أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - مختارات شعرية















المزيد.....



مختارات شعرية


معتز رشدي

الحوار المتمدن-العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5 - 03:31
المحور: الادب والفن
    




معتز رشدي

مختارات



مختارات من مجاميعي الشعرية



كأننا هو











الذبائح

الفجرَ ، نقلت مياه امطار
سقطت في حلمي ، ليلة البارحة
نقلتها بسطل قديم الى قبور
مستحيل ٌعلى سواي بلوغها .
هل هذا هو الشعر ؟
وهل انا الشاعر المحدث ؛ برومثيوس
بسطل في يد ، وفي يد
مشعل مكسور ؟

لا اقمار فوقي

لا سماء

ولا نجوم

فوقي ارض معركة ،
هل اندثرت شمسي في رقاب مذبوحين
على الهوية ، دماؤهم اختلطت ومياه المطر ؟
وهل انا الشاعر المحدث
قصائده النثر يطبق كفيه عليها الذبيح
فيختفي كل شيء ... كل شيء
الشعر ، والشاعر، والمشعل
الماء الذي في السطل
والحلم الذي في القصيدة ، ينطفىء .

2006





قرابينُ قرآنهم
الى سليم جواد

كان القمر
قمر الكآبة المجدور
يتدلى من فم الليل
بحبل غليظ .
وكنا صبية ، حفاة ، قادمين
من ريف حزين ، ولئيم .
كبرنا ؛ انضجتنا باكرا
صفعاتُ السادة البدو ، والمتخمين .
اخوانهم ، نحن ، في الحرب
وسادتنا ، هم ، في السلام !
اية ُفصاحةٍ غامضة ٍاتلفتنا عقائدُها ؟
انضجت رقابَنا للسيف ِآياتُ قرآنهم ؛
يتلوَنَها ، وهم على ظهور دواب مثقلاتٍ بنياشين
واوسمةٍ ، يتلونها خاشعين
على حفاة خاشعين .
واما الحيوات ...
حيوات من اتلفت جلودهم ، وان لم تلتهمها تماما ،
نيرانُ قرآنهم الموقدات
فقرابين مؤجلة الى حين .
فيا ايها العابر الماكر
لا تلتفت
آثارك ، كخطاك مأكولة
ودليلهم – وجهه مجدور – يسعى وراءك
بقدمين رمليتين
ولسان كلب يتدلى من فمه .

2008 كندا








برق آخر

يدان هائلتان
هما يداك يا برق
قطفتا لنا وردة العالم
سوداء ، كانت ، وتنزف
لكأن نهرا آخر غير دجلة والفرات
منها يتصبب .
ما اسمك الآخر يا تائه ؟
برق هائم جوال
ثيابه تخفي تحتها مطرا قديما .
برق لا يشق ظلاما
ولا تراه العيون
رُدِمتْ بالعمى كلُّ عين رأته .
البرق الذي سقطت ، من راحتي كفيه ،
الى كل مائدة
وردةُ العالم تلك
ما اسمُهُ ؟
2007






عسل وفير
الى ر . ح
توطئة :

في حلمي
شممتُ رائحة الخزامى
فتساءلتُ : هل كانت هنا ؟
اقبلت من اين ؟
الى اين مضت بالهوى ؟

1

انتِ ارتقيت سلما فيٌ
ارتقيت
ارتقيت
حتي حجبتك الغيوم .
وكنت وهبتك شمسي الساطعة
فكيف حل ظلامك ، فجأة ، كيف ؟
يا لجمالك المخوف .
رقتها ، يا قارئي ، شجتني
واسلمتني الى هيام اين منه هيامك ايها البطر
شياهها ، التي هي ايامها ، زرقاء
طعمها رضاب الالهات
هذا النبيذ المشمس الذي حمل جراره الكلدانيون في عربات
تجرها ثيران حكيمة ولها خوار تقشعر له الملوك
وتذوب تيجانهم ،
يا لجمالها المحروس .
فيا مقاتلتي بشعر طويل وأظافر حلوة
يا راعية الاهازيج التي روحها عسل وفير
ذهب ايامي وفضتها لك
ويوم مرضت ، يوم لسعت عقارب رفيف كتفيك وشمعدانهما
الم اطوقك بكوثرها ؟
الم اطعمك بهجتها الشافية ؟
لكنك ارتقيت سلما فيّ
ارتقيت : الى اين يأخذك حُسنُك ؟
انت ارتقيت حتى حجبتك الغيوم

2006





مطر آخر

الى احمد عبد الحسين

المطر .... اين ؟
ما الذي حل به ؟
وجثته ... ماذا صنعتم بها ؟
احلم به طوال سجودي
وطوال قيامي احلم اني سائر تحته
ومن حولي نايات عظيمة تصدح
وملائكة على دفف صوفية ينقرون
وفي عيني اعداء يتصالحون .
المطر الذي تحج اليه قامات النخيل
والمنائر الذهب .
المطر العراقي النازل من كل عين
المتجمهر في كل جرح
المبحرة فيه يمامات الذكرى
وملائكة الذكر
المطر ... اين ؟
وجثته ... في ايما بئر القيتموها ؟

2002











اتساءل :ما المطر

انه الليل
حيث رفيف اجنحة المطر .
اتساءل : لِم يحدث ذلك دائما ؛
لم الحياة ، بلا توقف ، تبكي
فنسقط كالدموع
الى عالم آخر ؛
فكأن الحياة ارملة تندب زوجا - الها - لم ينم ، مدة عمره ، ولم يستيقظ
وكأننا - رسائلها اليه - دمع عينيها المتطلعتين الى فجوة يشغلها غيابه ،
عيناها النهار والليل .

