أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حميد خنجي - مرثيةٌ للخلاسيِّ الذي جمعَ أجزاءَ الإنتماءاتِ المتشظّية 2 - 2














المزيد.....

مرثيةٌ للخلاسيِّ الذي جمعَ أجزاءَ الإنتماءاتِ المتشظّية 2 - 2


حميد خنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 14:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


معرفتي بمجيد مرهون أوبالأحرى رؤيتي له بعيون طفولية كانت قبل ذلك بسنوات، حين درستُ سنة واحدة في مدرسة القضيبيّة، الصف الرابع ابتدائي سنتي 1959 - 1960 (كان يسمى في ذلك الوقت الثاني ابتدائي) وكان بيت مجيد مقابل المدرسة تقريبا. كان التلاميذ يعرفون ذلك الخلاسيّ،"مجنون" الموسيقى، المولع بالايقاعات والأصوات،، حيث كانوا يومِئُون له بالبنان، في الوقت الذي بدأ صيته في الإنتشار مع آلته الموسيقية، التي كانت تصدح الأنغام عند الأماسي وهو يجوب حول وأطراف قصر القضيبيّة.. حين انبثقت في الظهور أسطورةُ "عازف السايكسفون" ، ذو الألحان الشجيّة وهو يرنو للأفقِ البعيدِ بين السماءِ الزرقاء وشاطىء البحرِ الذهبيّ !

إذا لم تخني الذاكرة..عرّفني مباشرة به إبن عمتي، الذي يكبر"مجيد" بسنوات معدودات، وذي علاقةٍ به، حيث كانا يرجعان سوياً من بابكو (شركة نفط البحرين) - في تلك الفترة - وانا مازلتُ في المرحلة الابتدائية.. لاحظته: شخصاً مرحاً يكاد يرقص طرباّ، لايقف عن الحركاتِ المتناغمة، بإيحاءاتٍ جسديّةٍ ودندناتٍ صوتيّة، ولاتفارق البسمة وجهه الأسمر الناعم أبداً .. قال لي إبن العمّة : "إنه مجيد سياه!.. العبقريّ المهووس بالموسيقى،، يعيشها ليلاً ونهاراً، يقتات من هذا الزاد ولا يشبع"! كان مجيدُ يعرف ويدرك أن رفاقه الأقربون يكنّوه بلقب "سياه"(الأسود).. يتقبل ذلك بطيب الخاطر! حاز على إعجابي ودهشتي حين لم ألحظ ان التندر على لونه قد يزعجه.. يبدو أنه كان قد تعود على هذه المزحة، التي لم تكن – بالطبع - من باب السخرية ! ..هكذا كان الجيلُ الثاني من كوادرِ "الجبهة" يتعايشون بتلقائيّةٍ وطيبةٍ نادرتين، وهم يخلطون الهزلَ بالجِدِّ ! .. ونحن الجيلُ اللاّحقِ كنا نتابع دروسَ الحياةِ، تترى على يدِ هؤلاء الأشقياء !

جرت الأيام وصار بيننا حب ومودّة استمرت سنين طويلة.. كان يقول لي أحياناً أنه يعزّني لاني أحمل اسم أبيه.. يقوله ببساطة نابعة من القلب،،، لم اقابل إنساناً بهذه العفوية في حياتي ! ،، نعم .. يقول نقّاد الفنّ الكبار أن احدى أهم خصائص الفنّ الرفيع هي "العفويّة"، وكانت هذه إحدى ذخائرِ مجيدِ العديدة،،، لا تذهبوا أبعد أيها الكتّاب.. يا من تبحثون عن سرّ عبقريةِ مجيد مرهون وملحمةِ حياته الرهينة !

