفهم يا زكيّة! فاتحين ذينيهم وإيديهم كمان! (يعود إلى مقعده).. يالله يا زكيّة هه.. ولا صاحب مزّات وقريدس!
يختبئ وراء المقاعد..
أم مروان: (تشير إلى الجمهور وتضحك) إطلع.. إطلع مفهموش! إذا أنا مفهمتش! أيش مزّات وقريدس؟ كولا هاذي ولاّ عصير؟!
جابر البصير: منيح اللّي أنتِ مفهمتيش ولا همّه فهموا!!
تأتي أصوات من الجمهور: إفهمنا.. إفهمنا.. إفهمنا!!
جابر البصير: (مرتبكاً مذعوراً) هه.. خلص.. حضّري الغيارات يا زكيّة! رحنا ع السجن! أم مروان (وهي تضحك): السجن أهْون من غيره! (تشير إلى النعش).. لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله.. لا إله إلاّ الله والميّت حبيب الله!!
جابر البصير: (متشائماً من حديثها) هه.. وَلِك انتِ مستعجلة عليّ؟! كل إشي بأوانه!
أم مروان: (في تأثر وجدّية، وهي تجلس بجواره) لا والله يا حبيبي.. الله يطول لي في عمرك ويخليّك إلي.. أنا بأضحك معاك، والله بفديك بروحي، هو أنا إلي مين غيرك.. هييه اللّهم إجعله خير! (تشرب قليلاً من الماء).. يا ابن الحلال حاول تدّور على معارف يسفّروك!
جابر البصير: ولِك يا زكيّة حتى لو كانوا بدهم يساعدوا بعد اللّي قلناه ببطلوا! انتِ مش شايفاهم بيسجلوا.. بعدين أيش يعني علم وقراية ودروس؟! طز.. راس روس أَمّك طبخت لك فقّوس! هه.. (في حركة استعراضية) نحن نربي العقول!.. (يضحك ويتمايل) وهم يربّون العجول!! ها.. يا زكيّة خلّيكي عاقلة، العلم راح زمانه والأدب انتهى برهانه.. ابني مسجون ومحكوم عليه مؤبد! أيش يعني؟ نص البلد أولادها مساجين!! بتعرفي لو أنا مكانهم ما بساعد واحد كحيان مثلي.. أيش بدّه ينفعني؟ أيش مصلحتي معاه؟ ينعمي ولاّ حتى يموت، أنا مالي؟!.. بعدين بتظلّك تقولي عينيك عينيك! مالها عينّيه؟ ها مالها؟ هذه هي مثل الحبّلق، ستة على ستة.. هه (يضرب فجأة بالعصا فيطيح بصينية الأرز، تحاول أم مروان الهرب، فيعاجلها بضربة على ظهرها).. شفتي ستة على ستة!
أم مروان (وهي تضع يدها على ظهرها وتتألم): ي.. أي.. الله يكسْر.. ولاّ بلاش!!
جابر البصير: (يضحك) والله عارفِك بتحبيّني وبتموتي فيّ، وما بهون عليكي!
أم مروان: (تقترب ثانية وتلملم الأرز المبعثر) يا حسرتي.. آه يا حسرتي عليك وعلى حالتك، مفيش فايدة!
جابر البصير: (وقد عاد لمداعبة مؤشر الراديو) وَلِك يا زكيّة احمدي ربّك! إحنا أحسن من غيرنا.. والله العظيم إحنا أحسن من غيرنا، بطلي نواح واحمدي ربّك ومتحمليش هم السفر.. مسافر يعني مسافر، اتوكلي على الله يا أم مروان!
أم مروان: كيف بدّك تسافر والبشر بالآلاف؟ أيش طلع لك المارد وقال لك شبيّك لبيّك، عبدك وبين إيديك، وبدّه يحطّك في مصر نقلة وحدة؟
جابر البصير: أيْوه.. أيْوه هيك يا زكيّة، خذي الأمور بالمزح والمسخرة علشان نقدر نتغلب على هموم الدنيا ونصمد ونتوازن مع الواقع المرير!! إذا ما عملناش هيك يا زكيّة بنّطُق وبنفقع، وبظلّوا همّه متربعين ومبسوطين!
أم مروان: همَّه؟ مين همّه؟ هو في إحنا وفي همّه؟!
جابر البصير: طبعاً في.. مالِك يا زكيّة شغّلي مخّك شوية وافرزي.. كل هاالحكي اللّي قلناه ومعرفتيش مين إحنا ومين همّه؟!
يقرع جرس الباب في هذه اللّحظة فتنهض أم مروان لتفتحه، وعندها يندفع كامل القصير بجسمه النحيف وهيئته الغريبة، يضحك ويهز جسمه..
كامل القصير: (يقذف دجاجة بيضاء داخل البيت ويضحك ويهز جسمه) الجلام عليكم..
أم مروان: وعليكم الجلام.. (تستدرك وتضع يدها على فمها، ثم تسأل كامل القصير بالإشارة).. أيش هذه يا أبو فلاح؟ ليش ما ذبحتها؟!
كامل القصير: (وهو يواصل ضحكه واهتزازه) جاجة.. جاجة بعجرة جيكل كيلو وجويه!!
يصل كامل القصير إلى صديقه، يسلم عليه ويجلس بجواره.
كامل القصير: (وهو يجلس على المقعد ويضحك) جبتها طيّبة علجان تكجّر إلكو جوية إغراض ها.. ها..
جابر البصير: (وهو يضع العصا على رأس صديقه) الله يجازي شيطانك يا أبو فلاح عليك حركات!!
كامل القصير: (وهو مازال يضحك ويهتز) بدّي أحكي إلكو أيج جار مع حمدان البدرجاوي ومرته.. حمدان ضرب مرته وكجّر عظامها، عارفين ليج؟ علجان اجترت منّي جاجة!
أم مروان: (بصوت منخفض) شوفوا الكذّاب! يم كسّر عظام مرته علشان جاجة.. هو ما بحبهمش علشان مرضيوش يبيعوه الدّار!
جابر البصير: يعني هو سامعك؟ استنّي حتى نفهم يا زكيّة ما إنتي عارفاه ببالغ شويه.. خلّيه يحكي، مش راح يسكت إلاّ لما يخلّص كل قصصه!
أم مروان: لا بدّي أسمع قصص ولا حكايات، أنا رايحة أكمّل شغلي وأعمل إلكو قهوة!
تأخذ الصينية وتنصرف..
كامل القصير: أنا عارف إنّه انتو مش مجدقين.. طيّب ورحمة ابني (يبدو عليه التأثر).. إنّه حمدان البدرجاوي كجّر عظام مرته علجان الجاجة.. جوف قال لمرته إجتري إلنا جاجة، إجترتها منّي بعجرة جيكل! وطبختها، ولمّا رجع وعرف حقها ضربها وكجّرها
جابر البصير: (يسأله بالإشارة) ليش، مش هو اللّي طلبها وقال إلها؟!
كامل القصير: آه.. هو، لكن طلعت الجاجة غالية! قال أيج بدّه جاجة بخمجة جيكل! أي هو في جاجة بخمجة جيكل؟ أيج فج كيلو! من وين أجيب إلهم جاجة بخمجة جيكل؟.. عيلة جبع تنفار بدهم جاجتين وأكثر!
جابر البصير: (يحدّث نفسه وينسى صديقه الذي انشغل بالتفرّج على الرسوم المتحركة)
ولسّه زكيّة بتقول حالتنا وبتشكي!.. الرّاجل كسّر عظام مرته علشان خمسة شيكل زيادة! معذور مش عارف أيش يعمل! بدّه مرته توفر بالعافية.. تلاقيهم بستنو الكبونات وبجرو وراها من هان لهان.. عنده حق يقاتل ذبّان وجهه ويكسّر مرته ويضرب أولاده ويشنق حاله.. طيّب لو شنق حاله بالله مين حاسس بيه؟ مين داري عنَّه؟ أيه.. إن لله في خلقه شئون!!..
