أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم محمد لطيف الحياني - مدينة العيون















المزيد.....


مدينة العيون


كاظم محمد لطيف الحياني

الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 19:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مدينة العيون
والهُوية الحقيقية للمدينة

منتدى هيت الادبي
للمدينة اثر كبير في حياة الإنسان فهي دار النشأة الأولى وملعب الصبا وأرشيف الذكريات ، بالإضافة إلى أنها رمزا للوطنية . فللمكان شان ووقع خاص على الإنسان فهذا مادح له وهذا ذام له كل حسب رؤاه ومنطلقاته المختلفة. لهذا نشط مفكروا المدن انطلاقا من حبهم لمدنهم في التأليف والكتابة عن تاريخا فظهرت بعض الكتب التي أنشئت في حق المدينة فلهم فضل كبير وشكر وثناء جميعا، ولمدينتنا نصيب في ذلك يتقدمهم الشيخ رشاد الخطيب رحمه الله وأحسن مثواه . ونحن أبناء هذه المدينة (( هيت )) كلنا يعرف شيئا من تاريخها ، ولكن لا يزال الكثير من جوانب هذا التاريخ يحتاج إلى تدقيق عميق وبحث طويل في المصادر التاريخية والدراسات البلدانية ، وأظنه حديثا شيقا يغري المؤرخ على البحث والتنقيب والتدقيق . ولا أريد أن استقصي عوامل وأسباب نشأت المدن فهذا أمر يعرفه أهل الاختصاص من علماء (( جغرافية المدن)) ولكن أشير إليه إجمالا دون تفصيل وبمقدار ما يمس الموضوع ويدعمه لإبراز واثبات النواحي التي تهمنا لما نريد أن نقوله ونطرحه .

الهُوية المزعومة :
من المعروف لدى المعنيين من المؤرخين والمفكرين أن لكل مدينة هوية تعرف بها وتشتهر بين الناس وتصبح شعارا ورمزا يعرفه الناس أجمعين ، وعلى أن يكون هذا الرمز متفردا للمدينة وحدها لا يشاركها ويقاسمها فيه احد من المدن الأخرى . لأنه مثل بصمة الإنسان التي تختلف من إنسان إلى أخر وان لم تكن كذلك فلا يصح أن يسمى رمزا أبدا .
ولكن القول الذي درج عليه الناس في مدينتنا وتعارفوا عليه وأصبح بمثابة هوية للمدينة وشعارها أنها بلد النواعير .
ونسوا أو تناسوا وفي أحسن الأحوال وقعوا في الغفلة عن أمر مهم هو إنها ليست المدينة الوحيدة التي يدور فيها الناعور . بل أن هنالك مدن أخرى تمتلك تلك الآلة المعروفة الغرض .
انطبعت تلك المقولة الخاطئة في أذهان الناس بالرغم من أن الناعور اندثر في مدينتنا واخذ مكانه الصحيح في متحف الذكريات على شكل صور فوتوغرافية يشاهدها الناس عند هواة التصوير ومحبيها.
تأملت هذا القول وأعملت فيه النظر فوجدته لا يخلو من شطط ولم يرزق حظه من الصواب.
كيف أن رمزا درست آثاره وعفت وطمست معالمه يصبح رمزا وهوية ؟؟ لا ادري . ومن ثم من نعت هيت إنها مدينة النواعير ؟ ومن ذا الذي عزا أو الذين عزوا هذه النسبة ومن.......... ومن........ أسئلة كثيرة لا أريد أن استغرق في إيرادها وطرحها .واعتقد أن الهوية للمدن تكون شيئا غير قابل للتغيير أو الاندثار ، وان نصر ونتمسك دون دليل أو دعم تاريخي أو علمي لهوية ذهبت وغابت هي (( الناعور)) وكأنه أمر تواتر عليه سكان المدينة أو هكذا يظهر لي.
بالإضافة إلى أن هذا الكلام لا يقنع ذا معرفة بسيطة ورأي سديد ، فكيف يقنع باحث علمي أو مؤرخ له ومن أهل التحصيل وأرباب الاجتهاد إذا ما عرض الأمر عليه أو مر به.
وهنا يتبادر سؤال لابد منه سواء جاء من احد أبناء هذا الجيل أو من زائر حطت ركائبه في المدينة : أين هي هوية المدينة المدعاة كما تعتقدون وتزعمون؟ أظن إنا لا نحير جوابا : إنها اندرست وبيدت ولم يبق منها غير الدوالي حسيرة . أبعد هذا يبقى مسوغ أو منطق يدعو إلى التمسك في شيء اندثر وباد ونجعله في مقام من له السابقة ، وان تقيد المدينة بهذا القيد البائد الذي لا تستطيع منه فكاكا أو خلاصا ، وان تسلب منها وتمحى هويتها ويحجب الوجه الحقيقي للمدينة . ويبدو لي أن الذي يرى الناعور هو الهوية الحقيقية للمدينة رأي متهافت لا يصمد ولا ينهض بالدليل أمام النقاش الموضوعي إذا ما تداولت فيه الرأي وحككت معدنه. حينها يظهر لك انه كلام هذر لا يعتد به .
ولا مشاحة أن الأصل لا يتقدم على الطارئ ، أي بمعنى لا يمكن أن يكون هناك ناعور إن لم يكن هناك ماء . فهل من المعقول أن نجعل من الطارئ رمزا ونقبل به ، وهنا نحن نراه وقد ذهب وأصبح ذكرى، فهل يمكن أن تكون هوية المدينة شيئا مرهونا بالة ميتة قد تلاشت.

