أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟















المزيد.....

لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العرب هم أكثر شعوب الأرض الآن حديثاً عن الديمقراطية. وهم في الوقت ذاته أقل شعوب الأرض تمتعاً بالديمقراطية وتطبيقاتها. وعندما كتبتُ كتابي (الفكر العربي في القرن العشرين 1950-2000) بأجزائه الثلاثة عام 2001، وكنتُ أبحث عن أهم محاور الفكر السياسي العربي، وجدتُ أن الديمقراطية من أكثر المحاور الفكرية السياسية التي تحدث عنها المفكرون السياسيون العرب، وأولوها اهتمامهم الأكبر.



لماذا كل هذا الاهتمام؟

وربما كان ذلك ناتج في - رأيي – عن شعور بالنقص من ممارسة وتطبيق الديمقراطية منذ عدة قرون حتى الآن، نتيجة لظروف سياسية قاسية، مرَّ بها العالم العربي والأمة العربية، بدءاً من عصر الانحطاط الذي بدأ في نهايات العصر العباسي الثاني وامتدَّ مع الحكم العثماني والاستعمار الغربي الذي لم يرحل عسكرياً ونهائياً إلا في عام 1971 عندما نالت "الأمارات العربية المتحدة" استقلالها. وإن تكن أجزاء من العالم العربي الآن، ما زالت مرتهنةً للغرب سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً، وأن الجيوش الغربية التي غادرت في النصف الأول من القرن العشرين وبداية النصف الثاني من هذا القرن، عادت إلى العالم العربي، وبنت لها قواعد عسكرية جديدة، وتمركزت فيها.



هل الاستعمار سبب الفشل؟

ولكن السؤال الآن:

هل الاستعمار والهيمنة العثمانية والغربية هم سبب تعثُّر المسيرة الديمقراطية في العالم العربي، أم أن هناك أسباباً أخرى أكثر أهمية وأكثر تأثيراً من السبب السابق؟

وهل كنتُ منصفاً قبل تسع سنوات، عندما قلتُ في (الفكر العربي في القرن العشرين): "إن الشعب العربي لا يستحق الديمقراطية طالما أن أُميّاً واحداً ما زال يبصم على البطاقات الانتخابية، ولا يُفرِّق بين صناديق الاقتراع ومطاريق الإتباع" (والمطاريق معناها: الإبل التي يتبع بعضها بعضاً إذا قرُبت من الماء).



دور الأُميّة الأبجدية في الإعاقة الديمقراطية

فما هي علاقة الأُميّة وما يتبعها من جهل سياسي وثقافي بمسيرة الديمقراطية؟

إن التخلف الفردي المتمثل بالأُميّة ساهم إلى حد كبير في عوائق تطبيق الديمقراطية في العالم العربي، فيما لو علمنا أن متوسط حجم الأميين في العالم العربي، لا يقل عن 50% حسب تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2009.

وأمامنا أهم تجربتين ديمقراطيتين في العصر الحديث، وهما التجربة الفرنسية والتجربة البريطانية.

في فرنسا تأخرت التطبيقات الديمقراطية كثيراً. فالمرأة الفرنسية – مثالاً لا حصراً – لم تظفر بالحق الديمقراطي المتمثل في التصويت والترشيح إلا في عام 1962 في عهد الرئيس ديجول فقط. والسبب في ذلك لا يعود الى أن المجتمع الفرنسي والماكينة السياسية الفرنسية والرأي العام الفرنسي كانوا ضد حقوق المرأة السياسية، ولكنهم وبالخط العريض كانوا ضد حقوق المرأة الأُميّة السياسية. لأن الحق السياسي عندما يُعطى للجاهل والأمّي، فإنه يسيء استخدامه بما يعود على الوطن بالضرر الأكبر. ولكن في عام 1962 بلغت نسبة الأُميّة بين الإناث الفرنسيات حداً أدنى ونسبة قليلة جداً، فتقرر منح المرأة الفرنسية حقها السياسي المشروع. وكان لديجول الفضل الكبير في ذلك. ومرة أخرى يلعب السلطان دوراً مهماً في مسيرة الحداثة والإصلاح.

كذلك الأمر كان في بريطانيا، حيث لم تحصل المرأة على حق التصويت إلا في عام 1918، مع اشتراط تجاوز سن الثلاثين سنة. وكان سبب هذا القرار ليس نفياً وإقصاءً للمرأة في الماضي، وإنما حذراً وبُعداً للمرأة الأُميّة الجاهلة التي يمكن أن تأتي بنار حريق الجهل إلى مجلس العموم البريطاني وإلى الوطن والشعب البريطانيين. وبعد انتشار التعليم في بريطانيا بشكل واسع للذكور والإناث وانخفاض نسبة الأُميّة بين الإناث البريطانيات، سُمح لهن بالانتخاب والترشيح، حتى يستطعن التمييز في ذلك الوقت بين الصالح والطالح.



