أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - المقام العراقي فن ذو جذور تاريخية تمتد إلى السومريين















المزيد.....

المقام العراقي فن ذو جذور تاريخية تمتد إلى السومريين


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


الجالغي البغدادي يصدح في أجواء برلين:
المقام العراقي من الفنون الموسيقية العربية المؤنسة القديمة التي نشأت في العراق منذ حوالي 4000 سنة، ويعتبر من أرقى أشكال المقام. يؤدي المقام العراقي كما في مقام الجالغي البغدادي على سبيل المثال لا الحصر، بالإضافة إلى القارئ، أربعة عازفين على كل من آلة السنطور والجوزة والرَق والإيقاع أي الطبلة، وتعرف لدى العراقيين بـ"الدنبك". ويغنى المقام عادة باللغة الفصحى واللهجة العامية المحلية ويختتم أحياناً بالبسته. ويتألف المقام العراقي من خمسة فصول تغنى تباعا، تسمى مقام بيات، حجاز، رَست، نََوى والحسيني. ويتألف العرض الغنائي من تحرير، التسليم والختم. وكانت المجتمعات البغدادية في سافر زمانها تتمتع بالمقام العراقي واغلبه مقام البهيرزاوي.

ويعتبر المقام العراقي أحد أصعب الفنون الغنائية الشعبية في العراق ومن الفنون الكلاسيكية التي تميّزت بها بلاد الرافدين. وهو نوع من الغناء المعقد الذي لا يقترب منه الكثير من المغنين أو الخوض في بحره والتأليف فيه لصعوبته وكثرته وتعدد أوصاله وفنونه. والمقام العراقي يرجع تاريخه إلى زمن طويل، وقد انحدر جيلاً بعد جيل عن طريق الحفظ، وقد مر بعهود عديدة ووقع تحت تأثيرات مختلفة لكنه لم يفقد قواعده وتوازنه وانسجامه الفني .

وللتعريف بهذا الفن العريق استقبلت العاصمة الألمانية برلين يوم السبت 30 مايو ـ أيار 2009 فرقة الجالغي العراقية بقيادة قارئ المقام العراقي الفنان الكبير حسين الأعظمي قادماً من عمان، ومشاركة عازف السنطور المقيم في امستردام الفنان وسام أيوب، وعازف الجوزة المقيم في هولندا الفنان محمد حسين كـمر وضارب الـرََق المقيم في ستكهولم الفنان محمد لفته والفنان الشاب المقيم في هولندا شانت أصلانيان على الطبلة. ويعكس تنوع هذه النخبة من الفنانين العراقيين في فرقة ضمت العربي السني والشيعي والمسيحي والكردي والتركماني عشق العراقيين لوحدتهم الوطنية ونبذهم للتمييز العرقي والطائفي الذي أسس له الاحتلال في بلدهم، كما أكد في ختام الحفل وسط تصفيق الجمهور العراقي والعربي والألماني غير المنقطع عميد الفرقة بقوله: إننا نمثل هنا كل طوائف العراق من شماله إلى جنوبه فهذا هو الطيف العراقي وليس سواه.

والجدير بالذكر أن العراقيين اللذين أتوا من كل حدب وصوب، من أقصى الجنوب الألماني إلى أقصى شماله، لم يستمتعوا بهذا الفن الرائع وبصوت الفنان الطَرِب يصدح في أرجاء القاعة يصاحبه فيض الآلات الموسيقية التي روضتها أطراف فرسانها فنياً وحسياً حتى لامس صداها كِرّاب المروج، تغازل ألوان قوس قزح، تارة في المقام وتارة في عمق "البسـته" العراقية فحسب، بل أتاح الحفل فرصة لقاءات لأصدقاء وأحباء قدامى لم يروا بعضهم منذ أعوام.. ويعود الفضل في هذا التواصل بين العراقيين والتناغم مع الفنان وفرقته لجهود المواطن العراقي المقيم في ألمانيا الدكتور عباس حمزة الذي أقنع الفنان الأعظمي أثناء زيارته لعمان بأهمية إقامة مثل هذا الحفل الموسيقي لسد نقص يعاني منه عراقيو المهجر في هذا المجال. لقد أحرز قصب السبق في تنظيم واستعراض هذا النوع من الفنون في فضاء برلين فقد قدم للثقافة العراقية ما لا تقدمه أي مؤسسة عراقية رسمية بات هَم المتسلطون عليها حصر الامتيازات وتقاسم الأموال بينهم.

