أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - سيرة الحرب والدمار في ديوان النظر للماء















المزيد.....

سيرة الحرب والدمار في ديوان النظر للماء


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 11:31
المحور: الادب والفن
    




لقد قطعت قصيدة النثر شوطا كبيرا وميزت نفسها عن تاريخ طويل من الشعر العربي الموزون والموقع ، وجاء هذا التمايز من تقديم رؤى جديدة تعني باليومي والمعاش والتفاصيل الإنسانية ، وليس معنى ذلك أن ليس في قصيدة الايقاع المنبثق من النثر،بل الايقاع موجود. لكن الأمر هو: كيف نضبط هذا الايقاع وكيف نجعله مسموعاً أو حتى بصرياً.
النظر إلى الماء هو المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر منعم الفقير ، وهي قصائد منتخبة من دواوينه الشعرية السابقة من ديوان بعيدا عنهم ، و المختلف ، وكتاب أسئلة العقل ، و أثر على ماء ، و لا جسد في الثوب ، و حواس خاسرة ، و كتاب الرؤيا ، و معا ، و نادرا ، و أنا الذي رآاك فكان ، و وكأنه الشاعر منذ العنوان يعيد النظر في تجربته ، وكأنها صفحة الماء التي تعكس وجهه ، وتعكس حياته السابقة التي نسجها على مهل في دواوينه السابقة . نحن بإزاء تجربة إبداعية ناضجة رغم أنها تجميع من دواوين سابقة ، وبعض قصائده تعود إلى سنوات التكوين الإبداعي الأولى ، وكون هذه القصائد قد كتبت قد كتبت في هذه المرحلة المتقدمة من مراحل مسيرته الإبداعية ، لا ينفي عنها صفة النضج ، فالشاعر الحقيقي تتحدد ملامحه الإبداعية منذ محاولاته الأولى المكتملة فنيا .
يبدأ ديوانه بقصيدة صغيرة عنوانها صناعة وطن " يضع لنا فاجعة العراق في بضعة سطور قليلة : مرة أخذت :
قليلا من التراب
قليلا من الأعشاب
قليلا من المياه
وكثيرا من الأسلاك
وصنعت منهم وطنا
فهل أسميه عراق ؟
يقدم لنا منعم الفريق تجربة خاصة جدا تتمثل أسئلة الوجود والاغتراب ، فالذات الشاعرة طوال الديوان ذات مغتربة تغرق في الغربة والاغتراب ، غربة الذات تلقي بظلالها على كل القصائد .
" لي وطن
فيه قبر جدتي
آثار طفولتي
وأطلال رجولتي
فيه أسمالي
أرصفة التوسل
أغان مبحوحة
فيه نهران عظيمان
جسور وشاحنات
وفيه لجميع الأحياء قبور
حدود روحي حدود وطني "
يعتمد الشاعر في قصائده بنية المفارقة كاستراتيجية للكتابة ، والمفارقة تأتي على مستويين المفارقة اللغوية والمفارقة الذهنية ، وبنية المفارقة إحدى البنى التي تعتمدها قصيدة النثر : الجندي لم يكن هشا حد الكسر
ولا لينا حد الطي
في وحدى موحشة، موحشة
في الإجازة الأولى :
عاد في شاحنة
في الإجازة الثانية :
عاد في باص
في الإجازة الثالثة :
عاد في صندوق "


يعمل منعم الفقير على اكتشاف ذاته مرة أخرى عبر الا لتفات لتفاصيل الأشياء ، وحضور الذات الطاغي في كل الأشياء من ماء وهواء وتراب وكون متجل بشكل أو بآخر في مائه الذي ينظر إليه ،عبر مرآة روحه الشاعرة :
ما تذهب إليه العين
لا تدركه اليد
العين وطن
أنا الدمعة المسفوحة على خد المنفي
الدمعة التي تغادر لا تعود أبدا
عيني تضحي بآخر دمعة
لأجل حزن لا آخر له
لو كنت عينا لأنكرت دموعي " .
يحمل الشاعر وطنه داخله ، انهزاماته وانكساراته ، العراق موجود بشكل أو بآخر في تفاصيل الديوان ، : هدأة العراق
كم من الطوفان للظفر
بعشبة الحياة
وصية جلجامش
كن مباركا
أنت الآتي من بعدي
أنت النازل من لدني
يا نسغ أوروك الطيب
وبا لوح المجد "
يميل الشاعر نحو التأمل ، وعبر تمثل مفردات العالم والتماهي فيها ،فنجده يتأمل روحه وآلامه بشجو رهيف :
الألم لو كان الألم أبيض
لزينا به واجهات المنازل
وصالات الاستقبال
لأنه أسود
فقد أخفيناه
في أسفل درج من القلب ".
يرفض أن يسكته أحد ، يرفض أن يصبح فمه زنزانة لكلمته وللسانه ، هو يستعيد حياته عبر كلمته التي يطلقها شعرا :
كل صمت العالم لن يساوي كلمة
لن تجعلوا من فمي زنزانة
يقضي فيها بقية حياته لساني "
يتماهى مع أزمة وطنه محنة كبرى تعانيها الذات ، ويعانيها الوطن ، يطلق صرخة الوطن المأزوم ، والذات المأزومة . رؤية عدمية للعالم ، وكأن لا أمل للذات من للخروج من أزمتها :
أن تكون بشرا
تلك المحنة الكبرى
والشدة التي تتعالى
على الزوال
أنا نطفة مجهولة
حملتني الأرض
ثم أطلقتني
إلى الصراخ
الصراخ صدى
الرغبة
أنا نجمة ضالة
آوتها الأرض
وألقت عليها الأسمال "
هذه الأزمة الكبرى ، أزمة الذات تجعلها كأن لم تكن موجودة ، كأن الذات صارت أثرا على ماء ، ذات الماء الذي تنظر فيه الذات الشاعرة لتقرأ تفاصيل خريطتها النفسية : أنا أثر على ماء
أنا من أنا ؟
أنا لست سوى بضعة أشلاء
في سروال
لا أعرف كيف غدوت
ومن أطلق عليّ الأشلاء "
تتنوع القصائد ما بين القصير والطويل ، ما بين قصائد تنحو باتجاه التأمل ، وقصائد تتناول تفاصيل الحياة اليومية : سليمة في البرد تأتي بالنار
وفي الحر تأتي بالثلج
في الحزن تأتي لوحدها
وفي الفرح تأتي بالجميع "