اتساءل : ما المطر
وفي خاطري عنه انه ملاك يسقط
مَن قلبه ثلج ، يغطي العالم كله
وقبوره تحديدا
ملاك يستغيث بلا فم ، وفي قلبه كومة دود
وسهمُ حبٍ ضائع ٍ ،
وفي خاطري انه جمهرة من حالمين
شنقوا انفسهم في الصبا بالحبال التي اعدت لسحلهم في الآخرة
السنتهم
تتدلى
في
الهاوية
وخواؤنا من حولهم يتفاقم .
لكنه الليل
انه الليل ...
حيث رفيف اجنحة المطر

2003








الحصى

يذكرني هذا الحصى الملقى
على جانبي الطريق
- الطريق بين بيتي والمقبرة -
بطفولةٍ
افسدتها اوبئة غامضة
واصدقاء
اتلفتهم ملاريا الحروب .
فكأن الحصى دموع الميتين
بين بيتي والمقبرة
2008



اغنية صغيرة

بذراعين فتيتين
مكتنزتين بالضوء والظل
يرفع الربيعُ الى فمه
بوقه الاخضر الهائل
وينفخ فيه
فتجن الطبيعة ُ
تركضُ نشوى ، و سَكرى
في نهاراته ولياليه
2006







ساكن البئر
الى صديقي القتيل الشاعر آلان حبيب

يا من اعليت نيران هواك
على قمة كل جبل منكس
اعليتها آيات محرفة تحت كل لسان
اما آن ان تلتفت الى مطر ينقرض في الحديقة
الى أكف قراصنة مطاعين اصابعها حبال
لفت على كل عنق ؟
عليك هوى حجر
رموه في بئر
منذ امد بعيد
اماؤه انت ؟
ام قرينه في الحبس والعمق ؟
ام ان صعودك جفن
ونزولك جفن آخر
وكأنهما انطبقا عليك
انطبقا ، يا حبيبي ، وماتا


2006


بابل

المجد عربات مذهبة
شدت الى خيول ميتة
حوذيوها ملوك
جسومهم من غبار
سيوفهم تصدأ في المتاحف
او تلمع تحت شمس النصر
اسفل طبقات الذاكرة
2001





يده الجاهلة العمياء

يا ندمي
ويا حمامتي الورقاء
هل طوقك شكل روحي ؟
يطوقني بالحنين هديلُك
وكنت ُتتبعتُ فيه رائحة المسك
حتى بلغتكِ
ووقفتُ سكرانا بابك
وحين طرقتهُ
فكاني طرقتُ على نفسي
قلت : علك ِتفتحين
فأرى وجهك الضاحك الحلو
علك تفتحين فادخلُ
وعلنا نعيد الروح ثانية ًالى الكأس
تلك التي زخرفتها باللهو
واترعتها بالصفو
يدا الحب ،
تلك التي هشمتها يدُ الزمن
يده الجاهلة العمياء
يا ندمي
ويا حمامتي الورقاء
2007













قامات فوتوغرافية

لم ابلغ السابعة والعشرين بعد
وليس هذا ضرورياً
اكان من الضروري ان اولد ؟
انها حُفنة ايام في قبضةٍ مدفونةٍ اسفل الحرب
اواعلى قليلاً ، وحيثما تذبل الرغبة.
ولقد كنت كالاخرين اذ كان لي اصدقاء ،
اليوم لا اذكرهم الا كمن ينحني فوق حفرة
تطرد اشلاءهم.
كانت لنا قامات تتقدمها ضحكات ناصعة
واحذيتنا من ذوات الكعوب العالية تلمع
وصورنا الفوتوغرافية صلبة وتتوهج.
لم اعد كالاخرين ؛ فقدت اصدقائي باكرا
ومعهم قامتي .

عمان 1999






شجرة آدم

لسنا سوى هذه الشجرة
التي ترتجف وحيدة في الوطن الخالي
من ايما ذكرى للهواء والتي
تتدلى منها طيور ميتة .
شجرة مشنقة .
طيور لا تحصى .
وطن هو العالم كله .

2000عمان


كقلائد الذهب

الى عبد القادر المنقوش

منائر تتسايل ذهبا في الشمس
وأخرى يرتديها الوجد تحت المطر .
منائر أجمل منا
وغيوم كلها شجن .
بينما في القلوب االصافية شل تحليق الجنان باغواء الذنوب
وفي القلوب الصافية يطير الغراب
وجناحاه كلا جناحين
من مشيب وندم .
قلوب كقلائد الذهب العظيمة في نحور الجن
إذ يتمايلون على وقع الدفوف المقمرة
حول نار الوجد
في صحراء جزيرة العرب .
قلوب كقلوبنا
أو كالمنائر في الشموس تحت المطر .

2002 كندا

كأننا هو

شقته في الطابق ألاخير . نافذته مفتوحة
المدينة في الاسفل بيضاء ... بيضاء
يسكنها الناجون من أوطانهم
سماواته، منذ الولادة، تنهار فيه
وهل صراخه ألا الدوي من جراء ذلك ؟
كيف له أن يتماسك
هو المقيم في لوعة أحشاؤها النازحون !
أبحبل وسواه ؟
التائه بين ألفاظه
وأنه ليرتجف ألان من شدة القر والحر
بحجة أنه يكتب
اين بلاده؟ ربه أين ؟
أهواره ومشاحيفه ؟
النائم ، مدة عمره ، بين ينابيعنا المتحجرات ،
فالمستيقظ في كل آن
والرمح في فمه ليتذكر حروبنا المقبلة
تلك المعدة للهزائم
الى أين يسافر ؟
أين يقيم؟
من تراه يكون ؟
كأنه نحن؟
وكأننا هو :
هو الذي يبيض شعره في ليلة عاره
هو العذراء التي ينتفخ بطنها فجأة في باحة الدار
أو يبقر في اليوم التالي
هو الجارية المذبوحة و سيدها في السرير
هو الفلسطيني تحت أنقاض داره
هو الفارس المبتلى بالطواحين
هو القتلى في حلبجة ، أذار، وجنين
المدينة في ألاسفل بيضاء ... بيضاء
يسكنها النازحون

2001 كندا

نكبة شباط

الزعيم مضى الى صورته في القمر
كي يستريح ويصبح اجمل .
بعده التهمتنا بيارق سود
فاصبحنا الدمع الذي شتته بكاءُ عينين
- هما النهار والليل -
في زوايا كل دار .
الزعيم مضى
تاركا خلفه مفاتيح من ذهب اضعناها
فاصبحنا الطارق المتجمد على عتبة ذاته
من شدة البرد في عروق البشر .
مضى الزعيم
فصرنا الغيم كله
لا حين يمطر
بل عندما يتعثر بالطائرات ،
او الدمع كله
ذرفته على الانفاس
- حتى طفت تلك ميتة -
عينا عالم يُحتضر .
الزعيم مضى
الى صورته في القمر .