وللشعر دور :
أرى إن الذي ساهم بصورة غير مباشرة في ترسيخ ورواج هذا العنوان في أذهان الهيتيين هو الشعر لما له من عاطفة ورومانسية طاغية تدغدغ عواطف الناس وتجعل من عقولهم تصّعد إلى غطيط وسبات عميق .
ربما لم يكن قولهم بتخطيط أو بقصد منهم ولكنه ذهب إلى الاتجاه الخاطئ حيث اخذ بعواطف الناس ووجهها إلى نقطة الانطلاق في جميع ما ينهضون به من أعباء ، أو ينشطون إليه من أعمال ,.
ولكن الحقيقة على العكس مما حلموا وما اعتقدوا وظنوا ، وهذا في زمن كان للشعر الدور الكبير والمؤثر في توجيه الرأي وقيادته في المجتمع . وبذلك صنع الشعر حاجزا ضبابيا وعقبة منيعة كسف الحقيقة ومنعها من الظهور.

الهُوية الغائبة :
من الطبائع التي طبعت العربي حبه وتعلقه بالماء والتغني به لما له من اثر كبير في حياته القاسية وكم من معاني وحكايات ونحو ذلك . حفلت بها كتب التاريخ والتراث عن الماء . وقصة بئر زمزم وحفرها معروفة ومشهورة بين المسلمين كافة ولا أريد الإفاضة في سردها فهي معروفة في كتب السير والتاريخ، وكيف أن خلافا ونزاعا حدث بين عبد المطلب جد النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وما رافق ذلك من النزاع من مساومة بينه وبين قومه على شرف سقاية الحجيج ، ومن يطالع تلك القصة يلمس ما للماء من قيمة عند القوم آنذاك .
ثم وأنت تمر ( بديوان العرب ) الشعر الجاهلي وحتى الإسلامي في عصوره وعهوده المختلفة ترى الألفاظ الجميلة والرائعة التي تصف الماء وهذه بعض منها(1) :
- غدير كعين الشمس ، غدير ترقرقت فيه دموع السحائب .
- في صفاء الدمعة ، كلسان الشمعة.
- بركة كأنها مرآة السماء ، بركة مفروزة بالخضرة ، كأنها مرآة مجلوّة .
وهذا مثل من الأشعار التي وصفت لنا جمالية الماء وأشكاله :
يقول زهير بن أبي سلمى في معلقته :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم
معاني وصور جميلة يحملها هذا البيت الشعري قوم أتوا إلى الماء شديد الصفا ازرق يميل إلى الخضرة اجتمع في هذا الحوض أو الغدير وحللن عليه ، والقوا عصيهم وهذا مثل يضرب لكل من أقام ولم يسافر (( ألقى عصا السفر )) . ونصبوا خيامهم عند هذا الماء .
ولأبي عبادة البحتري الشاعر المشهور بالوصف للطبيعة والعمران قطعة شعرية لا نستطيع تجاوزها لما فيها من وصف جميل جدا لبركة الجعفري في قصر المتوكل الخليفة العباسي الذي بناه في سر من رأى . واترك التعليق عليها للقارئ الكريم وهواه لما شاء أن يقول :
يا من رأى البركة الحسنا ورونقها والآنسات إذا لاحت مغانيهــــــــــا