ينطلق من خارج البيت صوت سيّارة بميكروفون ومنه يُسمع صوت أغنية "شدّي حيلك يا بلد"!.. فيعلق عليها جابر البصير:
جابر البصير: شدّي حيلك يا بلد!.. والعيلة بدها مَدَدْ.. والشعب بدّّه سَنَدْ.. والأمّة؟.. آه.. أيش بدها الأمة؟!..
صوت من الجمهور: الأمّة بدها وَلَدْ..
ينتفض فجأة كامل القصير، ويلتفت إلى صديقه.
كامل القصير: (وقد انتبه إلى صديقه) لا.. لا والله يا أبو مروان.. مرجعش الولد.. خايف.. خايف يا أبو مروان يروح منّي ويلحق أخوه.. آه.. بكفّي واحد..
يتأثر ثم يجهش بالبكاء..
جابر البصير: (يحاول أن يمازح صديقه ليخفف عنه) وَلَكْ (بالإشارة) انتَ يا بيّاع الجاج بدّك تظل حاطط الأولاد في القفاص مثل الجاج اللّي بتبيعها! وَلَكْ الأولاد كبروا وصاروا إرجال، فهموا واستعملوا عقولهم مش زيَّك! عقلك وعقل الجاج واحد! حِل عن الأولاد وخلّيهم يعيشوا حياتهم وعمرهم!
كامل القصير (بجّدية واضحة): هذه هي المجكلة! هذه هي المجيبة.. إنّه الأولاد فهموا واجتعملوا عقولهم مثل ما بتقول.. آخ.. آخ.. ما هو لمّا فلاح اجتعمل عقله وفهم راح! لمّا بعد عن الجاج راح منّي يا أبو مروان اجتجهد.. بدّك الثاني يروح كمان؟!
يبكي مثل الأطفال ويهز جسمه ويصدر الصفير مع البكاء..
أم مروان: (تدخل حاملة صينية القهوة) ماله؟ ليش زعّلته؟ كان مبسوط، أيش اللّي صار؟
جابر البصير: مزعلتوش.. تذّكر ابنه فلاح.. أجت سيرة ابنه الثاني اللّي طفش قلت له الأولاد كبروا وصاروا يفهموا وبلاش يحبسهم مثل الجاج، قال لي ما هو لمّا فلاح فهم راح واستشهد.. مش عارف أيش بدّي أرد عليهم وكيف أواسيه وهدّيه! خلّيه يفش غلّه في البكا، خلّيه!..
أم مروان: عنده حق.. إهواتين في الراس بتوجع.. لو استشهد الولد الثاني مصيبة، عيلة بتدّمر.. حاول تساعده، هدّيه قل له مفيش خوف على الولد الثاني.. طمّنه..
جابر البصير: (وهو يشير لزوجته بالعصا) خلص.. خلص لحسن الراجل يشتلق علينا، مرّات بسمع طراطيش الكلام، لمّا تكون السّماعة مظبوطة بسمع.. خَلَص..
أم مروان: (وهي تناول القهوة لكامل القصير) بتهون.. تفضل.. بتهون يا أبو فلاح.. وكّلها لله.. آيه الأولاد همّ كبير.. يا حسرتي إلنا ثلاث سنين مش عارفين نزور مروان.. يا راجل يا ابن الحلال إعمل حاجة، شوف، دوّر، إعمل واسطة بدنا..
جابر البصير: ثاني.. ثاني رجعنا لسيرة الوسايط.. يا مرة حرام عليكي هو إبنك أحسن من أولاد النّاس؟ لما تنحل المشكلة بتنحل على الكل، فاهمة؟
ينطلق في هذه اللّحظة قرع شديد مرعب بجوار النافذة.. يرتمي جابر البصير على الأرض ويسد أذنيه فيسقط منه المذياع.. ينظر إليه صديقه ببلاهة ويزمجر صوت بائع الغاز "غاز.. غاز.. غاز" ثم يضرب على أسطوانات الغاز بقضيب من الحديد بقوة.. يضحك كامل القصير ويهز جسمه ويصدر صفيراً، فيشير جابر البصير له ويفهمه الموضوع بالإشارة! ينهض كامل القصير غاضباً ويتجه نحو النافذة..
كامل القصير: (وهو يطل من النافذة) وله يا ابن جرحان الجكران والله بنجل أكجّر راجك هه.. دوجتنا.. ولك لاجم تضرب مدافع وانتَ بتنادي..
بائع الغاز (من خارج البيت): بنجل أكّجر راجك، دوجتنا.. قال يعني هوّا سامع؟!
كامل القصير: يوم التعباية؟!
بائع الغاز: أنا مش عارف إنتَ ليش زعلان! الله مريّحك، لا سمع ولا إشي.. إنتَ شو مؤثر عليك.. ها؟!..
كامل القصير: (يتظاهر أنّه يسمع ما يقوله بائع الغاز) آه جامعك.. وبقول لك إمجي من هان.. أحجن أنجل لك!
بائع الغاز: (وهو يضرب على الأسطوانات بقضيب الحديد) غاز.. غاز.. غاز.. تلاقي عمّي أبو مروان هو اللّي سلطك عليّ.. أنا بعرفه، بحبّش الدوشة.. بدكاش غاز يا أبو مروان؟!
كامل القصير: (وهو يترك النافذة) هه.. جفتوا خاف وبطّل خبط.. بأمجع رقبته هه!
تضحك أم مروان وتخفي فمها بيدها، ثم تتجه نحو النافذة..
أم مروان: (وقد وصلت إلى النافذة) وَلَك يا عمتي خلص.. عبّينا منك إمبارح! الله يرزقك، فوت علينا بعد جمعة ولا عشرة أيّام، إذا الله أحيانا.. الله يحنن عليك ويرزقك.
يبتعد بائع الغاز، ثم يختفي صوت القرع، فينهض جابر البصير ويجلس على المقعد..
جابر البصير: فظيع.. فظيع ابن جرحان الجكران أف والله ما حد طرش هذا المسكين إلاّ هو.. هو من شقة والجاج من شقة.. أف..
كامل القصير: ها يا أبو مروان.. طمّني، أيش صار في موضوع سفرنا؟ بعتت الجوازات للمعبر؟..
جابر البصير: (ما زال متأثراً بصوت القرع، وبالإشارة) وين صاحبك علشان أقول قدّامه؟ أنا راسي أجعتني بدّي أقول مرّة واحدة.
كامل القصير: أنا عارف وين راح هذا التعبان؟ رحت له على الدّار ملقتوش، دورت عليه في الحارة ملقتوش! قلت يمكن أجا لعندك.. أصلي.. أصلي دبّرت له المصاري..
أم مروان: والله فيك الخير يا أبو فلاح.. ما أطيب قلبك!
جابر البصير: آه منكن يا نسوان، والله بتحْيرن! قبل شوية قلتِي عليه كذّاب وأبصر أيش..
يقرع جرس الباب، فتبادر أم مروان إلى فتحه، وعندها يدخل نمر التعبان.
أم مروان: (وقد رأت نمر التعبان) هه فقدنا القط.. يا ريتنا فقدنا ألف دينار..
نمر التعبان: (يبدو منهكاً مهلهل الثياب) السلام عليكم.. كيف حالك يا أم مروان.. لو فقدتو الألف دينار كنّا قسمناها بالنص وحلّينا المشكلة.. أبو فلاح عندكو؟!
أم مروان: تفضل يا نمر.. آه.. تفضل..
وتتذكر شيئاً ما فتتجه نحو زوجها بسرعة، وعندما تصله تقول بصوت منخفض:
أم مروان: (عندما تصل زوجها) رد بالك يا أبو مروان.. رد بالك تجيب سيرة الراديو وأخته هه.. أنا عارفة لسانك! مرّات بتدب الحكي دب.. البنت مش ناقصة وأخوها بعدين بفش غِلّه فيها هه.. رد بالك!!
