أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الرباع - المجتمعات الخليجية غنية ماديا لكنها تفتقر الى الانسانية















المزيد.....

المجتمعات الخليجية غنية ماديا لكنها تفتقر الى الانسانية


سامي الرباع

الحوار المتمدن-العدد: 2573 - 2009 / 3 / 2 - 09:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المال لوحده لايخلق بالضرورة مجتمعا انسانيا تسوده العدالة والرقي الفكري. أكبر مثال على ذلك مجتمعات الخليج العربي. فقط حين تعيش في تلك المجتمعات تشعر بصحة عنوان هذا المقال المتواضع.

لقد عشت وعملت لسنوات طويلة في الكويت والسعودية وتعرفت عن كثب حول كيف يعيش الناس في هذه المجتمعات، كيف يفكرون، وكيف يتعاملون مع الاخرين.

المملكة العربية السعودية تدعي بأنها تطبق الشريعة الاسلامية، شريعة الله، لذلك فهي لاتحتاج الى قانون مدني ولا الى دستور. مطاوعة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يجوبون شوارع مدن المملكة يلوحون بعصيهم وينهرون الناس للهرع الى الصلاة طالبين من النساء (بكل ادب) تغطية اجسادهن من الرأس حتى اخمص القدمين.

في الكويت هناك برلمان ينتخب ولكن عادة مايسطر عليه اصحاب النفوذ القبلي والاصولي-السلفي وخاصة في السنوات الاخيرة. وفي الاونة الاخيرة حصلت المرأة الكويتية على حقوقها السياسية واصبح من حقها ان تنتخب و ترشح نفسها للانتخابات. وهذا انجاز كبير.

عادة ينتقد اليهود لكونهم يعتقدون بأنهم شعب الله المختار، ولكن يبدو ان الكويتيين يطبقون هذا اللقب على ارض الواقع من خلال ممارساتهم اليومية وتعاملهم مع الاخرين.

الكويت بلد صغير نسبيا، اذ يبلغ عدد سكانه تقريبا المليون، ولكنه يعتبر من أغنى دول العالم ماديا بسبب البترول. يبلغ عدد العاملين الاجانب في الكويت حوالي المليون والنصف، معظمهم من دول اسيوية وعربية.

للدلالة على ان الكويتيين يتصرفون كشعب الله المختار يحكى في الكويت النكته التالية:

تقدم احد العمال الهنود لنيل شهادة قيادة السيارة، وحين سأله الشرطي الذي يمتحنه عن اولوية المرور في الدوار، رد الهندي بكل ثقة: الكويتي طبعا!

هذه الطرفة تعبر تماما عن الوضع المجتمعي في الكويت: الكويتيون هم الاسياد والاخرون هم العمال الاقل شأنا، بعضهم يعامل معاملة العبيد، من خدم وغيرهم. سنعود الى هذه النقطة فيما بعد.

الكويت هو البلد الوحيد في العالم الذي يوجد فيه نوعان من الجنسية بنوعيين غير متساويين في الحقوق: هناك كويتيون بالتأسيس، اي هؤلاء الذين كان اجدادهم موجودين في الكويت ابان تأسيس الدولة الكويتية، وهناك كويتيون هاجروا الى الكويت في منتصف القرن الماضي واستقروا بها.

لايسمح للكويتيين بالانتخاب والترشيح لمجلس الامة (البرلمان) مالم يكون قد مضى على تجنيسهم اكثر من عشرين سنة. في أوئل الستينيات حين بدأ تسجيل المواطنين واصدار هويات شخصية لهم تخلف بعض الكويتيون عن التسجيل وأصبحوا يوصفون بالبدون، اي بدون جنسية، يقدر عددهم ب 120 الف. رغم ان بعضهم يعيش في الكويت منذ زمن طويل والعديدون منهم ولدوا في الكويت، الا ان الحكومة الكويتية مصرة على "عودتهم" الى بلادهم الاصلية.

الغريب في الموضوع هو ان الحكومة الكويتية قد استعانت برجال هؤلاء "البدون" في الجيش والشرطة كأفراد برتب دون الضابط، وكثيرون منهم، بعكس الكويتيون الاخرون الذين فروا الى خارج الكويت اثناء الغزو العراقي للكويت عام 1990، صمدوا ولم يغادروا الكويت. والعديدون منهم لايزالون يخدمون في صفوف الجيش الكويتي والشرطة.

يقول جمال العنزي، بدون جنسية واستاذ في جامعة الكويت، حينما اختلف والده مع والدته رفض الاب تسجيل ام جمال وأخوته، ولذلك أصبح هو واخوته من فئة البدون.

منح الجنسية الكويتية لايخلو ايضا من التمييز بين الرجل والمرأة. فالرجل الكويتي الذي يتزوج من غير كويتية يحق له طلب الجنسية الكويتية لها وعادة ماتحصل عليها بسرعة. اما المرأة الكويتية فلا يحق لها الحصول على الجنسية الكويتية اذا تزوجت من رجل غير كويتي.