ما بال دجلة كالغيرى تنافســــــــها في الحسن طورا وأطوارا تباهيها
إذا علتها الصبا أبدت لـــها حبـــكا مثل الجواشن مصقولا حواشيهــا
فحاجب الشمس أحيانا يغازلهــــــا وريق الغيــث أحيانا يبـاكيــهــــــا
إذا النجوم تراءت في جوانبــــــها ليلا حسبت سماء ركبت فيـــــــها
كأنما الفضة البيضاء ســـــــــائلة من السبائك تجري في مجاريــها
تنصب فيها وفود المــــــاء معجلة كالخيل خارجة من حبل مجاريـها
كأن جن سليمــــــــــان الذين ولوا إبداعها فاد قوافي في معانيـــــها
فلو تمر بها بلقيس عن عــــــرض قالت : هي الصرح تمثيلاً وتشبيهاً

شعر جميل جداً يفوق بحسب رأي جمال البركة ذاتها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القيرواني – زهر الآداب وثمر الألباب- ج1 236- 237





الهُوية الحقيقية :
حتى لا يذهب فكر القارئ واحمله نصباً أسرع لإخراجه من هذه الحيرة ولأضع بين يديه وأيدي الهيتيين الهوية الحقيقية للمدينة بعد كل هذه السنين والقرون ربما من الغياب والحجب ، وما يجيز في النفس من أسى ولوعة أن تغيب هذه الميزة الحقيقية وتحجب لفترة طويلة جداً .
هُوية لا يمكن أن تندثر أو تزول رغم عوادي الزمن وتعاقب السنين ، لأنها ليست من إبداع الإنسان أو صنعه . إنما هي من إبداع وخلق الله سبحانه وتعالى ولا يعلوا على بديع صنعه . إنها العيون ـ العيون التي تتميز بها المدينة على سائر المدن الأخرى على حد علمي ـ وبمختلف أنواعها .
و مدينة هيت تنبع في أرضها ثلاثون عيناً أو أكثر منتشرة في أرجاء المدينة وعند أطرافها وقراها المجاورة .
وطالما أن الشيء يعرف بعلاماته وآياته وهذه من ابرز وأوضح الواضحات .إن العين بل العيون هي من علامات المدينة دون منازع مثلما الرجل يعرف بحليته .
وقدر هذه المدينة أن في أرضها عيوناً أنبط الله تعالى ماءها فأخرجت سواداً من قار وغيره أفاد منها الناس فمنها ما يزرعون ومنها ما يشربون ، ومنها ما يدخل في أعمال البناء من حين وضع الأسس إلى السقوف ، فيوضع في الأساس كمانع للرطوبة وعلى السقوف لمنع تسرب الماء من خلالها وأكاد اقطع أن أسطح المدينة كلها مبلطة بالقار الذي يتساقط صيفاً من الميازيب على رؤوس وأبدان المارة الغافلون إلا من اخذ حذره حين المرور من تحتها ، أما الأراضي فتبدو كقطعة من الرخام الأسود الصقيع للناظر إليها . وكما تطلى زوارق الصيد ونقل البضائع . أي فضل عظيم هذا . مّن به الله على هذه المدينة . أفلا نكون عباداً شاكرين .