والثقافة والفنون العراقية ومنها فنون الموسيقى والغناء إرث حضاري ذو جذور تميّزت به بلاد الرافدين منذ الأزل، تناقلته الأجيال والملل وأكتسبت منه الشعوب والحضارات حالها حال العلوم الأخرى كالمعمار والبناء والطب والهندسة وعلم الفلك والرياضيات التي هي بالمناسبة واحدة من أهم مقومات صناعة الآلات الموسيقية وبناء أبجدياتها الفنية. وتمتد جذور الموسيقى في العراق تاريخيا إلى السومريين وقد حفظت لنا الألواح ورقم الطين معلومات ثمينة عن موسيقى وادي الرافدين، ولايزال الباحثون المختصون بحضارة العراق يفكون رموز الكثير من هذه الرقم. وتوارثت بغداد موسيقى بلاد الرافدين، وأضافت لها قيماً جمالية وتقنية في الغناء. لكنها أيضاً تأثرت هي الأخرى أي الموسيقى بما حل بالعراق من خراب وتخلف استمر قرونا طويلة. ومع نهاية القرن الثامن عشر ظهرت ملامح جديدة في قراءة المقام وأخذت بالنضج أثناء القرن التاسع عشر.

والمقام العراقي على قدمه، بإيقاعه وأنغامه المميزة يشكل عماد الموسيقى العربية. وتختزن قواعده الفنية والحسية الكثير من الأصالة والرقي. أثر في الموسيقى الغربية وسقى حرفياتها الكثير من المؤثرات النغمية والفنية والصوتية والتكنيكية، وبقي محافظاً على سجيته البيئية وأسلوبه الفني الموروث، حفاظاً على أصالته الفنية والتمسك بهويته البلاغية والشعرية التي لا تخلو من السرد النثري والروائي. حيوي في كل مقام ومجلس، ينهل منه كافه الموسيقيين العرب ويتذوقه العراقيون لما فيه من روحيه وقراءات لا توجد في أي موسيقى وألحان أخرى.

يقول الفنان الأعظمي: صقلت موهبتي عن طريق البيئة فكان لي معلمون كثيرون. وكانت البيئة والأسرة والتاريخ هم من علمني المقام إضافة إلى امتلاكي في وقت مبكر آلة تسجيل ساعدتني على امتلاك إمكانية نظام إعادة وتكرار ما أسجله، فكان المسجل منعطفاً كبيراً في تعليمي إضافة إلى نصائح الآخرين وتشجيعهم.. وفي محطة أخرى قال: المقام شكل غنائي موسيقي عريق له من القدم التاريخي والتراث الحسي غير المربوط بزمن معين. ظهر هذا التراث في وقت واحد في أماكن متعددة، وكان تراثا عفويا، ربما مرت عليه أربعة قرون أو أكثر. ويعود سبب وصفه بالمقام "العراقي" ليس لأنه نشأ وترعرع في بغداد، إنما لتميزه عن مقامات موجودة في دول أخرى مثل تركيا وإيران، لا تتقيد بأحكامه وبفصوله وقواعده وشروطه اللحنية والفنية والتقنية.