جابر البصير: (وهو يضربها على رأسها بالعصا) طيّب. خلص افهمنا.. روحي اعمليلنا شاي! هلا.. هلا.. يا نمر تفضّل.. وينك يا راجل؟ دوّخت أبو فلاح عليك!
نمر التعبان: (متعباً متنهداً) والله يا جماعة تعبان! اسم على مسمّى! انتو عارفين حكاية الولد، تصاوب ومدوّخني، بدنا ندّبر المصاريف للسفر!.. دايخ.. دايخ يا أبو مروان..
كامل القصير: (دون أن يعرف الحديث) وين كنت يا نمر؟ قلبت عليك الدنيا؟
نمر التعبان: (بالإشارة) خلّيها على الله يا أبو فلاح.. والله ما أنا داري ماشي على رجلي ولاّ على راسي!
جابر البصير: (وهو يضع العصا على رأس كامل القصير، في حين يرتجف كامل القصير خوفاً من الضربة ويضحك ويهتز) متحملش همّ يا نمر.. متحملش همّ، صاحبك القزعة الهزّاز هذه دبّر لك المصاري.. هذا اللّي برجرج أطيب قلب عرفته.. بعدين إحنا مش مسافرين مع بعض؟ ليش قلقان؟.. إذا نقص عليك إشي إحنا سدّادين، ابنك هو ابنّا يا نمر!
نمر التعبان: (وقد انفرجت أساريره) الله يريح قلبك مثل ما ريّحت قلبي (يقّبل أبا فلاح على رأسه) الله يرجع لك ابنك بالسلامة يا راجل يا طيّب.. يا سلام كأنه جبل إنشال عن صدري.. ريحتوا بالي، الله يرّيح بالكو..
تدخل الدجاجة في هذه اللحظة إلى الصالة فجأة، تجري وراءها أم مروان.
أم مروان (وهي تطارد الدجاجة): الله يجازيك يا أبو فلاح.. إمسكوها معي. واذبحوها!
يمسكون الدجاجة ويدخل أبو فلاح لذبحها في المطبخ..
جابر البصير: (بعد أن يدخل أبو فلاح لذبح الدجاجة) اسمع يا نمر، أنا بعتت الجوازات على المعبر وقالوا لي السفر بعد أسبوع، ها، بتفّهم أبو فلاح وبتحضّر حالك.. قل لي يا نمر كيف أوضاعك هلقيت؟
نمر التعبان: أوضاعي؟ أيش بدّي أقول لَك؟ زي الزفت بعد عنّك! لا شغلة ولا مشغلة.. الخياطة وقف حالها.. النّاس بتشتري من البالة وبطّلت تفصّل.. ومش عارف أيش بدّي أعمل.. والله لولا الحيا الواحد كان وقف على باب الجامع يا أبو مروان!!
جابر البصير: بعد ما نرجع من مصر يا نمر إلك عندي شغل، واحد صاحبي عنده مزرعة وبدّه واحد بعرف في الزراعة، وانت كنت بتفهم في الزراعة، قبل ما تتعلم الخياطة.. ها أيش رأيك؟..
نمر التعبان: معلش يا أبو مروان، إذا بدّك تخدمني وتساعدني شوف لي موضوع أرضي! أبو فلاح قال لي مفيش حد بيقدر يخلّص هالموضوع غيرك.. إذا حسام الشّاطر ما رجّع لي أرضي أنا رايح أعمل جريمة.. الموت أرحم من هالحالة! أنا مستنّي أخلص موضوع الولد بس، وبعدين اللّي يحصل يحصل!..
جابر البصير: متودّيش نفسك في داهية يا نمر.. حسام الشّاطر مش سهل، أنتَ بتحسابه حسام تبع زمان، ابن أبو الفلاّيات اللّي كنت تشرد من المدرسة انت وإيّاه؟! لا.. هذا عنده حرس وأتباع وخدم !
يدخل كامل القصير عائداً من المطبخ، ويتدخل في الحوار دون أن يسمع ما يدور.
كامل القصير: آه.. آه بدّك تروح معه.. ابن أبو الفلاّيات نهب الأرض عيني عينك وزّيف الأوراق وحط إجلامه في الأرض، ومج راضي يطلع منها.. أنا بذكّر أيام ما كنت تلفخه بالكف وتخلّيه يلف جبع لفّات.. مج رايح يخاف إلاّ منّك!
جابر البصير: (يبحث عن كامل القصير بالعصا، فيهرب منه ويضحك ويهتز) آه.. علشان هيك حطّيت في راس نمر إنّه بيجيب له حقه! ولك يا أبو الجاج حسام الشّاطر مش هو تبع زمان! مش هو الفاشل اللّي كان بشرد من المدرسة وكنت بضربه علشان الجيرة وعلشان مصلحته.. حسام الشّاطر هلقيت حاشية وأتباع! فهّمه يا نمر، فهّمه هذا بوجع راسي لمّا يفهم.. بدوّخني!.. والله أبوه كان رجل طيّب ومكافح مش عارف لمين طالع هالمكحول؟ (يشير لكامل القصير) بتذكر أيش كانوا يسموه؟
كامل القصير: (وهو يضحك ويهتز) آه بذّكر.. كانوا الأولاد والنسوان بيسّموه المكحول! علجان عينيه مكحّلة مثل عينين اللاّمي.. بج عينيه هي اللّي حلوة، أما طباعه طول عمرها جي الجفت.. كان مجنن أبوه الله يرحمه..
نمر التعبان: أيش يعني؟ بتتخلوا عنّي؟ إذا انتو موقفتوش معي، مين بدّه يوقف؟!
تدخل أم مروان بصينية الشاي وعندما تسمع نمر التعبان تتدخل في الحديث:
أم مروان: (وهي تضع صينية الشاي) كيف يتخلّوا عنّك يا نمر؟! لازم يقفوا معك..
جابر البصير: هه. حكت بدري! أيش رأيك تروحي إنتِ معه يا زكيّة؟ ما هو حسام الشّاطر بيخاف منّك مش انتِ ربطّيه في الكرسي لمّا سرق لك الأرنب زمان؟!
أم مروان: هه.. هي الشغلة عند المكحول؟! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم منّه ومن اللّي بيجي من عنده!!
يقوم نمر التعبان بشرح موضوع السفر والجوازات لكامل القصير، في حين يشرب جابر البصير الشاي.. يخرج كامل القصير النقود ويعطيها لنمر التعبان مكافأة على البشارة الحلوة:
كامل القصير: (وهو يدس النقود في جيب نمر) إفهمت.. إفهمت.. أبو مروان بعت الجوازات على المعبر وقالوا له الجفر بعد أجبوع! يا جلام، لو اتجلّحت ذيني ورجعت أجمع!.. بدّي أذبح خروف!.. وأذبح ابن جرحان الجكران إذا خبّط بالعالي..
يضحك فرحاً منتشياً ويهز جسمه ويصدر صفيره في آخر الضحك..
جابر البصير: (في تشاؤم) إذا اتصلّحت ذينيك؟ وأنا، إذا لحقولي عين؟! عين وحدة بس!.. بدّيش أكثر!!
يُسْمع في هذه الأثناء صوت طائرة الأباتشي فيتسّمر الجميع، عدا كامل القصير، الذي يواصل ابتسامته البلهاء واهتزاز جسمه.. ينطلق القصف مدوياً مزلزلاً أركان البيت.. ثم يقطع التيار الكهربائي..!!..

"وتسدل الستارة"

المشهد الثاني
(في مكتب حسام الشاطر- نهاري)
تفتح الستارة على مكتب فاخر، هو مكتب حسام الشّاطر، ثم يدخل حسام بكامل أناقته.. يحييه الموظفون والمساعدون باحترام.. ثم يلحق به أحدهم حتى مكتبه ويرتب له الملّفات ويضع واحداً منها أمامه. على المكتب لوحة كتب عليها اسم حسام الشّاطر وتحتها حروف V.I.P فقط.. يسرع الموظف لإحضار كوب من العصير لحسام، في حين يشرع الأخير في تصفّح الأوراق والتوقيع على بعضها.. يعود الموظف بكوب العصير ويضعه على المكتب..
