أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الفاهوم - علم القرامطة كان أحمرًا















المزيد.....

علم القرامطة كان أحمرًا


وليد الفاهوم

الحوار المتمدن-العدد: 2632 - 2009 / 4 / 30 - 10:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنا في حفلة عرس وليلة انس. ولاحظت أن كل شيئ كان ابيضًا (حتى فستان العروس) ما عدا فوطة الأكل.. كانت حمراء. قلت له علم القرامطة كان أحمرًا!

قال: هذا موضوع مقالة. ما أجمل هذا العنوان!

لذلك فانا مدين له بهذا العنوان وبهذه المقالة. هو فتحي فوراني وإلى جانبه حسام عابدي وإلى جانبي إبن أختي ماجد. ولا بأس بمثل هذه الأخوانيات الناعمة نعومة تلك السهرة المخملية. كان هو وماجد صولو وأنا وحسام دويتو.

وعدت بذاكرتي لذلك الكتاب الذي قرأت مؤخرًا وأنا أقول في سرّي لبيك يا فتحي لبيك! ولعل في ذلك إفادة.

والكتاب هو لبندلي جوزي "من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام"- تحقيق د. محمود إسماعيل. إصدار رؤية للنشر والتوزيع/القاهرة.ط1-2006. فيه يكتب لنا بندلي جوزي عن أسس الإسلام الاقتصادية وعن الإمبراطورية العربية والأمم المغلوبة وعن حركة بابك الخرّمي وتعاليمه الإشتراكية وعن الإسماعيلية وعن القرامطة.

وأما الدارس المحقق محمود اسماعيل فيحقق هذا الكتاب مشكورًا وإنني اعتبر تحقيقه ناجحًا لأنه بحاجة إلى تحقيق. فكثيرًا ما يكون المؤلف في واد والمحقق في وادٍ آخر.. كأن ينطلق المؤلف من رؤية تختلف عن رؤية المحقق وكأن المحققون في كل واد يهيمون، حتى أنني كدت أعتبر التحقيق تحقيقًا بوليسيًا أكثر مما هو تحقيق أدبي/علمي أو انه معارضة حينًا ونقدًا حينًا آخر يعتمد أحيانًا على المسألة الإيمانية... ولا جدل في المسائل الإيمانية.

ولمن يشك في رأيي هذا عليه أن يقرأ هذا الكتاب، لكي تقطع جهيزة قول كل خطيب ما دمنا قد سرقنا ليلة أنس ممتعة بتلك الليلة التي جاءت بهذه العجالة-الإستفزاز.

وما دام هكذا هو الوضع فلا بأس أن أقتصرها على الفصل الخامس منه- القرامطة.

عرفت هذه الدعوة بإسم مؤسسها حمدان القرمطي وكان مركزها مدينة واسط بين الكوفة والبصرة. وكان حمدان قبلًا أكارًا بسيطًا يعتمل الأرض لغيره من الملاكين. بني قرب الكوفة مركزًا للدعوة اسماه "دار الهجرة" وجمع حوله العمال والفلاحين والطبقات التي تنتمي إلى القاع. وفرض الضرائب البسيطة على كل من أراد الإشتراك في "عشاء المحبة"... حتى لم يبق بينهم معدم أو فقير وحتى "لم يعد احد يملك لنفسه إلّا سيفه وسلاحه" (ص 191)

وكان من أعوانه عبدان (أخو زوجه)- صاحب بعض كتب القرامطة "المقدسة"، وزكرويه في العراق العربي وأبي سعيد الجنّابي في جنوب العجم والبحرين.

وكان كل ذلك في أواخر القرن التاسع ميلادي.

أسس سعيد الجنّابي دولة البحرين وساعده في ذلك الحسن بن سنبر الذي زوّجه إبنته وكان الحسن رجلا متنفذًا ووجيهًا محترمًا في قبيلته.

