أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بهلول - المفاوضات وبؤس الخيار الواحد















المزيد.....

المفاوضات وبؤس الخيار الواحد


محمد بهلول

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 15:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية المستمرة بأشكال متعددة منذ أكثر من ثماني عشر عاماً تحتل موقع جدل واسع في الساحة الفلسطينية. الفلسطينيون بمختلف اتجاهاتهم ومواقعهم، سواء المنخرطون في هذا الخيار أو أولئك المعترضون عليه يتشاركون بتوصيف المفاوضات بالعبثية، أي أنها مفاوضات بلا أفق أو نتائج، والحالة كذلك فإن التبرير الذي يقدمه المنخرطون فيها أنها الخيار الوحيد والوسيلة الوحيدة لاختراق ما في تلبية الحقوق الفلسطينية في ظل انعدام أو الاستغناء عن الخيارات الأخرى، والرهان الحقيقي هو بتحويلها بالضغط الدولي والأمريكي تحديداً من مفاوضات عبثية إلى مفاوضات جادة، أما المعترضون على هذا الخيار أي المفاوضات، فإنهم عملياً لا يقدمون خياراً بديلاً إلا لفظياً.
بالتالي فإن الاتجاهين منطقياً يسهمان ليس في ضعف الحالة الفلسطينية فحسب، بل إلزامية اعتماد هذا الخيار والمضي به في ظل انعدام الخيارات الأخرى وعلى هذا الأساس فإن الطرفين يتحملان مسؤولية تغييب وتعطيل الحالة الجماهيرية سواء في الوطن أو الشتات، وإهمالها وعدم الأخذ برأيها ولو من زاوية تكتيكية.
الإسرائيليون يستخدمون ورقة الرأي العام الإسرائيلي، تماماً كما يستخدمون ورقة الخلافات بين الأحزاب السياسية سواء المؤتلفة ضمن الحكومة أو تلك التي في المعارضة لتصويب المفاوضات، كما في إدارة الصراع مع قوى التأثير الدولي لصالحهم وهي المسألة المغيبة لدى الطرف الفلسطيني سواء من الناحيتين التكتيكية أو الإستراتيجية.
مناسبة هذا الكلام هي المرحلة التي تعيشها المفاوضات اليوم وأي متابع ولو عن بعد يلمس أن الحالة الفلسطينية بانخراطها غير المشروط في المفاوضات التقاربية، أي غير المباشرة قد أضعفت نفسها إلى درجة كبيرة، فالمفاوضات لم تحرز أي تقدماً لصالح الفلسطينيين وهذا دقيق، بل على العكس فقد أضعفت الحالة الفلسطينية إلى درجة أكبر من خلال تهاوي خيار المصالحة ومن خلال تصدع العلاقات بين الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير عندما اعتمد خيار الأغلبية السياسية بديلاً للتوافق الإجماعي، ناهيك عن إضعاف حركة المقاومة الجماهيرية "السلمية" ضد الاستيطان والجدار، كما في ازدياد حدة التململ لدى حركة اللاجئين في الشتات والمغتربات.
على النقيض من ذلك؛ أنتجت هذه المفاوضات مزيداً من القوة لدى الجانب الإسرائيلي، والذي استعاد موقعه في الخارطة السياسية الدولية من خلال تحسين علاقته مع الدول الغربية وإعادة الحرارة للعلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية وتحديداً مع الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأمريكا ونتائجها.
هكذا يتضح أن الانخراط الفلسطيني في المفاوضات غير المباشرة قد بدّد آمال كانت معقودة لاستغلال تقرير غولدستون والاعتداء على أسطول الحرية والقرارات الدولية بشأن الجدار وحوّلها من أوراق قوة بيد الفلسطينيين إلى أوراق مبعثرة تحولت إلى روافع بيد الإسرائيليين.
