أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الدكتوراة الفخرية والتعددية والنسبية















المزيد.....

الدكتوراة الفخرية والتعددية والنسبية


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 14:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سافرت لاستلام درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة المكسيك يوم ٢٣ سبتمبر٢٠١٠، تسلمت خلال السنوات الماضية عددا من هذه الدكتوروهات الفخرية من جامعات مختلفة، منها جامعة إلينوى بأمريكا، وجامعة ترومسو فى النرويج، وجامعة يورك فى إنجلترا، وجامعة بلجيكا (الفرنسية)، وجامعة بلجيكا (الهولندية)، وجامعة سانت أندروس فى اسكتلندا وغيرها، لم تنشر صحيفة مصرية خبرا واحدا عن هذه الدكتوروهات الفخرية، رغم أن الخبر نشر فى صحف عربية وأجنبية.

منذ نصف قرن وأكثر لم تنشر صحيفة حكومية فى مصر خبرا عن أعمالى الأدبية أو الفكرية فما بال الجوائز الأدبية أو الدكتوروهات الفخرية التى أحظى بها من الجامعات فى العالم؟ هذا يحدث لكل من يعتبر حرية الرأى أهم من السلطات الحاكمة وثرواتها وجوائزها، فى طريقى من القاهرة إلى باريس ثم مدينة المكسيك أكثر من ست عشرة ساعة فى الجو، فى الطائرة قرأت الصحف المصرية والعربية والأجنبية، تستولى أخبار فوز السيدة زوجة رئيس الدولة بالدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة على الصحف المصرية جميعا، والمقالات الطويلة عن إنجازات السيدة الأولى المتعددة فى كافة الميادين المرموقة، يتبارى الكتاب والكاتبات فى ترديد مآثرها وأفضالها على الشعب المصرى، خاصة الفقراء من النساء والأطفال والمحتاجين، إحدى الكاتبات البارزات فى الصحافة المصرية، تتأرجح بين المعارضة والحكومة بين اليسار واليمين والوسط، كتبت تقول إنها ابتهجت كثيراً بهذه الدكتوراة الفخرية للسيدة الأولى ليس نفاقا لها، لا حاشا الله كما قالت، بل لأن السيدة الأولى امرأة، ونادراً ما تكرم النساء فى بلادنا، وهى (السيدة الأولى) تستحق هذا التقدير عن جدارة لأعمالها العظيمة، وتفاخرت الكاتبة بشجاعتها وباعتبار نفسها معارضة صادقة لا تنافق السلطة، لأن النفاق ليس من طبعها،

اتصلت بى هذه الكاتبة (قبل سفرى إلى المكسيك بأيام قليلة) لتخبرنى أن أحد الشيوخ المتاجرين بالدين فى الفضائيات قد أغرقنى بالشتائم، وأنها استاءت منه جداً لأنه أنكر كفاحى الطويل لتحرير النساء فى بلادنا، وأنها هى شخصيا قد أخذت من أفكارى فى كتاباتها، وعرفت حقوق المرأة لأول مرة فى حياتها من كتبى المنشورة، قالت عنى رائدة الرائدات، ليس فى مصر بل فى العالم العربى كله، قالت لى: تحررت على يدك أربعة أجيال على الأقل من النساء والرجال، ثم أضافت بحماس شديد: اسمعى يا نوال هذا الرجل المعمم يشوه صورتك بطريقة بشعة يجب أن تردى عليه وترفعى عليه قضية سب وقذف فى المحكمة.

قلت لها: بدلا من أن تمدحينى سرا من خلال أسلاك التليفون لماذا لا تردى عليه علنا فى الإعلام، ولك مساحات فى الصحف والفضائيات؟ أليس الواجب عليك وعلى جمعيتك النسائية أن تدافعن عن حقوقى المهدرة كما دافعت عن حقوقكن المهدرة كما ذكرت يا سيدتى؟ سكتت طويلا ثم قالت: صحيح يا نوال، أنا مقصرة، والحركة النسائية المصرية كلها مقصرة فى حقك، وسوف أنشر خبر حصولك على الدكتوراة الفخرية من جامعة المكسيك، كما سوف أكتب مقالا عن روايتك الأخيرة «زينة»، لقد قرأتها وأعجبتنى جدا، هذه الرواية لم يكتب عنها أحد من النقاد، كلهم موظفون فى الحكومة كما تعرفين.

بالطبع لم تنشر شيئا لا الخبر ولا المقال، بل قرأت مقالها (وأنا بالطائرة) تكيل المدح لجامعة القاهرة، لأنها منحت الدكتوراة الفخرية للسيدة الأولى، كما عبرت عن استيائها من تلك القلة المنحرفة (بلغة السادات) التى اعترضت على هذا التقدير الذى يذهب لمن تستحقه.

لم أندهش لسلوك هذه الكاتبة الصحفية المرموقة (فهى تمثل أغلبية الكاتبات والكتاب فى الإعلام والثقافة والأدب) تحظى بلقب «الكاتبة الكبيرة» وتذهب إلى جميع المؤتمرات النسائية والثقافية داخل مصر وخارجها، يعتبرونها من صاحبات الرأى، ينشرون رأيها فى كل المناسبات العظيمة، وسوف تحظى قريبا بجائزة مبارك أو جائزة الدولة فى الأدب أو الإعلام أو الثقافة أو غيرها.

هى من جيل أصغر منى، تربت فى ظل الانفتاح ودولة رجال ونساء الأعمال، لا ألومها ولا غيرها من النساء أو الرجال، نعيش عصرا انقلبت فيه القيم، المال والربح والمصالح فوق الصدق والأمانة والوفاء بالوعد، النفاق أصبح حصافة وذكاء اجتماعيا، الخيانة الزوجية أصبحت وجهة نظر أو حرية شخصية مثل النقاب والعباية، الصدق أصبح تهورا وقلة حكمة، التعبير عن الرأى أصبح كفرا بالله والوطن والرئيس، التمسك بالعدل والمساواة أصبح نوعا من الجهل وتبسيطاً للأمور المعقدة العميقة، أصبحت الفهلوة فوق الموهبة، وامتلأت الساحة الثقافية والأدبية والفنية بالمهرجين والمهللين لمن يملك السلطة أو الثروة.

استعرضت التعليقات عن مقالى السابق فى «المصرى اليوم» بعنوان «فبركة الصورة لإخفاء الحقيقة المؤلمة» نقدت فى مقالى النفاق والكذب والتغطية على الحقيقة، اتهمنى أحد المتشنجين دينيا بالكفر وعدم احترام أوامر الله، لأن الله أمر بالستر، يعنى إخفاء الحقيقة المؤلمة، فلماذا أعارض أمر الله؟ اتهمتنى امرأة بأننى أدعو إلى السفور وكشف المستور وهذا ضد الإسلام، قالت إن الله أمرنا بأن نظهر محاسننا، أظهروا أحسن أعمالكم والله أدرى بالسرائر.

بالطبع جاء عدد غير قليل من التعليقات لرجال ونساء يفضلون الصدق والصراحة والمكاشفة على الكذب والنفاق والتغطية على الحقيقة، لكنى دهشت لهذا المنطق المغلوط السائد فى بلادنا لمعنى الأخلاق، لم تعد القيم الإنسانية العليا مثل الصدق والعدل والحرية والوفاء بالعهد تندرج تحت بند الأخلاق، بل أصبح كل شىء نسبيا، حسب نظرية أينشتاين أو تعليمات الماركسية، يمكنك أن تقول نصف الحقيقة أو الربع أو السدس حسب اللحظة التى تمر بها، يمكنك أن تنافق رئيسك لتحافظ على موقعك وراتبك الشهرى، يمكنك أن تتملق الحاكم حتى تأمن السجن أو النفى، يمكنك أن تخون زوجتك سرا، حتى تستغل مواهب الاثنتين الزوجة والعشيقة، يمكنك أن تعقد صفقة تكسب فيها الملايين من وراء الستار، هذه كلها أمور نسبية ووجهات نظر مختلفة ومتعددة فى عالم متعدد تسوده شركات رأسمالية، تسرق حسب قانون السوق، القانون الطبقى الأبوى الاستعمارى، التعددية وحرية السوق وحرية البطش بالأضعف، الاحتلال العسكرى للدولة الأصغر، التى ليس لها جيش نووى أو غير نووى (مثل السلطة الفلسطينية)، سلطة بلا قوة بلا جيش أمام قوة عسكرية نووية فى إسرائيل وأمريكا.

تابعت من المكسيك أخبار المفاوضات الهزلية بين ممثل السلطة الفلسطينية (محمود عباس) المطأطئ البطىء الخطوة، وممثل إسرائيل وأمريكا، الثنائى نتنياهو وأوباما، يسيران بخطوة سريعة رشيقة يقفزان مثل فهدين، من ورائهما جيوش نووية وأسود ذرية وأمم متحدة متخفية ومحكمة عدل دولية منقبة، وحكومات عربية متعاونة سراً أو علنا، والفاتيكان والأزهر والأرض والسماء تشهد فى صمت، من يقدر على تحدى القوى النووية، والبلايين من الدولارات الأمريكية؟ وكل شىء حسب الواقعية والأخلاق النسبية وارد ومباح فى ظل القانون والشرع، فهل نلوم كاتبة مصرية لا تملك أمرها، وحياتها وخبزها فى يد زوجها أو الدولة؟



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلسة مع كاتبات فى القاهرة
- الصورة المفبركة بدل الحقيقة المؤلمة
- المرأة الكاتبة
- «سارة بالين» وجوارى القرن الواحد والعشرين
- الدكتورة نوال السعداوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول ...
- التاريخ سينصف تجربتي والطفلة في داخلي تنتصر على الشرطي
- شهرزاد جديدة أكثر تحررًا
- خطورة قوانين الأحوال الشخصية الدينية
- عن النقاب والنفاق والسلطة
- حاربت 60 عاماً ضد الختان وفقدت وظيفتى وسمعتى وعندما صدر القا ...
- أنا أكتب إذن أنا أعيش
- خلايا العقل المظلمة
- الكتابة بين الذكورة والأنوثة وهوية النص .
- الحرب والنساء
- حجاب العقل.. أخطر
- المرأة العربية تعيش من أجل الجنس فقط و المسيار أفضل من الزوا ...
- د.نوال السعداوي: مصر لا تستحقني.. وأنا -قرفانة- من الجنس
- النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي
- المراوغة في فكر النخب المصرية السائدة
- ما يستحيل أن نعرفه ما يستحيل البوح به ،


المزيد.....




- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الدكتوراة الفخرية والتعددية والنسبية