أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الزهرة الزبيدي - المسرح والتعزية الحسينية .. وتصادم الحضارات















المزيد.....

المسرح والتعزية الحسينية .. وتصادم الحضارات


محمد عبد الزهرة الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


يعتقد الكثير من الباحثين أن أنطلاق المظاهر المسرحية في الوطن العربي , لم يأت بجديد في هذا الفن , مما يختلف الباحثون في آرائهم حول نشأة المسرح عند العرب فيذهب فريق منهم الى القول أن المسرح بشكله الحالي هو نتاج أستلاب الشكل الغربي الى عالمنا العربي ، بينما يعتقد فريق آخر أن المنطقة قد عرفت المسرح مؤكدين أن العراق في حضارته القديمه سواء أكان المسرح دينيا أم طقسيا فأنه يعد النواة الاولى للمسرح العربي , لكن ما يثير هو صدام العرب بالحضارة الغربية جعلهم يتأثرون في الشكل الغربي بوصفه صاحب العناصر المتكاملة في البناء المسرحي التقليدي ولم يشر أحد منهم الى نتائج هذا التصادم الحاصل بين الحضارات الذي أحدث فجوة بين العرب والحضارة الغربية ولا أعني أن الحضارات المتصادمة بشكلها السلبي أنما طريقة حياة الانسان المختلفة وتقاليده , كان من الممكن ردم الفجوة الحاصلة وذلك أن لكل ثقافة طابعها في رسم السلوك والتقاليد لكل مجتمع لذلك نلاحظ أن ما يطلق على الشكل المسرحي هو مسرح بيئته الثقافية ومكوناته المتفرعة أضافة الى المحاكاة الانسانيه منذ أقدم العصور وعندما نراجع المظاهر التفرج من الاحتفالات البابلية الى الآن مرورا بالتراث العربي القديم والثقافة الشعبية في كل المجتمعات العربية التي يتوفر فيها من اشكال الفرجة التقليدية والارهاصات المسرحية المبكرة التي تتضمن العديد من الخصائص والعناصر الدرامية التي لو تحققت شروط التطور والنضج في الماضي لاستطاعت أن تكون نواة وبذورا لشكل درامي عربي أصيل ومن هذه الاشكال التقليدية للفرجة نذكر المقامات وخيال الظل والتعزية الحسينية والحكواتي والارجوز في المشرق العربي والحلقة ومسرح البساط وسلطان الطلبة في المغرب ونكتفي هنا بأستعراض أكثرها أنتشارا وأشتمالا لخصائص الفرجه وعناصر المسرح ونريد أن نأخذ نموذجا منها متصلا في حياتنا العربية وهو التعزية الحسينية وأشكالها في العراق , وتصنف التعزية أشكالا طقوسية بحسب عناصرها الدرامية ووظائفها النفسية والاجتماعية حتى نميز أشكال الفرجة التي يطغى فيها طابع الفرجة وبين الطقوس الدينية والاحتفالية التي تتسم بحضور قوي للمقدس وتكتسي طابعا تمسرحيا في الان نفسه . الطقوس هي أحدى الوسائل التي تمارس بها القبيلة البدائية والمجتمع المتطور هويتهما وكل طقس هو في الاساس درامي لأنه ببساطه يجمع المشهد كشيئ يرى أو يسمع وجمهور حي , يمكن النظر الى الطقس كحدث درامي ويمكن النظر الى الدراما كطقس ويتسم الجانب الدرامي من الطقس تتسم بشيء من المحاكاة فهي تحتوي حركة ذات طبيعة رمزية بدرجة عالية لذلك تعد التعزية تراجيديا الحزن من خلال الظواهر الاجتماعية في المجتمع العراقي على وجه الخصوص. وتصبح المواكب الحسينية كشعائر وطقوس فولكلورية جزءا من الموروث الشعبي , التي تعبر عن مشاركة وجدانية لها جوانب ووجوه عديده فهي أولا حدث سنوي لمناسبة دينية تتحول الى مهرجان طقوسي يرتبط بالفكر الشيعي والعقيدة الشيعية وتعكس أنطلاقات في صميم الواقع الاجتماعي غير أنها تذكارية ,ولما كان منطلق المواكب الفولكلورية فأن لها مزايا وخصائص شعبية ذات حس جماهيري ومنطلقات روحية وأجتماعية وتراجيديا التعزية هي في الواقع مسرح الحياة الشعبية , غير أن النظر أليها وطريقة أ نتاجها وأخراجها وعرضها وأبعادها الفكرية,غالبا ما كان سطحيا وساذجا , ويبدو لي من الضروري أن ترقى الى مستوى فني متقدم ورفيع وان تخرج من أطارها الضيق لتتحول الى مهرجانات خلق وأبداع مكفول بأهتمام المسرحيين والفنيين المتخصصين كما ينبغي الا تتحد د بزمان ومكان , لانها