أسماء العيون :
بعد ما تقدم نضع أسماء بعض من هذه العيون ( اعتمدنا على كتاب الشيخ رشاد الخطيب (رحمه الله) في التسمية الجزء الثاني الصفحة (91/92) ):
1. عين الدروب الشرقية
2. عين الدروب الغربية هذه الثلاث يستخرج منها الزفت ((السيالي))
3. عين الوسطانية الأولى
4. عين الطيف
5. عين كويسم
6. عين البقليات البرانية
7. عين الزدادية : نسبة إلى القير المسمى (زدادي)
8. عين الحماد
9. عين لايك
10. عين نعمان صدف
11. عين الذهب - ينبعث منها غاز يحترق بالإضافة إلى القار
12. عين المعمورة
13. عين العطاعط الأولى
14. عين العطاعط الثانية
15. عين المرج
16. عين الجبهة
17. عين الحواصل
18. عين جرورة
19. عين البقليات الجوانية
20. عين سليم الصفار
21. عين عبد الملاح
22. عين الجربة
23. عين الوسطانية الثانية

عيون كبيسه ومنها:
1. العذي
2. عين الأرنب
3. عين زعزوع
4. عين القيقة
5. عين حبيش
6. عين الخضرة
7. عين الحجية


ولا تزال اغلب هذه العيون على جريانها ونبعها رغم ما أصاب بعضها من إهمال وعدم اكتراث . وغياب العناية بها وتسليط الأضواء عليها والتعريف بها ورغم هذا فإنها باقية تنبض بالحياة لأنها أزلية سرمدية.
وان التفصيل في ما تخرجه هذه العيون من المواد المختلفة الكبريتية والمعدنية وغيرها لا يهمني كنّتها فهذا مجال الباحثين لكشفها والتعريف بها.



شواهد تاريخية :
عرف سكان العراق قديما وحديثا إن هذه المدينة تشتهر بالعيون المنتشرة في المدينة وحولها وهناك من الشواهد التاريخية الكثيرة ، وسأكتفي بإيراد شاهد تاريخي واحد مع شهادة من احد الأساتذة الخبراء في الحضارات القديمة ووادي الرافدين وله العديد من المؤلفات الرصينة تزيد على ثلاثين مؤلفا .


الشاهد التاريخي :
جاء في مقدمة شريعة حمو رابي والتي عرفت واشتهرت بمسلة حمو رابي ما يأتي :
(الأول بين الملوك
المسيطر على مناطق الفرات
بأمر خالقه الإله دكان،
الذي أحسن إلى سكان مدينة (ميرا) ومدينة ((توتول)) . انتهى(1)
تأمل معي أخي القارئ الكريم هذا النص مليا ، وقف عند كلمة (أحسن) جيدا أي إحسان هذا الذي فعله الملك حمو رابي مع سكان هذه المدينتين ، وماذا أعطاهم ؟ وماذا أراد منهم ؟
ولماذا الملك حمو رابي يحسن لأهالي هذه المدن وفوق هذا يضع ذلك في مقدمة المسلة الشهيرة (مسلة حمو رابي) ؟ وماذا استخرج منها من منافع وعاد عليه بنفع كبير؟ قطعا أمر ليس عابر أو شيء بسيط أسئلة بحاجة إلى الكشف عن إجابة لها .














1. د.فوزي رشيد- الشرائع العراقية القديمة-116

ميرا : من مدن العهد البابلي ويخمن أنها مدينة ماري الواقعة على نهر الفرات والتي تعرف اليوم تل الحريري والواقعة بالقرب من مدينة البوكمال.

