أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - اوربا وتطور النزعة الإنسانية














المزيد.....

اوربا وتطور النزعة الإنسانية


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 20:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


راجت النزعة الإنسانية كحركة فلسفية في القرن الرابع عشر الميلادي في إيطاليا ومن تم انتقلت إلى بقية البلدان الأوربية خاصة ألمانيا وبريطانيا وفرنسا . وهي تعتبر الإنسان أفضل الكائنات وأرقاها على الإطلاق وتثق بإمكانياته وقدراته ثقة كاملة .
ففي عصر النهضة أرسى فلاسفة ومفكرون من أمثال مارسيل فيشان وإيراسموس وغيرهم أسس النزعة الإنسانية حيث جعلت الإنسان هو المقياس الوحيد الذي بواسطته يتم تحديد جميع أنواع القيم الإنسانية والأخلاقية ، وحيث يكون هو سيد مصيره بدون منازع . فلقد ضاق هؤلاء درعا برجال الدين ومواعظهم وأفكارهم التقليدية المكرورة منذ مئات السنين ، وشعروا بالضيق والملل والاختناق في ذلك الفكر المغلق حيث لا توجد إلا التعاليم واليقينيات القطعية والمفروضة من فوق وعن طريق القسر والإكراه . ومن أجل ذلك قدموا تصورا للعالم يهدف إلى تحرير الإنسان من الخوف والقلق وذلك بدراسة الظواهر الاجتماعية وبتكوين معرفة تستطيع تخليص البشرية وقيمها من الوصاية الدينية ، وتعزز الثقة بالعقل وبالإنسان والتفاؤل بمقدراته ، وبكونه يشكل القيمة العليا التي لا قيمة فوقها ، وبأن الإنسان غاية بحد ذاتها وليس وسيلة بأي شكل من الأشكال ، وبضرورة العمل على تحقيق سعادته الدنيوية وتطوير ظروف حياته وتحسين شروط عيشه . ولذلك قالوا بأن كل معرفة لا تهدف إلى الرفع من شأن الإنسان وترقيته لا جدوى لها ، فراحوا يؤكدون على تثقيف الإنسان وتهذيبه لكي يصبح عقلانيا يعتمد على نفسه وعلى إمكاناته وألا يبقى متكلا على الكتب الصفراء لرجال الدين وعلى الوعود الكاذبة للكنيسة . وعلى هذا النحو انطلقت النزعة الإنسانية قوية فدعت إلى المساواة بين الناس وإلى التعاون والتسامح ودافعت عن حقوق الإنسان واحترام كرامته ، كما دعت الناس والشعوب إلى التنديد بالحروب ومعارضتها والمطالبة بالسلام والأخوة والاعتراف بالآخر وإلى حياة اجتماعية مشتركة أساسها التعاون بين الجميع على أساس العقل .
وجاءت الفلسفة الحديثة فأرست قواعد النزعة الإنسانية الطبيعية وعمقت افكارها حيث جعلتها تتمحور حول حرية الفكر وحرية الاعتقاد وكل الحريات الدموقراطية ، وحول حقوق الفرد والمساواة والعدالة والإخاء وحول التسامح الديني ، وصاغت للدولة مثلا عليا جديدة أساسها التعاقد بين الأفراد عوض ما يسمى بالتعاقد الإلهي المزعوم . فقوانين الطبيعة عند جون لوك وهوبز واسبينوزا ليست أوامر إلهية أو قواعد أخلاقية وإنما هي قوانين علمية اقتضتها طبيعة الأشياء ذاتها ، فربطوا كل أفعال الإنسان ونشاطاته السياسية والاجتماعية والأخلاقية بقواه الطبيعية وحدها ، فهي تعبير عن نشاطات يسلكها الإنسان بحكم طبيعته الإنسانية والعقلانية ولاغير .
أما الفلسفة الوجودية فحققت ثورة على جميع الفلسفات الإنسانية السابقة من أفلاطون حتى هيجل ، وهي تيار فلسفي يعلي من قيمة الإنسان وتؤكد على أنه صاحب إرادة وتفكير وحرية واختيار ، وأنه قادر على تكوين معنى لحياته دون أن يحتاج إلى موجه أو مرشد . كما تؤكد على أن الإنسان حر بالكامل ولذلك فهو مسؤول عن أفعاله وأعماله . كما أن الوجودية عادة ما تتمرد على الوضع القائم في مجالات اللاهوت والسياسة والأخلاق وتناضل ضد الشرائع التقليدية وضد السلطات التي يقبلها الناس ، و ترفض أن يتحول الإنسان إلى ما هو أدنى من الوجود البشري .
وأخيرا جاءت الإنسانية الماركسية لتؤكد أن " الإنسانيات " السابقة هي عبارة عن إنسانيات مجردة تتخد من الإنسان كمفهوم موضوعا لها وليس من الإنسان كواقع ، لدى ترى أنها غير قادرة على تقديم الحلول الصحيحة والمناسبة لتحرير البشرية من الظلم والإقصاء والعدوان وتحقيق السعادة الإنسانية . ولذلك تبنت الأنسانية الماركسية تصورا آخر ينطلق من الواقع البشري ويتبع تطوره التاريخي مرحلة بعد أخرى من أجل اكتشاف القوانين الذاتية والموضوعية التي تحكم مسارهم والشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب توفيرها بهدف تحريرهم من علاقات العمل القائمة على الاستغلال والوصول إلى مجتمع تنتفي فيه الطبقات ، مجتمع تزول فيه العلاقات الرأسمالية الاستغلالية بين الناس وبين الشعوب لتحل محلها علاقات اشتراكية أكثر عدلا وأكثر إنسانية .




#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيجابيات المزعومة للعولمة وسياسة التضليل
- مصر والجزائر رياضة وإعلام
- الحوار المتمدن منبر كل المحاصرين
- الدولة غير العلمانية وسياسة الإجحاف الديني
- الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي
- الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف
- النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - اوربا وتطور النزعة الإنسانية