أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل الخطيب - هل من مراجعة لبعض المعارضة؟















المزيد.....

هل من مراجعة لبعض المعارضة؟


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 10:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كتب ماركس في أيار 1842 في دراسة عن حرية الصحافة بأن حالة وواقع المعارضة بشكل عام هي التي تحدد درجة تطور أو نضج المجتمع.
وإذا انطلقنا من كوننا معارضين للنظام السوري، هل يمكن القول أن الزمن أكدّ وجهة نظر ماركس هذه؟. أعتقد أن نظرة على واقع المعارضة ونضجها قد تقربنا من معرفة تطور البلد.
تنتظر الناس من المعارض أو المعارضة بشكل عام شيء من النتيجة لعملها السياسي، نتيجة تكون مقبولة أو "مُترقبة"، وإذا تأخر هذا، أو لم يحصل بالمرة، فإن الناس تقوم بتقييم أو (حتى معاقبة) هذه السياسة بطريقتها الخاصة. ولا يوجد عمل سياسي بدون نتائج، مهما تأخرت ستأتي وتظهر، سواء كان ذلك في النظم الشمولية أو الديمقراطية، في الحكم أو في المعارضة. وهذه النتيجة – العواقب تدعو دائماً لمراجعة السياسة التي مورِست واستخلاص العبر منها.
مهمة المثقف الرئيسية تكمن في تقصير المسافة بين اكتشاف أو معرفة "الحقائق" وبين التعبير عنها.
إنني مازلت على قناعة، بأن العوامل الخارجية هي التي ستحدد مصير النظام ومستقبل البلد والمنطقة ـلأنها كانت ومنذ عقودٍ تحدد وجود ونشاط وسياسة النظام ومازالت-، والتغيير لابدّ آت، وستبقى حصة الأسد فيه للظروف الخارجية. ونظرة على "الداروينية" السياسية في المنطقة ـمثلاً تطور أنصاف الرجال حتى يصبح النصف "مفرد ونصف"، وغيرهاـ تُعطي دلائل تُدلّل عليها الخيوط التي تحرك هذه السياسة. ولهذه "الداروينية" تأثيرها على المعارضة أيضاً، فمنها من قضى، ومنها من ينتظر، ومنها من يلعب "خفية" ويضع حديده ويُحمّيه في أكثر من نار "معارضة"، ولكن بدون مراجعة لهذا اللعب السياسي.
وقلت مراراً أن دم الحريري لن يكون أغلى من دم أي واحد من ركاب لوكربي، ولا الدماء العراقية ولا ضحايا دارفور كذلك. وتبقى عقدة "كعب" حذاء ساركوزي ورومانسيات برلسكوني بالنسبة للإعلام في أوربا أهم بكثير من أزمة حقوق الإنسان في سوريا والمنطقة بشكل عام، وقد يكون صحيحاً أن أمريكا تريد الاستقرار السياسي أولاً في المنطقة، لكن ذلك لا يعفي المعارضة عن لعب دورها الذي يجب أن تأخذه في عملية تسريع البدائل الديمقراطية العصرية الضامنة للاستقرار أيضاً، لأنه مصلحة محلية وإقليمية وعالمية. كي لا تنهض في أحد الأيام الانتخابية الحرة –كما حدث في بعض دول أوربا الشرقية- وتصرخ "يا إلهي ماذا بنا نفعل بالسلطة؟". والسلطة القادمة لن تكون "نفعية"..
نجد أنه لكل سياسة محددة "وجهها" أو شخصية سياسية تُمثل هذا الـ"وجه". هذا الشخص يختزل مجمل التوجهات والمواقف السياسية لهذا الحزب أو التجمع السياسي، أي أنه يمثل البرنامج السياسي والأهداف العامة والخطاب والوصايا السياسية التي يُريد إيصالها للشريحة الاجتماعية المُستهدفة، أو للشعب كله، وأحياناً للخارج أيضاً –كما هو حال المعارضة السورية-. إن المصداقية والثقة التي يتمتع فيها السياسي تجعله رمزاً إنسانياً يمكن "تسويقه"، أو من خلاله يمكن "تسويق" الأفكار التي يُمثّل، لذا تكون المصداقية والثقة ونوعية المُقربين منه والمؤثرين فيه، من أهم العوامل التي تُقوّي أو تُضعف الحزب أو التجمع والفكر الذي يُمثله هذا السياسي..
