أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي














المزيد.....

الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 14:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن الثقافة هي تلك اللحمة الجامعة لكل مجموعة اجتماعية إذ هي وسيلتها الأولى في التواصل , والمعبر عن قدراتهافي إحداث التغيرات . إنها وعي الأشخاص بأنفسهم وبالوطن الذي يعيشون فيه . هكذا ستعتبر الثقافة بمثابة عتاد مادي ومعنوي : لغات , أنماط تفكير , أعمال فنية وإنتاجات أدبية وعلمية , سلوكات وتجارب راكمها شعب على طريق بناء مجتمع أفضل .
-بعد حصول المغرب على استقلاله الشكلي , توجه أساسا إلى العمل على إحداث استقرار سياسي نظرا للمشلكل العويصة التي تركها المستعمر على جميع الأصعدة . وبعد الانتهاء من هذه المهمة التي كلفت المغاربة كثيرا , انتقل الحكم إلى بناء الاقتصاء ضانا منه أن ذلك ممكن في غياب ربطه بالإنماء الثقافي . هكذا وجد المغرب نفسه يواجه أكثر فأكثر تخلفا ثقافيا حقيقيا . ففي غياب الوسائل البشرية سيجد النمو الاقتصادي نفسه مشلولا بل متوقفا فقط على المعونة التقنية والثقافية الأجنبية . إن عددا كبيرا من علماء الاجتماع والمفكرين والسياسيين والفلاسفة يتفقون على أن أي إقلاع اقتصادي حقيقي يستحيل في غياب الإنماء الثقافي الذي يحرر المجتمع من أحكامه المسبقة.
إن الوضعية الراهنة للفضاء الثقافي اللغوي في المغرب تجد مبررات وجودها في السياسة الثقافية المطبقة منذ الاستقلال الشكلي . ولأن ما يسمى بالحركة الوطنية تحددت معالمها على نطاق واسع بالشروط الاستعمارية , فإنها عالجت مشكلة اللغة والثقافة الوطنيتين من منطلق وجهة نظر تيار ثقافي ليست مصالحه هي مصالح أغلبية الشعب المغربي الأمازيغي , وجهة نظر من سماتها اتخاد مواقف انفعالية ومتسرعة ورؤى لا تتفق مع التوجه الاشتراكي الأصيل , حيث سادت فيها الإرادوية على حساب التحليل العلمي للواقع الوطني الذي يأخد في الاعتبار طموحات القوى العاملة في كليتها وتعددها الثقافي واللغوي .إن تأكيد الهوية الوطنية من خلال أخد حقائق البلد التاريخية بعين الاعتبار وكذا من خلال تدبير الثروات المادية لصالح الطبقات الشعبية سيسمح لها بالمشاركة الفعالة في عملية بناء صرح الحضارة المحلية والانسانية , إذ أن تحقيق الاشتراكية رهين بتحقيق وعي سياسي وانبعاث ثقافي يتسنى له أن يضع إمكانياته في خدمة الشعب .
فالسياسة الثقافية التي تدفع بالمغرب في اتجاه التعريب الأعمى وفي اتجاه الإثنو مركزية وفي مقام ثالت في اتجاه التغريب لن تتبلور دون صراعات وتناقضات بين المؤيدين لهذه التوجهات وأغلبية الشعب , إذ أن هذه التوجهات ستصطدم بالحقائق التي تطبع المغرب على المستوى السوسيولوجي والإثني . ولعل المشاكسات بهذا الخصوص ما فتئت تنمو وتتطور ولا زالت أبعد ما تكون عن الحل , إذ يستوجب الأمر تبني سياسة ثقافية ترسم كهدف لها تمفصل ماضي المغرب مع حاضره ومستقبله , وتمفصل التنمية الاقتصادية مع التنمية الاجتماعية والثقافية والخصوصيات المحلية مع القيم العالمية . فالتنمية الحقيقية لا يمكنها أن تتحقق إلا بفضل الشروع في محو فعلي للأمية , هذا العمل الذي يتوجب فصله عن مسألة التعريب , وفي الديموقراطية الفعلية للتعليم وبإعطاء المدرسة الدور الحقيقي المنوط بها , وإعطاء اللغات الوطنية (الأمازيغية والدارجة المغربية ) مكانتهما داخل المؤسسات إذا كان الهدف فعلا خدمة الشعب .