يحاول الشاعر عقد تصالح بين الذات وبين العالم ، لكن الذات تشعر ليس بالاغتراب فقط ، بل تشعر بجوع أبدي ، جوع لا تسكته القصائد ، فقط يسكته العودة للوطن : جوعان ، يجوع بي الجوع
أنا الجائع الأبدي
جوعان إلى كل شيئ
وكل ما حولي جوعان
لا خبز يودي بجوعي
ولا جوع ، ألا يموت من الجوع الجوع
فقط العودة إلى الوطن هي الشبع الوحيد "
في تلك الشعرية نجد منعم الفقير مغامراً حالماً¡ قلقاً مثلما هو صانع تفاصيل الحياة ، وأسئلة الوجود الأنا التي تسعى لاكتشاف العالم تبدو وحيدة أمام مرآة الماء الذي ينظر فيها وهي مجذوبة إلى لحظة اشتباك عاتية مع نصها المرآوي¡ ربما هي محنة الجسد أمام اعترافه... ما بين الأنا والمرآة والجسد حوار مقطوع ورغبات تتكثف عند أناه المركزية الوحيدة وهي تمارس الفجيعة والانكشاف على العالم وترشو الألم بالضحك في محاولة للنزوع إلى الخلاص الكينوني.
رغم هذا التجميع لقصائد التجربة في النظر في الماء إلآ أننا نجد نضجا فنيا عاليا ، ومقدرة على الصياغة اللغوية ، وتمكن من أدوات التشكيل من خلال الصورة. إن طزاجة التجربة التي يقدمها الشاعر منعم الفقير ، تمنحها مذاقا خاصا ، يؤكد أن صاحبها صوت شعري متفرد ، لا يشبه إلا تجربته ، فخصوصية التجربة لا تقل أهمية عن جمالياتها .

الكتاب ـ النظر في الماء
المؤلف ـ منعم الفقير
دار النشر ـ سلسة شعراء
سنة النشر ـ يونيه ـ 2010 .



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضبابية الدير .. وبلاغة الكشف / الانحياز للإنسانية في رواية أ ...
- هي ليست جائزة للحوار المتمدن فقط ، بل جائزة لكل حر يتبنى ويد ...
- تحرير وعي المرأة هو تحرير للمجتمع
- الحراك السياسي في مصر والواقع الافتراضي
- العرب والمصريون في أمريكا هل يشكلون لوبي ضغط على النظام الأم ...
- حارة أم الحسيني .. وجه شهدي عطية الإبداعي
- المثقفون المصريون .. وفرص التغيير
- أسرار المدينة المقدسة تضيع بين باحث مصري ومندوب اليمن الدائم ...
- حوار هويدا صالح في السياسة الكويتية
- بلال فضل يكتب سيرة المهمشين والمقهورين في : - ما فعله العيان ...
- إذا انهمر الضوء ومشهدية السرد
- حلم العدل الاجتماعي بين الظاهر بيبرس وجمال عبدالناصر
- فكري الخولي / علمنا كيف يكون النضال السياسي
- لأنك صدقت أسطورة عدلهم
- الكاتب العربي ما بين السيرة الذاتية والسرد السيرذاتي ... خلو ...
- باليه فتاة متحررة / جان دوبيرفال
- الست كوم وفنون ما بعد الحداثة
- ليل الثعالب
- صورة المرأة في السرديات العربية / سيدة الأسرار نموذجا
- حوار هويدا صالح في مجلة الفسيفساء الثقافية التونسية / محمد ا ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - سيرة الحرب والدمار في ديوان النظر للماء