أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد هيبي - انه واحد وتكسر!














المزيد.....

انه واحد وتكسر!


أحمد هيبي

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 12:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إنه واحد . إنه شيء. إنه كل شيء. وهو لا شيء. هو الواحد الكبير إلى ما لا نهاية. الصغير، بحيث لا يُرى، ولا يمكن تقسيمه. فلا أجزاء له. ولا يمكن العبور من خلاله. إنه أزلي. لأنه واحد. ولكن أبديته تصبح موضع سؤال. ولكنّه تكسّر، وتحول إلى كلمات. إلى أفكار. إلى أناس هائمين على وجوههم. متردّدين. تحوَّل إلى سماء. إلى أرض. إلى جبال. إلى أحزاب.
لا نعرف متى تكسّر. ولا نعرف كيف تكسّر. تشقق أولاً. ظهر خط التكسر رقيقاً. ثم أخذ يتسع. بعدها ظهرت شقوق أخرى وانقسامات كثيرة. هل كانت هذه خطة؟ لا نعرف. ولكننا نعرف أنه تكسر. تشقق حتى لم يعد بالإمكان وقف التشقق. تشقق بسرعة الصوت، ثم بسرعة الضوء. نزلت منه مياه كثيرة. ثم جف فجأة، وكأنه سكن فوق سطح المريخ. إنه يحاول الإتحاد ولكن هيهات. هل يستطيع أن يعود إلى طبيعته الأولى. لا نعرف. محاولاته باءت بالفشل. حتى وهو يجمع أجزاءه يعود إلى الانقسام. أصبح اثنين وثلاثة وأربعة .... وآلاف وملايين.. ينقسم بلمح البصر. من الطرف إلى الطرف. حتى قال البعض أنه ولد متكسرا، أو أن طبيعته التكسّر.
لم نعد نرى الواحد. فقد أصبح كثيرا. أصبح قطعاناً. أصبح أمماً. أصبح ذرات صغيرة وإلكترونات لا تستطيع أن تراها بالعين المجردة. ولكنها تموء كالقطط، وتنسل كالثعابين، وتملأ كل ثقب ممكن. تنتشر في الفضاء, على شكل نحل أو طيور, أو جزيئات من الهواء. وعندما بدأت الكائنات تموت. تركها لنفسها. نفض يده منها. تحولت إلى جوامد. إلى جبال وصخور وكوارث طبيعية. حتى روحه العالية تكسرت, فظهر منها ملائكة مجنحة, وأخرى تعيسة وشيطانية.. فقد أخذت الأشياء طبيعته في التكسر، وبدأت هي رحلتها اللانهائية في التبدل والتغير. حاولوا جاهدين رأب الصداع. ولكن هيهات. فقد بالغ في التكسّر والتحول. لم يكن في طبيعته التحول. ولكنه تحول. تبدد. تمدد واتسع حتى لم يُعُد أمامه إلى الانقسام. إنهار مثل جدار. وفجأة تحول الجدار إلى حجارة صغيرة. كيف لم نرَ ذلك في البداية؟ كيف لم نرَ أنه مؤلف من لبنات وحجارة صغيرة وحصى وحبات رمل.
لم نكد نرى. ثم رأينا كل شيء بوضوح. انكشف السّر. وكان أولاً يحاول أن يخفيه. ازداد الانقسام وتجذر. تباعدت الأجزاء. والأنكى من ذلك أن الأجزاء نفسها عاودت الانقسام. تكسّر حتى لم يعد للواحد معنى. فلا يوجد واحد بين الكثرة. إنه أحمر وأخضر وبجميع الألوان. لأن الانقسام لا يأخذ لونا. أو إنه يتلوّن بعد ذلك. إنه واحد وتكسّر. ولذلك فهو ذاق طعم الموت. ولم يكد يعرف الموت. وذاق طعم الحُب, ولم يكد يعرف طعم الحُب. الحُب الذي في الاتحاد. الحُب الذي في العودة إلى الوراء. وعرف معنى الحياة. ولم تكن الحياة تعني له شيئاً. وعرف طعم النوم, ولم يكن يعرف النوم إليه طريقاً. وعرف طعم الخوف. ولم يكن يخاف أولاً. ولأن الشيء لا يُعرف إلا بنقيضه, فقد عرف المرض إذا ابتعد عن الصحة, وعرف الجوع إذا أصبح يتوق إلى الشبع. وعرف العوز إذ تبدّدت طاقاته العظيمة بين أجزائه الكثيرة. وعَرَف التردّد إذ فلتت الأمور من يده. وعَرَف الحرب عندما تاقت نفسه للسّلام الأول. حقا. إنه واحد وتكسّر.



#أحمد_هيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحدو عصر هم أنبياء العصر القادم
- أفكار حول اللانهاية
- هيراقليطيس .. لا يمكن عبور نفس النهر مرتين!
- السلحفاة .. يا طويل العمر
- ما هو التفكير الجبري؟
- هل أنت انسان طبيعي؟
- درس في غباء الجسم الانساني
- الجنس عند اليهود - الجزء الأول
- الذكاء المتعدد - أنواع الذكاء الانساني - أعمدة الذكاء السبعة


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد هيبي - انه واحد وتكسر!