أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرزاق عيد - العجائبي والخارق في مخيال ابن عباس/ ابن عباس كنز الميثولوجيا العربية والإسلامية (3)















المزيد.....

العجائبي والخارق في مخيال ابن عباس/ ابن عباس كنز الميثولوجيا العربية والإسلامية (3)


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 11:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد اهتبلناها فرصة سانحة ونحن في سياق مناقشتنا للعقل الفقهي المشيخي بنموذجه ( البوطي ) أن نتوقف وقفة خاصة عند العبقرية التخيلية الميثية لهذا الصحابي الكبير ( ابن عباس ) ، حيث يمكن للمرء وهو يتابع تفسيره للقرآن وروايته للإسراء والمعراج أن يرى في تأويلاته لعالم الخلق والكون كنزا "ميثيولوجيا" مدهشا وهو يبعث الحياة في الأشياء فيأسطرها ، لكن الفقهاء والمفسرين مع الأسف ضيعوا على الثقافة العربية والتراث العربي هذه الثروة الشعرية السحرية المفعمة بالنظرة الطفلية العجائبية الخارقة للعالم ، عندما جعلوا من ابن عباس مجرد راوية وشارح للقرآن الكريم ، ولو أن الرجل جرد من هذا اللبوس الفقهي الوعظي المقدس ، لاكتشفنا فيه قيمة فنية وإبداعية تؤهله لأن يكون (هوميروس) العرب ، وعندها لن نكون مرغمين على البحث في سيرة الفنان أو الشاعر أو الأديب عن صفات العدول الثقة ، فأكذب الشعر أعذبه ، وأجمل الحكايات والروايات الملحمية هو ما تخترنه من غرائبية ، وفضاءات طقسية سحرية.
ولا بد لنا من تذكير القارئ دائما ، بأننا في خيارنا لابن عباس كمثل ، إنما نختار الممثل النموذجي لطريقة في التفكير ، لأسلوب في القراءة والفهم ، لمنهج في علوم البحث الإسلامي كما يزعم البوطي ، والبوطي أيضا ليس إلا مثالا نموذجيا للعقل الفقهي المشيخي الذي آل إليه تيار التفكير الإسلامي ، منذ عصر النهضة والتنوير ممثلا بتيار الإصلاح الإسلامي ، إلى صورة الإسلام التكفيري الذي يصل حد تكفير أي عقل لا يؤمن بالمعجزات والخوارق والخرافات ، وستتبدى لنا تلك المفارقة التراجي-كوميدية بحملة الشيخ وأصحاب منهجه " العلمي " على الإمام محمد عبده ومحمد شلتوت ومحمد فريد وجدي " وكل أولئك الذين أرادوا أن يعيدوا للإسلام وجهه الحضاري من خلال العودة إلى مصالحته مع العقل ، بعد قطيعة معه والاستسلام لاستقالته عدة قرون من الزمن .
- التكوين وابتداء الخلق :
لابد من الإشارة إلى أن أول المتنبهين لمفارقة هذا الحضور الكثيف لابن عباس في تفسير القرآن ورواية الحديث والإخبار عن الأوائل ، حيث لا يخلو مجال من مجال معارف وعلوم وأخبار العرب والمسلمين إلا وله رأي ، ونادرا أن نجد آية من آيات القرآن في كتب التفاسير إلا وكان لابن عباس رأي .