وبناءً على ما سبق، من المفيد أن يتعلم ـمن هو بحاجة من المعارضةـ ممارسة التفكير الحر خارج القوالب المألوفة، أن يتعلم السلوك المستقيم، كي يستطيع التأثير بالأفكار وبالسياسة. أعتقد أنه على المعارضة أن تقوم بدور تربية المجتمع على التعامل الحضاري، لكنه عليها أن تتعلم أصول التربية الاجتماعية الذاتية نظرياً وأن تمارسها عملياً بين أفرادها ومع بعضها البعض كتيارات، كي تصبح المثل الذي يُشار إليه بالمصداقية والنزاهة والشفافية، كي تعطي مبررات الاعتقاد -في الداخل والخارج- بأنها قد تكون بديلاً مقبولاً.
في بعض دول أوربا الشرقية قامت المعارضة آنذاك بتعليم النظام على أصول التعامل، وفرضت عليه ذلك. طبعاً لا يمكن تشبيه النظام السوري والعلاقات الدولية اليوم بما كان قبل ربع قرن في أوربا، ولا المقارنة بين المعارضة السورية وبين المعارضة التي كانت تقودها بشكل عام نخبة نزيهة صادقة من المثقفين في أوربا الشرقية، لكنه يمكن ويجب التعلم من التجربة تلك، لأن التعامل السياسي هو عملية حضارية مستمرة، ومهمة المعارضة التسريع في عملية التعامل الحضاري هذه، وأحياناً على المعارضة إيجاد الفرص لإجبار الآخرين على مثل هذا التعامل.
التعامل الحضاري عند المعارضة سيُجبر –عاجلاً أم آجلاً- العالم بمن فيهم "أصدقاء النظام" كساركوزي للتعامل بالمثل، على المعارضة أن تلعب دوراً رئيسياً في قلب معادلة "عقدة" ساركوزي، وحساب خطواتهم أكثر في تعاملهم مع النظام، ونظرة على دول أمريكا اللاتينية تعطي البرهان على أن نضج القوى الوطنية أجبر ويُجبر حتى أمريكا للتعامل معهم وبشكل "نديّ" تقريباً، ولا تستطيع أمريكا وغيرها من التهرب دائماً وتجاهل دعم العملية الديمقراطية.
ومن أهم مميزات النظام السوري أنه نظام يستند على القمع ويُنتج الفساد. وبنفس الوقت، يساهم بشكل مخيف بتشويه علاقات وقيم المجتمع. يتهم المعارضة الوطنية بالخيانة والعمالة وما إلى ذلك من وصفات رخيصة، ويقوم شخصياً باستجداء التطبيع مع من يتهم المعارضة بالصلة فيهم، وفي نفس الوقت تلتقي نتيجة سياساته مع السلفية الدينية،-لاحظ دعم الأخوان المسلمين في العالم للنظام السوري، ودعمه للمنظمات السلفية الإرهابية-، وبالرغم من قانون الإعدام بحق كل منتسب للإخوان المسلمين في سوريا. كل ذلك يبين أنه لا يفصل السلوك والتعامل الأخلاقي المسئول عن غير الأخلاقي إلاّ درجات قليلة، والتجربة اليومية في التعامل تعطي أمثلة كثيرة.
وسيأتي الوقت الذي يؤكد، أنه هناك معارضة وطنية أعطت الأمثلة في التعامل اليومي والسلوك الأخلاقي الصادق والوطني، وهذا مع الأسف لا يمكن تعميمه على كل "بعض البعض المعارض". معارضة نزيهة وشفافة بوجه نظام لا همّ له إلاّ السلطة وما تعطيه من مكاسب..
إن التركيز على النوعية هو المعيار لعمل المعارضة. لقد بينت محفوظات الأمن المجري في آخر أيام النظام السابق، أنه كان عدد المعارضين للنظام لا يتجاوز 2000 فرد في بلد سكانه عشرة ملايين نسمة. عدد متواضع، لكنه أعطى صورة مشرقة ومشرفة موّجهة لشعبه وللعالم من خلال تعامله الحضاري مع بعضه ومع العالم، ولكونه استطاع استغلال المتغيرات الدولية لمصلحة الوطن وليس للمصالح الشخصية والنفعية، لأنه كان يملك مصداقية في سلوكه، وليست "معارضة نفعية"..