حسام الشّاطر: (وهو يرشف من العصير) ها.. أيش عندك اليوم يا طايع؟.. أيش المواعيد تبعتنا؟
الموظف: (بأدب شديد وهو ينظر في مذكرة) المواعيد كلها طبعاً بعد الساعة وحدة كالعادة سيّدي.. الساعة وحدة وربع اجتماع مع مدراء الدوائر.. وهذا جدول الاجتماعات..
حسام الشّاطر: آه، ماشي.. كل المدراء عندهم علم؟..
الموظف: طبعاً.. طبعاً سيّدي.. الساعة ثنتين افتتاح مؤسسة خيرية.. صديقك السيّد ناجي..
حسام الشّاطر: آه، ماشي.. وبعدين؟
الموظف: والساعة ثلاثة موعد على الغداء مع السيد الوزير..
حسام الشّاطر: آه..وبعدين؟
الموظف: بعدين زيارة لخيمة الاعتصام مع الأسرى والمعتقلين.
حسام الشّاطر: آه.. منيح، علشان أبو علي ميزعلش.
الموظف: وعلشان التلفزيون سيّدي.
حسام الشّاطر: (وهو ينظر إلى الموظف بامتعاض) أيش بتقول يا طايع؟ إحنا تبعين تلفزيون، هذه الحركات خليْناها لغيرنا.. إحنا تبعين شغل وبس، مش فاضيين للتلفزيونات والكلام الفارغ..
الموظف: (في ارتباك) آه طبعاً سيّدي.. أنا آسف.. آسف سيّدي.
حسام الشّاطر: (وهو يزيح الملف بعد الانتهاء من التوقيع) خلص.. أيش في ثاني؟
الموظف: خلص سيّدي.. مفيش غير مواعيد المساء، يعني السهرة.. و..
حسام الشّاطر: طيّب.. طيّب خلص تعلّمت كثر الكلام خلص! خذ الأوراق وروح شوف في حدا برّة.. يالله روح!
ينصرف الموظف في حين يعود حسام الشّاطر إلى شرب العصير.. ثم يعود الموظف ليخبر حسام الشّاطر بوصول بعض الضيوف..
الموظف: بديع الناعم وصل سيّدي.
حسام الشّاطر: آه دخّله خلّيه يتفضّل..
ينصرف الموظف ويدخل بديع الناعم المتأنق ببذلة وفي يده مسبحة ويدخل معه رجل آخر بلحية ويرتدي عباءة ويضع على رأسه عمامه.. فينهض حسام الشّاطر لمقابلتهما والترحيب بهما..
حسام الشّاطر: (مرحباً مقبلاً) هلا.. هلا.. سلامات.. هلا.
يجلسهما على المقاعد الوثيرة الفخمة ويجلس بجوارهما تاركاً مكتبه..
حسام الشاطر: (بعد أن يجلس مع ضيفيه) يا طايع، متحوّلش تليفونات، وبعدما يدخلوا القهوة، بدّيش حدا يزعجنا.. مفهوم؟
الموظف: مفهوم.. مفهوم سيّدي.
ينصرف الموظف..
بديع الناعم: (وهو يداعب مسبحته ويضع رجلاًَ على الأخرى) إحنا جايين على الميعاد، علشان ننهي الموضوع.. بدنا نخلّص ونكتب العقود.. كل إشي جاهز.. الموردين والتسويق و..
حسام الشّاطر: عقود أيش؟ وموردين أيش يا أبو رابح.. انت عن أيش بتحكي يا راجل، أنا تبع عقود وموردين..
بديع الناعم: (وقد فهم سبب تحفّظ صديقه) آه.. فهمت.. فهمت لا ما هو الشيخ سلطانالمنشار ، بتعرفه ها.. صاحب العقارات والعمارات و...
حسام الشّاطر: آه.. بعرفه وملك الحديد والاسمنت والحصمة.. أيش في موضوع عنده؟
بديع الناعم: (يضحك) ها.. ها.. الشيخ سلطان هو المفاجأة في الموضوع تبعنا.. هو اللّي بدّه يمّول المشروع كله.. التكاليف وراس المال والمخازن كل إشي من عنده.. خلّصنا يا سيد حسام، الشغل مضمون والربح مضمون كمان! بدنا نخلص.
يدخل الموظف بحذر شديد ويضع القهوة أمامهم فيصمتون.. ينصرف الموظف.
حسام الشّاطر: (بعد انصراف الموظف) قلت لي الشيخ هو المفاجأة، هو اللّي بدّه يموّل المشروع يعني إنت يا أبو رابح مش حتدفع ولا تقدّم إشي.. إلك ربح وبس، ربح من غير تعب ولا مصاري!
بديع الناعم: له.. له.. يا سيّد حسام مكانش هيك العشم.. بعدين مين جاب لك هالرجل الطيّب، بدّك أطلع من الموضوع بطلع؟!
حسام الشّاطر: لا يا راجل مش قصدي.. إنت زعلت؟ بس يعني نسبتي بترتفع في هذه الحالة.. الصراحة بدّي خمسين في المية..
بديع الناعم: أي لأ.. هيك انتَ طمّاع..
الشيخ سلطان: (يتنحنح ويمسّد لحيته بيده): صلوا على النبي يا جماعة..
حسام وبديع الناعم معاً: عليه الصلاة والسلام.
الشيخ سلطان: هلقيت لو قلنا عشرين في الميّه لراس المال وعشرين في الميّه للقلم اللّي بدّه يوقع ويمّشي الأمور والتسهيلات للبضاعة قدّيش بظل؟!
حسام الشّاطر: بروح أربعين وبظّل ستين في الميّه.
الشيخ سلطان: وعلشان محدّش يزعل ونظل أصحاب وحبايب وكلنا نستفيد بنقسّم الستين في الميه بالتساوي علينا إحنا الثلاثة أيش رايكم، وبعدين راس المال والقلم بضيفوا العشرين تبعتهم على عشرين الحصة.. ها أيش رايكم؟
بديع الناعم: (ممتعضاً مستغرباً) أيش هذا يا شيخ سلطان؟ هذه حسبة شيوخ ولاّ حسبة عفاريت.. والله هذه مثل حكاية القرد اللّي حكّموه بوزّن الجبنة وأكل الجبنة وهو بوزّنها.. شو يا صاحبي جبتك تنصفني ولاّ توكلني وتبلعني طلّعتني بعشرين في الميّه، الخُمس بس؟
حسام الشّاطر: (وهو يضحك مرتاحاً للحسبة الشيطانية) والله إنّك مفاجأة صحيح يا شيخ سلطان! لا، وأنا مش راضي أحكي قدّامك ومتردد، ها وبأقول أبو رابح، الثعلب، يمكن بلف الشيخ وضاحك عليه!! أتاريك جن مصّور يا شيخ..
يضحكون.. يرن في هذه اللحظة جوّال الشيخ سلطان، فيستأذن من صديقيه ويبتعد عنهما قليلاً، في حين يبقى صوته مسموعاً:
الشيخ سلطان: (وهو يتحرك في المكتب) السلام عليكم.. أهلاً يا بركة.. أهلاً.. ها يا شيخ.. آه.. آه.. أكم سيّارة؟.. عشرين سيّارة؟ بركة!.. لا.. لا.. حطّوها في المخازن.. متطلعوش ولا سيخ حديد.. أيش؟ الطلبيات القديمة؟.. لا.. لا.. بعدين بنتفاهم على السعر الجديد.. ها.. يزعلوا؟ أيش يزعلوا؟ ما يزعلوا ولاّ يخبطوا روسهم في الحيط! قلت لك خلّيهم يدقّوا روسهم في الحيط يا شيخ!.. بعدين.. بعدين.. قلت لك بعدين يا بركة! متطلّعش ولا سيخ.. أيْوه ولا سيخ حديد واحد.. بتعطلوا ولا ما يتعطلوا هذا مش شغلنا.. أيْوه.. مع السلامة..