نقول : إن أول المتنبهين لهذا الحضور هو ابن خلدون ، فقد عبّر عن هذه المفارقة بتساؤل لا يخلو من إظهار التهكم ، وهو من أين لابن عباس كل هذه العلوم ، إذا كان مصدر علومه كعب الأحبار اليهودي المتأسلم ، فكعب الأحبار بدوي وابن عباس كذلك ، إذن فكعب الأحبار لم يصب من علوم العمران والحضر أي حظ ، فالمفارقة هي أن بدويا ينقل عن بدوي ، والفارق الوحيد بين الاثنين أن البدوي الأول ( كعب ) كان يهوديا مطلعا على أساطير اليهود وعقائدهم الميثولوجية ، فاستلهم منه ابن عباس هذه العلوم وأعاد إنتاجها تخييليا بما يتلاءم مع الخيال العربي وذائقته ، بل وحاجته الروحية والثقافية والاجتماعية لشجاعة إبداعية مغامرة ، جعلت ابن الأثير لا يتردد في أن يعرض عن بعضها لمنافاة العقل لها ، كما في تفسيره لظاهرة الكسوف ، إذ يتحدث ابن عباس عن خلق الشمس والقمر وسيرهما على عجلتين ، لكل عجلة ثلاث مئة وستون عروة ، يجرها بعددها من الملائكة ، وأنهما يسقطان عن العجلتين فيغوصان في بحر بين السماء والأرض ، فذلك كسوفهما ، ثم إن الملائكة يخرجونهما ، فذلك تجليتهما من الكسوف ، وذكر – ابن عباس – في أوراقه الكواكب وسيرها ، وطلوع الشمس من مغربها التي يرى فيها البوطي إحدى اليقينيات الكونية بوصفها شرطا من أشراط الساعة ، ويضيف ابن الأثير وهو يحدثنا عن أوراق ابن عباس ، بأنه ذكر مدينة بالمغرب تسمى جابرس وأخرى بالمشرق تسمى جابلق ، ولكل واحدة منهما عشرة آلاف باب يحرس كل باب منها عشرة آلاف رجل ، لا تعود الحراسة إليهم إلى يوم القيامة ، ويذكر ابن عباس يأجوج ومأجوج ، التي هي أيضا من اليقينيات الكونية عند البوطي ، ثم يذكر منسك وثاريس إلى أشياء أخرى لا حاجة إلى ذكرها ، حسب ابن الأثير ، لمنافاتها العقول .
نحن تجاه نص يحيل إلى مؤشرين دلاليين يثريان المغزى الدلالي لما نحن في سياقه :
الأول : إن ابن الأثير لا يصدق أخبار وتفاسير ابن عباس لأنها تنافي العقل ، لكن هذه القراءة العقلية لنص ابن عباس تضيع علينا بهجة العوالم الميثية التي يستلهمها حَبر الأمة من الإسرائيليات وسرديات اليهود المترعة بأساطير الأولين عن قصة الخلق والتكوين التي تداولتها بشكل متقارب كل الثقافات القديمة من السومريين إلى البابليين إلى الفينيقيين ، المصريين ، اليونان ، وصولا إلى صحراء الجزيرة العربية ، وقد أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته ص 348 ، حيث يشير إلى أن أمية العرب وبداوتهم جعلتهم يتشوقون إلى معرفة بدء الخليقة وأسرار الوجود عند أهل الكتاب من اليهود مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام ، وسنأتي على ذلك عندما سنتحدث عن العجائبي في تفسير ابن عباس للقرآن الكريم
الثاني: إن العقل الفقهي (البوطي) يصدق الروايات الميثولوجية التي اختزنتها الحضارات القديمة بوصفها حقائق تاريخية ، وعلى هذا فإنه ومن وجهة نظر المنظور الديني العقلاني يسجل ابن الأثير خطوة على حفيده بعد حوالي ثمانية قرون عندما يسعى لتحرير الإسلام من الخرافات ، بينما الحفيد يريد أن يبني الدين على الأسطورة والخرافة . لكن ما يوحد الإثنين ، هو أن وعيهما الجمالي عاجز عن تحسس جماليات التخييل الفني ، فأساء الإثنان لابن عباس الفنان المبدع ، عندما كذبه الأول وصدقه الثاني .
- حكاية الخليقة : آدم / ابليس :
إن ابن اسحاق – وفق ابن الأثير – يعتمد في أخباره على ( أهل الكتاب وغيرهم ، منهم عبد الله بن عباس )، هكذا تضع النصوص التاريخية الأولى والثواني مصادر معرفة ابن عباس في ساحة واحدة مع أهل الكتاب بعد أن يتلو علينا ابن الأثير في كتابه ( الكامل في التاريخ) أوراق ابن عباس المشار إليها آنفا ، وقوله في خلق الليل قبل النهار ، فإنه يستمر كمصدر رئيسي لقصة نشوء الخلق ، حيث أن أول ما خلق الله هو القلم ، ولابد أن ابن عباس ، ومن قال في أسبقية القلم ، استوحوا هذه الفكرة من أهل الكتاب القائل :" في البدء كانت الكلمة " فإذا باللاشعور الثقافي الجمعي العربي ، ينطق من خلال ابن عباس ، لإنتاج هذه الفكرة بشكل مستقل عن أهل الكتاب ، فقالوا " في البدء كان القلم " وذلك لأجل كتابة " الكلمة " فكان القلم مناظرا للكلمة ، بل ومنتج لها ،فبدء الخليقة بـ(الكلمة) يستدعي بالضرورة (القلم) الذي سيكتبها !