2003 كندا




ظلمته عصاه

1
انه الان يسفح النور في النص
نورا يضئ لنا العدم الذي لفرط برودته نلتهم الجمر
فنشتعل بعواء مضئ
ونطوف حول دخان مشيئته .
عدم يجعل من قلوبنا سجاجيد مفروشة على عتبات الآخرة
يجعل اجسادنا طيعة وتركع ؛
اذ تفاجؤنا مفاصلنا وهي تتخلع بامر ٍمنه صادر ٍعن اذهاننا .
يجعلنا طوع بنان جهنم .

2
لكني اتقدم الان
انا كاره العدم
ومطلق النور
تحت سماواتكم المأهولة بالعطش
لاستجدي بضع قطرات من المطر تليق بالذكرى
وفداحة الماضي المطبوعة اثاره في غيوم ضائعة .

3
وحيدا اكرز بالنور
واعمى اتقدم .

4

ولكني امر بكم
كمن يقوده الماضي الى قدمين مكسورتين
كمن يدخل الحاضر على صهوة جواد ميت
بينما اسلافه يتكدسون في المرآة كيفما اتفق
وهم يرفعون شارات نصر
ورايات ترفرف في هواء مريض .

5
اعمى وظلمته عصاه
وبها سيكسر المرآة
لكي يعيد ترتيب صورته من شظاياها
اعمى ولكنه يترجل الان عن صهوة عاطلة
ويهب كفيه المطمورتين في الماضي
الى نور ينبثق من اعماقه وحدها .

اعمى ولكنه يكرز بالنور
واعمى يتقدم .

2003 كندا


يا ذهب الحيرة

هذه الفكرة
والتي هي افق ناء ، قصي ؛
شبح يجول في ما وراء المفاتيح
التي اعماها الصدأ
حيث العالم يحكم الاصغاء بالاقفال .

الفكرة التي مؤداها ان الحقيقة ثقب اسود في رأس اله يتذكر
وانا نسعى اليها حثيثا
طائرين باجنحة بيضاء من طين بعيد .

اله غائب دوما , وحاضر كليا ؛
من اذا تخليت عنه او ما عدت تؤمن به فسيظل يرافقك ؛
القادم اليك من دون ان تدعوه من عمق مرآتك ،
هل حقا انا نكونه آن تشظيها ؟

نحن وهو ؛ من منا طرح الآخر في حيرة تزداد دوائرها اتساعا
كلما اضاء المتاهة البرق ؟
متاهة موقوفة ابد الدهر على قرارة بئر يصعد منها النداء ، واهنا
متقطعا ، فلا يفقهه من اسدل السرابَ على حواسهم العطشُ .
فيا انتِ
يا حيرة ًمن ذهب يتكرر في ذاته
يا نظرة الاعمى الى الداخل ؛
من لا يبصر الا والناسُ نيامٌ على وسائد من يقين باذخ ويتفسخ ،
من انا يا انتِ
ومَن آخري ؟
2004 كندا

اختاه

أما زال باب خوفك على مصراعيه ينفتح
كلما ضحك الاب
فكيف اذا غضب ؟
لست انكيدو لاصارعه
ولا امرأة لارقق سطوته ؛
انا طفل وجدته معا في ليل ِعراق ٍمولع ٍ
بجمع النياشين من صدور رجاله الصرعى .
هل تفهمين ما لا اود قوله
ولا اقدر غير ان اتمرس في فن كتمانه !
فيّ منك حنين يتشبه بك
واشبهه بملائكة يتراشقون حول قلبي بالسهام
قلبي العاري ؛ لو ان سهما اصابه
لنزفت شوقا اليك حتى اصل الدار ... داركُِ
انت التي ترقدين في قبر
اكلته السنين
اختاه
ماذا افعل ؟

2008 كندا


كل شيء هاديء بعدكِ

جنين :
عن اي شيء اتحدث؟
اي نجم اغني؟
الهشيم اشد حصانة مني انا الذي كل صباح أسوّي قامتي
في مرايا حصارك .
كانك جنازة للعصر تحملها قدما محمولها
كانكِ ، وأنت الوحيدة ، رغم كل ما قيل ، شمس تشع فيفتضحون
وحسب ظني ، يا حبيبة، انك تشعين وهم يتفسخون
جثثا ضاحكة منا ومن ذاتها .
بينما التاريخ يفكر بك على انك قشرة جافة لجرح قديم
لم يسببه هو لكنه متهم به، بينما التاريخ ينكرك ثلا ثاً
وجذعه مستلق ، اكثر من اي وقت، على فراش الزانية اسرائيل- امريكا- سدوم .
اسرائيل امعاء رب الجنود اذ تؤسس دولة
وترفع راية غير خفاقة على جثة الريح
اسرائيل هي التاريخ اذ يضحك في شاشة التلفاز
واسنانه تتساقط على تربة الجحيم
فينبت منها ثمر مشؤوم - جرافات ومستوطنين .
جنين :
كل شيء هاديء بعدك ؛
الفصول يتقيأ بعضها البعض على ثياب السنة ،
الوطن يتطلع من كوة في جهنم الى أربابه وهم يتفسخون
اخواناً، على سرر نفطية في النعيم ،
المنفى سفينة ضائعة في بحر ٍزاخر ٍبالعلم
وركابها نائمون ،
وانا اسوي قامتي كل صباح في مرايا حصاري وحصارك.

2002


نديمي
لسماء رمادية برقها سكاكين ورعدها صرخات مقتولين
ومن فوادها تتدلى امراضنا كلها صدئة وتنزف.
لحمار يحمل العالم ويلتهم المستقبل ليراكم الغيب على ظهور البشر
لحمار هو الرغبة التي تستدرجك ، ايها القاريء ، الى لطمات القدر ؛
حيث القدر زوجك واللطمات عيالك .
لصورنا الفوتوغرافية المُعتقلة في قفص اللونين الابيض والاسود ؛
القفص المؤطر بالحلم ، وكلنا ناظر للاطار ، وكلنا مبتسم له .
لمن لم اصافحه الا بالقبل ، اذ كفي مشغولة برد الفراشات التي
تطلع منه عن لهيب صبانا ... من صوته جنات عدن اصغائي
وخصلاته مساكب للندى... انه السم في طاساتي ، والحلاوة المسافرة
في العناقيد خلف فتوة الخمرة ... الملوح لي من كل جهة بمناديله العطرة ؛
هذه السفن الراحلة ـ الغيوم الملونة.
للصليب... ما اثقله ؟ واثقل منه ذكراك يا ابنة النارنج والعافية،
امرأتي... شمسي الضاحكة من سطح برتقالة تتدلى الى برتقالة في اشجارنا الحلوة الحلوة.
لولد وامراة ، ونديمي ولد وامراة.
لقتلى تلاشيت فيهم لكثرتهم ؛ قتلى يفصلهم عن بعضهم قتلى، فوقهم قتلى، وقتلى تحتهم.
لخيط معقود ، سائب الطرفين ، نهباً للجهات، وفي فواده تستقر العزلة
ولمن لا يستطيع الخروج اليها ولا منها، له الذي هو هباء في صوته ريح ، فليطردن ، اذن ، نفسه بنفسه،
لمن يفتح ادراج خزانته ، ويخرج كل صوره الفوتوغرافية، فلا يعثر على قامته فيها
لمن له قامة ، هي موجة
ما ان يلمس الادراج حتى تنخسف
فكأنها موجة في القاع ،
لمن لا يملك شيئا سوى قامته تلك
ولمن يفقدها ما ان يلمس الادراج
ماذا اقول ؟
لي وانا اكتب الان وكلي يد مقطوعة تمسك بالقلم وتكتب ما لا اود كتابته.