ليست محدوده بفكر جامد . ومن الممكن تصور الطريقة التي نشأت وتطورت بموجبها هذه الظاهرة الفريدة التي بدأت على شكل مرثية تنشد على مجموعة من الناس لتصوير ما جرى في واقعة الطف من أحداث مؤلمة وفي الحقيقة الامر لايختلف عن نشأة المسرح عند الاغريق القدامى فمن المحتمل أن قام الخطيب أو الشاعر أو أي شخص آخر بأداء دور بسيط يشرح فيه شيئا من أحداث يوم عاشوراء ليكون مشهدا بسيطا صامتا يعبر فيه عن أحزانه بحركات وأيماءات محددة كأن يحمل سيفا ويلوح به في الفضاء ربما كما فعل شبث عندما تبادل الحوار مع الجوقه وهذا الامر وارد في تبادل الادوار بين المنشد والمستمعين وكذلك ردود فعل ظهرت في أصواتهم وحركاتهم ، , مما شجع على تكرار ذلك المشهد مرة أخرى وكان ظهور الطفل وهو يطلب جرعة ماء أشارة سيميائية دلالية الى طفل الحسين الرضيع الذي قتل عطشانا , قد أثار عواطف المشاهدين وحماستهم . وهو ما شجع على أعادة وتكرار ذلك المشهد مرة أخرى وسنة وبعد سنة , ليس في مجالس العزاء فحسب ، بل وسط مجموعة من المشاهدين الذين يكونون دائرة يقوم في وسطها الشبيه أو المثل في ما بعد . ومع تطور الشبيه وانتشاره فأنه مازال يحتفظ بكثير من خصائصه الموروثه ونكهته الشعبية وأبعادها التاريخية والفلوكلورية , من دون تغير كبير في أساليبه وأدواته وكذلك مضامينه العامه. ويمكن القول ان المسرح ايام عاشوراء هو شكل ملحمي درامي بسيط جدا وهو يشكل أول عمل مسرحي في العالم العربي الذي لم يعرف المسرح الملحمي .كما هو معروف في المسرح الكلاسيكي عند الاغريق, ففي مسرح التعزية توجد بداية تكون بقدوم مسلم ابن عقيل رسول الامام الحسين الى الكوفة ومقتله وتمثيل معركة الطف بكربلاء بجميع أحداثها , وهناك وسط المسرحية التي تصل الى ذروتها حين يتقدم أنصار الحسين وأهل بيتهم للقتال واحدا تلو آخر لتصل الملحمة البطولية الى ذروتها حين يقع الامام الحسين صريعا مخضبا بدمائه الزكية , والنهاية تكون عند هجوم القتلة على مخيم أهل البيت وحرقه وسبي نسائه والاطفال وأخذهم الى الشام وأهم من ذلك هناك تقمص الممثلين أدوارهم عن طريق محاكاتهم للوقائع التاريخية وأندماجهم فيها روحيا وجدانيا , وبذلك يستطيعون عكس مشاعرهم بشكل عفوي , مما يساعد على خلق أجواء تاريخية بالازياء العربية وركوب الخيل وحمل الرماح والسيوف , وغالبا ما يكونون أصدقاء أو من محلة واحدة في بعض الاحيان أما المنظم لهذه العملية أو المخرج فغالبا ما يكون رئيس الموكب أو شاعره أو خطيبه يقوم بتوزيع الادوار وتدريب الممثلين على أدوارهم وعلى القاء الخطب وركوب الخيل أو المبارزه, وكذلك أرتداء الملابس والمكياج وغيرها فهو يحدد متطلبات الزمان والمكان وكذلك عدد الممثلين وأزياءهم والديكورات بكل تفاصلها وكذلك حركة الممثلين وحوارتهم التي تجسد المشاهد الدرامية على المسرح أنه حقا مسرح هواة يعبر عن ذكاء وقابليات فطرية ومهارات شعبية وفولكلورية تطرح بشكل عفوي وليس مكتسبا أو عن طريق معرفة اكاديمية منظمة وأنما عن طريق أرث تقليدي ونجد كل المشاركين في الانتاج والاخراج وتمثيل المسرحية هم غير محترفين ولا يرجون من ذلك سوى طلب الشفاعة من جد الحسين.



#محمد_عبد_الزهرة_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نرجس لكل قلب
- تيارات الجدة التجريبية في المسرح الأوربي
- الجدة التجريبية واثرها في المسرح العربي المعاصر
- صراع الفلسفات في الحركة النقدية المعاصرة
- ِبناء الأيديولوجيات في الفكر المسرحي المعاصر
- التجليات الجمالية للمضامين في المسرح السياسي
- جماليات الأستجابة في دائرة الطباشير القوقازية ..( برتولد بري ...
- فؤاد التكرلي ..وفلسفة اللامعقول في الفكر المعاصر
- تعقيباً على رسالة اليوم العالمي للمسرح 2010 للممثلة البريطان ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الزهرة الزبيدي - المسرح والتعزية الحسينية .. وتصادم الحضارات