في سنة 903م. اصبحت البحرين في يده ثم قُتل في الحمام سنة 914م. وخلفه ولده ابو الطاهر سليمان، وكان شديدًا.. دخل مكة عنوة سنة 930م. وسلب بيتها المقدس وقتل حجابها وسدنتها وسكانها. لم يكن أبو طاهر اول من إستباح الكعبة إنما سبقه إلى ذلك يزيد بن معاوية والحجّاج بن يوسف (بموقعة الحرّة فيها ثم فض بكارة الف عذراء وذبح ثلاثة الآف مسلم).

كان أبو طاهر يقطع طريق الحجاج ويحاول منعهم من تأدية فريضة الحج وإقامة الشعائر التي كانت من شعائر الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام.(ص1-200) "خافه الناس وبطل الحج بضع سنين" (ص202) ودب الرعب في العامة والخاصة وفرّقت النزاعات السياسية العائلة الواحدة. وكان ما يشبه الحرب الأهلية. حتى أن احدهم ضرب أمه بالسيف لمخالفتها إياه في المعتقد (ص205). وأصبح أبو طاهر أسطورة حيكت من حوله حكايات السحر وغير ذلك من الترّهات بالنسبة إلى قوى غير بشرية تساعده في مساعيه. وفي زمنه تم قلع الحجر الأسود من مكانه.. ثم أعاده القرامطة بعد ذلك بأمر من المنصور الفاطمي سنة 950م.

يسمي المؤرخون نظام حكم البحرين بجمهورية البحرين أو جمهورية القرامطة وهنا لا بد من تلخيص نظامها الداخلي.

يتشكل المجلس الإداري- "العقدانية"- من ستة وزراء (بالإضافة لستة نواب)، يديرون البلاد من القصر الذي يقيمون فيه- "دار الهجرة"- أي دار الحكومة.. ولا يقرر المجلس أمرًا إلّا بالشورى. وكان هذا النظام نظامًا إشتراكيًا...

ألغى بعض الضرائب على الأراضي وأنقص بعض الرسوم على الزراع والعمال وفرض ضريبة على المراكب وعلى الحجاج وعلى صيّادي الؤلؤ. ثم نظم مسألة الخراج والأعشار وصندوق الأمام أو خزينة الإمام ونفقات دار الهجرة.

وذكر ناصر خسرو الكاتب والشاعر والمؤرخ والرحّالة الفارسي أن هذا النظام كان يعطي قروضا لفقراء الناس ثم يستردها بدون ربا وكانت العقدانية تساعد صغار الفلاحين بمدهم بالفعلة السود ليصلحوا ما تصدع من بيت أو طاحونة بلا عوض. وكان في مدينة الإحسا طواحين حكومية تطحن القمح للناس مجانًا.. حتى أنه "لم يبقى في البلاد فقير"(ص226). أما التجارة الخارجية فكانت في يد الحكومة. كما وذكر ابن خسرو أن سكان الإحسا لا يشربون خمرًا لا لأنه محرمًا عندهم بل محافظة على النظام" (ص228)، أي أن المانع كان إجتماعيا أكثر منه دينيا، وأن الزنا لم يكن معروفا ولا شائعًا عند القرامطة كما لم يكن عندهم شائعًا تعدد الزوجات، وحرّموا زيارة القبور وتقبيل حجارتها كما هو الحال عند الوهابيين اليوم. كما ومن كل هذا نلخص أن دين القرامطة تمركز في المطالب الإجتماعية الإقتصادية وفي إحكام العقل وان هذه العقيدة اقرب إلى الفكر السياسي والفلسفي منه إلى عقيدة الدين المحض. وأن حبهم لبيت علي كان اقرب إلى السياسة والنقمة على بني العباس. كانوا يؤمنون بالعقل السليم او العقل الأعلى، ومنهم من أفتى "أن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها". (ص235). ومع كل هذا فهم لم يتشددوا في الدين، لم يمنعوا بناء المساجد وإقامة الصلاة وسائر أصول الدين وشعائره.(ص 235). وقالوا بتحليل كل ما ليس منه ضرر على الصحة الخاصة والعامة والحصول على السعادة في هذا الدنيا.