2002












سيدي عذرا

العالم ليس على ما يرام
ابناؤه لا يسبحون بحمدك
وهم غرقى عطاياك ،
وكانوا اخرجوا منها
قتلى وجرحى
اذ لم يطيعوا أمرك :
غادروها آمنين.
سيدي , عذرا
نحن في تيه
ولا نجمة
في كل اغماضة لقتيل
تنطفي واحدة
ما أكثر القتلى !
جلّهم رقد بعيون مفتوحة
تزداد اذ نغمضها اتساعا
ونجوم الظهيرة ؟
ـ عذرا ، من سديم كتفيك
سقطت جثثهاالنحاسية.
سيدي...
هل فاتني أن أعتذر ؟
مطر من دم
وتستجاب شهوتك أن يدوم قرونا ؛
لأنه يريك كثرة أعدائك
وهم في منتهى سقوطهم
ولست نبيا
غدا من سيرفعنا على الطوفان؟
سيدي...
نسيت كيف اعتذر !
الحياة معك شمس تذرف الظلام
ظلام يغطينا فلا نرى بعضنا
لذا سأصارحك وقلبي على راحتي: أنت جرذ
أو ذباب خرافة ملصق بلعابك الى جلد لاوعيك ...
هذا الديناصور الطليق
فهو سائر بك
وأنت طائر به
أكيدا الى الانقراض .
لذا رجوتك ، لا تسكتني
ودعني أقل بزوالك
أنا الفقير الكسير الفؤاد

بغداد 1998










هذيان الباب المُعّظم
الى احمد كاظم سعدون وعدي رشيد

الحلم نفسه يتكرر : زقاق طويل
والشنا شيل على جانبيه مغلقة الحدقات بغبار قمري
و كأني اقاد الى الموت فيه على ظهر دابة ، وكنت اذا ما انزلوني يغمى عليٌ
فاحلم بامي وهي ترد عني الطلقات بالمكنسة .
اراني منطرحا عاريا وداميا على حافة بئر عظيم
انظر اليه فارى جثثا ترتدي القناع نفسه والثياب نفسها
واسأل جرح جثة منفوخة : ـ من هؤلاء؟
ـ انهم عسكر او هكذا كانوا
اعود الى الوراء _ الى حيث بوابة الخروج من الحلم _
على ظهر الدابة اعلاه والاوسمة والنياشين تتدلى في لمع ونبض من عنقها وصدرها
وانا ابكي مصيرها لانها من جنس العسكر.
اعود الى حيث لم تعد توجد البوابة ، بل شيخ يقتعد ارض الحكاية ليقص على مداخل الازقة كلها
حادثة اغتيال الزعيم ، بينا الزعيم يندفع من اقصى حادثة اغتياله في الذاكرة
ليكذب قصة الشيخ ، فلا يصدقه احد .
وأنهم لكذلك، اذ مرق ظل يتبعه حشد اعمى . الظل يقف . يلتفت الظل ...
ويصوب على الحشد ، فأرى الى ومض ضوء جارح يصدر عن شيء ما في كف
الظل . الظل يصوب الشيء الى رأسه ويقدحه مرة واحدة فيسقط الظل محتشدا بالظلال .
ـ او تعرف من يكون؟
ـ لا
ـ انه نوري السعيد ـ قالت الدابة ـ وقد انتحر
الحلم نفسه يتكرر : شارع الرشيد
حيث في كل زاوية منه انتشرت مزقٌ من مناشير شتى
وثمت طواحين بسعة الافق تُطيٌر المزق تلك
طواحين تقهقه بصوت عال
طواحين تقهقه بصوت امريكا .
...وكأني أقادُ الى الموت فيه على ظهر ِدابةٍ مخططةٍ بالوان ِالعلم
دابة تلوي اعنتها البلاد صوب زقاق طويل ... طويل ....

1996 بغداد




تسعينيون

أبناء هذا الجيل المصلوب على توهجة بتقد مات الرماد .
حياتهم مستنقع شامخ يغط في قيلولة منذ سبعة الاف جهنم
يرمونه بحصى الطفولة فينز منه سعال ساخر
يتحلق حولهم ، يطوقهم بسآمات منخورة .
كريهة يا روائحهم ، اذ تتقد مين طلعتهم
تسبقين التحية ، تسدين مساماتها
فهي منفوخة بالسموم .
وانت يا احلامهم؛ بعد انتهاء الحرب
اطرنا وطاوط افراحنا فلطمتكِ ميتة
وأنتِ يا أسئلتهم ... أنتِ أجوبتهم الفارغة
يا غبار أجنحة قديمة في خزانات عزلتهم
( من يفتحها يسعل طويلاً
يحُتضر واقفا ، يمُت للحظته بلا اغتفار أو ندم . )
ماذا دهى آباءهم ليكروا عليهم
ويقتادونهم فراخاً زغباً الى بالوعة عزلاء في غابة قصية
حيث ـ كما ترون ـ حكموا عليهم وسط هديل آسن
بالشروع المؤبد بتحليق مؤجل !