وحيث أن المعارضة تتكون من مجموعات، والمجموعات من أفراد، لذا نرى أهمية بالغة للحديث عن دور الفرد، أو دور الـ"زعيم" المعارض وحتى "ملحقات الزعيم" أيضاً. وهنا لابد من التأكيد على بضعة خصائص، منها قدرته على استشفاف المشكلة وإيجاد الحلول لها، أي معرفته الواسعة وتجربته، كما يجب أن تكون عنده القدرة على إيجاد الوسيلة أو الطريقة لكيفية حل المشاكل المستجدة المطروحة، ومسألة الثقة هي فوق كل المسائل، لأن انعدامها تُلغي كل الخصائص الأخرى أو تُحجّمها كثيراً، وطبعاً طبيعته كإنسان وليس كسياسي، أي تعامله وسلوكه اليومي الشخصي. ومن صفات القائد السياسي أن يكون عنده القدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على الإقناع أيضاً. الهروب من الرد على الأسئلة المستجدة لا يعني القفز عنها، وتكنيسها تحت البساط لا يلغيها، ربما يُكلف الرد المتأخر جهداً أكثر، الهروب من المواجهة تحت أي ذريعة يبقى هروباً، ولا تموت الأسئلة بالتقادم، وقد يُخلق هذا السلوك أسئلة أكثر..
إن نظرة إلى واقع سوريا خلال السنوات الماضية يُشير إلى ارتفاع أسعار الناس الصادقين في تعاملهم وسياساتهم، وصار الذهب سلعة رخيصة مقارنة بالمصداقية، وأعتقد أن هذا أحد نتائج تاريخ السياسة في سوريا. إننا في بلد لا قيمة فيه للنتائج وللعواقب، وهذا يصلح على النظام وعلى بعض المعارضة أيضاً.. هل يمكننا القول أنه هناك مشكلة أخلاقية سلوكية سورية؟.
الناس تنتظر أكثر من المعارضة، خصوصاً في الخارج، ليس فقط في خطابها السياسي، بل في مراجعة هذا الخطاب وتقييمه بين الفينة والأخرى. والاختباء تحت حجج أن الظرف الحالي غير مناسب للهروب من المراجعة والتقييم العلني غير مقبول، لأنه عندما يصبح الظرف مناسباً تقلّ أهمية الحاجة لمثل تلك التقييمات. إن ثقة الناس ضعيفة لأنها تعرف أكثر مما نتصور عنها، ولأنها تُشكك في كثير مما تسمعه وتشاهده، إنها تعرفنا أكثر مما نعرفها.
التعامل مع الإعلام(الميديا) في هذه الحقبة من العولمة يتطلب لغة جديدة ومفردات جديدة، الإعلام في هذا العصر لا يقوم فقط بنقل الوقائع والأحداث، ولا اجتهاد تحليلات للفترة القريبة القادمة وتبيان خطأها بعد شهور قليلة ثمّ إعادة اجترارها من جديد، بل يساهم في خلقها وتكوينها. وهذا ما يدعو إلى المصداقية في التعامل كسبب أوليّ لانتزاع ثقة الناس والمحافظة على هذه الثقة، والمصداقية تمنع خداع الشخص لنفسه قبل غيره. بوجود العولمة والثورة الإعلامية ما عاد يمكن ستر وتغطية أيّ شيء، حتى جزئيات ما حدث ويحدث من السجون إلى القصور لا يمكن كتمانه، وصارت أيضاً مشاكل العولمة جزء من مشاكل وهموم القرية أو المدينة التي نعيش فيها، والعكس صحيح أيضاً.
مشاكل المعارضة الوطنية بشكل عام ومصداقيتها هي جزء من مشاكل المجتمع السوري، والعكس صحيح. هل من سياسة أخرى؟ هل من مصداقية؟.. الهروب منها، هروب من المستقبل.. هل من مراجعة لبعض المعارضة؟ أو هل من مراجعة للمراجعة؟. نعم هناك مشكلة أخلاقية سلوكية سورية..
بودابست، 28 / 10 / 2009. فاضل الخطيب.
ملاحظة: مسودة كتبت قبل عدة أشهر، ولم تنشَر..



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية كلمة حلوة فقط؟.
- هواجسٌ غير مرتبة..!
- أفكارٌ متضاربة بالقرب من ذكرى الميلاد..!
- بلا مكبرات صوت. بين الشام والجولان..!
- اعطه يا غلام ألف دينار، أو 34 دولار؟.!
- الدكّة، من سعادته حتى سيادته..!
- -سوبر فتوى- في مهرجان الفتاوى العربي..!
- رياضة المشي، صحيّة وتساعد على تحرير الجولان..!
- الوالي والأهالي، ج3..!
- الوالي والأهالي، ج2..!
- الوالي والأهالي، ج1..!
- حوار مع الكاتب حسان شمس من الجولان
- خفيف الدسم 2، رُدَّنيّ إلى السجن..!
- خفيف الدسم. -1.- القضاء السوري يبحث عن قضاءٍ..!
- ذمية وما عندها ذمة
- الأسد في الجغرافية السورية
- قناة زنوبيا بدون تجميل..! الحُصرُم المعارض.
- أشعر بيوم اكتشاف سوريا
- مُذنّب هالي، شكراً لزيارتك وإلى لقاء..!
- الدائرة المغلقة..!


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل الخطيب - هل من مراجعة لبعض المعارضة؟