بديع الناعم: (معلقاً على حديث الشيخ سلطان) زي المنشار ما عندك رحمة.. يم، مفيش يمّه إرحميني حط في المخازن، وبعدين بيع بالسعر اللّي بدّك إيّاه..
حسام الشّاطر: (وهو يضحك ويغيظ أبو رابح) يعني إنتَ في السوبرماركت تبعك بترحم، ما انت بتبيع الغرض بأضعاف سعره.. يعني الحال من بعضه يا صاحبي..
الشيخ سلطان: التجارة مش لعبة يا شيخ.. لو بدنا نراعي ظروف هذا وظروف هذا، عمرنا ما بنربح..
بديع الناعم: صحيح، بس في اتفاقيات مع النّاس على الأسعار القديمة وإلهم طلبيّات..
الشيخ سلطان: إحنا ما بنتاجر علشان تخسر يا بركة، يدفعوا الغرامات والتعطيل والأجرة وبهدلة الشباب ويوخذوا طلبيّاتهم.
يدخل الموظف في هذه اللحظة وفي يده جوّال حسام الشّاطر.
الموظف: (حذراً متردداً) مكالمة.. مكالمة سيّد حسام من السكرتيرة..
حسام الشّاطر: (يتناول الجوال ممتعضاً) ألو.. أيش يا سلوى، أنا مش قلت بدّيش مكالمات وعندي شغل!.. أيش؟ مين؟ المهندس فاقع!.. أيش بدّه؟ صار له ساعة قاعد عندك؟ ساعة ولاّ عشر ساعات أيش أعمل له؟ أيش بدّه هذا المصيبة؟.. بده يكلّمني!.. أف طيّب هاتي أكلمه.. ألو.. أيْوه يا باشمهندس.. لا لا.. عندي شغل طول النهار، مش فاضي! جلسة عمل مش فاضي بأقول لك! آه.. بدكو تعملوا مؤتمر، طيّب منيح إعملوا!.. آه منيح.. شو يا باشمهندس إنتَ بدّك تقرا لي جدول الأعمال والمحاور ولاّ أيش؟ خلص منيح، خلص ماشي! آه.. آه.. ماله المهندس عصام؟ أيش حكيت؟.. مغلبك ومش عارف تشتغل معه؟ طيّب أنا بشوفه.. قلت لك أنا بشوفه.. لا متعملش ولا حاجة لغاية ما أشوفه، أنا بأعقله وهدّيه! لا تشيله من منصبه ولا حاجة! بعدين، بعدين بنشوف! أف مش فاضي يا باشمهندس، مش فاضي يا فاقع!.. آه.. بذّكر.. مذكر موضوعك.. طيّب خلال أسبوع، أنا بأحكي مع الوزير.. قلت لك خلص.. مع السلامة.. (يعطي الجوّال للموظف وينفخ بقرف) أف أيش هالعاهات هذه؟ مش عارف كيف أخذوا الشهادات؟ مش عارف يدّبر حاله، مش ناقص إلاّ نوقع ونشتغل بداله..
بديع الناعم : ما هو انتو اللّي دوّختوهم! بتدّخلوا في شغلهم ليش هيك وليش هيك، يعني متآخذنيش إذا اشتغلوا صح مش خالصين وإذا اشتغلوا غلط مش خالصين..
حسام الشّاطر: طيب يا حبيبي، أنا بأقول خلّيك في البزنس والصفقات أحسن.. شوف مصالحك وأسكت يا أبو رابح..
الشيخ سلطان: إحنا مالنا في شغلهم يا أبو رابح! أيش يا جماعة نقرا الفاتحة ونتوكّل على الله؟..يرفع يده فيرفع الاثنان أيديهما معه.. ويقرأ الثلاثة الفاتحة..
بديع الناعم: (بعد قراءة الفاتحة) خلّص نجّهز العقود والأوراق؟
حسام الشّاطر: آه خلص.. جهّزها وحضّرها للتوقيع..
بديع الناعم: طبعاً العقود والأوراق باسم المدام زي كل مرّة!
حسام الشّاطر: لا.. العقود باسم زوجتي هذه المرّة.. باسم المرة أحسن..
الشيخ سلطان: على بركة الله.. نستأذن، ورانا شغل..
ينهضون جميعاً، ويسيرون نحو الباب.. وهنا تُسمع جلبة وراء الباب.. ويُسمع صوت جابر البصير:
جابر البصير: (من خارج المكتب) يا إبني بقوللك المدير تلميذي، ابن حارتي.. وإحنا مش رايحين نطّول.. عشر دقايق بس..
الموظف: بقدرش.. بقدرش يا أستاذ.. مفيش موعد.. إرجع ورا لو سمحت لمّا السيّد المدير يخلّص، بدخُلُه وبأقول له على اسمك.. لو سمحت..
كامل القصير: وَلك يا بنيّه هذا اجتاجه (أستاذه).. انتَ مج عارف مين هذا؟.. هذا عمّك أبو مروان معلّم ثلث أرباع البلد.. خليّنا ندخل..
الموظف: بقدرش يا حاج.. الأستاذ على عيني وراسي بس بقدرش.. لو سمحت..
يصل حسام الشّاطر وضيفاه إلى الباب ويقوم حسام بفتح الباب فيندفع الثلاثة جابر البصير وكامل القصير ونمر التعبان فجأة، ويأخذ جابر البصير الشيخ سلطان في طريقه ويهويان معاً على الأرض، وقد جثم جابر البصير على الشيخ سلطان.
الشيخ سلطان: (وهو ملقى تحت جابر البصير) ولَكَ قتلتني.. الله يخرب بيتك قتلتني.. إنتَ لسَّه بتخبّط في العالم يا جابر.. صلّح عينيك يا أبو طويلة ولاّ خلّيك قاعد في الدّار أحسن يا أعمى.. طول عمرك بتظل أعمى.. قوم.. قوم..
جابر البصير: (ينهض ويبحث عن عصاه وعن صديقه كامل القصير) أبو فلاح.. وينك.. وين العصاه؟
كامل القصير: (يقترب منه ويسلّمه عصاه) هيْني.. هيْني خذ عصاتك.. هه..
جابر البصير: (بعد أن يأخذ العصا يتحدث مع صديقه بالإشارة) وَلَك الصوت هذا مش غريب عليّ.. ها.. مين هذا يا أبو فلاح..
يخرج الشيخ سلطان وأبو رابح ويغلق حسام الشّاطر الباب ويأمر الموظف باحضار القهوة ويتجهون نحو المقاعد الوثيرة.
كامل القصير: (وهو يوجّه صديقه نحو المقاعد) إنتَ مج عارف مين هذا؟.. (يضحك ويهتز) هذا جلطان المنجار..
جابر البصير: سلطان المنشار؟ فال مش كوّيس!
كامل القصير: (وهو يضحك أيضاً) آه جلطان المنجار اللّي...
يسرع جابر البصير إلى وضع يده على فم صديقه حتى لا يفسد الأمور أكثر.. يجلسون على المقاعد الوثيرة..
حسام الشّاطر: (وقد بدا عليه الارتباك) حصل خير.. حصل خير.. أهلاً وسهلاً.. مش لو اتصلت أحسن يا أبو مروان؟ لو اتصلت كان ما حصل اللّي حصل.. يعني الأمور عنّا منظمة، مواعيد وانضباط! بتعرف!..
جابر البصير: آه بعرف بعرف.. كان الله في عونك.. على كل حال إحنا متأسفين على اللّي حصل وحقّك علينا.. العتب على النظر..
حسام الشّاطر: ولا يهمّك.. ولا يهمّك يا أستاذ جابر..