1997




ميراثي من الايام والاعمال

لاخطائي مرتكبون عدة
لم افلح
ان اكون واحدا منهم

( عباس اليوسفي )

ماذا فعلت بنفسي قد احقت بها
ما لم يحقه بروما عسف نيرون

( الجواهري )


لعل احدا لم يُسأل كما سُئِل كلُّ واحد ٍمنا : من انتَ ؟

( محمود درويش )

اهداء : الى اخي وصديقي
احمد كاظم سعدون





ظلمة ُيدي
الى فارس حرام :
حوارنا الشعري لم ينقطع برغم الزلازل

بيد ترتعش
من شدةِ السكرِ
أُنهِضُ الماضي
عله يستفيق من غيبوبته
في ردهات مستشفى
يسمونها : الذاكرة
واسميها : عثرة الحاضر
باشلاء الجنود .
وبيدين مهدمتين الى جواري
احاول ترميم التجاعيد
تلك التي احدثها الدهر
بيد جذماء
في وجه نديمي .
بأية آلة ، اذاً ، انهض ما تهدم من يدي ّ ؟
وانا حنيني
ارسلته طفلا اليك ِ
يا بلادي الغريبة
فعاد كهلا الي ّ
مشقوق الجبين بضربة سيف
ومخلوع الفؤاد بسهم غليظ .
بيدين مهدمتين
هل اقوى على تنظيف جلده
المبقع بالوحل ؟
بيدين لا تقويان على حمل كأسي
الى فمي ، هل اقوى
على رفو جناحيه
المجلودين بالارض
من شدة السكر ؟
بيدين مخرَبتين
هل اقوى على صنع شيء ؟

2009




جمرها الميت

وتلك الايام
اسدلها يوما فيوما
كستائر متربةٍ
على غُصةِ الحاضر ...

على جثتينا يا حبيبتي
وهما تتنفسان ِ
تحت شمس عراقية تلهث
لهاثها النجس الثقيل
في ادمغة البشر ،
البشر اللاطمون على اعمارهم
في قيظ اعمارهم .

فيا ليتها اسدلت
على حواء وآدم
قبل هبوطهما السرير ؛

او لم ينجباني ؟
او لم ينجبا جثة سكرانة ًبا كية ً
يسمونها : معتز رشدي
واسميها : عثرةالابن
بحاضره الضرير ؟

اسدلها على كنوز بابل
نهبت بريقها الجرذان ،
على هوائها المشبع باليورانيوم .

انها الايام :
اطنان غبار واتربة
على كل حرف من حروف اسمك : بغداد
ومثلها على طفولة الشاعر
( فيا غُصة الله في الارض
اريد ان اتنفس
ويا سخطه
اريد ان اكون )
فأنتِ مقبرة ٌللمطر
وانت مأذنة ٌللمفسدين
انت الوراء
الذي تتقدمه شهقة الصاروخ
وانتِ الداءُ في عينيّ
فانّىّ تلفتُ
فثّم مرض .
اسدلها على جثة كورش قادر
الذي دنى من حاضره بزوجة وطفل
فتدلى الى وحشته بحبل .

اسدلها ، الآن ، على
صورتي ، وانا الوح
- بيد ترتعش -
للذكريات ، وهي تمر كالاسرى
واتساءل : ذكريات مَن تلك
التي مرت ؟
كانت ذكريات ابناء جيلي
تافهة كالرماد
واما ذكرياتي انا
فتافهة كابناء جيلي
اقلب جمرها الميت
باصابع جذماء
واهش عنها الذباب
بيد ترتعش
من شدة السكر .

وكانت ذكرياتي
اصدقاء اوهى
من رماد السجائر .

واما ذكريات الجنود
الذين صفعوا قيس ابن ذريح
امام انظار لبنى
في متنزه الزوراء
واغتصبوها امامه ،
فسوداء ... بيضاء
كأيام الاجازة .

( وكتجميع اشلاء
بين مجزرة ومجزرة
تُستعاد حكمة العمر )

فهل مرت ذكريات ابناء جيلي
من امامي ، بثياب جنود
عائدين من اجازاتهم
الى أتون الاناشيد ؟
وهل بصرت بواحد منهم
كان يُشبهك ايها القاريء المخفي
بين هذي السطور ؟

وتلك الايام
نسدلها يوما فيوما
كستائر مغبرةٍ
على حاضر مجروف بماضيه .
نسدلهن ملطخات ٍبالدماء
علينا جميعا .