وما يؤكد التناظر الذي يبلغ حد المماهاة ، حديث ابن عباس الذي يرى فيه ابن اسحق متطابقا مع أهل الكتاب ، وذلك عند ذكر إسكان آدم الجنة وإخراجه منها ، يقول ابن عباس " ألقى الله تعالى على آدم النوم وأخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ، ولأم مكانه لحما وخلق منه حواء ، وآدم نائم ، فلما استيقظ رآها إلى جنبه فقال : لحمي ودمي وروحي ، ثم يعقب صاحب (الكامل في التاريخ) على ذلك محيلا إلى هامش الصفحة ذاتها ( في التوراة : لحم من لحمي وعظم من عظمي ) .
ويتابع حكاية التوراة ، عن الحية التي حملت الشيطان بين نابيها فأدخلته الجنة ، وكانت كاسية على أربع قوائم من أحسن دابه خلقها الله كأنها بختية ، فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها .
وتأسيسا على هذا الدور للحية في الرواية التوراتية ، يقوم ابن عباس بإنتاج مغزى مفيد لحياة الجماعة ، فيدعو لقتلها لدورها (الميثي)، الأُسطوري ، لا لدورها الحياتي الواقعي المؤذي فيقول : اقتلوها حيث وجدتموها واخفروا ذمة عدو الله فيها "
فاستطاع إبليس أن يوسوس في صدر حواء للأكل من الشجرة التي نهاها الله عنها ، واستطاعت حواء إغواء آدم ، فأكلا من الشجرة ، فكان عقابهما الهبوط من الجنة إلى الأرض .
وإذا كان من الشيق للمتلقي أن يستسلم لفتنة السرد وجاذبيته الميتافيزيقية الآثرة والآسرة ، فإنه من الشيق أيضا أن تتناهى إلينا أصوات عصر المتلقين للحكاية التوراتية ، فكان الصوت الأول هو صوت سعيد بن المسيّب وهو من أفقه المحدثين التابعين من رعيل ابن عباس :
حيث تتبدى طزاجة المتخيل وهي تتحقق في الواقع فتنتجه وعيا وقناعة ، إذ يدخل طرفا في الأحداث ، فيحلف سعيد بن المسيّب بالله ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ، ولكن سقته حواء الخمر حتى سكر فلما سكر قادته إليها فأكل .
أما الصوت الثاني ، وهو صوت ابن الأثير بعد 500 سنة يتعجب من سعيد متسائلا : كيف يقول هذا ، والله يقول في صفة خمر الجنة ( لا فيها غَوْل ).
سعيد بن المسيب يريد تحميل المرأة مسؤولية الخطيئة والخروج من الجنة والهبوط إلى الأرض ، فيتحمس لموقفه حالفا بالله دون أية قرينة دالة يستند إليها في قسمه بالله ، وابن الأثير ينخرط في الحكاية ، داخلا سجال (منطقيا) ، مع سعيد ، بأن خمر الجنة غير مسكر لأن (الغَوْل ) حسب مختار الصحاح هو اغتيال العقل !
يمكن القول : إن السارد الرئيسي لقصة الخلق والتكوين من المنظور العربي الإسلامي هو ابن عباس ، فليس هناك سانحة من سوانح القص إلا وله فيها رأي أو قراءة وهو يرويها بثقة المطلع على التوراة ، حتى ولو كانت خلاف ما وردت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن العلماء ، وذلك عندما يروي " أن مكث آدم كان في الجنة نصف يوم ، كان مقداره خمسمائة عام " وعند ذكر الموضع الذي أهبط فيه آدم وحواء من الأرض ، يسارع ابن عباس ليدلي بدلوه المترع بميثولوجيا عجائبية ساحرة ، يقول : فلما أهبط آدم على جبل نوح كانت رجلاه تمسان الأرض ، ورأسه بالسماء يسمع تسبيح الملائكة ، فكانت تهابه ، فسألت الله أن ينقص من طوله فنقص طوله إلى ستين ذراعا ، فحزن آدم لما فاته من الأنس بأصوات الملائكة وتسبيحهم ، فقال : يا رب كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك ، أدخلتني جنتك آكل منها حيث شئت ، أسكن حيث شئت، فأهبطتني إلى الجبل المقدس ، فكنت أسمع أصوات الملائكة وأجد ريح الجنة فحططتني إلى ستين ذراعا ، فقد انقطع عني الصوت والنظر وذهبت عني ريح الجنة ! فأجابه الله تعالى : بمعصيتك يا آدم فعلت بك ذلك "
وهكذا يستمر السرد مفصلا في الأحداث ، مجريا الحوار بين آدم والله ، بوصفه السارد الكلي المعرفة في علاقة السماوي بالأرضي ، الإلهي بالبشري ، حيث الانزياحات في مسار السرد من صيغة الراوي ( الأنا ) التي تتيح إيقاعا ذاتيا غنائيا وجدانيا استعطافيا حارا في مشاعريته كما في تشكي آدم لربه ، ومن قسوة عقوبته التي أنزلها به إذ أنزله إلى الأرض .