ليلى القاضي، امرأة كويتية وأيضا تعمل استاذة في جامعة الكويت، تزوجت برجل جزائري يدعى محمد، وانجبت منه ابنتين، لايحق لها طلب الجنسية لبنتيها. فالبنتان يعتبران مواطنتين جزائريتين.

أكثر من 90% من اليد العاملة الكويتية (هذا اذا كان بالامكان تسميتها عاملة) هم موظفون في شتى دوائر الدولة الرسمية. بحسب تقارير منطمة العمل الدولية المنبثقة عن الامم المتحدة تعتبر العمالة الكويتية بطالة مقنعة، أي بالعامية "تنفيعة" للمشاركة في الثروة البترولية.

فالكويتي او الكويتية هم في اغلب الاحيان موظفون بالاسم يتقاضون رواتب عالية بدون اي انجاز اي عمل يذكر. العمل الفعلي تقوم به اليد العاملة المستوردة ولاسيما في صناعة البترول والبناء. في هذه المرافق وغيرها تجد المدير كويتيا، يمضي جل وقته، هذا اذا حضر الى مكتبه، في مطالعة الصحف وشرب الشاي والقهوة والدردشة مع زملائه، والعامل او المهندس غير الكويتي يقوم بالعمل المنتج الفعلي.

الكاتب الصحفي خفيف الظل، محمد مساعد الصالح، كتب مرة في عاموده اليومي في صحيفة القبس: في كل دائرة رسمية كويتية تجد الموظف الكويتي او الكويتية ليس فقط لايعملون بل انهم يعرقلون مسيرة العمل اكثر من انجازها. فوجود الموظف الكويتي على رأس العمل سلبي اكثر منه ايجابي. لذلك اقترح الصالح ان يبقى الموظفون الكويتيون في بيتهم يتقاضون رواتبهم كالعادة ويحل محلهم موظفون من خارج البلاد. هذا سيسهل العمل وستنجز المعاملات بشكل افضل.

غازي، أحد طلابي في جامعة الكويت كان يعمل في شركة البترول الكويتية. عن طريق الواسطة تم تعيينه رئيسا لاحد اقسام الشركة. قال لي يوما بتفاخر انه يذهب الى مقر عمله ويسأل مااذا كان كل شيء على مايرام. عادة ماتكون الاجابة "نعم" فيعود ادراجه من حيث اتى.

في دراسة اجراها بعض الزملاء في كلية العلوم الاجتماعية/جامعة الكويت كانت النتيجة ان معدل انتاجية الموظف الكويتي لاتتجاز ال 15 دقيقة في اليوم. حتى في الجامعة تجد الفرق واضحا بين انتاجية الاستاذ الكويتي والاستاذ غير الكويتي. في الوقت الذي تجد فيه غير الكويتي يواظب على حضور محاضراته تجد الكويتي او الكويتية يتغيبان بشتى الحجج. بعضهم يحضر أول محاضرة للتعريف بالمنهاج ويعطي رقم هاتفه للطلبة راجيا منه الاتصال للاستفسار حول المادة.

امراض القلب والسكري في تزايد مضطرد في الكويت سببه التغذية غير الصحية وقلة الحركة. اغلبية الكويتيون يفضلون اللحوم والارز، اما الخضراوات فهي طعام الحيوانات. يأبا الكويتي او الكويتية المشي ولو لعدد من الخطوات. فهما يفضلان ايقاف سياراتهم في المكان غير المخصص لها تجنبا للمشي.

كنت ذات مرة في زيارة احدى الزميلات برفقة زوجتي. بعد ان دخلنا البيت حضرت احدى الخادمات الاسيويات بطبق عليه بعض المشروبات الغازية الباردة، ووضعتها امام كل منا. كأس زميلتي الكويتية كان بعيدا عنها بعض الشيء ، فصاحت الزميلة بأعلى صوتها للخادمة وطلبت منها تقديم الكأس لها.

يقدر عدد خدم البيوت في الكويت بأكثر من 750 الف، معظمهم من النساء من الهند والفلبين وسريلانكا وغيرها من الدول الاسيوية والافريقية، غالبيتهم يتقاضون اجورا لاتتعدى ال 70- 90 دولار في الشهر، هذا اذا تم الدفع وفي كثير من الاحيان لايتم ذلك. في معظم البيوت الكويتية يعملن الخادمات ليل نهار دون اية عطلة اسبوعية ويتعرضن للتحرش الجنسي والاغتصاب. أضف الى ذلك ان ارباب العمل الكويتيين يحتجزون جواز سفر عمالهم ولا يسمحون لهم بمغادرة البلاد بدون موافقتهم. وكل هذا اشبه بالعبودية. وقد نددت كل منظمات حقوق الانسان ومنظمة العمل الدولية في كل تقاريرها السنوية حتى الان بدول الخليج العربي وسوء تعامل مجتمعاتها مع العمالة الاجنبية.

