|
مجانين
جلال نعيم
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 06:49
المحور:
الادب والفن
( 1 ) أضحكني " جون ستيوارت " مُضيّف ال " الديلي شو " كثيراً في لقاءه مع " ريتشارد كلارك " ، الذي فتح النار على بوش وإدارته منذ زمن في كتابه ( Against All Enemies ) الذي – بطريقة ما – يمكن ترجمته الى ( عليّ وعلى أعدائي !! ) ، حيث ركّز على السخريّة من البيت الأبيض الذي إحتفظ بمسودة الكتاب لأكثر من ثلاثة أشهر لإجازته (من الناحية ألأمنية) ، والتي أُعيدت إليه وقد إمتلأت " بالدواويح " الحمر ، وقد ألقم كلارك في النار التي مازالت مشتعلة ،في إعلانه عن إلتفات بوش وإدارته للتهيئة لمحاربة العراق بعد أيّام قليلة من إشعال الحرب مع أفغانستان وأسامة بن لادن ، عندها شمّر "جون ستيوارت " عن بوزه قائلاً : - وما الذي أراده منك البيت ألأبيض .. تغيير اسم بن لادن الى صدام حسين مثلاً ..!
( 2 )
ثمّة مقولة أصبحت مثلاً ، أصبحت مثلاً لكثرة تردادها في الإعلانات عن " لاس فيغاس " ، " ما يحدث في فيغاس يبقى في فيغاس " .. وإذا ما إستطردنا قليلاً ، وإنطلقنا إلى ما هو أشمل ، فباستطاعتنا ألقول بان " ما يحدث في اميركا .. يبقى في أميركا .. وما يخرج منها أوعنها ما هو إلا غيض من فيض .. ولا يمثّل إلا جزءا بسيطاً ومربكاً .. "
( 3 ) فقد جمعتني صدفة عابرة بمواطنة ايرلنديّة ، ألإسبوع الفائت ، كان ذلك إسبوعها ألأوّل هنا ، سألتها مثل ايّ مُضيّف يحاول ان يكون كريماً : " كيف وجدتِ لوس انجلس ؟ " قالت بأنّها فوجئت كثيراً .. فحاولت تلمّس ما تقصد " الناس هنا لُطفاء جدّاً لا يشبهون الذين نراهم في " جيري سبرنغر شو " – وجيري سبرنغر شو – كما يعرف الكثيرون ، هو أقذر برنامج عرفته الدنيا ، يجسّد وقائع مدفوعة الثمن على شاكلة ألأب الذي ينام مع ابنته ، وألأم / الزوجة المغدورة التي لا تكتشف ذلك إلا على مسرح " جيري سبرنغر " حيث تندلق الدموع ويهيج الصراخ المجاني و.. إلخ !! فقلت لها بنفس الروح المخلصة التي أجبتُ بها والدي عندما سألني – من بغداد – عن أميركا وما يرونه ويسمعونه عنها ، قلت له/ لها وربما قلتُ لنفسي مُستغرباً " لا تقلق .. لحدّ ألآن لم أرَ أحداً يشبه رامبو او أرنولد شفارزنجر الذي أُعيدت له شيئاً من آدميته أو واقعيته عندما أصبح حاكماً وليس " فانياً " فقط كما كان .. إنهم حتّى لا يشبهون بوش أو رامسفيلد ..! " ضحكت موافقة وتركتني وحيدا أسأل " إذا كانت هذه وجهة نظركِ .. أنتِ القادمة من قلب أوروبا فما الذي أقوله لمن يحيا في الطرف ألآخر من الدنيا ..؟!! "
( 4 )
.. وخطوط البيت الأبيض الحمر ، على كتاب " كلارك " ، ذكّرتني بخطوط أكثر حمرةً خطّتها الرقابة العراقيّة على مخطوطة الشاعر " فرج الحطّاب " .. وخاصّة على نصّه العملاق " مجانين " ألذي تتمثّل فيه القيامة العراقيّة عام 1991 حيث يبدأه مُراوحا ما بين ألرؤية والرؤيا : " في ليلة سابقةٍ لحلمي ألأوّل رأيت خيولاً تتسوّل رأيتُ جنوداً يبيعون بساطيلهم وخوذٌ تبحث عن رؤوس " مشهدٌ يصلح للتبشير بنهاية العالم ، وهو ما كان .. " رأيت شعراء لا يبكون وحمّالين لا يُساومون " و .......... " رأيت مومساً تفتحُ فخذيها للريح وحين إنحنيتُ شاهدت أطفالاً يلعبون وصوراً ممزّقة " وإذا ما كانت المومس إمراةٌ أو مدينة أو دنيا بأكملها ، فقد إستباحتها " الريح " ، " الريح " التي لم يهجسها الشاعر فقط ، وإنّما ألتي شهد عصفها ، ووقف " هنا " ليسجّل شهادته ..... " رأيتُ مجانين يطلقون ألقذائف وأناساً يتفرّجون " ولا شكّ بأنّ مَن حضر قراءة الشاعر لهذا النصّ في قاعة " حوار " ببغداد عام 1996 يتذكّر إلتفافة صوته ، وإنحناءة عينيه وهو يقرأ قائلاً : " رأيت أللا معنى يصطاد المعنى ويأسره " لقد كان في ذلك إختزال لنا .. نحن الحاضرين .. " رأيت المناديل تُلوّحُ بلا أيدٍ رأيت البنادق تُطلقُ رصاصاً وخبزاً و زهوراً " كما إنّه ، مثل الحرب ، يجرّدنا تماما ، ويتركنا حيث : " رأيت السعادات تسرقُ أحلامنا وتختفي في الزحام " ثمّ يُتوّج الشاعر رؤياه بما لا يمكن الفكاك منه لإكمال المشهد / الكارثة : " رأيتُ الحمار حائراً يفكّرُ بمصائرنا . " أحاط " الرقيب " المقطع الأخير بدائرة حمراء أشبه بحبل مشنقة وكأنه يتساءل : تقصد حمارنا الذي يعرفه الجميع ؟!!
#جلال_نعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستمناء آخر
-
محاجر
المزيد.....
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|