أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد العزيز حسين الصاوي - العروبه سودانيا ثم الجمهوريه- الملكيه والاحتلال التحريري















المزيد.....

العروبه سودانيا ثم الجمهوريه- الملكيه والاحتلال التحريري


عبد العزيز حسين الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28 - 07:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يتفاكر هذا المقال مع اعضاء المؤتمر القومي العربي المجتمعين في الخرطوم هذه الايام حول موضوع عروبة السودان وبعض تداعايته من موقع قريب- بعيد بحكم ان لكاتبه بعض تاريخ في المؤتمر وبعض اخر في التفرع البعثي من هذا العنوان.
منذ نشأته قبل عشرين عاما، وهذا في حد ذاته إنجاز، حرص المؤتمر علي تأكيد صفته كساحة تفاعل مفتوح بين كافة التيارات السياسية والفكرية العربيه قومية كانت او غير قوميه، أي بغير المعني الضيق للمصطلح الذي يشار به عادة للتيارات البعثية والناصريه وغيرها. في هذا يكون المؤتمر قريبا من المجال السياسي السوداني حيث يستخدم مصطلح " قومي عربي " لوصف كافة هذه التيارات، موسعاً بذلك مجال إنطباقه بأكثر مما تفعل المجالات المشرقيه التي تحصره عادة في "حركه القوميين العرب". مقابل هذا التسهيل الجزئي للتفاعل مع المؤتمر يفيض المجال السوداني بتعقيد كبير وخطير كونه أضحي مشحونا بالحساسيه تجاه كلمة " عربي " وصفا لهوية البلاد وشعبها. في العميق من الاسباب هناك حقيقة ان عروبة الاغلبية العظمي من عرب السودان لاتظهر عليهم من الوهلة الاولي بسبب الاختلاف في لون البشره ونوع الشعر عن الاغلبية العظمي من بقية العرب. وبعد الاختلاط الواسع مع ( عرب العرب ) في الخليج منذ السبعينات تمكن في إحساس الكثير من السودانيين تطابق بين هذه الاختلافات واختلاف في الهويه القوميه نتيجة للأشارات العنصريه التي يتعرضون لها في التعامل اليومي. هذا ماهيأ الافهام السودانيه لاستقبال فكريات لها امتداداتها القويه في علوم التاريخ والاجتماع فضلا عن الفنون والاداب، تؤكد هذا الاختلاف وتؤسسه تحت مسمي " السوداناويه " بحيث بات التيار الغالب وسط المثقفين والناشطين السودانيين، رغم ماينطوي عليه القول بأن ضعف الاحساس بالانتماء الي هوية قومية ما لاي سبب من الاسباب لايعادل اوتوماتيكيا انتفاءها من صحه.
في الاقل عمقا أو تعقيدا من الاسباب هناك ارتفاع منسوب السلبية في نظرة أقسام متزايدة من نخب بعض المناطق السودانيه لاسيما في الجنوب والغرب تجاه الهوية العربيه نتيجة تسارع مروع في تدهور احوال الناس والبلاد بلغ حد الحرب الاهليه والمجاعه منذ الثمانينيات، لانتساب معظم حكام مابعد الاستقلال اليها. وعلي الخطل البائن في هذا الربط لكونه يتجاوز حقيقة ان أغلبية هؤلاء الحكام الساحقه نتاج انقلابات ولايمثلون أحدا إلا ادعاء وفرضا للواقع، الا انه انتقل الي فضاء غير الاسلاميين عموما بما في ذلك العرب منهم محمولا بتأثير عاملين. الاول هو تفاقم إقصائية الاسلام السياسي السوداني بعد استيلائه الانقلابي علي السلطه وتمكنه منها بوسائل عديده من بينها تطعيم خطابه الديني بمفرادات قوميه عربيه وإقامة علاقات وثيقه مع الانظمة ( القوميه ) في العراق وسوريا ورفع رايات العداء للغرب والدفاع عن فلسطين الخ.. الخ... اما العامل الثاني فهو البزوغ القوي للحركة الشعبية لتحرير السودان أملا لاحياء الخطاب العلماني الديموقراطي طارحة نفسها، بعكس الحركات الجنوبيه قبلها، وحدويا وبخطاب تغييري شامل تحت مسمي ( السودان الجديد ). واكتملت دائرة تيتم العروبة السودانيه بعامل خارجي مع انسداد قناة التغذية المصريه بأفول عصرها الذهبي الناصري.
