أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - رسائل قرة العين















المزيد.....

رسائل قرة العين


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 19:33
المحور: الادب والفن
    


حسنة هذا الكتاب تميط اللثام عن ما تنطوي صفحات كثيرة من كتب بليغة، بارزة في علم الاجتماع وبقيت في غيهب النسيان، بالرغم من إنها كتبا خالدة تحلل طبيعة مجتمع، وتعدّ أهم مصادر (الانثروبولوجيا) الثرة التي تكشف بواطن ثقافة مؤشرة لطبيعة فئة سياسية معينة استغلت وضعا معينا فطورت فكرة ما، وناصرتها وفقا لمصلحتها، وإن بقيت تلك الفكرة حبيسة أسرار، ولفها الغموض أي كانت مقاصده، فمن الصعب العودة لها اليوم حيث تسمي شخصيات اتخذت من الدين طابعاً، وعنوانا فدخلت عتمة التقديس من بعد أن تلقت الدعم من حكام وقادة زمانهم، ولتفهرس ضمن حركات فئوية قد كان لها التأثير في الكثير من المردين و تلك الأفكار على الأغلب والأعم يعدها علم الاجتماع السياسي (حركات سياسية تريد أن تضع موطئ قدما هنا أو هناك)، والتكتم يقيها التفكيك والمحاجة المنطقية، حيث تبقى ويطول عمرها وربما تلد أفكار أخرى، تناسب المراحل التالية، فيرسم لنا كتاب (بكاء الطاهرة) الصادر عن دار المدى 2009م الفضاء الذي عاشت به امرأة، أسفرت عن وجه مشرق جميل، حاطه الكثير من المؤيدين والمناوئين، ليضعنا أمام بوابة الأسئلة المثيرة للإجابة المشوقة عن جملة أمور مقلقة بقيت معلقة بتفاصيل دارت وتركت أثراً في المجتمع الإسلامي بحيثيات مسست كثير المساس بجانب ما من ثقافته، ونظامه الأخلاقي، وقيمه من مكان، ورؤية المجتمع لذاته وللآخر من مكان آخر؛ ولا يمكن غض النظر عنها أبداً، لكونها تحديات صارت شاخصة في مبحث بنية العقل العربي، ونظمه الثقافية المتفرعة، والمتغيرة بمتغيرات الزمان والمكان، فالكتاب الذي يقع في (264) صفحة من القطع المتوسط؛ هو مفتاح يجمع لما أغلق عليه في (إيران) منذ عام 1852م.
يأخذنا الكتاب الذي يبدأ بمقدمة مثقفة، ذكية، بلغة شفافة، موجزة قد اختزلت الكثير من الكلام في تسليط ضوء كاشف عن هذه المرأة الجريئة والتي نشأت بين محب وكاره، حيث مزقتها الفرقة ما بين أعمامها المختلفين بالحب والعداء، من جهة، وأخوالها المتفرقين أيضا، فصارت المرأة (الشيخة) علامة فارقة يتصل بها الزمان، والمكان، فتحركت من (قزوين) مكان ولادتها وتحدت به زمانا عصيا مبعوث من الرماد فوصلت بندائها من (إيران) إلى مركز (العراق) الديني وأسست لذاتها ميدانا واسعا فاثأر فكرها واعتقادها جدلا وغيرة، أينما حلت خطوتها، وصارت بخاصتها علامة صعبة تذلل أمامها المعترضين، والموالين: فتلك المرأة كانت تحمل فكرة مطورة، مستقلة بذاتها لفتت إليها أنظار عصرها فكسبت مكانا ووصالا ومغلاه في كل من كان حولها، حيث رمت من جانب، والهت من جانب آخر، تركزت بكونها امرأة قائدة أرادت أن تنصر أية امرأة ظلمتها التراجم والتفاسير، فوقفت بقوة بلاغتها، وحسن تفسيرها إلى جانب النصف الأنثوي من المجتمع. فكيف وهي الأنثى التي بغت التقديس، وقصتها يرويها الرواة كانت تمثل تحديا لإرادة الزوج ووالده، فشاءت الظروف أن تتمحور كليا حتى الممات تماشيا لذلك التحدي، إذ (حاول زوجها أن يدس لها السم أكثر من مرة ولكنه فشل- ص58)، فكتاب مثل (بكاء الطاهرة رسائل قرة العين) يسلط ضوءا على مكان ما من التاريخ الذي حذفته المصالح والمطالح، بالرغم من أهمية تلك الفكرة المندرجة من فكرة أخرى فهو لم يأت بجديد ينفرد به على الإطلاق وأكثر مما أضاء الكتاب البديع لـ(علي الوردي).. أهمية كتاب (يوسف أفنان ثابت) تكمن في جمع للقراء والدارسين مجموعة واضحة النية، والمقصد من نصوص مثيرة للجدل، وفق ما تبنت (قرة العين) من مفاهيم قد آمنت بها، وأعلنتها منهجا خاصا بها، وقد وقع الكتاب بثلاث أقسام الأول منه اشتمل بتعريف عن مشايخ وتلامذتهم، وعن وجه جميل لامرأة رائعة الجمال (حسب وصفها وتأثيرها في الأخر من حضور، أجادت مخارج العربية بإتقان، ونقلت الكثير من لغة العرب إلى لغة قومها) فاستطاعت أن تقف ببطولة وتقول ما لم تقله أية امرأة؛ فامرأة مثلها أمت الناس في الصلاة، والرأي، والمسألة (احتوت صوراً غريبة أثمرت عن معرفة فريدة من بني عقلية تمنعت عن المعرفة العلمية، اتخذ الشروع العاطفي المشحون بالروايات مساراً سيخط الأطر العامة لأسطورة الأنثى التي