أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نسرين طرابلسي - تلفزيون الواقع المرّ














المزيد.....

تلفزيون الواقع المرّ


نسرين طرابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2823 - 2009 / 11 / 8 - 00:33
المحور: حقوق الانسان
    


لعبة الألعاب العالمية، وأقصد السياسة، كانت وماتزال تتدخل في حياتنا ابتداء من حقِّ الحياة وانتهاء بحق الموت. وحين قامت ثورات تطالب بحقوق الإنسان المفقودة كلِّها، أكدت أن الإنسان سلب نفسه تلك الحقوق وأكل حقَّه في تلك المبادئ.
شيء أكيد أن الحروب الأهلية المتفرقة التي تحدث هنا وهناك بمختلف مسمياتها تقوم بشكل غير منظم على الإطلاق، بسبب شعور جماعةٍ ما بأن الفوضى تعمُّ الحياة وأن الحرية والعدالة والمساواة معان مجردة أكثر من اللازم. فما معنى الحرية وأنت معتقل، وما معنى العدالة وأنت جائع، وما معنى المساواة ورأسُ مالك أنت وأهالي قريتك في حسابِ السَّاسة قنبلة ومقبرة جماعية!!
أنا شخصيا لم أعد أعرف ولا أحد يعرف على وجه التحديد إلى أين سيمضي بنا هذا التنظير الفضفاض لحياتنا دون أن تكون لنا كلمة حقيقية نستطيع صهرها وصبّها في الوقت المناسب في أذني العالم. نحاول كسالمون انتحاري العبور عكس تيار الشرق الأوسط الجديد، بينما غدا الاتفاق على رأيٍ واحد حول شخصٍ واحد مستحيلاً. تصحو في الصباح مثلا وأنت مؤمن بفكرة المقاومة في مواجهة كل القهر الذي يمارَس عليك في بيتك وعملك ووطنك من قوى لا ينفع معها العناد، ويُثلج صدرك أن يضطلع شخص ما بالمهمة في بقعة ما على الأرض، فتحبه وتناصره سرّا وتتابع أخباره بالتُقيةِ طبعاً، لأن مجاهرتك بذلك تثير سخرية آخرين منك ومنه، فتناحر ظلّك وتكظم ثورتك وينهار جهازك العصبي والمناعي، وتتدفق الأمراض على جسدك من الاكتئاب النفسي حتى الكولون العصبي، تنام على قهر وتستيقظ على قهر وبطلك الذي تمثلته واخترته لأحلامك مستهدف بشتى أنواع السلاح من الشتيمة إلى الاغتيال.
رأيتُ الحربَ تنتقل من أرض المعركة إلى التلفزيون ومنها إلى البشر، ورأيت الناس يتقاذفون بالتصاريح والاتهامات كل واحد مسمر أمام القناة التي تعطيه جرعةً أكبرَ من التخدير حتى أصبحنا ورقة محروقة في لعبة محسومة لصالح السلاح. متنا كمن مات من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، هم أصبحوا شهداء بلغة البعض وقتلى بلغة آخرين، ونحن فقط "مشاهدون".
المشاهدات الإعلامية لميدان الحرب المدمر، هي الصور الأخيرة التي تطفو على السطح قبل النوم، وهي الغشاوة الأولى التي نفرك عيوننا منها قبل الصحو ولا تزول أثناء النهار. عجوز هربت بكيس الأدوية، رضيعة أخرجوها من تحت الأنقاض ومصاصتها تتدلى على صدرها، أب ينصت لأنين عائلته تحت الركام، أدخنة سوداء متصاعدة، ألعاب مقطعة الأوصال معفرة برماد الأبنية مضرجة بذعرِ الأطفال الأخير، صغيرات يكتبن رسائل مسمومة على رؤوس الصواريخ، نساء يصرخن بهتافات الصمود وساسة يبكون على موائد المفاوضات، شريط أخبار عاجلة يمر سريعا بين الحدقتين، موتى وقتلى وشهداء ونيران التصاريح تزداد ضراوة، الديكتاتور لم يقض عليه الإضراب عن الطعام بل المشنقة، وأعوانه فشلوا في أدوارهم في مسلسل المحاكمة البطيئة، ملاجئ لأطفالٍ مكبلين بالأصفاد، عبوات ناسفة، سيارات مفخخة، انتحاريون، ومجلس الأمن لا يعرف بعد الفرق الشاسع بين المقاومة والإرهاب..
في تلفزيون الواقع المرّ نحن فقط "مشاهدون" لا نملك حتى حق التصويت لمن يقف في دائرة الخطر. ستتصاعد وتيرة الحقد بين الناس، وتنشقُّ عن كل دينٍ ألف طائفة، وعن كلّ طائفة ألف مِلّة، مادامت ستارة الظلم مسدلة على شرفة الإنسانية، ونوافذ العدالة زرقاء، والملاجئ السفلى مكتظة بصامتين ينتظرون غارة الرحمة.



#نسرين_طرابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أقبَلُكَ كما أنتَ، فهل تقبَلُنِي كما أنا؟؟


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نسرين طرابلسي - تلفزيون الواقع المرّ