بالمعيار العلمي تبقي العروبة السودانيه أهم الروابط الثقافيه السودانيه فهي اكبر مستودع لتجارب السودانيين المشتركه قديما وحديثا لكونها ثقافة الاغلبيه ووسيلة التخاطب بين- السودانيه الاساسية وصاحبة أداة التدوين الكتابي، كما هي جسرهم المفتوح الي إنجازات الحضارة العربيه الاسلاميه والاقوي الي العالم المتقدم. ولكن كل هذا يبقي تحت مطرقة الضياع نتيجة تشوه صورة العروبة السودانية في الاذهان بتأثير العوامل المشار اليها، فهي تتأقلل ( من أقليه ) يوميا إذ يتملص من الانتماء اليها قسم هام من النخب العربيه نفسها بينما يتخذ مفهوم الاغلبيه في ظل نظام سياسي غير ديموقراطي سمت الهيمنة علي غير العرب منحدرة الي عنصرية قاتلة مقتوله، فيزداد نفور هؤلاء منها وتضعف امكانية التفاعل بين الثقافات السودانية المختلفه. لذلك فأنه بقدر ما يستوي السودان علي طريق الخروج من حالة الانسداد التاريخي عبر عملية سياسيه ديموقراطيه بقدر ماتستعيد نخبه توازن نظرتها الي الهوية القومية العربية وخصوصية دورها البناء سودانيا. هذه هي، في تقدير هذا المقال، وصفة الانحياز الصحي الايجابي الي العروبة في السودان المطلوبة ممن يهمهم أمرها وأمره ..انحياز في جوهره الي حق أهله جميعا في الحريه والمساواة المواطنيه يقتضي جهدا مركزا لفك ارتباطها المصطنع بتيار وسلطة الاسلام السياسي مصحوبا بنقد للتيارات العلمانية الديموقراطيه من موقع التحالف والصداقه، فهي الاقرب لتحقيق الشرط الانقاذي للعروبة السودانيه رغم كل شئ. معلوم ان التوازنات داخل المؤتمر القومي العربي، إضافة لواجبات المجامله للمضيف، لاتسمح بتبني قرارات وفق هذا التصور ولكن المؤمل ان يجد فيه بعض اعضائه مايدعوهم الي التفكير فيه مليا.
وفي الظن ان هذا يتمشي ايضا مع تصور تأسيسي سليم للمؤتمر باعتباره بيئة تطوير للحياة السياسية العربيه. والحال ان القسم القومي العربي منها، بالمعني الضيق التقليدي للمصطلح، يبدو الاكثر حاجة لذلك من غيره بعد أن دفع إثنان من نماذجه السلطويه الي الفضاء العام بأغرب الظواهر : الجمهورية-الملكيه والاحتلال التحريري. الاولى واضحة الملامح والاركان متمثلة في إعادة تفصيل الدستور في بضع ساعات ليرث الابن أباه في كافة مناصبه الرسمية والحزبيه. والثانيه نتعرف عليها، رغم كل مانعرفه عن الاحتلال المشرعن بقرار من الامم المتحده ولكن بعد وقوعه، اذا وضعنا أنفسنا في مكان الاف العراقييين البسطاء الذين تعرضت حقوقهم المادية والمعنويه للانتهاكات الفظه قبل مجيئه. هؤلاء لاشك تنفسوا الصعداء يوم وقوع الاحتلال. ولاريب انهم كلهم او بعضهم لم يكونوا يمانعون بخلع صفة التحرير عليه لاسيما في خواطرهم أو ضمن دوائرهم الحميمه وإن كانوا، علي الارجح، قد ندموا علي ذلك بعد شهرين من الغزو عندما اندلع العنف التحريري وغير التحريري متصاعدا الي مستويات جهنميه بعد نسف مرقدي الامامين العسكريين في عام 2006 قبل ان يخفت نسبيا خلال العام الماضي.
الدرك الغريب الذي وصل اليه هذان النموذجان، ولاتنجو منه أي شمولية أياًَ كان أصلها و فصلها سلطة كانت او حركه، يشير الي قصور خطير في المراجعة النقدية الذاتيه وغير الذاتيه التي انفتح عليها الافق القومي الناصري- البعثي بعد هزيمة 1967. في اعتقاد صاحب هذا المقال المتواضع، الذي شرحه في كتابين اصدرتهما دار الطليعه، أن المصدر الاهم لهذا القصور هو ألاهمال الشنيع الذي تعرض له الصراع بينهما كموضوع للدراسه. فكونهما شكلا قطبي الثورية القومية العربية وقتها كان إشارة واضحة لحالة تأزم عميقه في قلب هذه الثوريه ضل الطرفان الطريق الي تشخيصها الصحيح تحت ضغط تنافسهما الصراعي لأثبات أيهما الاكثر التزاما بقضية العدل الاجتماعي الاشتراكي بدلا من قضية العدل السياسي الديموقراطي. وفاة عبد الناصر المبكره أنقذت تجربته من مصير الجمود التسلطي الذي انتهي اليه البعث رغم انه كحركه فكريه- سياسيه وذات إرث ديموقراطي في منشأها كان مرشحا لتدارك خطأ التشخيص أكثر من الناصريه. غير ان انحصار فهم الحزب لمسألة الانفتاح السياسي في حدود انها مسألة إخضاع الجيش للحزب المدني كأحد ترسبات صراعه مع الناصريه ومع عسكرييه هو نفسه، ترك عقل الحزب فاقدا للمناعه امام هجمات جراثيم التسلط الايديولوجي ( حرق المراحل والحزب القائد ) والدولتي ( سلطه غير خاضعه لرقابة شعبية فعليه ) حتي انتهي الامر الي تلخيص الحزب والجيش والبلاد بكلياتها في فرد واحد أقرب لنصف الاله.





