أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - حجر خضير














المزيد.....

حجر خضير


معتز رشدي

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


حجر نصيف

بعد 9 الاف عام ، من الآن ...
بعد هلاك حضارتنا هذه ، بكل منجزاتها العظيمة منها والحقيرة ، هل سيأتي علماء حفريات
للتنقيب في آثارها ؟ ماذا سيجدون ؟ اتخيلهم ، من مكاني هذا ، وقد عثروا على اثر شعري وحيد
لشاعر عراقي ثمانيني ! تخيلوا معي حجم الفرحة التي ستعم عالمهم ذاك البعيد عنا ، اليوم ، والغريب .
ستتناقل وسائل اعلامهم المرئية والمسموعة الخبر بمثابة معجزة حدثت بعد ظن وتخمين عظيمين ؛ اذ
ثمة من كان يشكك بوجود حضارة سبقت حضارتهم ، وثمة من كان يحدس ، وثمة من هو في المابين.. مثلي
انا حين أسأل عن حقيقة الصحون الطائرة . وقد شاء حظ حضارتنا ان يكون الاثر الوحيد المتبقي منها ديوان شعر
لشاعر عراقي ثمانيني اسمه نصيف الناصري او باسم الانصار ، على سبيل المثال لا الحصر ، او خضير ميري او سعد
جاسم . اليكم ما سيحدث بعد اكتشاف الاثر الخطير : تم اعتبار المجموعة بمثابة حجر رشيد من نوع آخر ، وعليه ؛ عمت
الاحتفالات شوارع الحضارة المستقبلية . الشيوخ ، اي حافري الاثار ، طالبوا الحكومة بانشاء جامعات لفك الغاز
المجموعة الغامضة من الحروف ( مفاهيمهم للشعر غير مفاهيمنا ، طبعا ) ، سترضخ الحكومة بعد مظاهرة
او مظاهرتين علميتين ، والحكومة ان اقبلت على فعل شيئ ، انفقت عليه من خزائن قارون . وما هي الا سنوات حتى
راكمت الجامعاتُ رفوفا مرففة من كتب الباحثين عن العلاقة بين الكلمة والمعنى في الحضارات القديمة : هل تسبق الكلمةُ المعنى كما يتقدم الحمارُ العربة ؟ هل يصح العكس ؟ هل كانت الحضارات القديمة تُخرج البيضة من الدجاجة .. ام الدجاجة
من الديك ، اقله ، لغويا ؟ وهل سبق لبغل ان امتطى ظهر صاحبه في معركة بالصمدديح ( هكذا يطلقون على السيوف في حضارتهم ) ؟ هل كان العاشق الزمني يهدي الحبيبة وردة ، ام كان يطير الى القمر بجناحي سطل ( للسطل اجنحة هناك ! ) ويخطب ود ابيها ، عبر مياه الروزخون ؟ هل كانت البعران وردية اللون ، بجلود بشرية تُضاهي جلود الاطفال رقة ونعومة ؟
كيف كانت البشرية القديمة تأكل وتحب وتضرط وتتغوط ؟ هل كانت ادواتهم في الحرب ( مواجع السلطعون ) ؟
قد تبدو لكم اسئلة من هذا النوع غريبة وغبية ، ولكن ، الا نبدوا نحن لهم ، ايضا ، اغبياء
احيانا ؟ - ان الغرور آفة ربانية انفرد بها جنسنا البشري دون سائر المخلوقات . الجامعات تتضخم ، والاطروحات تتراكم ،
ورؤوس الاساتذة تكبر وتصغر من شدة الحيرة ، بينما لغز علاقة المعنى بالكلمة ثابت في مكانه ، وكأنه صخرة !
تخيلوا معي ، ايضا ، لو انهم اكتشفوا ، عبر حفرياتهم المتطورة ، مقالتي هذه ، فادركوا ، متأخرين ، ما هم فيه من ورطة
شاهنشاهية ! سيكتشفون انهم كانوا يلعبون مع حضارتنا لعبة ( حية ودرج ) ، او لعبة محيبس من طرف واحد ، او كأنهم
كانوا المريض الذي ذهب الى طبيب اعمى لاصلاح ما تلف من اسنانه المنخورة ، او كأنهم التائه في نفق شنيع ، حتى اذا عثر على الضوء في آخره ، رأى ان الضوء ، في حقيقته ، غوريللا يضحك !!
ولكن ... ماذا عن اموال الحكومة التي ذهبت هدرا ؟ والرؤوس التي استعمرها الشيب باكرا في الدرس والتحصيل ؟
والبيوت التي ستُهدم على رؤوس الدكتور والزوجة والاطفال بعد سحب شهادات الدكتوراه من الباحثين في علاقة المعنى بالدجاجة في الحضارات القديمة ؟
كان بحثهم في المعنى ، وعنه ... بلا معنى .
ولا حول ولا قوة الا بالله ...
اخيرا : وكما اقامت مجمعات العلم والاثار حفلا بهيجا بعد اكتشافها لحجر رشيد ، كذلك ستقام احتفالات من نوع
آخر ... هذه المرة : الديوان الوحيد محدقة به الاطروحات والمقالات التي كُتبت عنه منذ صبيحة يوم اكتشافه
الملعونة قبل ثمانين سنة ، من الآن ، في اكبر ساحات الحضارة ، يحيط بها اعضاء جمعية الاثار من كل حدب وصوب
والمتضررين من دكاترة وزوجات واطفال ، واعضاء الحكومة والبرلمان ، والحالمين المخدوعين بقصص الصحون
الطائرة ... رجما لها بالاحجار وحرقا بالنيران ...
والله من وراء القصد
ملاحظة : هل نحن ابناء هذا الزمن الذين صدرت هذه المجموعة الشعرية بلغتهم ، والمفترض بها انها
كُتبت لهم ، كقراء لهم حق مشاركة الشاعر في تجربته الانسانية ... اقول : نحن انفسنا .. هل فهمنا منها شيئا ؟
2010-08-28



#معتز_رشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا اله الاها
- في ذم عبد الرزاق عبد الواحد
- مقامة حديثة
- قهقهة مرآة
- دعاء للسحابة
- يقولون وأقول
- مختارات شعرية
- لكل ٍ كربلاؤه
- قٌبالة البحر
- اخطاء عبد الكريم كاصد


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - حجر خضير