يدخل الموظف ويقدم القهوة للضيوف ثم ينصرف..
جابر البصير: (وهو يرشف من القهوة) طبعاً إحنا عارفينك مشغول ووقتك ضيّق وبدناش نطوّل عليك..
كامل القصير: (يضحك متدخلاً، يوجه حديثه لحسام الشاطر) أم مروان بتجلّم عليك.
حسام الشّاطر: أم مروان، مين أم مروان؟
كامل القصير: (وقد فهم السؤال) أم مروان مرة عمّك أبو مروان، هذا.. بتجلّم عليك وبتذكرّك بالأرنب و..
يسرع جابر البصير بوضع يده على فمه..
جابر البصير: (وهو يضع يده على فم صديقه) يا مصيبة إسكت.. بقول لك أسكت.. خلّينا يا أستاذ حسام في موضوعنا.. طبعاً انتَ عارف الجماعة، أولاد حارتك وجيرانك! عمّك أبو فلاح بهبلاته مش غريب عليك.. وهذا ابن حارتك نمر التعبان.. كنت انت ويّاه مثل الاخوة.. حتى لمّا كنتو بتهربوا من المدرسة كنتو بتهربوا مع بعض.. يعني إحنا مش غرب عنك وبدنا نحل بينك وبين نمر ونخلّص الموضوع..
حسام الشّاطر: آه.. بس هذا إذا كان في موضوع أصلاً!
نمر التعبان: (بانفعال) كيف يعني مفيش موضوع؟
جابر البصير: (يرّبت على ركبة نمر) استّنى.. استنّى شوية يا نمر لانشوف، استنّى، يعني يا أستاذ حسام الأرض طول عمرنا بنعرفها تبعت نمر وأخوته، أبوهم الله يرحمه طفح الدم على ما اشتراها علشان يضمن مستقبل أولاده والناس كلها عارفة إن الأرض للتعبان وأولاده!
حسام الشّاطر: النّاس بتقول ولاّ الورق اللّي بيقول يا أستاذ جابر؟ الورق اللّي موجود بيقول إنّه الأرض تبعتي، ملكي.. وأنا فيها والعمّال فيها والموضوع منتهي..
كامل القصير: (دون أن يدري فحوى الحوار) أبو جليم بيّجلم عليك.
حسام الشّاطر: (بانفعال وبالإشارة) مين أبو جليم؟
كامل القصير: (وهو يضحك ويهتز) أبو جليم اللّي كنت تجتري الجكاير من عنده بالجيكارة.. أبو جليم اللّي اجتغلت عنده لمّا اطلعت من المدرجة.. وكنت بتجيل الجناديق على ظهرك في دكّانه!
جابر البصير: الله يخرب بيتك وبيت أبو سليم والجناديق والجكاير.. ولك إحنا هلقيت في أبو سليم.. خليّينا في موضوعنا. أسكت، نقّطنا بسكوتك شويه.. ها يا أستاذ حسام أيش قلت بتظلكوا أولاد حارة وما بهون عليك تأكل حرام وتاخذ أرض غيرك!
حسام الشّاطر: (بانفعال) يا أستاذ جابر لازم تحاسب على كلامك! أنا ما أخذت أرض حدا وما بوكل حرام! هذه أرضي والأوراق اللّي معي تثبت هذا الكلام.. وعلى كل حال اللّي معترض يروح يشتكيني..
نمر التعبان (ينهض غاضباً مرتعداً): هيك يعني! مفيش فايدة! طيّب يا حسام، طيّب يا مكحول! والله ما بفوت أرضي لو بحرقك وبحرق حالي.. والله بخلّص عليك..
يهجم نمر على حسام، فيبتعد الثاني عنه ويتحسْس مسدسه.. ويدخل الموظفون والحرّاس، يمسكون بنمر التعبان ويكتّفونه ويجرّونه بعيداً ذو يخرج معه كامل القصير ، في حين يتوتر جابر البصير ويخْبط بعصاه ويدور حول نفسه..وهنا يُسمع صوت إطلاق نار كثيف رفي الخارج .. فيرتبك الجميع
جابر البصير: (مرتبكاً) أيش هالطخ يا حسام .. اليهود دخلوا ولا أيش ؟
حسام الشاطر: (وهو يمسك بيد جابر البصير) لا لا يا أٍستاذ جابر مدخلوش اليهود .. هذي اشتباكات بينا وبين الجماعة .. ياالله علشان تلاقي سيارة توصلك يالله بسرعة ..

(وتسدل الستارة)
المشهد الثالث
في مكتب الشيخ حسام الشاطر
(نفس الديكور السابق – نـهاري)
تُفتح الستار على الشيخ حسام الشاطر، يجلس في نفس المكتب السابق ولا تغيير في ديكور المسرح والمكتب.. فقط في اللوحة حيث يكتب عليها V.I.SH (شيخ مهم جداً) بدلاً من V.I.P يرتدي ملابس داكنة، له لحية، ويغلق أزرار قميصه، بدون ربطة عنق ويضع على رأسه طاقية بيضاء. وفي يمين المسرح يقف حارسان يرتديان الملابس الداكنة أيضاً ولهم نفس اللحى والطاقية البيضاء، وتظهر بعض الأسلحة من تحت ملابسهما، وهما زعيط ومعيط اللذان يبدوان شخصيتين مضحكتين، بلباسهما ولحاهما.
الشيخ حسام الشاطر: (وهو يرشف من العصير الأخضر أمامه) بسم الله الرحمن الرحيم.. ها.. كيف الأمور يا أخ شلّط
زعيط: الحمد لله، ميسرة بأمره تعالى.
الشيخ حسام: أيش صار في موضوع الشيخ سلطان المنشار وشريكه الشيخ بديع الناعم هل جهزتم الأوراق والعقود ؟
زعيط: نعم نعم.. انتهى الأمر، بإذن الله.. والعقود ها هي (يعرضها عليه) سجلنا الشركة والعقارات باسم الجمعية – جمعية البر والتقوى..
الشيخ حسام: ونسبتنا ؟
زعيط: خمسين في الميّة يا شيخ كما أمرت.
الشيخ حسام: تمام.. تمام.. كله قانوني وشرعي.. باسم الجمعية. والدخل لن يكون أرباحاً وفوائد، هذا ربيت.. أشياء عينية، الجمعية تقدم أشياء عينية.. ها.. أنت فاهم يا أخ زعيط..
زعيط: فاهم سيدي، فاهم يا شيخ طبعاً.
تُسمع في هذه اللحظة همهمة خارج المكتب فيخرج معيط ليستطلع الأمر، ثم يعود ليقول:
معيط: هناك جماعة يريدونك في حاجة لهم يا شيخ، يستأذنون للدخول عليك..
الشيخ حسام: دعهم يدخلون.. نحن هنا لخدمة الناس لا حاجة لأن يستأذنوا.. أدخلهم..
يذهب ليعود معه جابر البصير متابطاً ذراع كامل القصير، فيلقيان التحية، ويجلسان متلاصقين.. ينظر كامل القصير في وجه زعيط ومعيط ويكرر ذلك، ثم يغالب نفسه من الضحك، لكنه يهتز بجوار صديقه جابر فيشعر به.
جابر البصير: ولك ايش مالك بترتك زي الماتور التعبان أيش فيه يا مصيبة.. أحنا دخلنا مكان غلط ولا أيش؟ (بالإشارة) أيش فيه، مالك.
كامل القصير: لا مدخلناش مكان غلط، إحنا في مكتب الشيخ حسام الشاطر.. بس هذول...
بحضر احد الحارسين عصيراً أخضر اللون يضعه أمام الرجلين وينصرف فيزداد كامل القصير رجرجة.
الشيخ حسام: يا مرحبا، أهلاً وسهلاً – حاجتكم مقضيه إن شاء الله.. تفضلوا.. تفضلوا.. يمد جابر البصير يده إلى كوب العصير، ويتذوقه وفجأة يبصق ما في فمه.
