أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود إبراهيم الهالي - قراءة خاطفة في رواية -شرفة الهذيان- لإبراهيم نصر الله














المزيد.....

قراءة خاطفة في رواية -شرفة الهذيان- لإبراهيم نصر الله


داود إبراهيم الهالي

الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


داود إبراهيم الهالي

قراءة خاطفة في رواية "شرفة الهذيان" لإبراهيم نصر الله

في الطبعة الثالثة من روايته "شرفة الهذيان" يضعنا الأديب إبراهيم نصر الله أمام واقعنا العربي المعاصر بأسلوب يكاد لا يصلح له سوى الهذيان والرمزية التي لا يغيب عنها الأقفاص والعصافير والكلاب، مفككاً لنا في إحدى شرفاته حالنا التراجيدي في زمن ارتأى أن يسميه زمن الأقفاص، والأقفاص الطائرة التي أصبحت تحط على خريطتنا العربية من كل الجهات وخاصة من الجهة الممنوعة أي جهة الغرب.

بين العامية والفصحى والشعر والنثر والأسلوب الروائي المعهود وأسلوب الدراسات العلمية، وبين الصورة الحديثة وحنظلة ولوحة مودلياني (الصغيرة بالثوب الأزرق)، وبين حسناوات هوليوود، وبين محطات التلفاز التي تبث فليم الحادي عشر من أيلول وغيارات داخلية ولكن ليست فارغة بل ممتلئة... يصوغ نصر الله لنا صورة فذّة تدعو إلى الهذيان للمارين عليها، وفي جوهرها تدعو إلى الحزن والأسى، فهي تضعنا تارةً بين مشهد لقطات ذلك الفيلم الذي التقطت صوره بعناية فائقة من جميع الزوايا في يوم الحادي عشر من أيلول، وتارةً ثانية بين مشهد عروبتنا وهي عارية كلياً وفي منظر أليم في سجن أبي غريب... هذا عالم يزداد كل يومٍ حقارة... وإذا ما حطَّ على شرفة عروبتنا صقر وقفنا نتأمّل مشهد التهامه لما تبقى من لحومنا، بل سارعنا في توفير المزيد له إذا ما رغب، ويدور كل ذلك في سيناريو يدعو للسخرية والاشمئزاز، ولا ضير إن دعا إلى الفكاهة.

بين الحين والآخر، يضعنا إبراهيم نصر أمام صورةٍ باتت عادية كتلك الصور التي تنافست كل المحطات على بثها، كصورة إعدام الطفل محمد الدرة في أطول حفلة إعدام عرفها التاريخ، وكذا تنافست محطاتنا - وهي كثيرة والحمد لله- على دسّ مشاهد اصطدام الطائرات ليس بحبل الغسيل أو برج التلفزيون بل ببرجي مركز التجارة العالمية.
يصوّر لنا الكاتب ما وصلنا إليه في زمن الأقفاص ومكافآت مطاردة العصافير، أي أبناء جنسنا الذين لا حول لهم ولا قوة، وزمن السعي وراء الالتحاق بركب الغرب في صناعة الأقفاص التي سنزج فيها كالعصافير واستحضار مرآة- إن كانت غربية فهذا أفضل- لضمان أننا نسير بما يرضي الجهة الممنوعة التي بتنا نخشاها كخشية الله أو أشدّ خشية. ولن نؤول جهداً في قصّ أجنحة أحلامنا، فالكل يبذل النفس والنفيس في سبيل اللحاق بركب الهذيان، وعلى أن نكون شرطة تعترض سبيل حياتنا.

برمزية رائعة ومعقدة في آن، وبلغة تفصيلية كلغة رجال المخابرات، يكاد الكاتب لا يغفل دوراً في هذا المجتمع إلا ومثله بدم العصفور تارةً، وبمخالب الصقر تارة ثانية وبرائحة البول التي تفوح من دشداشة آخر... ويصوّر حال الفئة الجامعية والتي تدعي أنها فئة مثقفة تبرر العذابات وتأولها وتتجاهل المفاهيم الملغومة برائحة الإرهاب، وهي فئة عارية في زمن العري من أجل الانفتاح، ولعلَّ حال الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم الاجتماعية جار رشيد النمر أوضح مثال على ذلك.

بين( الزُّومْ إن والزُّومْ أوت) وحتى نهاية الشارع الـDead End وقصاصات من صحفنا العربية التي تحدد مسافة الأمان ووضع الطاولة في وسط الساحة... من حقنا أن نسمع أغنية البداية وأغنية النهاية في زمن الهذيان، فهي نهاية تتخلل البداية... لنرى بأم أعيننا أقفاصاً تحلم عنّا بالأمطار. أقفاصٌ تكتب شعراً وتفيض مواويل، وكالغزلان هنا تتقافز عبر السهل وفي الجبل الأجرد تتلفت كالشنار. لم يعرف أحدٌ منا كيف أتى أول قفص أو كيف اختار الشارع أو انتخب البيت.

يقدّم إبراهيم نصر الله عمله هذا بأسلوب غير مألوف في العمل الروائي، فقد ظننت قبل البدء بقراءة الرواية بأنني سأقرأ شيئاً شبيهاً بحالة الهذيان التي صوّرها الروائي الشهير جبرائيل غارسيا ماركيز في "مئة عام من العزلة". إلا أنني وجدت نفسي أمام عمل فريد من نوعه بلغة غريبة سلكت النهج الروائي السابق، إلى جانب الشعر الحرّ والكاريكاتير والرسومات والصور التي تغني عن عشرات السطور، إلى جانب لغة لم أعهدها بتجربتي القصيرة في قراءة الروايات، فالكاتب يستخدم مقولة من قبيل سنأتي على ذلك لاحقاً.

يعمل إبراهيم نصر الله بجراءة نادرة على كسر الشكل الروائي الحديث الذي استقر، والتقليدي في آن... كما هو موضح على الجهة الثانية من الغلاف، باختصار نجح الكاتب في تقديم عمل يعكس الواقع المعاصر بين الفصحى الأصيلة والعامية ولغة المنتديات الهابطة (الشات)، فهي حالة هذيان لن تهم اللغة بقدر ما يهمنا أن نشفى من هذا الهذيان الذي سنعود عندها أحياء.
(ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس)



#داود_إبراهيم_الهالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص الساقطة لهيفاء بيطار.... واقعنا بعيون متمردة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود إبراهيم الهالي - قراءة خاطفة في رواية -شرفة الهذيان- لإبراهيم نصر الله