أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - المقاومة من منظور اليسار














المزيد.....

المقاومة من منظور اليسار


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحرب على غزة أثارت من جديد موضوع المقاومة، حيث تكررت المواقف ذاتها التي قيلت خلال الحرب الصهيونية على لبنان سنة 2006، من قبل الليبراليين الجدد، اليساريين سابقاً. حيث وُضعت في مصاف الإرهاب أو المغامرة. وحيث بدا أنها تطرف أو وحشية. لأن "الطريق السلمي" والمفاوضات هما ما يجب أن نلتزم به في "النزاع" مع الدولة الصهيونية. وهو الموقف تقريباً الذي يؤخذ من المقاومة في العراق، حيث أن إنهاء الاحتلال يجب أن يتم بالتفاهم مع الدولة المحتلة، أو أكثر من ذلك لا يجري الإقرار بأن ما هو قائم هو احتلال. أو يجري الميل إلى التركيز على الطابع الديني أو الطائفي للمقاومة لنفي الحاجة إليها، وليس للقول بضرورة أن تكون هناك مقاومة يسارية.
وليبدو أن الخيار الوحيد الضروري، والذي يجب أن يلتزمه اليسار هو طريق "الكلام الجميل". طريق التفاوض والتفاهم، والبحث من خلال التزام العلاقة مع العدو. والتزام "قرارات الشرعية الدولية" والضغط على "الأطراف الدولية"، وبالتالي التفاعل معها. وانتظار متحولات تؤدي بطريقة ما إلى "الاستقلال" و"التحرر"، متحولات ليس لليسار علاقة فيها. هذا هو خيار اليسار اليوم كما يتبدى لدى هؤلاء. حيث أن العالم قد اختلف، والتطورات العالمية باتت تستلزم التخلي عن المواقف والسياسات المتشنجة والمتطرفة، والتي تصنف الدولة الصهيونية أو الولايات المتحدة كعدو. والتي كذلك لا ترى الوضع العالمي الذي يفرض التداخل والتمازج والتعاون، وبالتالي حل المشكلات سلمياً.
في هذا الخطاب تبدو الدعوة إلى المقاومة والدفاع عن الاستقلال، والتحرر، دعوة شوفينية ومتطرفة، ولا تعبّر عن واقع القرن الواحد والعشرين. ومن ثم تصبح الضحية هي المعتدي. يصبح نضالها هو تطرف وإرهاب، وتعدي على المحتل الذي بات يمتلك كل الحقوق وفقه. وبالتالي ينقلب الصراع إلى حفلة أنس، وينحلّ التناقض في جلسة خمر. بغض النظر عما ستحصل الضحية.
الصراع هو نتاج التناقض، وليس من حل للتناقضات إلا بحسمها. وحين تكون البلد محتلة لا تكون المسألة هي مسألة تنازع أو تعارض، بل تناقض، لأن التطور الحر لشعب ما يفترض استقلاله. وليس من تطور دون الاستقلال. لهذا ليس من خيار لدى الشعب غير المقاومة، وهنا المقاومة بأشكالها المتعددة، من أجل تحقيق الاستقلال.
واليسار الذي يحمل مشروع تطور وحداثة معني، ربما أكثر من غيره، بتحقيق الاستقلال من أجل تحقيق التطور الحر الذي يفرض تحقيق التطور المجتمعي، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. لهذا سيكون، أو يجب أن يكون، في صلب النضال الوطني، وتكون المقاومة بمختلف أشكالها أسلوبه النضالي. وليس من يسار لا يفعل ذلك، لأنه حينها يكون قد تكيف مع الاحتلال، وقبل السيطرة، وتواطأ على مستقبل البلد. لهذا فحين تثار مسألة المقاومة من قطاع من اليساريين السابقين يكون الطابع اليساري قد انمحى، وجرى التكيف مع القوى المسيطرة، التي هي الطغم الإمبريالية. ويكون الدور النضالي قد انتهى لمصلحة التنظير لقوى إمبريالية تحتل وتنهب، تدمر وتقتل.
