أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد علي مقلد - تجديد اليسار أم يسار جديد؟















المزيد.....

تجديد اليسار أم يسار جديد؟


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 841 - 2004 / 5 / 22 - 08:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يطرح صدور وثيقة سياسية باسم يسار جديد سؤالين: هل من ضرورة ليسار جديد؟ وماذا ينبغي أن يكون جديده؟ استقر وضع اليسار القديم على الأمميات التي أفرزها القرن الماضي وما تحدر منها في حركات التحرر الوطني، والتي تباينت في مواقف وتوحدت على أخرى. فهي توحدت على ضرورة البحث عن بديل للرأسمالية، وتباينت في أساليب نضالها وفي برامجها وفي طرق تنظيمها.
انهيار المنظومة الاشتراكية يعني في ما يعنيه أن نقاط الاختلاف ونقاط الاتفاق بين أهل اليسار الأممي صارت كلها موضع بحث وإعادة نظر.
حين أعاد فلاسفة الرأسمالية البحث قرروا أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ، وهم يحكّون أدمغتهم ساعة فساعة من أجل مساعدتها على تجديد نفسها. أما فلاسفة اليسار فلم يجدوا غير دماغ ماركس، وكل ما يفعلونه الآن هو أنهم ينفضون الغبار عن كتبه وتماثيله، وهم، لمزيد من الدقة، ينفضون عن أفكاره ما تراكم عليها من التأويلات السوفياتية واجتهادات السلالات الماركسية، ممن كانوا في جنة السلطات أو وقودا في جحيمها. ولم يتجاسر أحد على تجاوز ماركس في دعوته إلى تجاوز الرأسمالية، بحثا عن نعيم ما في هذا الكون.
وإذا كان ذلك موضع إجماع أهل اليسار، إلا أن سقف البحث عن بديل للرأسمالية انخفض بصورة مريعة، إلى الحد الذي صار معه الإسلاميون جزءا من حركة اليسار، باعتبارهم مناهضين للرأسمالية، والبديل القيادي في حركات التحرر الوطني، بعد فشل القيادات الوطنية المحسوبة على اليسار، ثم غدا مصطلح اليسار من الالتباس بحيث لم يعد صالحا، في صيغته الماضية، معيارا للحكم على طبيعة الحركات السياسية والفكرية وعلى برامج الإصلاح، فقد اصطفت قوى يسارية في خندق الإمبريالية، وقوى مماثلة في خندق الإسلاميين، واختلط حابل الشيوعية بنابل الاشتراكية الدولية فمشى بعضهم بالنظام المرصوص خلف الجيش الأميركي في غزواته (اليسار الإيطالي والفرنسي) وكابر آخرون حفاظا على كبرياء تاريخي.
أما اليسار العربي فقد كان في غاية الارتباك، بحيث يحسب موقف الشيوعيين العراقيين، في نظر البعض، ممالئا للاحتلال الأميركي، كما يحسب موقف الشيوعيين اللبنانيين، في نظر البعض، مماثلا لموقف القاعدة وبن لادن، أما بقايا صدام حسين فهي خارج كل التصنيفات، فمن مدرسته القومية ومن كل المدارس القومية تخرج مناضلون حقيقيون وجلادون حقيقيون. ومن يدري، فقد يلتقي في خنادق الفلوجة أو النجف شيوعيان من لبنان وسوريا مع اثنين من الأفغان العرب، ليشكلوا النواة الصلبة في جيش المواجهة مع الإمبريالية!!! وإن التقوا فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وحتى لا يتنطح مجدف ويضع هذا القول في خانة العداء لمواجهة الإمبريالية، نستحضر ما كتبناه غداة احتلال أفغانستان حيث تمنينا لو صدر باسم اليسار بيان تاريخي يقول:
>.
بإمكان هذا اليسار أن يكرر البيان ذاته اليوم، وهو لا شك سيتمخض عن ولادة يسار جديد، غير أن إرهاصات هذه الولادة لا تبشر بقربها، لأن تجربتي الولادة لا تنمان عن ذلك. التجربة الأولى تمثلت في مؤتمر الحزب الشيوعي اللبناني، أما الثانية ففي مسودة مشروع الوثيقة الصادرة عن حركة اليسار الديموقراطي.
الحزب الشيوعي رد على تحدي قيام يسار جديد بتحسينات تجميلية على واقعه المأزوم، وحركة اليسار الديموقراطي انتظرت نتائج مؤتمر الحزب لتعلن خيبة أملها من إنقاذ اليسار من الداخل.
الحزب الشيوعي اللبناني خرج من انطوائه وغيّر في خريطة تحالفاته، من غير أن يخرج من طاحونة السياسة الداخلية ومن سراديب الخطاب القومي، فتراءى له أن من شأن ذلك أن يبدل صورته أمام محازبيه ومؤيديه ومعلقي الآمال عليه، فتخبط في تحالفات مع أهل السلطة تارة ومع معارضيهم تارة أخرى، من الإسلام السياسي إلى المعارضة المسيحية، وحاول النزول إلى الشارع بعد غياب طويل، لكنه ظل يشكو من فقدان بوصلة القضية.
أما مشروع حركة اليسار الديموقراطي فقد أضاف إلى النصوص السياسية المتداولة نصا من الطينة ذاتها. أي من طينة النصوص التي تحلل الواقع السياسي، فتصبح شبيهة بالبيانات التي تصدر عن القوى السياسية وعن المكاتب السياسية ومجالس الشورى ومجالس القيادة، كل حسب موقعه، وبدا في نصه صدى لما هو قائم، أو انفعالا به، أو ردة فعل عليه؛ إن هو إلا رأي في الأحداث وليس له صلة ببيان تاريخي يعلن ولادة اليسار الجديد.
حين ولد اليسار أول مرة، كان ذلك عندما اصطدم طموح حركة التغيير الجذري، في الثورة الفرنسية، بواقع عجز الثورة عن تحقيق المساواة، وهي الركن الثالث من شعاراتها، واستمر الفرز بين اليمين واليسار على قاعدة اتفاقهما على ضرورة بناء دولة الحق والقانون، واختلافهما على الحيز الذي يمكن إعطاؤه للعدالة في هذه الدولة. لكنهما ظلا متمايزين رغم انتمائهما معا إلى الثورة، وتأسست على ضوء هذا التمايز حركة اشتراكية فرنسية. واستمرت هذه ميزة لليسار إلى أن تبلورت مع ماركس أفكار عن العدالة وأعلن البيان الشيوعي صيغة نوعية لليسار، استنادا إلى تحليل آليات التطور الرأسمالي، وإلى استشراف للمستقبل على ضوء علم التاريخ ونضج الفلسفة المادية في قراءة التاريخ.
مع لينين وأمميته قام يسار جديد استنادا إلى تجربتي اليسار السابقتين، وإلى تمايز عنهما في أساليب النضال وآليات العمل، وادعت اللينينية وراثة تاريخ اليسار، ومضت إلى حيث مضت، حاملة معها جذور الأزمة ذاتها: أين هو موقع العدالة من بناء الدولة الحديثة، دولة الحق والقانون؟ بتعبير آخر، أعلن هذا اليسار عن عجزه، كما الرأسمالية، عن صياغة توازن بين الدولة والعدالة، ففي حين انحازت الرأسمالية للدولة ظاهريا وللاقتصاد عمليا، انحاز اليسار إلى العدالة، وبنى الدولة التوتاليتارية على حساب الحرية والديموقراطية، فكان لا بد عند كل منهما من غلبة لأحد الشعارين على الآخر.