علاوة على ذلك اذا لم تكن تعمل في مجال الخدمات وتريد الحفاظ على عملك، تقول "Donna "، احدى المدرسات الكنديات في الكويت، افعل مايريده رب العمل، ارضي الطلاب واولياء امورهم على حساب النوعية، والا تعرض نفسك للطرد من العمل.

"الواسطة" موجودة تقريبا في كل مكان ولكنها في الكويت اكثر حدة وتسهل تجاوز القانون. الديوانية، عبارة عن بيت للضيافة عادة للرجال فقط يستقبل فيه الكويتيون ضيوفهم. ولكن الديوانية ليست فقط بيت للضيافة بل هي بمثابة تجمعات يتردد عليها الكويتيون بشتى وظائفهم. وهذا بيت القصيد. فالديوانية غدت ملتقى الواسطات. فاذا كان لديك معاملة مع اية جهة رسمية فما عليك الا الذهاب الى الديوانية التي يتواجد فيها اصحاب التوسط. فالكل يعرف تماما من يستطع التوسط.

يمنع تشكيل الاحزاب في المجتمع الكويتي. لذلك لايوجد احزاب سياسية في مجلس الامة وبالتالي لايوجد برامج سياسية واقتصادية يسعى اصحابها لاقناع المجلس بتبنيها. هناك تحالفات جانبية، والتحالف الاكبر في الوقت الراهن هو تحالف الاسلاميين، وهم يشكلون الغالبية في المجلس، ويسعون لتطبيق الشريعة الاسلامية.

حين تتابع جلسات مجلس الامة ترى بأن غالبية المواضيع المطروحة للبحث تتركز مثلا على الالتزام بالحجاب والفصل بين النساء والرجال في شتى مناحي الحياة اليومية. اما حقوق العمال الاجانب المهدورة فلا تناقش على الاطلاق. على اثر تظاهرة قام بها العمال الاجانب مطالبين فيها بحقوقهم ندد الاسلامي وليد الطبطبائي بالتظاهرة وقال بأعلى صوته "من لايعجبه الوضع في بلادنا فليرحل".

كان هناك مؤخرا قبل حل مجلس الوزراء الاسبق سيدتان في المجلس، السيدة نورية الصبيح والدكتورة موضي الحمود، لاترتديان الحجاب فقامت الدنيا ولم تقعد وطالب بعض النواب الاسلاميين بمنعهما من دخول البرلمان بحجة ان لباسهما لايتفق مع القواعد الاسلامية التي استمد الدستور الكويتي نصوصه منها.

بالمال يعتقد الخليجيون بأن بوسعهم شراء كل شيء، حتى الشهادة الجامعية. في السنوات الثمانية الاخيرة سمحت دول الخليج بانشاء جامعات خاصة. ففي الكويت مثلا هناك جامعتبن خاصة: جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا والجامعة الامريكية، اسماء طنانة رنانة. من خلال تجربتي الشخصية مع هاتين الجامعتين يمكن التأكيد بانهما يتنافسان على جذب اكبر عدد من الطلاب الكويتيين ميسوري الحال للدراسة فيهما.

فاذا كانت نوعية التدريس والدراسة في جامعة الكويت متواضعة فانها اكثر تواضعا في هاتين الجامعتين. الاهم بالنسبة لاصحاب هاتين الجامعتين هو الربح المادي واستقطاب اكبر عدد من الطلبة وارضائهم على حساب النوعية والتحصيل العلمي، علما بأن رسوم الدراسة في هاتين الجامعتين يتجاوز ال 15 الف دولار سنويا. معظم زملائي الاميركان الذين عملوا لدى هاتين الجامعتين اكدوا لي من خلال تجربتهم العملية ان هذا النوع من الجامعات ماهو الا Diploma Mills اي مطاحن لبيع الشهادات فقط. قال لي احد مدراء الشركات الخاصة: "اننا عادة لانوظف الكويتي، فهو غير مؤهل."

هذا غيض من فيض حول الحياة في بلد خليجي مثل الكويت. والنتيجة كما لخصها لي احد الزملاء الذين ايضا عاشوا وعملوا في الخليج العربي هي ان الغالبية من مواطني هذه المجتمعات يجمعون في جيوبهم اكثر مافي عقولهم.

المال حسن من اوضاعهم المعيشية المادية، اما كثروة بشرية فهم لايزالون يعيشون حياة قبلية فكرية قاحلة كالصحراء المحيطة بهم. وللحديث بقية حول الحياة في السعودية.



#سامي_الرباع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى اين يتجه العالم؟
- تعليمنا تلقيني، شهاداتنا واجهة، وخطابنا متحييز
- هل يمكن تحديث الاسلام؟
- دموع تماسيح الاسلاميون الاتراك
- حقوق الانسان في العالم العربي غير مهمة
- نفاق الحكومات العربية
- البنوك الاسلامية بين الدجل والواقع


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الرباع - المجتمعات الخليجية غنية ماديا لكنها تفتقر الى الانسانية