المطروح اليوم هو الانتقال من المفاوضات التقاربية إلى المفاوضات المباشرة، وعلى الرغم من الشروط الفلسطينية المطروحة اليوم من وقف الاستيطان إلى تحديد مرجعية المفاوضات وغيرها، إلا أن السيناريو المتوقع هو الانخراط فيها، وقد بدأ هذا السيناريو من الدعوة الفلسطينية إلى عقد اجتماع اللجنة العربية لمتابعة مبادرة السلام (29 تموز المقبل) لمباركة الانخراط في المفاوضات المباشرة، حيث من المحتمل بعدها عقد دورة ـ ولو بعد طول غياب ـ للمجلس المركزي الفلسطيني الذي من المتوقع أن يوسع العرف بالاعتماد على الأغلبية العددية بديلاً للتوافق السياسي في إعادة تأكيد الموقف العربي المتوقع والإعلان عن هذه المفاوضات المباشرة، في حين أن مصادر فلسطينية مطلعة تتوقع الإعلان عن هذه المفاوضات في أيلول/ سبتمبر وذلك من خلال لقاء قمة يجمع أوباما ـ نتنياهو ـ أبو مازن، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك لإعطاء زخم لهذه المفاوضات، كما لاستخدامها الداخلي الأمريكي في الانتخابات النصفية لكامل أعضاء مجلس النواب (435) عضواً و (36) مقعداً من مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددهم (100) مقعد في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
الاعتقاد أن هذا السيناريو سيشق طريقه في الأيام المقبلة، هو الرهان الفلسطيني والعربي على "الوسيط الأمريكي" والذي يبدو مستعجلاً ومؤيداً لهذا الخيار، انطلاقاً من مصالح أمريكية وإسرائيلية، وضعفاً لم يسبق له مثيل في الحالتين العربية والفلسطينية.
عودة الحرارة بهذه السرعة للعلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، والتي تبدو أو يمكن أن تظهر كتراجع أمريكي أمام الإسرائيليين، يعزوها العديد من المحللين لظروف أمريكية داخلية، وإن إدارة الرئيس أوباما لعدد من الملفات الرئيسية الداخلية والخارجية قد أتت بنتائج أقل بكثير من الوعود، مما يجعل من إمكانية استثمار هذه الملفات من قبل الجمهوريين لإضعاف الرئيس والديمقراطيين أكثر فاعلية وهو ما تثبته أرقام آخر استطلاع رأي (7 تموز) لمؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي، حيث أيد 38% من الناخبين المستقلين سياسات أوباما مقارنة بـ 81% من الناخبين الديمقراطيين و 12% من الناخبين الجمهوريين أي بمعدل 43%، كما أن شعبية أوباما قد تراجعت من 56% العام الماضي إلى 46% هذه الأيام، ومن هنا تكمن حاجة الرئيس لعودة الحرارة مع الإسرائيليين، نظراً للإمكانات المالية والقدرة التجييرية لأصدقاء إسرائيل لدى صناع السياسة والسياسة الإعلامية والاقتصادية، سواء من اليهود أو الأمريكيين، كما يعزوا العديد من المحللين الأمريكيين عودة الحرارة، إضافة إلى الوضع الداخلي، بتعهد إسرائيلي صارم بالانخراط الكامل بالسياسة الأمريكية تجاه إيران والتخلي عن أي برنامج خاص بها، وهذا يعني أن الملف النووي الإيراني هو حصراً بيد الرئيس أوباما، كما تعهد نتنياهو بعدم القيام بأي ضربة لحزب الله بدون إبلاغ وتنسيق مع الأمريكيين.
إن ما قدمه نتنياهو في الملفات الداخلية وفي ملف إيران، انتزع مقابله من ملف العلاقات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، حيث أكدت مصادر إعلامية أمريكية وإسرائيلية رافقت الزيارة (نتنياهو إلى الولايات المتحدة) عن قرب بأن الرئيس أوباما أبدى تفهمه بأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي هو صراع معقد لا يمكن حله دفعة واحدة، بل على مراحل وعلى هذا الأساس فإن المفاوضات المباشرة (المتوقعة) هي ليست على ملفات قضايا الحل النهائي كلها، بل على ملفات معينة منها.
الخطير في هذا الموضوع؛ بناء لمصادر فلسطينية مطلعة، أن الجانب الفلسطيني تسرّع في المفاوضات غير المباشرة وقدم تصوراً (مكتوباً) بحسب ما أكد محمد دحلان في لقاء صحفي (12 تموز/ يوليو) أي تحول إلى وثيقة يمكن التأسيس عليها، في مقابل لا شيء إسرائيلي.
الفلسطينيون في هذا التصوّر المكتوب أبدوا استعداداً لمبادلة الأراضي بنسبة 1.6% وهي حكماً مجموع الأراضي المبنية حصراً لتجمع المستوطنات الرئيسية في الضفة الغربية كما يؤكد السيد خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في القدس.