#عبد_العزيز_حسين_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدراس النيكاراجوي حول كيفية ترويض الغول الامريكي
- الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه
- محنة اليسار مع ابطاله الجدد
- ليس اوكامبو وانما جاريث ايفانز و ال R2P
- من تاريخ البعث في السودان -حسن احمد عبد الهادي
- اضاءات تاريخيه: محجوب الشيخ البشير
- حول تقرير الحزب الشيوعي السوداني: اكتوبر 64 كثوره مضاد للديم ...
- كتاب - مرجعات نقديه للتجربة البعثية في السودان-
- ماالذي يجعلك استثناء ك ذكريات وتأملات سودانيه فيما خص الوحده ...
- حكاية مارادونا وشافيز واليسار الجديد- القديم
- السودان : من يخشي التدخل الخارجي ...الحميد ؟
- عن فرج بن غانم وشئ من التاريخ
- الانتقال الديموقراطي : الوسيلة قبل الغايه
- تقرير الحزب الشيوعي العراقي : صوت للعقل
- اخضرار قناة الجزيره وشيوعيون وبعثيون
- اخضرار الجزيره وشيوعيو وبعثيون سودانيون
- نحو مخرج من نفق الازمات : التفكير في المحرمات
- حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟
- جزئيات مكمله لسيرة محمد ابو القاسم حاج حمد


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد العزيز حسين الصاوي - العروبه سودانيا ثم الجمهوريه- الملكيه والاحتلال التحريري