2009


















قهقهة الحفاة قرب اطلال أور

الى نعيم شريف

الاسوار التي
اقمناها
تهاوت
بين كل امرىء منا
وماضيه : من انا
يا عدوي ويا آخري ، ومن انت ؟
والعربات التي اقلتنا
ذات فورةِ مجد ٍ
الى أتون الاناشيد ،
عادت بنا صرعى وقتلى
حتى تشبه الميتُ بالحي فينا
وحتى تكاثرت الجثث ؛
فبين كل صريع ٍ وصريع ٍ،
صريعٌ آخر
انتن واضخم .
مرتعشون
لا عن وهن في العظام
بل عن فطرة دب في ارجائها
الدود .
واما انا : الابن الذي
يعمل ساعي بريد الغرباء
بين عينيه ومرآته ،
فماذا بيدي الجنوبيتين
ان افعل ؟
وانا الماضي الماثل
في كل غد ،
والقفص الذي تشغله
هيئةُ الحاضر ،
والدمع الذي يروي به اليائس
مقبرة الامل
بين صوته وكلامه .
انا ساعي بريد البعيدين :
ابعد مما نظن
اولئك الذين
سيحملون رفات حاضرنا
الى مثواه :
مقبرة الاسرة
المتآكلة القوائم ،
تلك التي اذا اضطجع
عليها المرء
رأى نفسه في عالم
آخر ، لا يشبه عالمنا
في شيء ، سوى ان
انسانه يسعى الى القتل
على اربع ٍ ،
ففي ما وراء كل وسادة منها
اخوة لنا
يتقاتلون
كأضغاث احلام ،
يتقاتلون
عند مداخل ازقة
اجتاحها اعداؤهم من قبل
مرارا وتكرارا
تكرارا ومرارا
حتى تسلخ تاريخُها عنها ،
اما انا : الماضي
الذي يعمل ندما للجالدين ظهورهم ،
فماذا بيدي المخربتين
من كثرة السكر ، ان افعل ؟
فانا ابتلى الله اعضائي
بقلب مرتعش
من كثرة المُحتضرين فيه .
مثلك انا ايها القاريء الحائر
المتشبث بسطور هذه القصيدة
المخفي في ما بينها
الساقط من سطر الى سطر
المشيح الوجه عنها
المسحول من اولها ... الى آخرها ،
بدؤها انت وخاتمتها ؛
شعلتها المرشوقة بالوحل
ورمادها المتسخ البارد
مثلك ؛ انامُ واصحو ، لانام
وفي الصباح استيقظ ُ
واصبح المرء الذي يتحرك
في اطار معلق على حائط ٍ
يتبول لصقه الجندي والبائس
والميتُ العائدُ - فاقدَ الذاكرة
من عذابِ القبر– وانتَ نفسك
والمعدم ُ والكلابُ الضالة ُ
وابنُ السبيل ...
او .. الوح للطائرات مزمجرة ً، ومقبلة ً
من سماء الغرب الى
سماء الشرق
وبينهما سمائي في الاطار تتشقق ،
وكان اسلافي الحمقى
ينظرون الى محنتي ضاحكين
بعيون مفتوحة
جمدها الموت
ووجوه ٍ
خالطها قناعُه ؛
فيا ليت لي مهنة اخرى
غير رصف الكلمات في جمل
وغير رصف الجمل
في قراطيس ، سيرهنها القاريء
لدى بائع الباقلاء ( طبعا )
اما قلتُ لك : مهزومون
ارواحنا شاخت
في ثياب خَلِقة ٍ
وعقائدنا زمهرير .
امالنا تضيق كصحراء تكبر
وايامنا تتلوى
في حبالِ المطرِ الاسودِ المتيبس ،
هل جبل اللهُ ضمائرَنا من لُعابِ ابليس
وحراشف جُنده ؟
ضوجعنا ، كما ينبغي ،
في مراحيض حاضرنا ،
واحبتنا النساء
- كما ينبغي ان نُحب -
في المنامات .
وكان شخير الواقع
من حولنا
يوقظنا ، كلما هم ابنُ ذريح ٍ فينا
بخلع بنطاله
امام انظار لبنى .
هكذا كنا نستيقظ
من غرامياتنا
في متنزه الزوراء
محاطين بقوقأة الدجاج
على سطوح المنازل ،
لا لشيء سوى
لنلثغ باسمائنا بعد حين
عند حواجز التفتيش
في نوايانا ،
او ِلنُصفع
- كالنساء اللواتي احببننا -
في سجون البلاد
( بلاد المراحيض )
جبناءَ ...
جنودا هاربين
من لمعان النجوم
على كتفي الرئيس .
وكانت عينا الرئيس
كالحوتة المنحوتة التي
تبتلع الهاربين من الجيش
الى عيني لُبنى
في المنامات .
اما النجوم
التي على كتفي الرئيس
فمسكوكة من اضراس ملوكنا الذهبية
ملوكنا الشاخرين
في مدافن اشور وبابل .
وكنا كلما احببنا
في مناماتنا
نهق اسرافيل في بوقه :
فهل استيقظت يا صاحبي
من لقاء الحبيبة
في البار على
صوت المؤذن ِ الشاب ؟
هل غصصت ، هناك
بتفاحة ؟
أأستيقظت بعينك اليمنى
هذه المتورمة
من شجار هناك
مع انكشاري عذول ؟
هل استدنت من رواده ؟
هل لطمك من اعطاك ، منهم
امام انظار الحبيبة
المتمنعة كالحائط ؟
ام تراك بكيت اعمىً
من شدة السكر
- والحفاة يقهقهون الى جوارك -
امام مرآتك ؟
انها اسئلة اطرحها على نفسي
انا الجالس ، الآن ، منفردا الى طاولة
ترتجف ؛ لا عن وهن في عظامي
بل عن بلاد اكلت غرائزُها ابناءها
فدب في ارجائها
الدودُ السمينْ .
2009
1 - متنزه الزوراء : متنزه في مدينة بغداد .
.....












غُصة ُ الابن

كالدون كيخوته :
طواحيني الله باذرع اخطبوط ،
لستُ انسانا
ولكني الناس جميعا .
( كاتب السطور )

بين الأبن
وماضيه ،
مرآة ٌ
هي بابه
الذي لم يعثر له على رتاج
في اشياء حاضره ،
بابه المشرع
الذي تدفق اعداؤه
منه .
و... بينهما
- الابن وغُصة ُ مرآته -
تراكمت الجثث
في الرأس
والعينين
وانّى تلفتَ.
لذا ، يشتم الابن حواء
ويتفل في وجه آدم ؛
يرى الى هبوطهما السرير
على انه نكبة ،
الى الليل والنهار
على انهما رأسان
ينهشان احدهما الآخر
وهما على رقبة واحدة .
راية الابن خفاقة .. خفاقة
والريح جثة تبكي وتضحك
في الوحول .
انه يرتعش ، الآن
على جري عادته ،
من شدة السكر ،
دعوه يرتعش
حتى تتخلع اعضاؤه
عضوا ... فعضوا
في الوحول .
يشتم آدم
ويتفل في وجه حواء
بينما حاضره يُسحلُ
في ازقة ماضيه ، جيئة
وذهوبا ، ذهوبا وجيئة
حتى تتسلخ عنه ايامه .
واما شمسه وقمره
فعينا جثة
مهشمة الرأس
بمطرقة ٍ ،
الهذا ، يشحذ الظلام ذئابه
فيلد النهار ُ جثثا
( مجهولة الهوية كالجناة )
مفتحة العيون ؟
تلك العيون التي
تدفق اعداؤه
منها ، ماذا تقول ؟
ماذا تقول تلك العيون ؟

2009









فانوسنا المتعب

هذا حاضر
مراياه كلها كدمات
وحكمته رضوض .
يتاماه كثر ،
وليس من يرعى شؤونهم
سوى الذاكرة ؛
( فانوسنا الهائم الذي لطخته
ظهيرة الباب المُعظٌم ِ بالعمى )
هذا الحاضر الباسل
استعين به على قضاء شؤوني :
كالسعادة ،
( ذكرى لم تقع لاحد ) ،
او كغسل الصحون
في بار قميء
لسد الرمق ،
او كالمراحيض
لتأويل دنيا العرب .
فهذا الحاضر
سخام يتكاثف
وماض ٍ ماثل
في كل غد .