ينتقل السرد كما بدأ بالعودة إلى صيغة الروي عبر ضمير( الهو ) فيتخذ السرد عبر هذا الضمير طابعه الموضوعي ، فيضفي على الواقعة المروية إيحاء بالواقعي " فلما رأى الله تعالى عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزل الله من الجنة ، فأخذ كبشا فذبحه وأخذ صوفه ، فغزلته حواء ونسجه آدم فعمل لنفسه جبة ولحواء درعا وخمارا فلبسا ذلك "
وفي ذكر إخراج ذرية آدم من ظهره وأخذ الميثاق ، فلابن عباس روايتان ، إحداهما تقول : إن الله أخذ الميثاق بد حنا ، والثانية تقول بنَعمان من عرفه فأخرج من ظهره كل ذرية ذرأها إلى أن تقوم الساعة فنثرهم بين يديه كالذُر، ولا يكتفي بسرد هذه الغيبيات وكأنها وقائع حسية تلحظها وتشهدها عين المشاهد ، بل يجعلها سببا لنزول آية قرآنية وهي قوله تعالى : " الست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة ، إلى قوله : ( بما فعل المبطلون ) .
هل يمكن التعويل على خيال ميثولوجي خارق لفنان قصصي مبدع ، أن يُستند إلى خبره الصحيح مهما كان متواترا ؟ كما يتوهم العقل الفقهي وهو يعوّل على ما يسميه بـ(المنهج العلمي )في نقل الأخبار وتواترها الصحيح ؟
ولعل أبرز التجليات الفانتازية لابن عباس هو ما يسوقه لنا أحمد إياس وفي الصفحة الأولى من كتابه " بدائع الزهور " وفي سياق ذكر ما كان في بدء المخلوقات ، فإن ابن عباس يقرر أن الله خلق القلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش ثم نظر إليه نظرة الهيبة فانشق وقطر المداد ، ثم يضيف ابن عباس قائلا : " إن القلم مشقوق ينبع منه المداد إلى يوم القيامة " .
فما دام الخلق بدأ بالكلمة في الكتاب المقدس عند أهل الكتاب ، فلا بد أن تكون بداية الخلق في الإسلام القلم ليكتب هذه الكلمة،وليكون الوحي تتويجا للكلمة الأولى وختاما لرسائل السماء مع اكتمال الدين بالإسلام .
والعجيب أن العقل الفقهي المشيخي الذي يسلس قياده مستسلما للذة النقل ، وسردياته الفاتنة في عذوبتها الخيالية ، يروي التفاسير بدون مساءلة العقل وشبهاته ، فابن عباس يحدثنا عن أخبار المطر مفسرا إحدى الآيات القرآنية ، وهو قوله تعالى " وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء "
يقول ابن عباس : إن الله تعالى وكل بالمطر ملائكة فلا تنزل قطرة إلا ومعها ملك يضعها حيث شاء الله تعالى إما في البر وإما في البحر ، فإذا كان على الأرض أنبت به الله الزرع والأخشاب ، وهو ما يفسر قوله تعالى السابق
ويخبرنا عن المطر فيقول : " إن ماء المطر من بحر السماء والأرض وهو كثير المياه وفيه السمك والضفادع وقد نزل في بعض السنين في أماكن من الأرض مع المطر ضفادع وسمك صغار ... "
ويذكر لنا أخبار الثلج والبرد ، فيقول ابن عباس رضي الله عنه " أن الله تعالى خلق في السماء جبالا من ثلج وبرد كما أن في الأرض جبالا من حجر وهو قوله تعالى " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " وهكذا يمضي ابن عباس يخبرنا عن ظواهر الكون ، فيحدثنا عن أخبار الرياح ، ومبدأ خلق الأرض ... الخ