ومن المهم بمكان الإشارة إلى أن فرقة الجالغي البغدادي برئاسة المغفور له القارئ محمد القبنجي قد شاركت عام 1932 في مؤتمر القاهرة الأول للموسيقى العربية، الذي شاركت فيه وفود موسيقية رسميه من جميع البلدان العربية بالإضافة إلى تركيا. وقدمت مقام خنبات بمشاركة (يوسف حوكَي بتو، صالح شميل، ابراهيم صالح، يهودا شماس) وقد فاز الوفد العراقي بالمركز الأول بعد استفتاء لجنة المؤتمر من الخبراء الموسيقيين العرب والأتراك والأوربيين وتم تكريم الوفد من قبل الملك فؤاد الأول.

يشير الدكتور عبدالحليم حجاج في معرض تقديمه الفرقة واستعراض تاريخ المقام العراقي في هذه الأمسية إلى: يعتبر المُلا عثمان الموصلي من أوائل الرواد في مجال تطوير المقام العراقي، فقد أسس مبكراً المدرسة المقامية للإنشاد الديني على النهج المولوي لشيخ المتصوفة جلال الدين الرومي. ووضع أسس الأغنية الحديثة في البلاد العربية عموماً وليس في العراق فقط، حيث تتلمذ على يده فنانون وموسيقيون عرب، مثل خليل قباني وعبد الحمولي وسيد درويش، الذي اخذ منه أغنية” زوروني في السنة مرة حرام “ وغنتها السيدة فيروز، والتي كان المُلا عثمان قد وضعها للاذكار الديني وللمدائح النبوية.. وأن رشيد القندرجي الذي كان أميناً على ما هو متوارث عند قراءة المقام في العراق، يعتبر صاحب التجديد الذي أدخل الكثير من الفنون والنغمات في العديد من المقامات.

ورغم أن الكثير من الأغاني " البستات " قد أندثر وولى عهدها، ألا أن المقام العراقي بقي بفضل رواده وعشاقه من يعتزون به ويجيدون غناءه، وبقي حاضر الزمان والمكان في المدن العراقية وواحداً من أهم الفنون في حياة مجتمعاتها، ومصدر هام في مجالس بغداد وانسها وطربها على مر العصور.

عصام الياسري
برلين / 4 حزيران 2009




#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يتوقف نزيف الدم وينتهي قتل الصحافيين والاستهتار بحياتهم ...
- الزميل منتظر الزيدي أمام القضاء محكوم سلفاً بلا رحمة!.
- مهرجان برلين العالمي يوقد أضواءه على أرض الحرب الباردة
- مهرجان الفيلم العالمي - برلين
- النظام الرسمي العربي ما بعد غزة يضيع بين استراتيجيات متباينة
- تحية للمجهولين أبطال الصحافة والإعلام اللذين يعملون بمهنية و ...
- الروائي العراقي صبري هاشم يحلق بعيداً إلى كبد السماء.
- عوالم جميل الساعدي في تركة لاعب الكريات الزجاجية.
- العمل على إنهاء المجازر وقتل الأبرياء والصحفيين في العراق وا ...
- محمود درويش: هزمتك يا موت الأغاني في بلاد الرافدين
- وقائع في كواليس أمسية شعرية في ألمانيا
- إشكاليات الجالية العربية في المهجر.. أفكار وحلول !!
- مغتربون منفيون.. أم هم حصان طروادة
- ماذا جنى المغترب في يوم الاحتفاء باغترابه
- المتأدلجون الجدد
- ديتر آبلت .. موهبة ألمانية أحب الشرق وحلم باحتضان رمال صحرائ ...
- اذا ما توقفت الحضارة تاثر الغناء
- الجاليات العربية في المهجر بين النقد اللاموضوعي والاقصاء
- الحروب أحد أسباب تراجيديا الصراعات النفسية عند الأطفال..
- هل يعيد النظام الجديد في العراق إلى الأذهان فكرة صدام الخطير ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - المقام العراقي فن ذو جذور تاريخية تمتد إلى السومريين