أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - عدم الانحياز بين الأمس واليوم














المزيد.....

عدم الانحياز بين الأمس واليوم


ياسين تملالي

الحوار المتمدن-العدد: 2730 - 2009 / 8 / 6 - 09:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1964-2009 : "عدم الانحياز" من القاهرة عاصمة حركات التحرر إلى شرم الشيخ "عاصمة المال والأعمال"
بعد انهيار جدار برلين في 1989، قيل الكثير عن انتفاء مفهوم "عدم الانحياز"، فالغرب الرأسمالي أصبح الطرف الوحيد في معادلة القوى العظمى وذراعه المسلح، حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أضحى القوة العسكرية الكبرى الوحيدة بعد اندثار حلف وارسو فيما يشبه غمضة عين.
الأحداث أثبتت أن انتهاء الحرب الباردة لم تكن نهاية الاستقطاب الجيوستراتيجي في العالم. صحيح أن الاتحاد السوفيتي اختُزل في نواته التاريخية، الفيدرالية الروسية، وأن مجال هذا البلد الحيوي تقلص بشكل كبير، فأصبح الناتو على عتبات أبوابه بعد أن كان في مأمن منه وراء سور منيع من "الدول الصديقة". لكن هذا لم يكن يعني أن روسيا فقدت الأمل في استعادة مجدها ولا أن الصين لم تعد تخطط لأن تتحول إلى قطب اقتصادي وعسكري كبير ولا أن باكستان وإيران نسيتا طموحهما لأن تصبحا قوتين إقليميتين يحسب لهما ألف حساب.
لكل هذه الأسباب، ولأنه لم يكن حلفا "ضد الاتحاد السوفيتي" بقدر ما كان حلفا في خدمة الرأسمالية الأوروبية والأمريكية، لم ينفَض عقد الناتو بانفضاض عقد المعسكر الشرقي. بالعكس، واصل الانتشار جغرافيا فضم إليه دولا كانت أعضاء في حلف وارسو كالمجر وبولونيا وبلغاريا ورومانيا، بل حتى بعضَ "الجمهوريات السوفيتية" السابقة كإستونيا وليتوانيا وليتونيا. عدلت أجندته لتتلاءم مع الوضع العالمي الجديد غير أن مهامه الأساسية بقيت هي ذاتها : التدخل العسكري دفاعا عن مصالح الرأسماليتين الأوروالأمريكية أينما باتت مهددة.
على صعيد آخر، لم يؤد انتهاء الحرب الباردة إلى تغيير ملموس على مستوى الهيئات الأممية. أعضاء مجلس الأمن الدائمون هم نفسهم أعضاؤه في أوج الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، كما أن دعوات الدول النامية إلى "عالم أكثر عدلا" لم تلق صدى كبيرا، فالدول الصناعية واصلت إطباق قبضتها عليها من خلال صندوق النقد العالمي وغيره من هيئاتها المالية، موجهة اقتصادياتها وجهة تقضي على شعوبها بالفقر والحروب. لا أدل على أن دعوة حركة عدم الانحياز في الجزائر سنة 1974 إلى "نظام اقتصادي دولي جديد" كانت صرخة في قعر واد من أنها كررتها في 2009، في شرم الشيخ، وبنفس العبارات تقريبا، فيما يشبه روتينا عمره اليوم خمسة وثلاثون عاما.
وباختصار شديد، لم يعن انهيار جدار برلين أن العالم لم يعد مرشحا لأن تولد فيه أقطاب جيوسياسية جديدة، أهمها الصين وروسيا (مخلصة من إرث الاتحاد السوفيتي ومستعيدة توسعية القياصرة)، ولا أن تسيير الاقتصاد الدولي لم يعد حكرا على "السبعة الكبار" ولا أن دور البلدان النامية فيه (من خلال المجموعة المسماة بالـ "77") أصبح أكثر أهمية من ذي قبل. السؤال الذي يطرح نفسه ليس إذاً عن ضرورة استمرار حركة عدم الانحياز التي تضم ثلثي أعضاء الأمم المتحدة و55 بالمائة من سكان الكرة الأرضية. السؤال هو : هل أعضاؤها مقتنعون بما يصوتون عليه بالإجماع في مختلف قممها ؟هل يسعون حقا إلى "عالم بديل"؟
