أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد زكريا توفيق - الفرق بين الكمبيوتر ومخ الإنسان














المزيد.....

الفرق بين الكمبيوتر ومخ الإنسان


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 14:23
المحور: الطب , والعلوم
    


يعمل مخ الإنسان بنظام (Negative Feedback) التغذية الراجعة السلبية. أي أنه يستفيد من التجارب والأخطاء السابقة في اتخاذ القرارات. هذا موجود فى مكيفات الهواء ورؤوس الصواريخ الموجهة. المكيفات تقيس بإستمرار درجة الحرارة, وعلى أساس درجة الحرارة تقرر زيادة أو خفض البرودة.

الكمبيوتر أيضا يستطيع استخدام نظام التغذية الراجعة السلبية وبرامج المحاكاة (Simulation). وهي برامج تستخدمها الجيوش فى التدريبات ورسم الخطط ومقارنتها لمعرفة الأخطاء وأكثر الخطط كفاءة. ويستخدمها أيضا الطيارون لإختبار النفثات الحديثة.

وأصبحت توجد برامج للمحاكاة فى مجالات كثيرة تشمل الطب والإقتصاد وغيرها للتنبؤ بماذا يحدث مستقبلا للإقتصاد لو رفع البنك الفيدرالي الفائدة نصف فى المائة مثلا. وكذلك لمعرفة الأخطاء فى تصميم طائرة معينة حتى قبل أن يبدأ تصنيعها.

لكن الفرق كبير بين الكمبيوتر ومخ الإنسان. الفرق هو أن المخ له وعي وإدراك بالذات. لكن الكمبيوتر, حتى الآن, ليس لديه هذا الوعي إلا فى أفلام السينما.

عندما يقوم الكمبيوتر بتنفيذ برامج المحاكاة, فهو لا يعي شيئا عنها. لكن فى المستقبل, قد يحوي الكمبيوتر برامج محاكاة تعرف كل شئ عن الكمبيوتر نفسه وعن برامج المحاكاة التى ينفذها. عندها يصبح الكمبيوتر له وعي وإدراك.

ماذا سوف يحدث حينما يصبح الكمبيوتر له وعي؟ هذا متروك لكتاب الروايات الخيالية. فهم يتنبأون بأن الوعي للكمبيوتر, سوف يعمل على تدمير الجنس البشري أو إستعباده. ولم لا, فكل المخلوقات على سطح الأرض تفعل ذلك.

يخشى هؤلاء الكتاب أن الذكاء الصناعي (Artificial Intelligent) بالنسبة للكمبيوتر, قد يتحول إلى شر مبرم. لكن هناك من يقول بأن الكمبيوتر كما نصنعه. معظم برامجه مصممة فى شركات معروفة تجاريا مثل شركة "ميكروسوفت" أو "أى بى إم". لذلك ليس هناك داع للقلق.

الكمبيوتر بدأ بالفعل فى السيطرة على حياتنا. ليست السيطرة التى تصورها الروايات الخيالية, لكن بمعنى إزدياد إعتمادنا عليه يوما بعد يوم. ولن ننتبه إلى خطر تدخل الكمبيوتر فى حياتنا المخيف إلا بعد فوات الأوان.

لو توقف كمبيوتر السوبر ماركت, بسبب انقطاع الكهرباء مثلا, فإن الزبائن لن تستطيع شراء ما تحتاجه بالرغم من وجود البضاعة أمامها والنقود فى جيوبها. إذا توقف الكمبيوتر, توقفت عملية الشراء. ولا يحتاج الكمبيوتر هنا إلى برامج ذكاء صناعي لكى يسيطر على حياتنا.

إعتمادنا على الكمبيوتر يتراكم مع الوقت بدون خطة مقصودة. الإنسان يعتمد على الكمبيوتر, ويتنازل له عن إدارة شؤونه خطوة خطوة. إلى أن يأتي اليوم الذى نفقد فيه السيطرة على حياتنا ومقدراتنا تماما ونحن لا ندري كيف ومتى حدث ذلك.

الطائرات تقلع وتهبط بالكمبيوتر. وكذلك السيارات الحديثة والقطارات والسفن وكاميرات التصوير. العمليات الجراحية والتحاليل الطبية بدأت تتم بالكمبيوتر. والجيوش تستخدم الكمبيوتر لوضع الخطط ودراستها. وحتى القنابل ورؤوس الصواريخ بها كمبيوتر.

الإنسان الآلي الذى يعد لك الإفطار, ويقوم بمعظم الأعمال المنزلية, سوف نراه قريبا فى الأسواق. والسيارات التى تسير بدون تدخل السائق, جاري تصميمها وإختبارها. شبكة الإنترنت أصبحنا عبيدا لها ولا نستطيع الإستغناء عنها. بيوتنا سوف تُفتح شبابيكها وأبوابها بالكمبيوتر حسب حالة الطقس. وسوف يصبح الكمبيوتر غير مرئي. لأن شرائحه سوف تختبئ فى الحوائط والسقوف وتحت البلاط وفى نعال أحذيتنا وشنابر نظاراتنا.