توتول : من مدن العهد الاكدي والعهد البابلي القديم يعتقد أنها بالقرب من مدينة هيت.



شهادة خبير:
في جواب على سؤال وجه إليه في محاورة مع المهندس الدكتور احمد سوسه قال :
(إن الملاحة في نهر الفرات وفي جداول الري لعبت دورا مهما في دعم الاتصال المستمر بين السومريون في الجنوب والساميين في الشمال ، وكانت السفن تسير في نهر الفرات مارة بالمستوطنات السامية على طول ضفاف الفرات في طريقها إلى بلاد سومر وهي تنقل القار من هيت ، الذي كان السومريون يحتاجونه بكميات كبيرة في بناء مختلف منشات الري في مشاريعهم الزراعية)1 انتهى.
هذا ما نريد أن نؤكده ، فالسومريون والبابليون والاكديون وغيرهم من الأقوام اللاحقة التي سكنت ارض العراق وشيدت حضارتها .جميعهم جاءوا إلى هيت طلبا لمادة (( القار)) الثمينة في ذلك الوقت ، وغيرها من المواد التي تخرجها عيون المدينة. فلا جرم أنهم كانوا في أمس الحاجة إلى هذه المادة المهمة لديهم . وقيلت عنها حكايات أفاض بها خيال الإنسان العراقي القديم وهو يسمع أصوات المياه وهي مندفعة مع الغاز الذي تنفثه إلى الأعلى محدثة أصوات رسمت لخياله قصصا حولها.
وهكذا اظهر لنا بصورة دامغة إن كل هذه الأقوام قد شدت الرحال إلى مدينة هيت وبالتحديد إلى عيونها . والحديث عن العيون أمر طيب الذكر ، جميل المآثر وذلك خير . بل إن كلمة ( عين ) والتلفظ بها جميل جدا.

العين في اللغة :
جاء في معاجم اللغة
عين2 : العين الجارحة ، وهي حاسة الرؤية وهي مؤنثة جمعها : أعين ، عيون ، أعيان ، تصغيرها عُيينة. كما إن هذه الجارحة أفضل الجوارح ومنه قيل (( أعيان )) القوم لأفاضلهم ، واعيان الأخوة لبني أب أو أم .
ومن المفيد أن نعرض بعض الكلمات والمعاني التي استعيرت لها كلمة عين وجاءت معها لتؤدي معاني مختلفة منها:
• أعين وعيون : قال تعالى (( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ))
• وتقول عنتُ البئر أثرتُ عين مائها قال تعالى (( إلى ربوة ذات قرار ومعين ))


1. حميد المطبعي . محاور في الفكر والتاريخ – 53
2. الراغب الاصبهاني – المفردات في غريب القران - 357




• ونقول : أحفظه وأراعيه كقولك هو بمرأى مني ومسمع ، قال تعالى (( فانك بأعيننا )) ، ((واصنع الفلك بأعيننا ))
• ونقول لبقر الوحش : أعين وعيناء لحسن عينهُ وجمعها عينُ وبها شُبه النساء قال تعالى : ((قاصرات الطرف عينُُ )) و ( وحور عين ))
• وقيل للذهب عينُُ تشبيهاَ بها في كونها أفضل الجواهر.
• ويقال لمنبع الماء : عينُ تشبيهاَ بها لما فيها من الماء
• ونقول :عين الشمس ، عين المال الناضُّ ، عين الشيء خياره ، عيون المها ، عيون سومرية.
• سقاء عينُ ومعينُ : إذا سال منها المال.
• ونقول : صار خبرا بعد عين .
• كما أن كلمة نبع : خرج الماء من العين
• الينبوع : عين الماء ومنه قوله تعالى (( حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا )) ومن المفيد أيضا أن نعرض بعض الآيات القرآنية التي تؤدي نفس المعاني السابقة :
• قال تعالى : (( وأعينهم تفيض من الدمع )) المائدة -45
• وقال تعالى (( قرت عين لي ولك )) القصص -9
• وقال تعالى (( كي تقر عيني )) – القصص – 13
• وقال تعالى (( عينا فيها تسمى سلسبيلا )) – الإنسان – 18
• وقال تعالى (( وفجرنا الأرض عيونا )) – القمر – 12
• وقال تعالى (( فيها عينان نضاختان )) _ الرحمن – 66
• وقال تعالى (( واسلنا له عين القطر ) – سبا – 12
• وقال تعالى (( في جنات وعيون )) – الذاريات – 15
• وقال تعالى (( من جنات وعيون )) – الدخان – 25
• وقالت تعالى (( فمن يأتكم بماء معين )) – الملك – 30
• (( عينا يشرب بها المقربون ))- المطفيفين – 28
• (( تسقى من عين آنية )) – الغاشية – 5
• (( ثم لترونها عين اليقين )) – التكاثر- 7
• (( لهم من قرة أعين جزاء )) – السجدة – 17
• (( فانبجست اثنتا عشرة عينا )) – الأعراف -160

