أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسن الناصر - مملكة الشر وجارة السوء 2















المزيد.....

مملكة الشر وجارة السوء 2


حسن الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 05:54
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تناولت في المقال السابق مملكة الشر السعودية وسأتناول الآن جارة السوء ايران .

تتكون ايران الذي اشتق اسمها من كلمة (آري) من عدة قوميات ولغات متعددة ورغم تسيّد الثقافة واللغة الفارسية فيها الا ان العرق التركي بفروعه (التركمان والاذريين والديلم) هو منبع اغلب رجالات الحكم التي توالت على هذا البلد , والشيئ المميز للشعب الايراني انه يرجح أنتماءه الوطني كأمة ايرانية على امتداداته الاثنية , كما تتلمس لدى الكثير منهم شعور الاستعلاء تجاه شعوب الجوار وهذه الصفة قد تشترك بها غالبية الشعوب الآرية .

ايران ذات عمق تاريخي كدولة يمتد لألفي سنة او اكثر وكانت تشتهر باسم بلاد فارس حتى بدايات القرن الماضي وقد مرت بفترات متعاقبة نهوضاً وانتكاساً لكن ابرز ملامحها التاريخية الحديثة تشكلت على يد اسماعيل الصفوي الذي فرض مذهب الامامية الاثني عشري كمذهب رسمي للبلاد عام 1508 وقد كانت بلاد فارس فيما سبق ذات اغلبية سنية باستثناء بعض المناطق , حيث انتجت كبار فقهاء المذاهب السنية واشهرهم الامام ابو حنيفة النعمان والبخاري والغزالي والجويني والترمذي وابن ماجة والنسائي وغيرهم , كما اخرجت الكثير من الادباء والشعراء.

وقد تعاقبت على حكم ايران عبر التاريخ سلالات مختلفة منها الدولة الأخمينية التي ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد و تلتها الدولة الأشكانية ثم الدولة الساسانية التي تلاشت وانصهرت في الأمبراطوية الأسلامية وكانت فارس خلال هذه الحقبة الزمنية تعتنق الديانة الزرادشتية , وفي بداية القرن السادس عشر ظهرت ملامح الدولة الصفوية الى الوجود , وقد خاضت صراع نفوذ دامي ضد الدولة العثمانية وكان العراق في الغالب ساحة هذا الصراع الذي امتاز ببعد مذهبي في الظاهر وسياسي في الباطن , وبعد ذلك تعرضت بلاد فارس الى الاحتلال من قبل الافغان لحين مجئ نادر شاه قلي الشخصية الاسطورية حيث استطاع اعادة استقلال بلاده وأسس الدولة الأفشرية , كما حاول أستظهار مذهب الامامية كمذهب خامس للمسلمين بأسم المذهب الجعفري وقد أُعلن عن ذلك في مؤتمر النجف بحضور علماء دين سنة وبمباركة الدولة العثمانية , وحينها فرض نادر شاه اجراءات اقترنت بالعقوبة على رعيته لمنعهم من شتم الصحابة الذي كان مستشرياً أبان العهد الصفوي , ورغم ان هذا الاجراء لاقى صداً واسعاً لدى الكثير من الاوساط الدينية للطائفتين السنية والشيعية الا انه لم يتبلور بصورة واضحة حينها ولكن كان له اثر لاحق , ثم اعقبت هذه المرحلة فترة تشظي للحكم مابين الأفشريين والزنديين حتى مجئ الاسرة القاجارية التي وحّدت البلاد من جديد واستمرت بالحكم لحين سقوطها في الحرب العالمية الاولى بعد ان اُحتلَّت ايران من قبل روسيا وبريطانيا واستيلاء رضا بهلوي الذي كان رئيساً للوزراء على عرش ايران الملقب ب(عرش الطاووس) مؤسساً لسلالة بهلوي , وقد اطيح به ايضاً بعد ذلك من قبل الحلفاء في الحرب العالمية الثانية خشية تقديمه الدعم لالمانيا النازية ونُصّب ابنه محمد رضا بهلوي كشاه لايران وفي تلك الفترة تعرضت وحدة الاراضي الايرانية الى الثلم حين تشكلت دويلة مهاباد الكردية بقيادة القاضي محمد بمؤازرة السوفيت واستمرت اقل من سنة بدون اعتراف دولي لحين دخول الجيش الايراني اليها والذي اسقطها وشنق رئيسها , ومن الجدير بالذكر ان الملا مصطفى البارزاني كان من أبرز رجالات هذه الدويلة .