أغرمت بفكرة الغائب المقدس، وأضفت عليه لمسة بشرية كامنة في صلب التقاليد الدينية الصلبة- الكتاب- ص31)، وكما يقول سليمان إبراهيم العسكري: (تكثر لدينا الكتب التي تتناول التاريخ، ولكن تندر لدينا الكتب التي تحسن تناول التاريخ)، فـ(تلك الشاعرة الداعية إلى الخلاص من ارث الديانات السابقة، فدفعت المؤمنين بدعوتها إلى أزمة روحية، فهي التي صرخت بأعلى صوتها في مؤتمر "بدشت" وقد كشفت عن وجهها وتزينت:- إني أنا الكلمة التي ينطق بها القائم والتي يفر منها نقباء الأرض ونجباؤها- ص8). كانت شخصية تابعة وتحولت إلى متبوعة، امتازت بتمكنها من اللغة العربية، وصارت شارحة لآياته البيّنه وفق ما تراه هي، فصار أتباعها ومريدوها يسيرون ورائها من بلد إلى آخر (سافرت قرة العين إلى كربلاء عام 1843م، وكان عمرها آنذاك ثلاثة وعشرين عاماً، إلا أن رواية أخرى ذكرت إنها كانت في عمر السادسة والعشرين، وكانت قد رزقت بولدين وبنت، وشاع عنها أنها عالمة شابة على قدر كبير من الجمال.. وصلت قرة العين إلى كربلاء، وذهبت على نحو مباشر إلى بيت السيد الرشتي، ووجدت في انتظارها مفاجأة مؤلمة لم تكن في الحسبان عندما علمت إن الرشتي قد مات قبيل وصولها بعشرة أيام، فاستأذنت عائلته أن تبقى في بيتهم، وسمح لها في الاطلاع على تراثه الذي لم يكن الرشتي قد نشره من قبل، فراحت تدرس كل المخطوطات بشغف ولهفة، حدّ إنها صرخت يوماً وهي تخاطب تلاميذه: تأملوا كم ترك لنا الشيخ لقد أورثنا بحرا من العلوم- ص 40). ومن الجدير بالذكر فقد (ختم الرشتي حياته التي قضاها يروج لظهور الإمام بكلامه لتلاميذه: إن الموعود الذي تنتظرونه موجود وسطكم، وترونه بأعينكم، ولكنكم لا تعرفونه، وقال لأحد تلاميذه انك ستراه- ص 19).. وانه قد لمّح (وصرح بقائمية الباب الشيرازي- ص 13). أما القسم الثاني تضمن مجموعة من رسائلها الأولى (يا ذكر الله الأكبر) والرسالة الثانية (خطاب عام وجهته لأهالي كربلاء بعد خروجها منها) أما الرسالة الثالثة (خطاب التبليغ والتفهيم) والرابعة (رسالة لدفع شبهات مفتي بغداد) فالخامسة في (بيان منزلة باب الباب الملا البشروئي) والسادسة في (نصرته) السابعة الموجهة (إلى جناب الميرزا النهري) أما الثامنة فهي الموجهة إلى (ابنة فاطمة خانم شقيقة الميرزا صبح أزل)، فالتاسعة كانت في (الرد على خليفة الرشتي)، وأخيرا رسالة وجهتها إلى أهالي أصفهان).. أهمية تلك الرسائل فيما ما أقامته من جسر عاطفي عبر بها فكرا واليته ووسع مخيلته التي تفضح محتواه..
أما القسم الثالث من الكتاب فقد حوي الجزء الأكثر تشويقاً؛ فكيف كانت تقرأ رسالة الشاملة (قرة العين) ومنزلتها الفكرية بمنظور جلي بما كتبه (الآغا محمد مصطفى البغدادي)، وما كتبه (عباس أفندي) عن قرة العين يعدّ الأكثر ميلا لطروحاتها وما سارت عليه من منهج. أما ما كتبه (علي الوردي) فقد جاء محايدا إلى حدّ الإنصاف في شخصية أثرت وبانت واضحة حول ما جاءت به من (قزوين- إيران) ووصلت به إلى (كربلاء-الكاظمية)، فأمست من مشاهير النساء، فأورد في متنه نسخا من كتاب لمحات اجتماعية من تاريخ العراق (ج2)، مثبتاً بان المرحوم الدكتور (علي الوردي) هو الأشمل والأكثر موضوعية عن غيره، ورسالة هذا الكتاب المشوق: على كل باحث أن يكشف أي نقاب، وأي محجوب مهما كانت أهميته من عدمها، فهكذا جهد يعد مراجعة بحاجة للنشر ليتم الوقوف جديا أمام منحيات العقل عن مساره الحق فالمكتبة الثقافية تسفر عن وجهها غير المألوف ومراجعها التي دمرها التكتم.





#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت شيوعياً
- فليم حسن ومرقص
- كونشيرتو النسيان
- المثقف العربي في زمن الانحطاط العربي: على أي جانبيه يميل..؟
- علم الاجتماع الآلي
- الترفع غربة المثقف العراقي المقصي
- خسارة متأزمة بالفقدان
- النص
- التعددية محنة الاعلام الثقافي العراقي
- قصة قصيرة: ربيبة السيد المسؤول
- عام قاس بعد رحيل البعقوبي (ياسين أبو ظفار)
- عباس الأموي.. عام على رحيل قاس
- العمة دوريس أديبة نوبل
- هل مات اديب ابو نوار
- الرماد الى المجد الزائف
- جثةٌ قد تأجل موتها
- جثة قد تأجل موتها
- الوعي الشعري ومسار حركة المجتمعات
- الطائفيةُ البغيضةُ سلاحٌ في المعركة البغيضة
- هدية حسين في زجاج الوقت


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - رسائل قرة العين