أُميّة الرجل بالمرأة والعكس

يقول بعض علماء الاجتماع، إن نفور المرأة من الرجل والرجل من المرأة، يعود إلى خوف كل منهما من الآخر. وهذا ناتج عن عدم المعرفة التامة لكل طرف بالآخر. وأن قاعدة أن "الإنسان يخاف ما يجهله" تنطبق كذلك على علاقة الرجل بالمرأة.

ومن هنا، كان تأخير السماح للمرأة في بريطانيا وفرنسا بالانتخاب والترشح، لكي تُعطى الفرصة الكافية لمحو أُميّة الرجل بالمرأة، وأُميّة المرأة بالرجل.

فمع أُميّة المرأة الأبجدية في كل من بريطانيا وفرنسا، كانت هناك أُميّة المرأة في معرفة الرجل وأُميّة الرجل من معرفة المرأة. وهذه الأُميّة من كلا الطرفين متأتية من أن الذكر لم يكن يعرف الأنثى في المدرسة والشارع والعمل. وكان يعرفها في البيت فقط، من خلال أمه، وأخواته، وأقاربه. أما المرأة في الفضاء الاجتماعي الواسع، فلم تكن تعرف الرجل كذلك، فكيف يمكن لها أن تنتقيه وتنتخبه للزواج وللتمثيل السياسي، دون الآخرين؟

ولذا، فلقد سبق السماح للمرأة بالترشح والانتخاب، السماح لها بالعمل، وفتح أبواب العمل أمامها، لكي تشارك الرجل في بناء المجتمع مشاركة فعليه، وللقضاء على أُميّة الرجل بالمرأة وأُميّة المرأة بالرجل، فيما لو علمنا أن المرأة تشكل نصف المجتمع، إضافة إلى أنها حاضنة ومربيّة النصف الآخر.



متى نقترب من الخوف لكي نأمن؟

وتلك هي أزمة المرأة في العالم العربي، وواحدة من أسباب تعثر الديمقراطية فيه. فالرجل العربي – عامة - يخشى ويخاف المرأة، لأنه لا يعرفها، ولا يختلط بها، إلا في المنزل فقط. والمرأة تخشى الرجل، وتجفل منه، جفل الغزلان من الأسود والنمور في الغابة، لأنها لا تراه، ولا تقترب منه، ولا تعرفه إلا في المنزل فقط. والمثل العربي يقول: "إقرب من الخوف تأمن". واقتراب المرأة من الرجل واختلاطها به في المدرسة والشارع والعمل يمحو سلطة الخوف من الرجل والمرأة، وتصبح المرأة كائناً سوياً بدون عقد نفسية تجاه الرجل. كذلك يصبح الرجل. وهذا ما يعرف بمحو أُميّة الرجل في المرأة، ومحو أُميّة المرأة بالرجل؛ أي الجهل بالآخر. وهذه لا تختلف كثيراً عن محو الأُميّة الأبجدية أو الأُميّة الثقافية عند المرأة والرجل.

إذن، فأمامنا مشوار طويل لتطبيق الديمقراطية. والفرق بيننا وبين الأمم الأخرى أن الأمم الأخرى بادرت لمكافحة هذه الأميات مبكراً بما أتاح له وضعها الثقافي والسياسي والاجتماعي، في حين أننا بقينا حتى الآن مترددين وخائفين أمام تحديات العصر وقيمه الجديدة.





#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيكون 2010 عام خروج فلسطين من الأنفاق؟
- أيها الفقهاء: كما اختلفتم اتفقوا حقناً لدمائنا؟
- لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!
- الإنجاز الأعظم للمسلمين: توحيد السُنَّة والشيعة
- الغول نصر حامد أبو زيد!
- كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-
- من هم المعارضون لقيام الدولة الفلسطينية؟
- الولادة المُتعسِّرة للدولة الفلسطينية
- من ليبراليات الخاصة إلى الليبراليات الشعبية
- كيف يتم انفراج الانسداد التاريخي ونجاح التنوير العربي؟
- لماذا الانسداد التاريخي وفشل التنوير في العالم العربي؟
- هل انكسرت جرَّة السمن والعسل التركية- الإسرائيلية؟
- ابتلاع ما تبقى من فُتات فلسطين ونحن غافلون
- رجم محمود عباس بالحجر الذهبي
- بعد اختيار بلادهم لاستضافة المونديال والألعاب الأولمبية: الب ...
- أوباما في الأمم المتحدة: 2009 تاريخ جديد للإنسانية
- بوش ما زال في البيت الأبيض!
- اجتهادات -العقلية العربية- في كارثة 11 سبتمبر
- هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟
- المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