جابر البصير: ولك أيش هذا يا أبو فلاح عصير أيش هذا؟
كامل القصير: وقد ازداد اهتزازاً وضحكاً، هذا عجير خبيجة (عصير خبيزة) علجان التقشف، أيش يا أبو مروان بتعرفش طعم الخبيجة؟
يهتز ويضحك فينظر إليه الحارسان بامتعاض ثم يوجّه كامل القصير حديثه إلى الشيخ حسام
كامل القصير: باين عليك يا جيخ (شيخ) مش عارف الأستاذ.
الشيخ حسام: لا.. لم نتشرف بمعرفته.
كامل القصير: ول.. انجبت (انسيت) أجتاجك جابر البصير.. انجبت الكفو..
يضع جابر البصير يده على فمه ويسكته.
الشيخ حسام: الأستاذ جابر البصير (ينهض ويحضنه ويقبله) أستاذي، ومعلمي.. ماذا فعل الله بك يا رجل..؟
جابر البصير: أيه إنه الزمن يا حسام – كما ترى تقدّم العُمر وانحسر البصرُ.. ولكن ليس هذا المهم (يواصل الحديث بالعربية الفصحى) نحن في الحقيقة جئنا إليك آملين أن نعيد حقاً وتنصف مظلوماً.
يرن جرس الهاتف فيستأذن الشيخ حسام للرد عليه يجلس، على مكتبه ويتحدث في الهاتف:
الشيخ حسام: وعليكم السلام أهلا يا شيخ كيف حبينا الشيخ بديع الناعم.. الحمد لله الحمد لله نعم.. نعم.. ها هي أمامي للتوقيع.. كما اتفقنا، نعم أخبروني باسم الجمعية.. هكذا أفضل حتى لا نقع في الإثم مثل أصحابك السابقين (يضحك) نبتعد عن أسماء الأشخاص.. لا.. لا يوجد ريح.. ها.. خمسين في المية معقولة.. لا..لا.. نحن لا نبخل على حبيبنا الشيخ سلطان المنشار.. يا سلام.. إن شاء الله... إن شاء الله.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جابر البصير: (وقد سمع الحديث) فالها مش كويس يا أبو فلاح، هذه نفس الفرقة.. آه أنت طبعا مش سامع ولا فاهم.. بديع الناعم وسلطان المنشار، يا سلام ما تغيّر شئ...
كامل القصير: (وقد لاحظ تمتمة صديقه) أيش؟ بتحكي مع حالك يا أبو مروان؟
يلكزه جابر البصير ليسكته..
الشيخ حسام: (بعد انتهاء المكالمة) المعذرة، أهلاً وسهلاً حاجتكم مقضية إن شاء الله.. تفضل يا أستاذ جابر تفضل.
جابر البصير: في الحقيقة يا شيخ حسام أتينا من أجل إنقاذ أسرة، إنه أمر ظل معلقاً لسنوات، رغم أن الحق فيه بائن وواضح...
يسمع في هذه اللحظة صوت رجل في شقة مجاورة، يصرخ: الله حي الله حي...
الشيخ حسام (موضحاً) هذا رجل على البركة، مسكين، مرة يهلوس ومرة بدروش، ومرة بيغني ومرة ببكي، اعتقد أنكم تعرفونه إنه جارنا إبراهيم الهلالي..
جابر البصير: أليس هو من مات ولداه في...
الشيخ حسام: نعم هو.. مسكين أمر الله نفذ في ولديه ويبدو أنه تأثر كثيراً.. بعض الناس إيمانهم ضعيف.. ما علينا ماذا كنت تقول يا أستاذ جابر...
الصوت: الله حي الله حي الله حي...
كامل القصير: (يتدخل دون أن يعرف شيئاً عمّا يدور) يا شيخ حسام مج هذا الواقف هناك العريض زعيط ابن دعبول الأقرع، وهذاك الواقف جنبه، معيط ابن سيكا العوجة.
الشيخ حسام: (بامتعاض) انت بتعرفهم؟
جابر البصير: (يتدخل قبل أن يجيب صديقه) لا تؤاخذه على كثرة الأسئلة يا شيخ، إنه رجل طيب لا يجيد فنون المجالسة والمكايسة لا تؤاخذه.
الشيخ حسام: لا بأس لا بأس.. نعود إلى الموضوع...
الصوت: ابن القرعة شايف حاله
كسّر عمّه وطرّد خاله
وأهل الحارة خبّط فيهم
وإخــوانه مـا عـادوا رجــاله
ابن القرعة كفّر أمّه
صارت عورة ما بتهمه
ليش بتدعي ع الظلام
وابن البومة ليش تذمّه

ينظر الحارسان إلى بعضهما البعض ويكزان على أسنانهما ويهمهمان.. ينظر إليهما الشيخ حسام ويهدئهما.. يعود جابر البصير لاستئناف الحديث ليلطف الموقف.
جابر البصير: ما علينا فيمن خبّط الحارة وابن البومة، نحن جئنا لتحل لنا موضوع أرض نمر التعبان بدنا...
يقفز الشيخ حسام عن المقعد، ثم يعود للجلوس متأففاً.
الشيخ حسام: نمر التعبان مات يا أستاذ جابر ثم أين هي أرضه؟ أنا لا أعرف له أرضاً...
جابر البصير: أرضه اللي مات بسببها.. مات بينكم في السجن.. أرضه اللي اغتصبها حسام الأول، زيّف أوراقها وحط إيده عليها بالقوة...
الشيخ حسام: إذا كنت بتقصد أرض الفاسق حسام الأول، فهذا الموضوع مش في إيدي يا أستاذ جابر هذا موضوع صعب.. والجماعة اتخذوا قراراً بتسجيل الأرض باسم جمعية البر والتقوى...
جابر البصير: (منفعلاً) انتو بتعرفوا أنها أرض نمر التعبان كيف بتسجلوها للجمعيات بعدين ليس هناك تقوى أعظم من نصرة المظلوم وإعادة الحقوق إلى أصحابها هذه هي التقوى وهذا هو البر.. تعلمون أن الأرض سُلبت من أصحابها ظلماً، وها هو صاحبها يموت مظلوماً وعلينا أن ننصفه..
الصوت: الله حي... الله حي... الله حي
ابن القرعة عالي الهمّة
عامل فرقه ماحلى اللمّة
عكشها ومطعوج الرأس
وابن الهبلة على القمّة
ابن القرعة عقله طاش
نازل يحصد بالرشاش
ليش تصلّوا في الساحات
ليش تغنوا هات الفلاش
ارتباك ونظرات متبادلة بين الشيخ والحارسين
الشيخ حسام: مجنون.. مهلوس.. "إيش هالكلام الفارغ!
جابر البصير: (يحاول تهدئة الشيخ ويعود للحديث بالفصحى) لا تؤاخذه يا شيخ حسام مقهور، مريض، نعم مريض، وليس على المريض حرج... بفش غله... يعني.. ما علينا، قلنا لكم يا شيخ أن نمر التعبان عاش مظلوماً ومات مظلوماً وهذه الأرض لنمر التعبان ورثها عن أبيه وجده وهي لورثته من بعده، ولا أدري كيف أعطيتم لأنفسكم الحق (يستدرك قسوة العبارة) عفواً كيف هانت عليكم أسرة هذا المسكين وحوّلتم الأرض باسم الجمعية.. كيف؟!
الشيخ حسام: يا أستاذ جابر قلت لك الموضوع خارج صلاحياتي ومش في أيدي هذا الأمر للجماعة.
جابر البصير: (منفعلاً) أية جماعة محترمة هذه التي تقرر حرمان أسرة من أرضها...
الشيخ حسام: الوثائق التي وجدناها تقول أن الأرض ملك المجرم الهارب حسام الأول فهل نريدنا أن نعيد الأرض إلى المجرمين الهاربين..؟!