وفي عام 1979 قامت ثورة في ايران يقودها رجال دين بزعامة الخميني واصبحت ايران تنتهج الادارة حسب نظرية ولاية الفقيه .

على موقع (يوتيوب) منشورشريط (فيديو) لثلاثة إيرانيين رجلين تتوسطهم امرأة يتم تعليقهم بمشانق مربوطة بآلة رافعة امام حشد من الناس وحينما ترتفع بهم الآلة الرافعة يعلو صوت التكبير لأحد الحاضرين من رجال الدولة فيما تصارع الجثث الثلاث الموت وتتشبث دون جدوى برحيق الحياة ويتراءى لي ان هؤلاء الثلاثة وهم في طور الأحتضار يتناهى الى اسماعهم في اقسى لحظات الألم وعند نزاع الموت اسم الذات الالهية المقترنة بالرحمة يصرخ به احد اوباش السلطة الدينية امعاناً في التشفي , ووفقاً لتقارير سنوية لمنظمات حقوق الانسان تُعد ايران من اكثر بلدان العالم انتهاكاً لحقوق الانسان واكثرها تطبيقاً لعقوبة الاعدام .

وبسبب ضغط الحكومة الدينية في فرض المظاهر الاسلامية على جميع مناحي الحياة في ايران نجد تذمر ونفور واضح من قبل الكثير من الايرانيين تجاه هذه المفروضات فكم من شاهدٍ لحجاب مزيف وتبرج صارخ لفتاة ايرانية او تقمص لبعض شبيبة ايران صرعات غربية في اللبس او تسريحة الشعر ناهيك عن انتشار المخدرات والخمور في أغلب مدن ايران بما ضمنها المدن الدينية مثل قم ومشهد , كما تشهد الحركات الليبرالية تزايداً ملحوظاً وخاصةً في المهجر للدعوة للتغيير والاصلاح وانهاء نظام الملالي السيئ , اذ طغت ملامح الفساد الاخلاقي والوظيفي على الكثير من مفاصل السلطة في ايران وأُتخمت رموز قيادية في الماكنة السياسية بأموال ومنشآت ريعية تجدها شاخصة للعيان وهي موضع تندر الكثير من الكادحين وارباب الدخل المحدود الذين يصارعون الفقر والفاقة فيما تعيش الطبقة الحاكمة وذويهم بترف ملحوظ قد تجد له نسخة مطابقة لدى رموز السلطة الحالية في العراق بسبب تقارب الأفكار والمنهج .

أتسمت السياسة الخارجية لجارة السوء ايران على مدى السلالات الحاكمة فيها بأطماع توسعية تجاه العراق وقضم لبعض اراضيه , وكان لها عصى السبق في توثيق معاهدة ارضروم الاولى والثانية مع الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر وبموجبها تم استبدال السليمانية بأقليم الاحواز العربي بناءاً على أسس مذهبية , كما كانت فاعلة في تأزيم الوضع الداخلي للدولة العراقية منذ اعلان المملكة العراقية عام 1921 وحتى الآن , اذ نشطت في دعم الحركات الكردية الانفصالية سابقاً , كما تنشط الآن كسمة بارزة في ادارة ملف الارهاب ودعم الميليشيات المسلحة التي تزعزع الوضع الداخلي وتقوض خطط التنمية والاعمار وتضاعف آلام ومحن العراقيين التي لم تنتهي , اضافة الى تجفيفها لمنابع الانهر التي تمد اديم الحياة للكثير من المدن العراقية مثل نهري ديالى والكارون .

ان من اعتى الفواجع للعراق مطالبة ايران بتعويضات عن خسائر حرب الثمان سنوات التي لم يكن للعراقيين فيها حظ او نصيب وانما كانوا يساقون فيها الى اتون الموت من قبل فاشيست النظام البعثي الدموي , ويصاب المرء بالغثيان حينما تبارك شخصيات سياسية لها ثقل في الميدان الحكومي والنيابي هذه المطالب دون وجلٍ او خجل , ولو تبحرنا في دهاليز هذا الامر المعتم لوجدنا دلالات ايسرها ثبوت ان رعونة صدام حسين كانت سبباً لاندلاع هذه الحرب الماجنة تآزرها رغبات ملحة لحكام الخليج وبالاخص السعودية اضافة الى الموقف الدولي المتمثل بالولايات المتحدة التي لم يستكن خاطرها لقيام نظام ديني راديكالي يجاهر بالعداء لها ولاسرائيل على اراضي دولة كانت بالامس القريب متّكأً حيوياً لها لتنفيذ اي فعالية او دور يستهدف النفوذ والهيمنة في المنطقة التي هي منبع الطاقة لكل العالم , وقد يصدق هذا الاستنتاج على بداية الحرب لكن نتسائل من يتحمل وزر استمرار هذه الحرب لثمان سنوات متواصلة من الأستنزاف البشري والمادي لطاقات البلدين ؟ فسنخرج بدلالة واضحة وبوثائق مؤرشفة عن اصرار ايران على مواصلة هذه الحرب لإسقاط نظام صدام الذي أنجدته أموال الخليج ومساعدات الدول العظمى فلو عملنا مقاصة مالية بالخسائر لتحمل العراق اعباء اندلاعها وتحملت ايران اعباء استمرارها وبالتالي تخرج ايران مدينة للعراق وليست دائنة .