منذ لينين حتى اليوم لم تخرج حركات اليسار، على كثرتها، من الحقل الذي رسم حدوده لينين والثورة البلشفية، وهي حدود غياب التوازن في تحقيق مهام التقدم الإنساني. ومنذ لينين تتوالى محاولات قيام يسار، يسمونه جديدا، على حساب يسار يعده خصومه قديما وتقليديا وغير ثوري. والحقيقة أن كل حركات اليسار الانشقاقية لم تكن إلا تنويعا وتفريعا على الأصل اللينيني.
في الأديان أيضا قامت حركات تدعي التجديد، وكانت هي الأخرى كلها تفريعا من الأصل، ولم تكن الحروب الطاحنة في ما بينها دليلا كافيا على اختلاف لاهوتي كبير، بل كانت دليلا ساطعا على حجم التأثير الذي تمارسه السياسة والمصالح الدنيوية على الدين وفرقه ومذاهبه وتياراته الكبرى وتفرعاته الصغرى، وعلى أسباب قيامها.
التجديد في الدين، كما في اليسار، يحتاج إلى مفصل تاريخي، إلى مفترق، هو في حالة اليسار القديم، اختيار بين الدولة والعدالة، أما في حالة اليسار الجديد، فالقضية أكثر تعقيدا.
المفصل التاريخي أوالمفترق، تجسد في انهيار الاتحاد السوفياتي وأحادية السيطرة الأميركية سياسيا على العالم. وإذا كان المفترق قد قلب صفحة ليفتح أخرى، إلا أنه لم يشطب من جدول عمل التاريخ القضية الأساس الذي قامت عليه فكرة اليسار منذ البداية: تقدم البشرية بالدولة أو بالعدالة أم بكليهما؟
اليسار القديم ما زال يجرجر تاريخه وراءه ويستنجد بالتجربة الأولى، ويستحضر ألياتها وإيديولوجيتها ومركزيتها، الخ...، وما زال ينظر إلى عملية التجديد بمنظار ميكانيكي، فالقطيعة مع الماضي، في نظره خيانة، والتمسك به، في نظر الآخرين، جمود سياسي وعقائدي. والزعم بتبني الماركسية قصور عن اللحاق بركب العلم، والرغبة في التبرؤ منها منجاة من التلبس في تهمة الإيديولوجيا.
حركة اليسار الديموقراطي توهمت أنها حلت المشكلة، حين جعلت اليسار والماركسية موضع مقارنة، فرأته <<أوسع>> منها، وأكثر قدرة على الاستيعاب والتجييش، وفاتها أن اليسار حركة سياسية والماركسية فلسفة للتغيير وقراءة للتاريخ واستشراف للمستقبل، وفاتها أيضا أن الذين ينتمون إلى الماركسية أو الذين يصرون على التبرؤ منها لا يملكون الدليل على انتمائهم إليها ولا على تبرئهم منها، وفاتهم أن المشكلة في مكان آخر، وأن ما يشكو منه الحزب الشيوعي في كل مكان، يشكو منه كل يساري وكل تقدمي وكل ثوري، وكل مناضل في حركات التحرر الوطني في العالم، إنه القضية، والقضية عند اليسار القديم كما عند الجديد ما زالت تتحدر من التركة السوفياتية ومرحلة الحرب الباردة، وما زالت الأطر الحزبية المكافحة تتغذى من معين اليسار القديم نفسه، مما يؤكد الاستنتاج باستحالة قيام يسار جديد إلا على ضوء صياغة جديدة لقضية التغيير، وبغير ذلك يحسب أي تجديد تنويعا على ما هو قائم من تحليلات ومواقف، إن لم يحسب بمثابة انشقاق، حتى وإن كان المؤسسون عذارى في السياسة أو قادمين من كوكب آخر أو من خارج التاريخ.
() أستاذ في الجامعة اللبنانية



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة سياسية في نتائج مؤتمر الحزب الشيوعي اللبناني
- رسالة من شيوعي إلى السيد هاني فحص


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد علي مقلد - تجديد اليسار أم يسار جديد؟