في 1979 عندما ترأست كوبا الحركة، أطلقت بعض صحف المعسكر الغربي العنان لسخريتها مذكرة إياها بأنها جزء من حلف وارسو بحكم أن الخبراء السوفيات، من شواطئها، يرقبون عن كثب ولاية فلوريدا الأمريكية. الأمر اليوم أكثر خطورة مما كان عليه لثلاثين سنة خلت. لننظر في "لا انحياز" بعض "دول عدم الانحياز". مصر، إحدى البلدان التي أسست الحركة، تتلقى من أمريكا معونة مالية سنوية يخصص جزء لميزانيتها العسكرية. المغرب والجزائر وموريتانيا دخلت مفاوضات شراكة مع الناتو. أفغانستان شبه محمية أمريكية منذ 2001، ما يمكن الولايات المتحدة من محاصرة بعض أعدائها في المنطقة، خصوصا روسيا وإيران. المملكة السعودية والإمارات العربية وقطر والكويت والبحرين والعراق تعج بقواعد دول الناتو العسكرية، بل أن الإمارات - ربما بدافع "عدم الانحياز" إلى هذه القوة العظمى أو تلك - أطلقت عملية "تنويع" للحضور الأجنبي المسلح على أراضيها بافتتاح قاعدة فرنسية في أبو ظبي في مايو 2009.
في 1974، لم يكن مطلب "نظام اقتصادي دولي جديد" مطلبا ثوريا، فهو كان أساسا مطلب اندماج في السوق العالمية مشروط بالقضاء على التبادل غير المتكافئ بين الشمال والجنوب وضبط جناح الشركات متعددة الجنسيات وتقوية نفوذ الدول النامية في المؤسسات الدولية. لم يكن مطلبا ثوريا لكنه اليوم، وهو يُطرح من على منصة قمة شرم الشيخ، يبدو أصلا عديم الجدية، فالأغلبية الساحقة من دول عدم الانحياز أعضاء في منظمة التجارة العالمية (التي أقل ما يقال عنها أنها عصب الدول الصناعية التجاري) والباقي (باستثناء كوريا الشمالية وإريتريا وتركمنستان) تستجدي الالتحاق بها وتنتظره على أحر من الجمر.
كما في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ليست لدول الحركة مصلحة في التذيل لأمريكا أو أوروبا أو روسيا أو الصين. ليس مفهوم عدم الانحياز إذاً هو الذي انتفى. ما انتفى هو "دول عدم الانحياز"، فما أعظم الفرق بين مناصبة الناتو العداء (إلى حد التقرب أحيانا من حلف وارسو) والاحتماء بظله، بين التنديد بمؤسسات الرأسمالية الدولية والتمسح بها رغبة في مرضاتها. ما أعظم الفرق بين مصر قمة 1964 ومصر قمة 2009، بين القاهرة، "عاصمة حركات التحرر"، وشرم الشيخ "عاصمة المال والأعمال" التي احتضنت في 2008 أحد منتديات "مؤسسة دافوس"، وهي الأخرى "هيئة محايدة" بالرغم من أن الشركات متعددة الجنسيات هي من تمولها وترعاها.
ياسين تملالي
صحفي وكاتب جزائري

24 يوليو-تموز 2009



#ياسين_تملالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1964-2009 : -عدم الانحياز- من القاهرة عاصمة حركات التحرر إلى ...
- باراك أوباما ووهم -العالم الإسلامي-
- ساركوزي وإيران وعصر «ازدواجية الخطاب»
- السودان على ضوء البترول
- أسطورة -المغرب العربي الكبير- وواقع الحدود
- نيكولا ساركوزي والدين كبضاعة سياسية
- مغالطات عن التبشير المسيحي في الجزائر
- المهاجرون الأفارقة ضحايا «المصالحة الإيطاليّة الليبيّة»


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - عدم الانحياز بين الأمس واليوم