ولو افترضنا جدلاً ان ايران كانت تدافع عن سيادة اراضيها التي انتهكها جموح النظام السابق لوجدنا هذا التبرير قد تلاشى عام 1982 عندما تراجع الجيش العراقي الى الحدود الدولية , ثم ماهي مبررات استمرار الاعمال العسكرية للجيش الايراني بعد ذلك التاريخ ؟ فان كانت الغاية اسقاط نظام الحكم البعثي حسب ماصرحت به وسائل الاعلام الايرانية حينها لكانت بالنتيجة غاية غير مشرعنة قانوناً فهل خول مجلس الامن تفويض ايران استخدام القوة العسكرية لهذا الغرض حسب ميثاق الامم المتحدة ؟ واذا كانت ايران تعتبر نظام الحكم السابق غير شرعي فلم تطالب الحكومة الحالية الشرعية بتعويضات اقل ماتوصف بانها باطلة ؟ وهي نتيجة حماقات نظام دكتاتوري لايتحمل وزرها شعب العراق المغلوب على امره ,ولمَ تتمسك ايران بحقوق منحها لها النظام السابق (الغير شرعي) باتفاقية الجزائر عام 1975 الخاصة باقتسام شط العرب؟ , وبالتالي لاتجاز هذه المقاييس المزدوجة وفقاً للمعايير القانونية والاخلاقية .

ان سياسة جارة السوء ايران طالما انتهجت بعداً غير اخلاقي تجاه مصالح الشعب العراقي وهناك مئات الصفقات المشبوهة التي مررت في السنوات الست المنصرمة تبنتها شركات ايرانية مع حفنة من سفلة الكادر الاداري العراقي دفعت بانتاج ايراني سيئ الى الاسواق العراقية وبالأخص الاغذية الفاسدة . ان ادبيات السياسة الخارجية لايران لاتعرف الدين حيث يصرحون في مؤتمرات القرارات السياسية وحينما يفترشون الخرائط بقول مؤثور (هنا لا يوجد الله) .

ختاماً اعتقد ان بامكان السياسة العراقية ان اتصفت بالحنكة وابتعدت عن الفئوية ان تمد بعض اناملها الى مصدر القرار الايراني لتختزل منه مايخدم مصالح العراق العليا مستخدمةً ادوات متعددة منها الدعم الغربي الواسع لانجاح تجربة العراق بأي ثمن والذي يُمكّن صاحب القرار السياسي العراقي ان يساوم عليه ايران الموصدة بوجهها اغلب هذه القنوات مع الاستعانة قدر الامكان لدى بعض المتنفذين في السلطة الايرانية بالثقل الروحي الشيعي تجاه العتبات المقدسة في العراق ليس في ايران فحسب وانما لدى كافة شيعة العالم , أذ ان السياسة فن الممكن وهي عاهرة مثلما توصف تتلون حسب متطلبات مصلحة البلدان , والحقائق تؤشر على قصور الفئة السياسية لدينا عن لعب هكذا دور قد يحتاج لادارته دهاءاً لايقل عن دهاء المرحوم نوري السعيد .



#حسن_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مملكة الشر وجارة السوء1
- مملكة الشر وجارة السوء
- رسالة عزة الدوري
- وقفة مع وطبان ابراهيم الحسن
- التكريتي والموسوي
- خارطة الطريق للأمن في العراق
- الرق يعيش بين ظهرانينا
- من هو الافضل السيستاني والقرضاوي و بابا الفاتيكان ام بيل غيت ...
- اسلمة السرقة
- رد على مقالة الامن الوطني بين الوزارة والمستشارية
- يهود العراق والحقوق المهضومة


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسن الناصر - مملكة الشر وجارة السوء 2