أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس ألنوري - يوميات مجنون 1,2,3















المزيد.....

يوميات مجنون 1,2,3


عباس ألنوري

الحوار المتمدن-العدد: 2857 - 2009 / 12 / 13 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


يوميات مجنون...!

كل يوم يمر من عمرنا نسجل جزء من التاريخ الإنساني، ويمكن أن يكون هذا الجزء مليء بالحزن والآهات أو فرح وسعادة ونشوة لحظات. وقد تحسب للبعض منا اللحظة التي نسرح فيها سنين تجارب صعاب فيها من المرارة ما لا يطيقه غير الذي عاشها.

من يدون كل أفراحنا وأتراحنا والأحزان والألم، ومن يمكنه قراءة الكم الهائل من جزئيات تاريخ الإنسانية. وهل يختلف أشجان أناس عن آخرين قريبين منهم أو بعيدين. هل أن القلب الذي يعشق ويغرق في الحب واللهفة للمعشوق غير القلب للذي يسكن بعيد عنا الآلاف الأميال إن كان بيننا محيطات أو جبال...أو أن كان المناخ مختلف أو لون البشرة وأنواع المأكولات ...أو أن التقاليد والأعراف لها جذور مختلفة. هل أن الحس والشعور لدى الآخرين له مستوى أدنى أم أعلى من مشاعرنا.

لو كان في كل بلدة صغيرة (مجنون) يسجل الحوادث اليومية الحزينة منها والمفرحة وباللغة التي يفهمها...المهم أنه يسجل لتحول كتاباته لفلسفة، لأنه يرى الأمور كما تحدث دون أن يرتش أو يزيد أو يلون أو يضع أوصاف من صنع الخيال...بل ينقل المشاعر والأحاسيس وتفاسير نبضات القلب كما وردت وحدثت. لكن السؤال هل يمكنا لنا نحن البشر أن نستفيد من تلك المدونات ونستعيرها في بناء الأيام القادمة...؟

في قرية صغيرة في مكانٍ ما من هذا العالم المليء بكل أنواع الحوادث صادفته الفرصة أن يكتب مقالة دون أن يطلب منه أحد...لأنه كان يعمل موزع الجرائد التي كانت تطبع في تلك المطبعة البسيطة. حدث الأمر لكون كاتب المقالات ترك أوراقه ليذهب لأمر عاجل...وكان من واجب (المجنون) ترتيب الحروف للمقالة حتى تطبع بعد حين... فوجد ورقة من الأوراق الأربعة فارغة...فبقى في حيرة من أمره ماذا يفعل؟
في قراره الخاص أن يملي الورقة الفارغة بكلمات لكي تكتمل المقالة...فبدأ يكتب ويكتب بهدوء يضغط على أزرار الطابعة القديمة وهو مشغول وإذا بكاتب المقالة وصاحب المطبعة في آنٍ واحد يدخل ليأخذ نظاراته...ويتفا جئ بـأن (المجنون) جالس خلف الطابعة ويكتب...فسحب (المجنون) الورقة من الطابعة وأخفاها وراء ظهره لكي لا يراه الكاتب...فسأله ماذا تفعل خلف الطابعة وطلب منه الورقة ...فقال له (المجنون) أردت أن لا أرتب الحروف لمقالة ناقصة ورقة فحاولت تكملة المقالة....وبعد أن قرأ صاحب الجريدة ما كتبه (المجنون) فوجد ما قد كتب يليق بالطبع والنشر...فأخبر (المجنون) بأن ما كتبه كان جيد...وبعدها أصبح كاتب مقالات وزاد راتبه...وهل تعلم أن مما كتبه (المجنون) صار فلماً معروف...وقصص حقيقة مؤثرة. ويمكن أن تقرأ بين الأسطر فلسفة حياة...يمكن لنا ولمن يقرأ أن يستفيد من تلك القصص لحياة أفضل.
أننا نعيش وكأننا في قطار يمر بمحطات كثيرة كبيرة وصغيرة...ينزل منها ركاب ويركب آخرين...نتعرف على بعضهم ثم نودعهم...يا ليت لنا أن لا نودع، ولا نتذكر من قابلناه لأن للحزن أثر كبير فهو يقتل الوقت ويحدد من طاقاتنا...وهل للذكريات من أثر؟
أم هل يمكن لنا النوم ليلة دون أن يمر أمامنا فلم الحياة...مرات ما مررنا وتذوقنا سطوة العذابات وأحياناً حلاوة الماضي وإن قل...