المقاومة ليست افتعال، إنها في صلب ميل الشعب الذي يقع تحت الاحتلال. وهي ليست قرار "شخصي"، أو رغبة ذاتية بل توافق مع ميول واقعية. وانطلاقاً من ذلك يمكن أن يتحول الحزب، أي حزب، إلى قوة أو يبقى في الهامش. ونتيجة عدم فهم ذلك من قبل اليساريين السابقين لم يُفهم السبب الذي جعل قوى الإسلام السياسي قوة، وجعلها تلعب هذا الدور. بمعنى أنه ليس مزاج "المثقف" هو الذي يحكم الواقع، ويحدد مساراته، وطبيعة الصراع فيه، وأشكال هذا الصراع، بل أن الواقع هو الذي يجب أن يكون منطلق المثقف والحزب السياسي في تحديد كل ذلك. حيث أن الصراع هو النتيجة الطبيعية لوجود الاحتلال، والمقاومة هي شكل هذا الصراع. ومن لا يفهم هذه البديهية لن يكون جديراً بلعب دور سياسي، أو يكون معمِّماً لوعي مستلب، يروج لمنطق القوى المسيطرة. ولاشك في أن رهط الليبراليين الذين سرعان ما انقلبوا على الاشتراكية حال سقوطها، يفعلون ذلك. وهم تحت نير الاستلاب الذي يحكمهم يروجون لقبول الاحتلال والسيطرة، أو على الأقل يرفضون مقاومة الاحتلال والسيطرة. وهو الأمر الذي يجعلهم في تناقض مع الشعب، الذي لا يرون فيه سوى التخلف، ولا ينظر كثير منهم إليه إلا بصفته: رعاع. أو أحياناً بصفته سلبي، لا يقوى على الفعل. وهذه المواقف القديمة/ الجديدة هي التي سمحت للقوى الأصولية أن تبدو أنها القوة المقاوِمة الوحيدة، وأن تصبح قوة شعبية، حيث أنها تطرح ما يعتقده قطاع كبير من الشعب المحتل.
المشكلة التي كانت تحكم هؤلاء وهم في اليسار، وهي تحكمهم اليوم وهم ليبراليون، هي أنهم لا يرون الشعب، ولا ينطلقون من مشكلاته لأنهم لا يفهمونها. وبالتالي يؤسسون على ما هو متوهم في عقولهم، ما يعتقدونه دون معرفة كافية. الأمر الذي يشير إلى أنهم ينطلقون من المسألة التي يرفضونها، التي هي الإرادة. إن إرادويتهم هي التي تجعلهم يفترضون بأن المطلوب هي "النضال السلمي الديمقراطي"، والمفاوضات كخيار وحيد لحل "المشكلات العالمية". دون أن يلمسوا بأن الشعوب تعرف أن كل ذلك وهم، وأن خيارها هو المقاومة والنضال، لأن ليس من خيار غيره. حيث أن التناقض الذي يعيشه يفرض المقاومة وفق "حسها السليم". وهنا يجب أن يكون اليسار، لأنه المنظم لفعل يفرزه الواقع ولا يخترعه. هذه البديهية هي أس فشل اليسار في الماضي لأنه لم يفهمها، وظل يعتقد بأنه هو "صانع المعجزات"، ومحدد كل شيء. بينما الواقع هو الذي يفرز التناقضات وأشكال التعبير عنها.
إذن، ليس ممكناً أن يكون في اليسار إلا الذين يعبرون عن واقع شعوبهم، وبالتالي يناضلون في الصفوف الأولى من أجل الاستقلال والتحرر، ويخوضون غمار المقاومة.




#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 3 أخيرة (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 2 (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 1 (من أجل توضيح الاختلافات)
- الميل نحو اليسار: لكن أي يسار؟
- عن غزة والوضع العربي
- عن أهداف الحرب على غزة
- حوار في المبادئ-4أخير (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د ...
- حوار في المبادئ-3 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كاظ ...
- حوار في المبادئ-2 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كاظ ...
- حوار في المبادئ -1 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كا ...
- حول تناول الحرب على غزة: ملاحظات في أسس النظر
- الحرب على غزة من منظور العقل الليبرالي- حوار مع د. كاظم حبيب
- حول تحالف قوى اليسار في العراق
- ليست نهاية الرأسمالية
- عن أفول -الوطنية الفلسطينية- وصعودها
- أزمة الرأسمالية: بنيوية
- أزمة الرأسمالية ومهماتنا
- ملاحظات على الوثيقة الحزبية: الأردن وفلسطين والمشروع الصهيون ...
- الحزب، السلطة، وأزمة الاشتراكية
- عن نهاية حل الدولتين في فلسطين


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - المقاومة من منظور اليسار