بعد ما تقدم لا أرى داعي يرضي ويقنع للإصرار على أن الناعور هو المسلمة التي لا يمكن أن نحيد عنها أبدا ، أو التنازل عنها لصالح الهُويـة الحقيــقيــة للمــديــنة (( العيون ))
وكذلك أيضا لا داعي لان تترنح الأعطاف وتتلوى الأعناق لمجرد ذكر الناعور . وهنا لفته أراها مهمة ولا بد منها :
فرغم ما جاء من وصف رائع وأخاذ أفرغ في قالب الجمال لبركة الجعفري على لسان البحتري وما أنفقه الخليفة العباسي المتوكل من أموال طائلة لبناء قصره السالف الذكر ، إلا أنها أصبحت أثرا بعد عين ، وان لوقفة على عين الذهب ورمي عود ثقاب في فورة من فورات العين تسمع وترى لها أجيجا وزفيراَ يندفع على شكل نافورة وسط الماء والقار في صورة بديعة الحسن ظريفة تملأ النفس بهجة وسرورا ، تتفوق على وصف البحتري للبركة .
وإجمالا إن الله تعالى خص المدينة بعيون يندر أن توجد في مدينة غيرها بهذه الكثرة وهذا الجمال : فلا خشية من أن ُيتخذ الأمر هزؤا أو نبزا من البعض أو أن ُيتهامس بشيء من السخرية , فلا تعدمُ الحسناءُ ذاما كما يقال .
وان ما قدمناه وما ذكرناه من أدلة لا أرى وجه فيه للاعتراض ، ولا سبيل عليه لآخذ . فالمواطن الهيتي تعايش مع هذه الحالة وأصبحت جزء من حياته وواقعه . فمنذ أن يولد الهيتي يرى النور تسطع رائحة العيون الحادة انفه بنفح الطيب رغم ما يقولونه أصحاب ألأم الأنوف .
وأخيرا إن الذي يراه معدن أو مادة لا قيمة فيه فان الهيتي يراه معدن مسك وأطيب من كافورة وريحانه .


المصادر
1. الشيخ رشاد الخطيب – هيت في إطارها القديم والحديث ط1
2. إبراهيم بن علي الحصيري القيرواني – زهر الآداب وثمر الألباب ط- 2005 بيروت المكتبة العصرية
3. د. فوزي رشيد – الشرائع العراقية القديمة – ط – 1979 – دار الرشيد للنشر – بغداد
4. حميد المطبعي – محاور في الفكر والتاريخ – ط – 1979 – دار الرشيد للنشر – بغداد
5. الراغب الأصفهاني – المفردات في غريب القران – ط5 – 2007 – دار المعرفة – بيروت




#كاظم_محمد_لطيف_الحياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم محمد لطيف الحياني - مدينة العيون