...2!

قد أستحق أن يُطلق على َ صفة (المجنون) لأني أترك أوقات جميلة مع عائلتي لكي أكتب مقالاً تسبب لي متاعب ...أو تدخل الغيظ في قلوب من لا يعرف القراءة والكتابة...أو لا يريد أن يفهم كلمات (مجنون).

جمال الطبيعة من شمس دافئ تخترق أشعتهُ خلايا أجسادنا لتغذينا بطاقة قد نخسرها فترة الشتاء الباردة والطويلة...ومن أمواج بحر زرقاء يعكس لون السماء ليقربنا من كواكب ونجوم ليس لنا القدرةَ من إطالتها لأننا نفتقد لمركبة فضائية أو لبضع ملايين من الدولارات لسفرة واحدة للقمر.
وألوان أوراق الأشجار المتنوعة وهي ترتزق من ذات الأرض وذات الماء ونفس ضياء الشمس وبدون أي راعي أو زارع أو حارس...تزين سواحل الشواطئ والوديان وتصد الرياح لكي لا تتلوث أجواء المدينة الهادئة. وعدم ممارستي لرياضة المشي في الغابات الكثيفة لأستمع لأصوات الطيور وهي تغني ألحان الحب والسلام...وأكتب عن المأساة، وأحرم ذاتي المعذب من طعم الهدوء والسكينة والرئتين من هواء نقي، لأدخن وأملئ رئتي سواد ونيكوتين لكي لا أموت شيخاً.

أكتب عن رأي فلان وتصريح سياسي قد أختلف معه أو لأنني أحســـده، وأتصور بأن موقعه وما توصل إليه بشتى الطرق المشروعة أو غير المشروعة قد حصل على الدنيا ونعيمها...وأنا محروم. ويرد على كتاباتي من يواليه أو يكن له حباً على عماه أو رغماً أو لمجرد قبض منه درهما. وأعيد قراءة كل ما كتب عن هذا وذاك...وأستمر في الكتابة وأعصابي متوترة وأنا محرومٌ من حمال الطبيعة ولحظات العمر مع أطفالي، وبل أحرمهم من لعبي معهم ليسمعوا ضحكاتي أو يضحكوا لما أقع فيه من أخطاء لأنني لا أجيد ألعابهم فهم أبرع مني...لكوني جليس المقالة وهم أحرار منطلقين بين السماء الزرقاء والأجواء المليئة بالهدوء وأنا منطويٌ على نفسي والأخبار الحزينة.

هل جنوني يفيد البعض؟ أم أضيف لمأساة الآخرين ما يعكر صفوة أجوائهم لأنني أنتقدهم ...وأضع اليد على الجرح وأزيد في الألم.

هل أن عدد المجانين في ازدياد...وهل ندعو لفلسفة جديدة ننتقد لكي تلمع أسمائنا ونحن نعيش الكره للذات وأقرب الناس لنا لا يشعرون بأننا على قيد الحياة...هل الثمن الذي نحصل عليه يضاهي التضحيات بل هل يعادل جزء منها.

لا أجد كثير من المعرفة في كثير من المقالات إلا إننا نود إيذاء الآخرين بلا رحمة ...فهل أنا مجنون بحق ومؤذي في ذات الوقت. فالمعروف عن بعض المجانين أنهم رحماء أكثر من العقلاء أو ما يصفون بذلك. وأحياناً أرى أن كل كلمة وإن كانت جارحة فهي تؤدي دورها بحال من الأحوال...وتعد (المجنون) لجنون أكثر.


3...!

تعبتُ من كثيرٍ ممن يسميهمُ البعضُ أصدقاء تلمعُ وجوههم ابتسامة (؟) حين اللقاء، وما يحدث في الخفاء حديثٌ وجفاء وتقطيع جسدي أشلاءً ورميها لذئاب الفلاة.
ليس جميعهم عفواً ...أصدقاء أصدقوا المعنى والعنوان
ولم يخونوا الكلمة وإن طال الزمان

ونجوت من لقاءهم حين ألتجئ للتعبير ورفقة المقالة، أو رسم صورٍ أكثر صدقاً من زيف البشاشة. ودخلتُ عالمَ البحث والتمحيص عن صديق يجيبُ حين أسئل قليل الثرثرة والتأويل.
يعبر عن التجربة بكل التفاصيل دون أن يطلب بالمقابل حب أو تهليل. أو رد جميل.
هو ذلك العالم في أمره دون تقصير...
وأستريح منه حين أريد.