يرن جرس الهاتف فيذهب الشيخ حسام ليرد عليه ويشرع في الحديث مع أحد المتحدثين.. يحاول كامل القصير أن يفهم الأمور فيوضح له جابر (بالإشارة ويحذر)...
الصوت:
الله حي... الله حي... الله حي
ابن القرعة ما بينام
لو ذبحوا جوز الحمام
دايما صاحي مفتّح عينه
خايف نقلب هالأيام

جابر البصير: (كأنه يحدّث نفسه) الأيام دول من سرّه زمن ساءته أزمان....
الشيخ حسام: ماذا تعني يا أستاذ جابر؟
جابر البصير: (وقد أدرك التوتر) لا.لا يعني كانت الدنيا لهم، واليوم صارت لكم... والحمد لله على كل حال...
كامل القصير: (ضاحكاً مهتزاً) أبو مروان أنت مش شايف اللّي أنا شايفه، ولك هذول زعيط ومعيط انت بتعرفهم وقمعتهم على قفاهم أكثر من خمسين مرة.. هذول من حارة أبو الفيران.. ايمته صاروا هيك؟ تحوّلوا صاروا شيو...
ينقض الحارسان على كامل القصير قبل أن يكمل عبارته، ويكتّفانه بعنف وقسوة ويجرّانه إلى خارج المسرح، يرتبك جابر القصير وتسقط عصاه على الأرض في حين لا يحرك الشيخ حسام ساكناً ولا يعترض على القسوة مع كامل القصير.. يسود المسرح هدوء اللحظات... ينتشي الشيخ حسام بانتصاره بعد خروج كامل القصير.. يبحث جابر البصير عن عصاه، يعثر عليها.. يتحمس الشيخ حسام ويعثر عليه، فيجذبه ويجلسه على المقعد بعنف، يضع العصا على رأسه ويدور حوله.
الشيخ حسام: (مرتبكاً) أستاذ جابر، لم يعد هناك المزيد، قلت لك إن الأمر ليس بيدي....
جابر البصير: لا ظل حكي كثير يا حسام... ظل حكي يا ملطوش...
الشيخ حسام: (منفعلاً) ملطوش! أنت تسخر مني وتعيد الكنية التي أطلقتها عليّ زوجتك.
جابر البصير: بتذكر ليش طلعته عليك أم مروان وسمّتك بيه؟!.
الشيخ حسام: آه.. كنت باخطف أكل الأولاد.. كنت بلطشه.. كنت بدّي أشبع مثلهم.
جابر البصير: ولا عمرك هتشبع لو صار عمرك ميت سنة، مثلك مثله، حسام الأول وحسام الثاني، مثل بعض.
الشيخ حسام: اسمع أنا ما بسمح لك...
جابر البصير: (وهو يدور حوله ويضع العصا على رأسه) أنت لازم تسمح وتسمع غصين عنك، أنا بدّيش أحكي عن موضوع أرض نمر التعبان أنا توقعت ما ترجّعوا إشي لأصحابه، كلكو مثل بعض... ولما سمعت كلامك مع سلطان المنشار وشريكه الناعم تأكدت أنكم مثل بعض، عرفت صحابك ومعارفك، انت بتعرف المنشار والناعم منيح، بتعرف أنه المنشار ذمته أوسع من بحر غزة، وبتعرف الناعم أيش كان يعمل في الانتفاضة الأولى، وبتعرف ليش الشباب قمعوه، أنت بتعرف مين اللي خلّاهم يحلّوا عنه ويعتقوه لوجه الله؟ أبو فلاح بتاع الجاج، هذا القزعة الأطرش اللي مش عاجبك، أبو الشهيد، هوّا اللي توسّط له، وخلّاهم يفكوا عنه.. طول عمرك ما بتعرف تحسب يا ملطوش.
الشيخ حسام: (ينهض ويزيح العصا عن رأسه ويضع يده على رأس جابر) اسمع يا جابر إنت اللي طول عمرك عايش في الخيال والوهم.. إصح يا جابر أنا مش ملطوش تبع زمان أنا الشيخ حسام الشاطر اسم وفعل وصيت وأموال وأوامر... إصح، أنا طلعت من حدود المشتق والممنوع من الصرف تبعاتك! صرت أكبر منها، خلّيك إنت في اللي حبست نفسك فيه طول عمرك.. العلم وتربية الأجيال (يتمايل في استعراضية) الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني... والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ... روح خلّي المتنبي تبعك يعالج لك عينيك وعقلك روح...
جابر البصير: (يبحث عن عصاه التي سقطت منه) خلّصت.. خلصت يا ملطوش لسّه بتحسب غلط.. مثل المكحول غلط في اللغة وغلط في الأدب وغلط في الحساب (أنا الشيخ حسام الشاطر مش ملطوش) حسبت المنافع والمصالح هوّا حسبها نصب ورشوة وأنت حسبتها بطش وقوة.. دمرتونا.. نسيتونا الأهم.. نسيتونا الاحتلال والمستوطنات والبيوت المدمرة والأرامل والأيتام وحسبتوا الكراسي والسلطة وبس.. والأطراف الثانية اللي بتتفرّج عليكو كمان أزفت منكو.. كلكو غرّقتونا.. وكمان نسيتوا هذول (يشير إلى الجمهور) هذول مجوش في حسبتكم.. قلّي يا شيخ حسام مين ظل معك، أكم واحد ظل يحبك ويحترمك؟! ولا واحد.. هذول همّه الحسبة الصح يا ملطوش، مش بديع الناعم وسلطان المنشار، وزعيط ومعيط، هذول طبّالين زفة، كانوا معهم وصاروا معكم وبكره مع غيركم.. بعدين تعال هان إنت بتقول صرت تعرف الاسم والفعل وطلعت من المشتق والممنوع من الصرف، صارت كلها مصروفة عندك طيب بدي أسألك زي زمان أيام ما كنت بلفخك بالكف علشان مصلحتك (يشير عليه بكفه الغليظة فيتحسس حسام الشاطر وجهه ورقبته ويكزّ على أسنانه ويلتفت حوله).
جابر البصير: (يواصل الدوران واضعاً العصا على رأس حسام) قلّي أيها المصروف والمعروف ما معنى كلمة الشّاطر ها.. من هو الشاطر أيها التلميذ النبيه..
(يدور حوله ويضرب على رأسه يخفه)
حسام الشاطر: (متلعثماً متردداً) الشاطر هو الذي يعرف مصلحته.. الذي يدير أموره بذكاء، الفهلوي، المدردح يعني...
جابر البصير: شايف إنك لسّه بتحسب غلط، عرفت كل المعاني اللي بترضيك، وبتعبّر عن مصالحك وأطماعك ومعرفتش المعنى الحقيقي للكلمة.. المعنى الأصلي (يدور حوله، ويقرع رأسه بالعصا، الشاطر أيها الفتي اللوذعي، وكما جاء في لسان العرب والصحاح والقاموس المحيط، هو الذي أعيا أهله خُيثاً.. والجمع شطّار وهم الخبثاء والمحتالون وقطّاع الطرق (يضربه على كتفه وعلى ظهره بالعصا) وتبعين الثلاث ورقات.. ها.... هذا هو معنى الشاطر يا شيخ شاطر (يتجه نحو الباب) يا خسارة... يا خسارة يا حسام بك وخسارة يا شيخ حسام.. يا خسارة يا شطّار حسبتوها غلط، كلكو حسبوتها غاط.. متعلمتوش لا حساب ولا عربي.. متعلمتوش إشي.. يا خسارة... يا خسارة... يخرج من المسرح...
(وتسدل الستارة)



#علي_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية(حفلة على شرف زهافا)
- مسرحية الحكماء والسكران
- قصص قصيرة
- 3- مثقفو (الساقط بين الفراشين )
- 2- مثقفو حماس والتحيز الصارم
- مثقفو فتح بين التميّز والتحيّز
- تعقيب على مقال غازي حمد


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عودة - مسرحية(الشاطر يكسب)