الكمبيتر يتطور, وتزداد سرعته وسعة ذاكرته آلاف المرات في سنوات قليلة. حجمه أيضا ينقص مع مرور الوقت. الآلة الحاسبة التى توضع فى الجيب, هى كمبيوتر أيضا. تفوق قدرتها آلاف المرات قدرة الكمبيوتر المستخدم فى السبعينات, والذى كان حجمه يملأ غرفة كبيرة.

ماذا يحدث لعقل الإنسان عندما يعتمد على الكمبيوتر فى كل شئ؟ وكيف يتطور مخ الإنسان فى المستقبل تحت هذه الظروف الجديدة؟ إلى الأحسن أم إلى الأسوأ؟ فى أيامنا كنا نحفظ جدول الضرب ونستخدم جداول اللوغاريتمات والمساطر الحاسبة لحل المسائل الحسابية المعقدة. الآن لا أحد يستخدم مثل هذه الوسائل وأصبحت من الحفريات. الآلة الحاسبة أسرع وأدق. فهل هذا أفضل أم أسوأ لعقولنا؟

ما مستقبل كل هذا على أجسامنا وعقولنا؟ كان جدودنا يلهثون طوال اليوم لكي يعودون من الصيد بفروج بائس أو أرنب صغير. لذلك لم يكن يعرفون الأرق والقلق والإكتئاب, أو أمراض القلب والضغط والسكرى.

أما نحن, فبمجرد تليفون أو رسالة بريد إلكتروني, نجد ما نطلبه على باب المنزل. السيارة تغنينا عن المشي والتريض. الريموت كنترول يجعلنا نلتصق بالسرير والأريكة. حتى ترهلت أجسامنا وإمتدت كروشنا وإنسدت شرايننا. الميكروويف يعد وجباتنا فى ثوان. والإنترنت تستبدل المكتبة والكتاب والصحيفة والقلم. وكل ما أخشاه أن نتحول فى المستقبل إلى كائنات برؤوس كبيرة وأجسام هزيلة وأرجل ضامرة, تقضي جل عمرها على الكراسي المتحركة أمام شاشة كبيرة محاطين بالرموت كنترول.

أولادنا الآن تبتعد عنا, كل فى عالمه. لا يجمعنا بهم سوى سقف المنزل. هذا منغمس فى ألعابه الإلكترونية. وذاك يرغي على الإنترنت أو فى المبيل. الزوجة فى واد على التليفون والزوج يلتحف بهموم يومه وغيوم غده. يهرب إلى المسلسلات الفضائية أو إلى مباريات كرة القدم, لكى يبحث عن غيبوبة أو مجد وهمي, يزيد به الإنفعال وسرعة ضربات القلب.

هذا ما يحدث الآن. فما يخبئه لنا الغد؟ ماذا يحدث لنا عندما ننفصل عن الطبيعة وندمن رؤية كل شئ من نافذة السيارة أو القطار أو المنزل، أو من خلال شاشة الكمبيوتر أو التلفزيون؟

حينئذ, سوف يختفي القمر وتأفل النجوم, وتغيب زرقة السماء وخرير الماء, ويتركنا النسيم والأريج, وتهجرنا الطيور وحفيف الأشجار.

[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيارات الرئيس مبارك
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (13)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (12)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (11)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (10)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (9)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (8)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (7)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (6)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (5)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (4)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (3)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (2)
- قصص وحكايات من زمن جميل فات
- قصة الفلسفة الغربية: كيركجارد أبو الوجودية
- تضامنا مع الدكتور عصفور وحرية الرأي - يا مولانا، رفقا بالقوا ...
- قصة الفلسفة الغربية: فلسفة التاريخ عند هيجل
- قصة الفلسفة الغربية: جدلية هيجل
- قصة الفلسفة الغربية: عمانويل كانط
- قصة الفلسفة الغربية: بيركيلي المؤمن، هيوم الملحد


المزيد.....




- “وحش الألعاب” نسخة طبق الأصل من iPhone بسعر خيالي! تعرف على ...
- مسلسل جودر وحكاياته.. اعرف تأثير حكي القصص على صحتك النفسية ...
- لقاح مضاد لسرطان الكلاب يحقق نتائج مبهرة
- مشروبات لا ينصح بتناولها مع الأدوية
- دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان 2024
- حظك اليوم مع توقعات الأبراج اليوم السبت 30 مارس/آذار 2024‎‎ ...
- كلام جميل عن بداية شهر جديد أبريل
- دعاء الزواج من شخص معين في ليلة القدر
- طريقة عمل البامية مع الأرز الأبيض
- كلمات لأمي وأبي المتوفين


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد زكريا توفيق - الفرق بين الكمبيوتر ومخ الإنسان