أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام صادق - التماثيل تتجول ليلاً في حدائق المستشفيات














المزيد.....

التماثيل تتجول ليلاً في حدائق المستشفيات


سلام صادق

الحوار المتمدن-العدد: 779 - 2004 / 3 / 20 - 06:45
المحور: الادب والفن
    


اقاتلُ من خلال الزجاج الشفيف الهواء
ودم العابرين غبارُ أعاندُ تأويله وأحنّط وجهي
اصابعي تسدل الستائر دون فضاء كاذب
ودموعي تسّاقط قدامي كغيوم مطحونة
يلملمها الله في حضنه كما التراتيل
يمنحها لفقراءٍ مفؤودين لايلزمهم غفران
تحت جلدي مهرج عنيد مولع بالجهورية والرنين
يعلق النياشين على صدر الثرثرة
واجراس خيبته على جنازة نبضي
ويمتطي وريدا نشرت جنوني عليه
ليوازن هذيانه في توتر دمي
فأعتلي منبر صمت يتكدس تحته النعاس والاقاويل
لو كنت متاكداً من ان صلوات العميان تصل
ما نثرت عيوني لؤلؤاً مغشوشا في بئر من الريبة !
لايسبرها غير قمر كفيف
ونجمة بيضاء فارقها الرفيف كغرّة امي
سأشرب راح راحتي المقطوعة في قفازها
منذ شتاءٍ ماضٍ
وحين تجف ارمي بها في وجوه المترنحين أو عيون القتلة
الفقراء صامتون وبعد طول سكوت يقولون وداعاً
ويصمتون
يلوذون وراء واجهات الزجاج البخيل
بأذيالٍ متآكلةٍ وباعٍ طويل
وكم يغبطهم شغب الكلمات على رزانتهم وراء الطاولات
فهم لايتنفسوا غير ضباب الغياب ليروق محيّاهم
ولا ينغمسوا بغير نبيذ الجراح لتشربهم حمرة الخجل
أصابعهم ملساء طويلة
اغصان خريف تهزّ الفراغ
توميء للاشجار بان تتعرى باكراً لخداع الربيع
هزائمهم بالجملة وانتصارهم مرة لاغير
أهواؤهم ظلال حذرة تطالع وجهها في مرايا النار
ومستحيلهم صخور الاقاصي المرنة في غواية الصلصال
حياتهم سلسلة من صدأ النسيان
مرمية على رمال الخوف
كعمود فقري لسمكة قرش هرمة اغفلها الصيادون
خمسون عاما من البحر
صديقهم مرض جدير بالاحتفاء به
او باطلاق التأوهات عليه
فهم لايصفقوا عادةً لغير دمهم الخاص
يصبغ الحدائق بالارجوان
او يسدر في ردهات تدوزن نشيجهم الرهيف
بفولاذ الرغبة في الاستمرار
وإذ تضيق مساحة احتمالاتهم الأوسع
باجساد رغباتهم المحمومة
ينشرون جنودهم من جراثيم العافية
يقاتلون تحت راية الندم الأكيد
يتتلمذون على يد الخطأ والمصادفات
ضيعوا عيونهم بين حفافي الجرح وابجديات الفجيعة
عن الشعر والاصدقاء
مشغولون في فحوى امتزاج العناصر وتشابك الجهات
جنوبهم اجنحة من نار الاساطير
و من رماد الله اخضرا يعفر الاشجار
شمالهم تخوم من تَلامس الصخر والسحاب
الفقراء صامتون وان نطقوا قالوا :وداعاً
بينما الموت مدفع صديء رابض على سطح مستشفى
لاطيور في حدائق المستشفيات
فقد أخلت مكانها للانين
ورجلُ ناحلُ بالبيجاما يهجر سريره في الطابق الثالث
نحو عالمه السفلي المُثاب بالورود
فهل خسرت خيول دمه الرهان ؟
أَم ان الوجع قربان الذاكرة
يُنذر لهلاك الاشياء المألوفة لا المعجزات
يلوذ بينكمُ غريباً كماء
ينظر لاسلافه يجرفهم التيار
ينفرطون كالعقد ويفرون كاعمدة ضوءٍ
ليس من سليقتها الفيء او الظلال
ستمتلكونه فقط عندما يغيب
وسيفتتح لكم تيهاً ياخذكم بعيدا
ليدلكم على وصايا الريح وغموض السنديان
وسيرهبكم كثيرا جبروت المعاني يشع من لسانه
وارتباك الحروف في ندائه القصير
فاستغاثته فحوى هذيانكم الطاغي منذ بدء المطاردة
وحتى انكسار ضوضاء القناديل
على صمت وجهه الأليف
قد يذبل الورد من حرارة انفاسكم اليه
فالحدائق مفروشة بحصى الجحيم
وقد تذوب مآقيكم كي لاتتمادى الشموع
تحرق ذبالتها لتنطفيءعند راسه
فتلقي بظلالها على وجوهكم المشطورة نصفين
من شدّة ظلام الليل و ضوء المباغته
ثم تفيقون إذ يبرد البكاء على وسائدكم
من شدة الدمع
وتشتاق اصابعكم لفيروزهِ و تبغهِ الصباحي
فهذا زمن اصفر لان الدخان لغة الناسكين تحترق
الفقراء صامتون ومهنتهم جهنم الكلام !
سيرحلون بهدوء نادر كما جاءوا
وحالما تُغلق حانة الروح
على حطام ممالكهم الخافتة
المكسوّة بأخشاب الصاجّ واغاني ام كلثوم
سيعيدون كلاما خاسرا
فافواههم فضاءات موبوءة بالحق والرثاء
يكرعون رحيق الحكايات القتول
فدمهم سيد الانتحار
لسنا براءُ من موتهم الى هذه الحدود !
فليس لهذه الريح يلم رماد مأتمها
غير اصابع من هشيم
وليس لهذا الحزن يعطيه فصاحته
غير جثة بلسان
لعلنا بهذا سنزيد قليلا من سيولة معدننا
لتدب الحياة في المشهد
كلا ! يادماً غادر التماثيل هلاّ تعود اليها ؟



مستشفى ( الجناح الذهبي ) القسم الخامس / ليلة العاشر من آذار عام 2001 والليالي السبع التالية لها *



#سلام_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أذكر ان امرأة تمردت على الوحش فتغمدها الاله بالرحمة
- ذوبانات بفعل شموس قديمة
- في سلوكية اليمين الامريكي المتطرف - سلالة بوش .. وسياسة الحر ...
- احتجاجا على مايجري أراك واضحة كامرأة ليست في مرآة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام صادق - التماثيل تتجول ليلاً في حدائق المستشفيات