مازلت أذكرُ، كما يذكر غيري بالطبع، من سكنة منطقة أرض مصطفى بالقضيبيّة، فيما كانوا نيّماً في صبيحة ذلك اليوم غير الاعتيادي، حين أفاقوا فُجأة من رقادهم على صوت دويّ انفجارٍ صاخب !.. لم نعرف وقتئذٍ ما سبب ذلك الصوت الرهيب. بعد ذلك عرف الناس عندما تجمهروا أمام السيارة المفخّخة، العائدة لأحد مسؤولي الأمن الخاص. لم يعرف أحدٌ في حينه من كان وراء تلك الحادثة إلا بعد سنوات معدودات، عندما اعتُقل مجيدُ،، وبقية القصة معروفة للعموم

سنحت لي، كما سنحت لغيري، فرصة السلام والتحية بعد سنواتٍ طوال، لم أرَ فيها مجيدَ بسبب وجوده في السجن لأكثر من عقدين! وبعد ذلك، على أثر رجوعي من الخارج، رئيته ثُانية.. وقد أصبح عضوا بجمعية المنبر الديوقراطي التقدمي،، باركتُ له العمل السياسيّ العلنيّ في صفوف "التقدمي"، مضيفٌ له، أن ما حدث من تحولات إيجابية في الوطن هي بسب نضالات أمثاله. قال شيئا لم أدرك كنهَه لحظتئذٍ ! ،، قال بما معناه أن له أمّان اثنتان..أمّه التي ولدته وماتت الآن، والأم الخالدة التي لاتموت !! كم شدّني ان أستفسر أكثر عن هذه الخالدة السّرمديّة ؟! أجاب : "أنها الجبهة (جتوب)، حزب الكادحين، لابديل لها.. فهي وُجدت لتبقى !" ولكني أجبته مستدركاً ان ما لدينا الآن جبهة علنيّة، عبارة عن "التقدمي".. لم يتّفق معي تماماً، منهياً حديثه قائلاّ: .."ان الأم هي واحدة، لاتتعدّد ولكن تتكاثر من خلال الأبناء والبنين. فشرف عضويتي يذهب أولاً للأصل، للأم .. ثم للفرع، البنت أو الواجهة" !

تحادثنا بعد ذلك مراراً وتكراراً،، في أمورٍ حياتيةٍ عديدةٍ، كلّما سنحت الصُّدفة. وكان آخرها، عندما أُدخِل المستشفى، في المرة قبل الأخيرة.. حيث تركَ المرحومُ – وقتئذٍ- إنطباعاً إنسانياً عميقاً لدى زوجتى، التي كانت ترافقني الزيارة تلك، حين تحدث معها بلهجةِ أهلِ الجنوبِ اللّبنانيّ ! ويا للحسرة.. كانت تلك آخر مرّة نرى فيها وجهَ مجيدِ البشوش!... لم أكن أتصور أن هذهِ الشعلةِ الملتهبةِ .. حياةً رحبةً، مشاعرَ عميقةً، إبداعاً متميزاً وفكراً وقاداً.. ستنطفىء قبل الأوان ! ولكن ... هل فعلاً انطفأت ؟!.. أم أنها استقرّت وهّاجةً في ملكوتِ الخلود !!

المجدُ لك يا مجيدُ



#حميد_خنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثيةٌ للخلاسيِّ الذي جمعَ أجزاءَ الإنتماءاتِ المتشظّية 1 – ...
- حول وحدة التيار الديمقراطي..ونحو تدشين..-الخط الثالث-
- الجذوة
- ايران..على أعتاب تغيير قادم
- ايران..غدا يوم آخر
- المشهد اللبناني الانتخابي.. والاحتمالات الأربعة
- احزان اليمن السعيد
- أربع كويتيات يدخلن التاريخ
- رائد الديمقراطية الخليجية في مفترق الطرق
- التقدمي يتهيأ لعقد مؤتمره الخامس
- مهام المرحلة الآنية في البحرين
- حول الخصوصية الراهنة في البحرين
- سمة المرحلة الراهنة في البحرين
- طريقان أمام السودان
- صولجان البشير
- الباطة السياسية
- الدولة والثورة في ايران بعد ثلاثين عاما
- رياح بهمن العاتية
- ثلاثينية ثورة بهمن
- لماذا لم تعضد -القوى العصرية- قانون الاسرة في البحرين


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حميد خنجي - مرثيةٌ للخلاسيِّ الذي جمعَ أجزاءَ الإنتماءاتِ المتشظّية 2 - 2