2009

الحفاة يقهقهون

ثمرة مريضة
- دُفِنت في سياج ما -
انت ايها الامل .
من اين يؤتى بالادلاء اليكَ !
والجثث تتراكم
بين الابن ومرآته !
يا لعنف المسافة ؟
ويا لقوة الذكريات في الظلام
وهي تجيء وتذهب
بين جثتين مهملتين
على جانبي الحاضر،
الحاضر الذي يتلفت
لعله ينسى ،
ويتلفت..
عله يتذكر ،
و يستغيث
عل ذراعا تحمل عنه
عبء الجثتين : الله والبشر .
وما بين تذكر النسيان
ونسيان التذكر
يراكم الماضي الجثث.
وبين كل يوم ٍ صريع ٍويوم
جُثة ُيوم ٍ آخر،
يقلب فيه الحفاة
بأكف جذماء
فتوة الماضي .
حفاة الحاضر
المجروف بماضيه .
الماضي الذي يستيقظ
من رقدته الثقيلة ..
الثقيلة ،
في قاع ِمستنقعٍ ،
مثقلا باللزوجة
من كل شيء ؛
هل تشمون انفاسه
وكيف يُغمى على آمالكم منها
في ردهات انفسكم ؟
مواقيته كرة تتأرجح
فوق الرؤوس
كبندول صدىء،
فهي قمرحينا،
وحينا شمس موجعة
كجفن متقرح ،
وبينهما اعمارنا
تتقيأ دما،
او ... تتثاءب
ككلاب القرى الجرباء
على ضفاف انهارنا المسروقة
2009








ميراثي من الايام والاعمال

في مثل هذا اليوم
قبل ستين عاما
ونازلة
ولد ابي :
يا لشقائي .
لِم لم ينجني
من هذه الكأس
المترعة بالظلام ؟
لم ارث منه
سوى ايام ٍ
احملُها عبئا
واطرحُها جُثثا مدمّاة ً
لها وجوه ابناء شعبي ،
تحت سماءٍ
- وان لم ارتكب ذنبا -
مقطبة الجبينْ .
ولم ارث سوى ماض ٍ
متسول ٍ .
وبين ان احملَها
وان اطرحَها
اكونُ غدوتُ بكّاءً
من شدةِ التعب ِ
استغيث منه فلا أ ُسمع ُ؛
( نملة بين اقدامكم ! )
ويكون حاضري
افرغ من قواه
في كلل الذراعينْ .
8- 1 - 2010




















المحنة التي اطلقنا عليها اسمك :
كورش قادر .

هذا انا :
الطاريء اكثر مما ينبغي .
المهرج ُ
الذي فرك البكاء
قناعه ،
فغرقت روحه في الصدأ
صدأ البقاء وما حوله .
كيف انجو من سوء حظ كئيب
كانقضاء اجازات الجنود ؟
اذا كانت الكدمات
هي كل ما جئتُ به
من الماضي !
واذا كانت الهزائم
لوثت ايامي
بحاضر متسخ .
أصدقائي
استدرجتهم الرضوضُ
بعيدا
الى قهقهة معراة العظام .
واستدرج بعضَهم اليأسُ
الى قفص ٍ
له هيئة ُ الحاضرِ العائد ِ
باكياس من السوق
الى اطفال وزوجة ينتظرون .
سواي
انا العالقُ في
برزخٍ يضيق ويتسع
- لاسباب اجهلها -
بين باكٍ ومقهقهٍ
يتشاتمان في جثتي
بلساني .
واجهل من اين يؤتى بالادلاء
للخروج الى نفسي ؛
لاني كلما تقدمت اليها
رأيتُني شبه محارب
نسي دوره
أمام اعدائه
( دوره المضرج بالدم
في سطور المؤرخ ،
دمه المسفوح
في احاديث الرواة
لسقي النياشين
على صدور قاطفي النصر ) .
مرارا أُصطِدتُ
ومرارا نجوت ُ ؛
اذ ما زلت حيا
ما زلت الهارب
الذي اكلت مؤخرته الكلاب ُ .
ويركلني اليومُ
( ويصفعني ايضا )
الى اليومِ الذي بعده
فابتهج ببقائي الهارب ،
وحين يركلني في منامي
الى اليوم الذي سبقه
استيقظُ صارخا من
تثاقل ِ قدميّ عن الهربِ
من اعدائي
اذ يقتربون مني
شيئا ... فشيئا ،
أنا المحاصرُ في
قفص اللونين الابيض والاسود ؛
وهما هوية الماضي
ولونُ الدمِ المسفوح ِ
في ميادينه .
وكلما هربتُ بعيدا ...
( ابعد من كل آبقٍ آخر
كنت التقيته ...
او قرأتُ عنه في الكتب )
تقاربت من حولي الجدران ُ ؛
ها هنا جدار
يصل الجيل
بالجيل الذي سبقه ،
عُلِقت عليه صور فوتوغرافية
( بالابيض والاسود )
لعلية القوم .
وهناك ...
جدار آخر
يصل الجيل
بالجيل الذي بعده ،
عليه صورُ ورثتِهم ،
الملونة ُ
كالثياب الداخلية
لراقصات الملاهي .
الجداران متقابلان
متقاربان ِ ،
تفيض منهما عافية الوجوه ِ
الضاحكة ،
على حشود الهاربين
بينهما .
انا الطاريء
اكثر مما ينبغي
مرارا قُتِلت ُ في الواقع
ومرارا نجوتُ في منامي .
2009
كورش قادر : صديقي واخي العظيم ، اصدر مجموعة شعرية
واحدة ، وانتحر بعدها ، شانقا نفسه ،

دساتير الأزقة

من عثرةٍ لاخرى
و من يوم ٍلآخر
اضيقَ منه وابخل
اجرجر خلفي الحياة
بتفاصيلها المحزنة الرثة ،
اجرجرها باشلاء ابناء شعبي
في اكياسها السود .
استشعر ثقلها على كتفي
وفي عمودي الفقري ،
في لساني حين ألقِي التحية
وحين اردُها
او حين القيها واردها
بين نفسي وبيني ؛
كي اطمئن الى بقائي
بينهما حياً .
هكذا يُصنعُ الماضي
من عثرة ٍتتكررُ
وتكررُ بقائها في َّ .
فيا ليتني اقدرٌ ان انام
على ان لا استيقظ
في غد ٍ يُشبهُ امسه ؛
اتعثرُ فيه باشياء حياتي الرثة
بعظام ِابناء ِشعبي
المدفونة ِ في الظلام
او المكسوة ِ به .
ليتني لا انام
ولا استيقظ .
2010

























خرقة الله

على خطى مهجرين ونازحين
يتصبب الامل دمنا الوفير .
ويسمونه الامل
بل قل ، اذا شئت ، عنه
انه الخرقة التي
مسح الله بها
دموع اليائسين .
بل .. هو النافذة
التي رسمتها يداه
على ارضية سجن
اطل منها الغريبُ على
ايامه ، وهي تتفسخ
في آبار مكتظة بالسم
او بالصدى ...
صدى المقيمين على
اليأس في دنياه .