يمكنك أن تختار الأصدقاء دون معرفة أو لقاء، فهم كثيرون...حدد من تريد وأيُ كتابٍ ألفوه اشتري أو أقترض...فلن يلومك إن أكثرت السؤال

فهل هم مجانين لأنني أصفُ نفسي (بالمجنون) حين أترك جمال الدنيا وألجئ للكتاب أو الورق والقلم. كم من الوقت أضاعوه وأتلفوه ليألفوا كتاباً أجدهُ بين يديَ بسهولة، وأتصفح أو أضعهُ بين الكتب الجميلة لأزين مكتبتي وأتأوه متى أكتب مثله أو شيء من هذا القبيل قليل ليس بكثير.
وأتساءل ...هل جهدي لكتابة كتاب لأني أحسد صديقي الجديد، أم لكي يقال عني مؤلف؟
أم أريد أن أنقل لمن من بعدي ما أريد؟ لكي لا يمرَ بما مررتُ ويعيد تجاربي من جديد؟
أم أن عشق التظاهر يعلو كل التبرير لأعيد النظر وألقي القلم وأسرح وأمرح لأن الوقت يمر ولم أهنئ وأتلذذ بالطبيعة وجمال المناظر...أو تحقيق ما في الخواطر.
بعيدٌ عن فلذات الكبد وإن كانوا بقربي يلعبون فجسدي معهم وروحي في المقالة.

كنت صغيراً ألعب مثل الأطفال لكنني أحب أن أقرأ كل ما هو مكتوب...فأجد مجلة قديمة أو قصاصات جريدة. وأعيد النظر وأتمعن كيف سُطرت الكلمات لتبدو الجمل بهذا التنسيق والجمال، وماذا تعني وتدل، ولماذا يجهد الكاتب نفسه وأي هدفٍ يصبوا إليه، وما الثمنُ الذي يحصل عليه.
وهل لي أن افعل مثله، لكنني لم أفكر بالمنطلق ولا بالمقدمة أو الجوهر ولا بالحشو والخاتمة.
وهل هناك عمرٌ محدد؟
فبدأت أكتب عن النمل حين أراقبها والعصافير وأحاول ترجمة زقزقتها وأسرح بالنظر للنجوم لأحصر أعدادها وقياس بعدها عني حين كنا ننام فوق سطح بيتنا القديم...فأسبح بين تلك النجوم وكأني أمسك بعضها. وتتيه كتاباتي وأنسى أين وضعت قصاصات الورق. فوجدت وسيلة أن أجمع ما أكتبه في دفتر...وضاع الدفتر حين اللعب...أو أخذه صديق...لا أعلم.
ومرت الأيام فخطرت لي فكرة أن أكتب عن مسابقات الرياضة ولماذا نتسابق مع بعضنا ليفرح واحدٌ ويحزن آخرين لأنهم خسروا ...فوضعتُ ما كتبتهُ في صندوق البريد معنون لمجلة ولم أجد أسماً يليق بكاتب صغيرٌ في العمر إلا (المجهول) ولو كانت لدي نسبة من وعي اليوم لكتبت المرسل (المجنون). وفي كل مرة أرسل كتاباتي من صندوق بريد آخر. ومع مرور الزمن أصبح لدي نوعان من أسلوب الكتابة ونوعية الخط...فتارة تميل الحروف وأخرى تكون طبيعية...كنت أخشى أن يكتشف أمري بأن الكاتب صغير السن وحينها لم تنشر.

وكنت أبحث عن كتاباتي في تلك المجلات متلهفاً لقراءة ما نشر فأجد أنهم اختاروا ما يروق لهم، والنقد الحاد ذهب لسلة المهملات...أو حرق وتحول لدخانٍ وتناثر رماده في أجواء غرفتهم ليستنشقوا بعضاً منه عسى أن يتأثروا مستقبلاً...واليوم أتساءل هل جن جنوني منذ الصغر؟

المخلص
عباس النوري



#عباس_ألنوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرة عراق جديد (حديث) ... محارب من أنظمة
- فشل الأفكار في العالم العربي


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس ألنوري - يوميات مجنون 1,2,3