لابد للقارئ أن يلاحظ أن استخدام صيغة ( أخبار الثلج والبرد والمطر ) إنما تعتمد منهج معرفة الحقيقة الذي يقوم على النقل المعتمد على (الخبر ) فظواهر الكون والطبيعة ، إنما نعرفها عن طريق تسلسل الخبر وتواتره ، فالحقائق معروفة ومكشوفة منذ الأزل ، وما على الخلف سوى الانصياع إلى اليقينيات الكونية التي اكتشفها السلف ، ومن ثم السلف عن السلف للوصول بالمعرفة البشرية إلى درجة الصفر ، للحظة البدء الأولى ، فالعقل الفقهي المشيخي ، يتخذ من السلف - ابن عباس مثلا – ليس مثالا أعلى قيميا فحسب ، بل مثالا أعلى معرفيا ، حيث يُسأل السلف عن الحقائق بما فيها حقائق الكون والخلق والسماء والأرض ، والسلف يتصفحون أوراق أسلافهم أيضا ، فيحدثونا عن الأمطار التي تحمل معها الضفادع والأسماك وعن الثلج والبرد وهطولها من جبال الثلج والبرد التي في السماء ، أومن مصدر ملائكة نصف أبدانهم من ثلج ونصفها من نار ، فترفرف الملائكة بأجنحتها فينزل الثلج ، بل إن مخيلة السلف الحسية المحدودة ببيئتها ، وعناصر هذه البيئة وموجوداتها ، ترى على لسان عكرمة " أن الله تعالى ينزل المطر من السماء القطرة كالبعير ، ولولا أن السحاب والرياح تفرقها لفسد كل ما تقع عليه من نبات وبهائم ، ويدعم ذلك بتفسير لقوله تعالى" وهو الذي يرسل الرياح بُشرا " وقد قرئت نشرا بالفتح والضم ، ولها العديد من القراءات ، كما في تفسير الطبري لسورة الأعراف آية 25 ، والفرقان آية 48 . 13
فأكبر المخلوقات بالنسبة للبيئة الصحراوية هو البعير ، ولذا لم يجد عكرمة ما يشبه به كبر قطرات المطر سوى البعير ، بل إن اختلاط الواقع بالخيال بالنسبة للاشعور الثقافي المعرفي لمجتمع البداوة والصحراء ، يدفع بسعيد بن المسيّب أن يكون على درجة من اليقين والقناعة ليحلف بالله بأن آدم ما أكل من الشجرة وهو يعقل ولكن سقته حواء الخمر حتى سكر فلما سكر قادته إليها فأكل " .



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغم كل ما جرى فثمة مثقفون لبنانيون-نموذج مجلة الآداب- يحجون ...
- سدنة هياكل الوهم- بحث في الخطاب الديني للعقل الفقهي المشيخي ...
- رغم كل ما جرى فثمة مثقفون لبنانيون يحجون الى دمشق ...!؟ الحل ...
- سدنة هياكل الوهم- بحث في الخطاب الديني للعقل الفقهي المشيخي ...
- مصر: الخط الأحمر أمام الزحف الإيراني
- عوامل قوة النظام السوري : العسكر – الطائفية – المخابرات
- ألم يئن الأوان لوقف الزحف الإيراني...؟
- خيارات النظام السوري: بين توافق الطائف أو الحرب الأهلية أو ا ...
- (ممثلو شعوب ) في خدمة الاستبداد -البشير و بشار- ...!؟
- النظام السوري : عطالة البنية واستحالة الإصلاح (2)
- النظام السوري : عطالة البنية واستحالة الإصلاح (1)
- سوريا أولا
- الأخوان المسلمون يكتشفون-فجأة- فلسطين بعد غزة !
- المسيرة الأسدية نحو المحكمة الدولية
- المحور السوري-الإيراني: صراخ في الشوارع وهمسات في المخادع
- بيان الأخوان المسلمين السوريين المفاجئ..(2)
- بيان الأخوان المسلمين السوريين المفاجئ
- لماذا يصالح النظام السوري الجنرال عون ولا يصالح الأخوان المس ...
- غزة ومأساة -العود الأبدي- أو الدوران في المكان، إلى متى يا ا ...
- ورثة الجد (سليمان أسد) ... يجددون وثيقة اعتبار إسرائيل قوة ح ...


المزيد.....




- أغنيات وأناشيد وبرامج ترفيهية.. تردد قناة طيور الجنة.. طفولة ...
- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرزاق عيد - العجائبي والخارق في مخيال ابن عباس/ ابن عباس كنز الميثولوجيا العربية والإسلامية (3)