2009















سكرة الغريب وغروبه

هذا الافق
حبل غليظ ْ
وهذه الشمس التي تُحتضرْ
رويداً ... رويداً
جرة من نبيذ ْ
حمراءَ تتقدُ في دموع ِ العينْ
انهضُها بكفيَّ هاتين ... ترتعشان ِ
من سكرةِ البارحة
واسكبُها عليه برفقْ
جرعة ً ... جرعة ً
حتى يتراخى
يرق
ومن خدر يذوبْ .
حتى اغيب .

2009
















شعبُ آخرةِ الليل
الى عبد الكريم كاصد
في الليل
يزدحم نومي
بابناء شعبنا الميتين .
يقبلون معاتبين .
يقبلون باجسادهم
كما شوهتها الحروب :
هل اصلح القبرُ هندام احد ؟
هذا بلا رأس
وذاك باطراف مبتورةٍ
وهذه عمياء
ماذا يُفيد اعتذاري ؟
اي ذنب ٍ جنيتُه يا الهي ؟
11-1- 2010









صرعى الكلام

تسقط الكلماتُ في النهر
فتحدث ضجة ً
وتنداح عنها دوائرُ
لا تني تتسع
حتى حدود الظلام ْ.
فيا كلمات لا توقظي الغرقى :
انهمو نيامْ
على وسائد من صدى ...
صدى كل ما حلموا به
قبل
سقوطهم
في
النهر
يا كلمات .

2009





نبيذ ٌ وبحر
مختارات من مجموعتي الثالثة





غروب وشاعر مفلس

لا ماء
يغسلُ يدي الغروب ِ
الملطختين بدم الشمس ...
دمها البارد دوما
في الشتاء .
ولا مطر
يُزيلُ هذي الكآبة
( التصقت كالرطوبة ِ)
عن جُدُر ِ المغيب ِ .
فيا ايها النبيذ
يا يقين الحائر المفلس
اقبل
يا نبيذ .

2010


قبالة البحر قبيل السكرة

1

زُجاجة ُنبيذ ٍ
تهدرُ في جوفها اللانهاية ُ
صحن ُزيتون ٍ
جُبنة ٌ
شرائحُ لحم ٍ مُقدد
رغيفُ خبز ٍاسمر
وسأكتفي ايها البحرُ
من ملحك
( كان ينقصني )
بصيحة نورس زرقاء ....

2010


قبالة البحر اثناء السكرة

2

ظهيرةَ اليوم
القى البحر ُعلى عينيّ
رداءَ زُرقتهِ :
هل قلتُ ان البحرَ قلدني
اعماقه المظلمة ؟
انا ، الآن
ملكٌ حالمٌ
تاجهُ سكرتهُ ،
صعلوكٌ مُطاعٌ
يتلاطم الموج ُ
في غرفته ِالرٌثة ِ
ويُلفظ ُالغرقى اصحاء َ
الى مائدتِهْ .

2010


من يشتري

لِمَن ابيعُ قصائدي
او ثيابي
لمهربي الآثار !
وكم سأشتري بهما
في الحانةِ الرثة ِ؟
هو المغيبُ يقتربُ
غليظ الخطى
ترافقُه ُالكآبة ُ
مُسدِلاً
ستارة ً سوداء
على ممثلٍ فاشل .

2010-06-08


اتذكر وابكي

اتذكرُ ابناء شعبي
الموتى منهم والاحياء
وأشمُ رائحة َالقبور .
اتذكرُ ، الآن ، سكرانَ
نفسي البعيدة ...
ابعدَ مما أظن
وأحصي خطاياها :
هي الدموعُ رسائلُها الي .
أتذكر ( مسعود- ة العمارتلي )
واتساءل : يا أخت الجنوب
يا أم ميسان وأور
ويا شقيقة روحي
يأي ذنب ٍقٌتلت ِ ؟
اتذكر اصدقائي
( اجملهم زارني في الحلم ِ
بلا رأس )
اتذكرُهم ...
وابكي ربيع حياتي .

2010-06-01
.

عسلُ الشمس

انه النبيذ ُ
من يكتبُ ، الآن
ولستُ انا الجالس الى مائدةٍ
في غرفة ٍ رثة ٍ
قبالة البحر ِ،
بعينين مكتظتين بالزرقةِ
وقصيدة ٍ سكرى
بحلاوة ِالموج ِ
فيا بحرُِ خذني اليك
خذني يا عسل َ الشمس ِ .

2010-06-21

شمسٌ ونبيذ

كأسُ نبيذ ٍأبيض
في مطعم ٍبحري
مسهُ شُعاع ٌمن الشمس ِ
فاتقد
فاكتظت عروقي
والزمانُ تضرج
بزرقة البحر .

2010-06-21

بحر وهناءة

يا بحرُ
أنا ، الآن ، سكران
رذاذ ُامواجكَ
يُذكرُني بهناءة ِالفردوس .
يدُك ممسكة ٌبكأسِ نبيذ ٍ
يفيضُ حلاوة ً
على قلوب ِعُراتِك َ:
ما أجملهم
ما أجملهم
عُريُهم يقطرُ ندى ً مالحاً
وجلودُهُم تلمعُ في الضوء ؛
كأنما مُسحتْ بزيت ٍمن خوابيكَ
خوابي اعماقِك البريئةِ المظلمة .
فيا بحرُ
هل عُريي صداكَ
ام تؤامك َ؟
وهل كأسي صدى كأسِكَ
ام لمعة منه
على صدور ِامواجِكَ ؟
يا بحرُ
سكران انا ،
وموجة اثر موجةٍ
انتَ تدنو
تدنو
وتدنو
حتى تغمرُني هناءة ُ النوم .

2010-06-25

ألم

في عينيه
صك سمعي
عويلُ الجذور .

25-06-2010



#معتز_رشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكل ٍ كربلاؤه
- قٌبالة البحر
- اخطاء عبد الكريم كاصد


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - مختارات شعرية