إن مجرد الموافقة على إبداء الاستعداد لهذا التبادل تعطي منطقياً المفاوض الإسرائيلي الأحقية بتوسيع هذه الرقعة، على اعتبار أن المستوطنين لو أرادوا التنقل بواسطة الهيلوكبتر فهم بحاجة إلى أرض أخرى لبناء مدرج للهبوط. إن هذا الاستعداد للتبادل يعطي للإسرائيليين حجة منطقية لما يسمى المجال الحيوي وهذا ما يرفع واقعياً عملية التبادل إلى أضعاف مضاعفة.
الإستراتيجية الإسرائيلية قامت وقبل بها الفلسطينيون بإدراج ملف الأمن إلى جانب ملف الحدود، كما أكدت مصادر إعلامية مطلعة بأن نتنياهو استطاع إقناع أوباما لاستبعاد قضية القدس في المراحل الأولى من عملية المفاوضات المباشرة، وهذه الأمور معاً تعني أن قضية الحدود (بشكل نهائي) هي قضية مؤجلة، وإن المطروح حقيقة هي الحدود المؤقتة، أي العودة إلى المربع الأول.
تترافق هذه الإستراتيجية للمفاوضات مع مبدأ سلة المحفزات، وهي الورقة التي دائماً يستخدمها الإسرائيليون ويروّج لها الأمريكيون ولكنها في الحقيقة لا تنفذ. يبدو هذه المرة أن سلة المحفزات حقيقية لتحفيز المفاوض الفلسطيني، وإن كان الاتجاه العام هو تنفيذ أجزاء منها وليس كلها: وما يشجع على هذا الاعتقاد هو اللقاء اللافت توقيتاً ومضموناً بين وزير الدفاع الإسرائيلي باراك ورئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض والذي جاء مترافقاً مع المباحثات الأمريكية ـ الإسرائيلية على أعلى المستويات.
في هذا اللقاء كما نقلت مصادر مطلعة مرافقة له، تم تقديم مجموعة من المطالب الفلسطينية يمكن تلخيصها بإيقاف عملية الإبعاد بحق نواب القدس، لما يشكله هذه الأبعاد من تعويم لحركة حماس كون النواب من أعضائها بحسب ما نقل عن فياض، إضافة إلى عدم تدخل الإسرائيليون مطلقاً في مناطق نفوذ السلطة أي المدن (منطقة أ)، توسيع رقعة انتشار السلطة الأمني في منطقة (ب) وغيرها من المطالب التي تهدف إلى تعزيز مكانة السلطة، كما لمد نفوذها إلى غزة من خلال تخفيف الحصار.
يبدو أن المفاوضات على سلة المحفزات قد قطعت شوطاً كبيراً بين السلطة أو على الأقل بعض أطرافها المؤثرين والإسرائيليين عل أساس اعتمادها كنتائج للمفاوضات غير المباشرة، وتبريراً للدخول في المفاوضات المباشرة، مترافقة مع حل ما في مسألة الاستيطان، يروج الأمريكيون له يسمح بالبناء في العطاءات السابقة (أي استمرار الاستيطان) ووقف العطاءات الجديدة (أي عدم توسيع الاستيطان).
بمعزل عن هذا كله؛ إن مجرد الموافقة على مبدأ التبادل سيؤدي حتماً إلى دولة ذات حدود مؤقتة وأوصال متقطعة أو إلى اعتماد رؤية ليبرمان بتبادل الأراضي والسكان.
هذه هي نتائج الاعتماد على الخيار الواحد و وهم الاعتماد على الأمريكيين كمرجع وسيط علماً أنه منحاز.
مفاوضات عبثية بالنسبة لنا نحن الفلسطينيون، لكنها مفاوضات جادة وممنهجة للإسرائيليين.
نحن شعب تحت الاحتلال يجب أن نقاومه لا أن نحالفه.



#محمد_بهلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس ابتدأت التوظيف فماذا عن الولايات المتحدة وإسرائيل ؟! .. ...
- الديمقراطية: انتخابات أم تلبية مصالح الأغلبية ؟! ...
- أي اتفاق ينتظر الفلسطينيون هذا الشهر ؟! ...
- المصلحة العربية الموحدة ... والمصالح الأمريكية
- لقاء نيويورك الثلاتيفشل أم نجاح لسياسة أوباما الخارجية ؟! .. ...
- فصائل منظمة التحرير ردّت ... فأين ردّ حماس
- تحوّل المصريين من راعٍ إلى وسيط
- اليمين الديني حليف أم نقيض لليمين المالي والنظام المالي الرأ ...
- ما يجري في غزة..حمسنة مجتمع لا أسلمته
- اليسار بين نمو الظروف الموضوعية للتغيير وبطء العوامل الذاتية
- ملاحظات نواب حماس في الضفة الفلسطينية على بعض عناوين الحوار ...
- عباس والوعود الأميركية


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بهلول - المفاوضات وبؤس الخيار الواحد