أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زهير الفارسي - الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”














المزيد.....

الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”


زهير الفارسي

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 21:53
المحور: كتابات ساخرة
    


يمكن أن نعرّف الإشهار بأنه وسيلة للتعريف بمنتوج ما، لغرض تجاري يرام من وراءه جذب أكبر عدد ممكن من المستهلكين. وتقتطع الميزانية المخصصة له من الربح الصافي أو تحتسب ضمن مجموع تكاليف إنتاج البضاعة. وقد تطور الإشهار إلى أن صار صناعة قائمة بذاتها، لها آلياتها وخبرائها، وحتى علماء يزودونها بمناهج واكتشافات العلوم الإنسانية، كعلم النفس الفردي والاجتماعي والسوسيولوجيا واللغة.. وهي صناعة مافتئت تتوسع وتتطور وتستحيل أكثر تركيبا و تعقيدا مع تقدم الزمن.

وقد ولد الإشهار من رحم الرأسمالية، كنظام اقتصادي اجتماعي يقوم في جانبه الاقتصادي على مبدأ الإنتاج السلعي الموجه للتسويق وتحركه الرغبة في الربح أكثر ما يمكن، وتكون النتيجة غزارة في الإنتاج بأحجام وكميات تفيض أحيانا عن الحاجة الاستهلاكية العامة أو لا تتناسب مع عدد الزبناء القادرين على الدفع مقابل البضاعة. ولنقل بلغة الاقتصاد: العرض يفوق الطلب، والنتيجة جزء من البضائع سيجد طريقه إلى التصريف والجزء الآخر، الذي قد يكبر حجمه أو يصغر، يكون مآله البوار.

ولما كان الوضع هكذا، كان لابد من الإستنجاد بالإشهار، كآلية تساعد على تجاوز هذا المطبّ، وتحسم قسمة "كعكة" السوق بإدخال عامل آخر في صراع المزاحمة هذا. وقد يلجأ في بعض الأحيان إلى أساليب أقل ‘نظافة’ وأكثر فتكا.

ولئن كانت غاية الإشهار الرفع ما أمكن من عدد المستهلكين فإن "صناع" ومنظري الإشهار كثيرا ما يتوسلون لبلوغ ذلك طرقا وأساليب هي من صميم الاحتيال والتدليس (الإيحاء بالشعور بالسعادة ، الإيهام بالرقي إلى مراتب النجوم والمشاهير عند استهلاك المنتوج..) أو استغلال الكبت الجنسي (شكل القناني ينحت في قوالب تتخذ شكل جسد المرأة ،أو الإثارة الجنسية لكل جنس بمقابله من الجنس الآخر).

ولما كانت الحاجة إلى الإشهار من طرف الشركات الصناعية الرأسمالية ملحّة، فقد استحدثت قنوات ووسائط لتنهض بمهمة الإشهار كاللوحات المبثوثة في أرصفة الطرقات والشوارع، والملصقات الكاسية لواجهات المباني ووسائل النقل الجماعي، وكذلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وهي بأعداد غفيرة تعتاش على عائدات الإشهار بشكل رئيسي (كتعبير عن هذه التبعية يقال أن الجريدة تباع مرتين:مرة للقارئ ومرة أخرى للمستشهر) بل وقد ظهرت جرائد مجانية توزع بأعداد ضخمة وهي آخذة في الانتشار والتوسع.
وبسبب من طابعها الطفيلي في مسلسل الإنتاج-وسائط الإشهار- وارتهانها بالمستشهرين فقد استغل هؤلاء هذا الأمر من أجل ابتزاز عائد آخر من وراء الإشهار، وهو التحكم في السياسات التحريرية لوسائل الإعلام والضغط عليها من أجل الإحجام عن نشر أخبار وفضائح تخصها، أو خوض حروب بالنيابة عنها ضد المنافسين الإقتصاديين والخصوم السياسيين، ولنا في هذا الباب أمثلة كثيرة ومتواترة لأصوات معروفة بتوزيع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال لكن هذه الأصوات نفسها حين يتعلق الأمر ب"بارونات" الإشهار تصير بكماء أو تتطرق الى مواضيع ليس لها طابع الحدث، وبذلك تحاول تشتيت اهتمام القراء أو "تهريب" النقاش شطر مواضيع تافهة وبعيدة عن قضايا الشعب الحقيقية. ولأن الحدود بين السياسة والاقتصاد، متاخمة لبعضها البعض ومتداخلة، بل شبه منعدمة وبخاصة في الدول المتخلفة، ويعتبر كل منهما-الإقتصاد والسياسة- مقدمة ونتيجة للعنصر الآخر في نفس الآن و بشكل جدلي، فإن بعض أصحاب القرار السياسي يلجئون أحيانا إلى الضغط على الشركات التي تعلن في جريدة ما، منتوجها وتكون هذه الجريدة ضمن الأصوات المزعجة للسلطة، يلجأ-أصحاب القرار- إلى التلويح بالمراجعة الضريبية و المساومات.

ولهذا يمكن أن نخلص إلى أنه مالم يتم التفكير في طرق بديلة لتمويل وسائل الإعلام، فإن الحديث عن استقلالية الخطوط التحريرية للمقاولات الصحفية، لا يعدو كونه نوعا من التضليل يستعمله البعض كعلامة تجارية لجلب الزبناء والإيهام بالتميز.. وإن حسنت النوايا فالأمر يكون نوعا من اليوتوبيا الصعبة التّحقق.



#زهير_الفارسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهي الهوية بالنسبة إلي؟ !!
- يوم بدون حاكم عربي!!
- الأعياد الدينية..من الطابع الديني إلى الإحتفالي
- أمريكا تقدم يد العون..والخلاص أيضا!!!
- المال مقابل لقب من درجة حكيم


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زهير الفارسي - الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”