ومع نهاية القرن العاشر الميلادي اخذ نجمهم يأفل لكننا لا نستطيع أن ننكر أثرهم في الحضارة العربية الإسلامية. وان آثار النظام القرمطي ما زالت ظاهرة في البحرين وعُمان حتى أوائل القرن الثامن عشر ولعل بعضها حتى يومنا هذا.

ما من شيئ يأتي من الفراغ وأن على أي دارس أو أي مطلق قارىء/قارئة إعتماد المنهج النقدي في دراسة التاريخ والتراث لتعرية المتواتر وكشف المستور والمسكوت عنه.

لقد كتب بندلي جوزي أن الإسماعيليين وإخوانهم القرامطة هم شيوعيي الإسلام (ص57) لكن هنا علينا أن نتذكر أنهم عاشوا قبل نحو ألف عام من ماركس. إذن علينا الحذر من كلمة "شيوعية" وعلينا إستبدالها بكلمة "إشتراكية" أو بعض ملامحها. ويعتبر بندلي مبدأ الزكاة ضريبة إشتراكية لمنفعة الفقراء لكن سرعان ما صارت بعد وفاة النبي(ص) وخلفائه الأوليين وبالرغم من إرادتهم وسننهم تنفق على حاجات الدولة لا على الفقراء والأسرى والأيتام والأرامل... أي أن هذا المبدأ أو الركن زاغ عن معناه الأصلي مع مرور الزمن. وكان لا بد من ثورات إجتماعية وحركات تعيده إلى الأصل.. خاصة لدى الشعوب المغلوبة/ وطبقاتها السفلى.(ص2-111)

وهكذا نرى حركة بابك الخرّمي تحارب تحت ظل الألوية الحمراء سياسيا وإجتماعيًا وإقتصاديًا. والخرّمي منسوب إلى خرم في اذربيجان، وكانت ثورته إجتماعية في زمن خلافة المعتصم بالله(842-833م) وكثيرًا ما تأثرت من الزرادشتيه والمزدكية والنصرانية والإسلام، وإننا نرى فيها بعض ملامح الماركسية قبل ماركس بنيّف وألف عام. وقد عرف عن مزدك وبابك واصحابهما انهم كانوا يميلون إلى الزهد ويمنعون الإدخار والإحتكار والإستئثار والإغتصاب لا للنساء ولا للعقار (ص6-225)

إذن هي حركة إشتراكيه حصرت في الأمة الإيرانية وإنتشرت بذورها فيما بعد لدى الإسماعيلية أو الباطنية كدعوة إشتراكية وكفرقة من فرق الشيعة المعتدلة السرية التي تعتمد الطاعة العمياء. ومن أهم مبادئ الإسماعيلية نقل السلطة من بني العباس إلى آل البيت (نسل علي بن أبي طالب) ومساواة المرأة بالرجل ونزع ملكية كبار الملاكين وظهور المهدي المنتظر.

ومن أهم فرق الإسماعيلية القرامطة والفاطميين والحشاشين والدروز والعلويين ومن الآخيرين تفرعت الأثنى عشرية والسبعية. وقد جعل الإضطهاد السياسي من هذه الفرق إعتماد السرية... وعلينا إنصافهم وإنصاف تاريخهم من وجهة نظر نقدية خاصة القرامطة وقد كان علمهم احمرًا.



#وليد_الفاهوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة والأصولية والإسلام
- فاطمة المرنيسي.. هل شهرزاد تغيّرت أم نحن؟
- عن التخلُّف والزواج المبكر
- أكتوبر والوردة الحمراء
- حقوق المرأة حقوق الإنسان
- نعم دفاعاً عن الحزب


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الفاهوم - علم القرامطة كان أحمرًا