إن العدوان على الأمازيغية والإقصاء الكلي للغات الشعب المغربي من الإطار الرسمي , وكذا اختيار اللغة العربية الفصحى كلغة وحيدة رسمية هي توجهات مصدرها الإيديولوجية العربية الأسلامية التوتاليتارية التي سادت فكر ما سمي بالحركة الوطنية . فهي وضعت مسألة الوحدة الوطنية في المقدمة لتبرير اختيار العربية الفصحى كلغة وطنية وحيدة وإبعاد لغات الشعب . هذا الموقف الشوفيني العنصري لم يطرأ عليه أي تغيير بعد دخول المغرب مرحلة الاستقلال الشكلي , إذ أن المرجعية الفكرية والفلسفية والايديولوجية الرئيسية التي اعتمدتها الدولة المغربية وتفسر اختياراتهاوتوجهاتها , والتي من خلالها تدبر شؤونها وتخطط لمستقبلها منذ الاستقلال حتى اليوم هي أفكار وتوجهات " الحركة الوطنية " . والنظام التعليمي بدوره لازال ينشر ويمرر هذه الأفكار ويعيد إنتاجها باستمرار , إذ أن المتتبع لمنظومتنا التعليمية سيلاحظ بسهولة تامة أن نفس القيم والأفكار والمبادئ التي نادت بها " الحركة الوطنية " هي التي لازالت توجه تظامنا التعليمي سواء على مستوى المضامين والمحتويات أو على مستوى المناهج والأهداف المتوخاة والغايات المرجو تحقيقها . والغريب في الأمر أن هذا الفكر لازال له حضور قوي وطاغ حتى في برامج أغلبية الأحزاب الوطنية ورؤاها وإعلامها ومثقفيها حيث لازالت تتخده كمرجعية أساسية ... فطبيعي إدن أن يبقى المغرب يراوح مكانه ويدور في حلقة مفرغة إد أن هيمنة هذه المرجعية الايديولوجية على العقل المغربي أصبحت مع مرور السنين عائقا حقيقيا أمام أي تطور أو تجديد أو تغيير . والمغرب لا يمكن أن يخرج من تخلفه ويعرف انطلاقة حقيقية على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية إلا إذا تصالح مع ذاته وأحدث قطيعة مع أفكار " الحركة الوطنية " ومبادئها وشعاراتها , خاصة عندما تصبح مرجعيتها متهالكة ومتجاوزة ولا تتلاءم مع الواقع المتغير والمتجدد , وبالتالي يصبح التمسك بها والاعتماد عليها استمرارا في الاعتداء على الشعب وجب التصدي له .



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف
- النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- مصير الرهائن - الهجوم الإسرائيلي على رفح يؤجج غضب المتظاهرين ...
- الفصائل الفلسطينية تخوض الآن اشتباكات دامية مع الجيش الإسرائ ...
- فلسطين.. ستة أشهر من الإبادة الجماعية والمقاومة
- فيديو.. الجامعات الاميركية تخذل الطلاب المتظاهرين
- ماكونيل يدعو وكالة الخدمة السرية إلى إبعاد المتظاهرين عن الم ...
- على حافة حرب نووية: مقابلة مع فيدل كاسترو من أرشيف بي بي سي ...
- الرفيق جمال براجع يعزي الجبهة الديمقراطية في استشهاد القائد ...
- البيان الختامي للمؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي ...
- الإسرائيلي يورام هازوني.. معبود اليمين المتطرف في العالم
- ادعموا “طلاب من أجل فلسطين” ضد قمع النظام


المزيد.....

- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد بودواهي - الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي