أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد المنعم عنوز - قواعد النظام القانوني لاستقطاب الكفاءات العراقية في المهجر - مؤتمر بغداد 22 - 24 ./12 / 2008















المزيد.....



قواعد النظام القانوني لاستقطاب الكفاءات العراقية في المهجر - مؤتمر بغداد 22 - 24 ./12 / 2008


عبد المنعم عنوز

الحوار المتمدن-العدد: 2529 - 2009 / 1 / 17 - 06:31
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المؤتمر العالمي الأول للكفاءات العراقية في المهجر، 22 – 24 كانون اول 2008
تاسيس لمشروع قانون استثمارالكفاءات في المهجر
مدخل تمهيدي
نعني بقواعد النظام القانوني هو مجموعة من المباديء والاحكام التي تؤسس لنظام تشريعي متكامل في الشكل والمضمون ويكون سندا وحجة شرعية لتنظيم الوقائع التي يراد معاملتها وتحديد اجرائاتها . ويكون هذا التشريع خاص باستثمارالكوادر والكفاءات العراقية في المهجرعلى ان يتفق في احكامه مع معايير بناء دولة القانون للنظام السياسي الجديد. و الاسباب الموجبة الاخرى لهذه القواعد هو ليس فقط اعطاء الصياغة القانونية لمضمونها بشكل تجريدي ضعيف الدلالة والحجة القانونية. انما يؤكد على معرفة الآثار التي تنشؤها من واجبات وحقوق أوالتزامات متفرعة عنها. وفوق ذلك تؤسس لقوة الالزام بالتنفيذ لضمان تحقيق ارادة المشرع واهداف هذا النظام القانوني، لأن في جوهره يتجاوز الجانب المادي للطاقات والكفاءات، انما يوفربالاضافة لذلك عامل قوة لتجذير مفهوم الهوية الوطنية للفرد العراقي في دولة تؤسس للديمقراطية.

ان موضوع هذه القواعد يتناول الكوادر والكفاءات العراقية المهاجرة لما تتمتع به من مؤهلات وتحصيل علمي وخبرات مهنية اساسية او مكتسبة. ولأهمية هذه الطاقات الانتاجية الوطنية في بناء عراق لائق بحضارة العصر، ينبغي على المشرع العراقي ايجاد ما هو ضروري من تشريع خاص لهذا المشروع الوطني يعالج كل جوانبه، سواء تلك التي تتصل بالحقوق الدستورية الفردية لعموم المهاجرين، أوبتحقيق الاغراض ذات النفع العام ، ومنها المتصلة باستثمار الخبرات العلمية والتقنية، أو تلك التي تتناول تفعيل مشاريع الاستثمار العلمي والمهني والمالي عند المهاجرين وتشجيع عودتها باستثمارات وطنية للبناء والنهضة في مختلف قطاعات مؤسسات الدولة العراقية .

لابد اذن من ان تتنوع مضامين القواعد القانونية باصدار التشريعات الملائمة من قبل البرلمان العراقي طبقا لاحكام الدستور الجديد. كما ان هذه القواعد ينبغي ان تتضمن ايضا اليات ووسائل التنفيذ الملائمة والناجعة، وذلك من خلال تحديد مستوى فاعليتها وتشخيص جهة منفذيها وتثبيت موقع هذه الجهة من درجة المسؤولية ونوعها تبعا لمصدرقرارات السلطة التنفيذية. وعلى المشرع ان لايغفل الضمانات القانونية التي ترتب المسؤولية بكل انواعها عند الاخلال باحكام هذا النظام القانوني عمدا ام تقصبرا. وهذه هي دلالات الاحكام القانونية الصحيحة التي يراد منها ان تنتج آثارا تحقق المقاصد والغايات من هذا التشريع.

من خلال ما تقدم ندرك اذن اهمية تاسيس مشروع وطني يجد اصوله في متن تشريع متكامل القواعد القانونية . وهذه القواعد التي تؤسس لنظام قانوني خاص بالكفاءات العراقية بمفهومها الشامل تكون صريحة النص ومحددة المضمون كما تتطلبها معاييرخلق اي تشريع آخر.
وقبل التطرق الى عناصر هذه القواعد القانونية، ينبغي الاجابة عن بعض الاسئلة و تحديد بعض المفاهيم الخاصة بها كما وردت في مقاصد هذا الموضوع ، باعتبارها الاسباب الموجبة لقواعد النظام القانوني الذي نسعى لتشريعه، وهي:
1- ما هي ضرورة التشريع لنظام قانوني خاص بالكفاءات في المهجر ؟
2- ما هو المفهوم القانوني لاستقطاب الكفاءات ؟
3- من هي الكوادر والكفاءات التي تسري عليها احكام هذا التشريع؟

أولا : ضرورة التشريع الخاص بالكفاءات في المهجر

من معايير القواعد القانونية بشكل عام ، انها تقدم حلا شرعيا اكيدا وعادلا من حيث المضمون والاهداف حينما تنشأ نتيجة ارادة تشريعية ومباديء دستورية في سياق بناء الدولة الديمقراطية. التشريع من حيث المبدأ لايسمح كثيرا التراخي او مخالفة احكامه وما ينتج عن هذه المخالفة من اضرار مادية كانت أم معنوية كما هو الحال دائما عندما يتم تفسير القرارات الادارية وبكافة مستويات مصدرها. فعندما يتم تقييد السلطات الادارية بتطبيق نص قانوني للتعامل مع الواقعة المعروضة امامها، عليها في هذه الحال ان تتمعن بان لايكون تصرفها قابلا للطعن امام القضاء المختص بسبب عدم مشروعيته ومخالفته للقانون المختص لانه يتمتع بقوة الالزام. رغم ذلك تكون القرارات عرضة للتناقض في احكامها لانها تستند في كثير من الحالات على القرار الاداري. أما محاسن التشريع فانها تؤدي الى حالة التجانس في الاحكام بسبب وحدة المصدروالسند القانوني وقوة الالزام في التنفيذ.

ان استقطاب الكوادر والكفاءات العراقية في المهجر ينبغي ان لايجد اصول قواعده في قرارات ادارية مبعثرة هنا وهنالك. هذا الافتراض يجعل من احكامها متناقضة من حيث كفاءة المصدروتخصصها ومستوى المسئولية الادارية في اتخاذ القرار. فمن طبيعة ذلك ان ينتج في كثير من الحالات تعارضا وتضاربا وتراخيا في التطبيق. وكل هذا ينتج آثارا سلبية تضر ليس فقط في قصد الدولة العراقية لاستثمار الطاقات والكفاءات في المهجر، انما يعرض هذه الكفاءات والطاقات العلمية الى الاهمال ومصادرة نواياها الوطنية للمساهمة في بناء الدولة. كما انه يعرقل تفعيل مبدأ حق التمتع بخيرات دولتهم تطبيقا لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات التي وردت في الدستور الجديد لعام 2005.

من ناحية اخرى ، تتمتع النصوص القانونية بالديمومة والاستمرار عند تطبيق احكامها . فان صفةالاستقرار وان كانت نسبية بوجود النص، فانه يعززمن ضمانات الحقوق لفترة من الزمن على خلاف القرارات الادارية التي تتعرض الى التغييرالمستمر او الالغاء او تعليق التنفيذ بقرار تعسفي في كثير من الحالات تبعا لارادة اصحاب القرار في السلطات الادارية. وهذا على خلاف مبدأ توفرحسن النية ابتداءا في التشريع واطمئنان الجميع لقوة الالزام في التنفيذ والرقابة القضائية ان اقتضى الامر. ونحن نعلم المبدأ العام بان الغاء القانون النافذ أو تعديله لا يتم الا بقانون .

ومن الناحية العملية، ينبغي ان يوفرلنا التشريع هياكل تنظيمية معتمدة ولجان عمل دائمة ممكن اعتبارها رافدا مضافا من روافد بناء الدولة ومؤسساتها الفاعلة التي تعني بتحقيق الصالح العام. انها تهدف الى تقديم الخدمات والتنسيق والاستشارات القانونية والادارية وغيرها التي يتطلبها تنفيذ هذا المشروع الوطني، وهو ما سنتطرق اليه في تقييمنا لاليات التنفيذ ومعرفة طبيعة القواعد القانونية الضرورية لوسائل التنفيذ.
واذا كان التشريع الخاص بالكفاءات بهذه الاهمية، فكيف يتحدد عنده مفهوم الاستقطاب؟

ثانيا: المفهوم القانوني لاستقطاب الكفاءات

تستند قواعد النظام القانوني على قصد الشارع باستثمارالمواهب و تحشيد الطاقات المعرفية المهنية منها والعلمية التي تتمتع بها الكوادر والكفاءات العراقية في المهجر. ومفهوم استقطابها هو تعريف شامل لكل ما هو ممكن لتحقيق هذا الهدف. وهذا يعني ان الاستقطاب لايعني بالضرورة التواجد الجغرافي للجميع في العراق وانما العودة الافتراضية الغير مباشرة التي تقود الى نتيجة مفادها ان تصب كافة الامكانات والجهود والخبرات في اغراضها وفي اطار برنامج الدولة العراقية للنهوض والتطور. وقد يكون ذلك نافعا بالنسبة لكثيرين في استثمار عطاؤهم خارج الحدود الاقليمية للعراق في مراكز بحث علمية ومختبرية ، اي في جغرافية البلدان التي تقطنها هذه الكفاءات ، قريبة من عالم التكنلوجيا الحديثة ومنشأ الثورة المعلوماتية وكذلك الاطلاع على اجراءات بناء الدولة العصرية فتكون رافدا مهما للمعلومات بتأسيس مراكزاستشارية لهذا الغرض في كل حقول المعرفة.
اذن على التشريع ان يبني قواعده على اساس ان هنالك استقطاب مباشر للكفاءات بالعودة المادية للوطن، وهنالك العودة الغير مباشرة التي لاتقل اهمية مطلقا عن مضمون العودة التقليدية. ان الافتراضين يكمل احدهما الآخرفي الاهداف والنتائج لكي يكون مبدأ الاستقطاب جامعا لكل الكفاءات ايا كان موقعها الجغرافي. وهذا ما يجب ان ينتبه اليه المشرع بصراحة النص. ولكن ما هي المعايير الجوهرية لتحديد مفهوم الكفاءات ؟


ثالثا : المفهوم القانوني للكوادر والكفاءات
لانريد ان نتطرق هنا الى الجانب الفني لمفهوم الكوادر والكفاءات او تشخيصها ووضع الضوابط لاحصائها في اختصاصاتها العلمية المتنوعة في البحوث الهندسية والطبية والعمرانية والاختصاصات الاكاديمية والفنية وغيرها من طاقات الابداع والابتكار. ان ذلك من اهتمامات دراسات المحور الاول لهذا المؤتمر الذي سيكون مصدر معلومات اساسية في اثراء وتحديد موضوع قواعد النظام القانوني ومساحة التطبيق من حيث الاختصاصات العامة والخاصة .

اما المفهوم القانوني للكفاءات العراقية في المهجر ، فهو لتحديد صلاحية وجدوى تطبيق هذا التشريع على طبيعة الروابط القانونية التي تنشأ عن صفة هذه الكفاءات او ناتجة عن تصرفات ترتب حقوقا والتزامات قانونية لها. فمتى يكون التصرف قانوني ؟ ومتى ينتج عنه حق ثابت، حق شخصي، واجب التنفيذ ، والتزامات متقابلة تقع على عاتق السلطة التنفيذية؟

اولا ، لابد ان تكون طبيعة التصرفات الصادرة عن الكفاءات ذات اثر قانوني . وهي كذلك عندما تكون مستوفية الشروط الموضوعية والاجرائية التي تستند عليها، وحيث على المشرع ذكرها بصراحة النص. ومن الشروط الموضوعية الجوهرية هو توفر التحصيل العلمي والاختصاص الموثق من مصادره المعتمدة، او شهادة الخبرات المهنية العالية للكوادر التقنية التي حرصنا ان يتضمنها ايضا هذا التشريع. اما الشروط الاجرائية فهي مايتعلق بالجانب الشكلي للتشخيص، وتحديد الجهة المكلفة باجراء اللازم لاثبات الحق الشخصي عند المطالبة. ان وضع هذه الشروط يتطلب قدرا كبيرا من العناية في خلق جهات التنظيم الاداري المختصة لهذا الغرض . وتزداد اهميته باعتبارأن جغرافية وجوده هي المهجر بالاضافة الى هياكل التنظيم داخل الوطن. فما هو شكل هذه التنظيمات، وماهي اجراءاتها ، وماهي حدود المسئولية لكل منها؟

ثانيا ،هنالك الشروط المتصلة بحقوق الكفاءات والكوادروهي كثيرة نجد لها سندا دستوريا بينا وقائم على مبدأ اقرار الحقوق المدنية للعراقيون ياعتبارهم متساوون امام القانون. وجاء النص صريحا ومطلقا في الدستور الجديد. واذا كان على الدولة دستوريا ان ترعى التفوق والابداع والابتكار والنبوغ ، فمن باب اولى ان تتمتع الكفاءات في المهجر بهذه الرعاية بعد هذا الاعتراف الضمني بحقوقها الدستورية نظرا لما تتمتع به من قدرات ومهارات ابداعية.
كثيرة هي الحقوق الشخصية الثابتة التي منحها القانون الاساسي للعراقيون. وهي تصلح ان تكون سندا وحجة شرعية قاطعة غير قابلة للطعن يمكن ان تتضمنها قواعد النظام القانوني . ونذكر منها:
حق الكفاءات والكوادر في المهجر بالوظيفة العامة ، والضمان الاجتماعي في حال الشيخوخة أوالمرض.....، والتقاعد ، وغيرها.

سنتناول هذه الحقوق والواجبات ومايقابلها من التزامات تقع على الدولة العراقية عندما نتعرض في الباب الاول الى مضمون قواعد النظام القانوني من حيث مقتضيات التطبيق.



الباب الاول: مضمون قواعد النظام القانوني من حيث اطراف التطبيق

لايمكن ان يتحدد بالكامل مضمون قواعد النظام القانوني دون ان نتناول بالبحث العناصر التالية:
- شخص الكفاءات المهاجرة وعلاقتها بمفهوم المواطنة.
- تقنين الحقوق والواجبات ضمن مبدأ المساواة الدستورية.
- مفهوم ونطاق التعاون مع السلطة التنفيذية .
- قواعد التعاون مع مجالس ومنتديات الجاليات في المهجر.
- طبيعة العلاقة مع استثمارات القطاع الخاص

اولا : المعيار الشخصي للكفاءات ومفهوم المواطنة:

من المعايير الاساسية لاستقطاب الكفاءات في المهجر هو تاسيس مفهوم المواطنة كي يصبح هذا العنصر حقا وواجبا في آن واحد على من تسري عليه مستلزمات وحقوق الهوية الوطنية في بناء الدولة العراقية .
ان تمتع الكوادر والكفاءات العراقية في المهجر بمفهوم المواطنة لاينظر اليه فقط من جانبه المعنوي ، انما ينبغي ان يتعزز ذلك من خلال العنصر المادي. وهو يعني التاكيد في نص القانون التزام مؤسسات الدولة العراقية توفيرالحيازة الفعلية من الوثائق والمستمسكات ذات الطابع السيادي عند ا لكفاءات بما يثبت واقع الانتماء الوطني وذلك بتزويد ها بهذه الوثائق الرسمية المعتمدة ، كجواز السفر ووثائق الاحوال الشخصية مثلا، وبدون وضع اجراءات ادارية معقدة وتعسفية تعرقل قصد الشارع في توفيرها ومنحها لاشخاصها. ان كثير من الكفاءات التي تعرضت الى تأثير عامل الزمن والابتعاد عن الوطن لسنوات الاغتراب والهجرة يجعلها في تردد عن الاهتمام بواقع حاضر ومستقبل الدولة العراقية. وللاسف الشديد ان هذا الافتراض ليس افتراضا مدرسيا، انما كان رد فعل طبيعي متزامنا مع سيكلوجية الفرد الانسانية بسبب اهمال الدولة لابناؤها يشكل عام والى الكفاءات في المهجر بشكل خاص ونأمل ان لايستمر هذا السلوك والنهج للدولة العراقية الحديثة. ان اساس مفهوم المواطن يقوم في الواقع على اساس مقدار توفر الروايط الموضوعية الدائمة بين الفرد والدولة. وهذه الروابط تتحقق من خلال معايير متنوعة ومنها الاهتمام بابناؤها في المهجر. ان ما نحذر منه هو ان تذبذب سياسة الدولة حيال الكفاءات في المهجر سيكون له اثر سلبي في استقرار القواعد التي تحكم مفهوم المواطنة لهؤلاء. من هنا يتضح اعطاء هذا الجانب المادي اهمية قصوى لانه سيكون عامل دفع وتعزيز للمعيار المعنوي لمفهوم المواطنة وتاكيد قصد المشرع بالاستقطاب الفعلي للكفاءات العلمية في المهجر وامكانية تنفيذه الفعلي.. ويتأكد ذلك من جهة اخرى من خلال تقنين ما يتمتع به الكفاءات من حقوق وما يترتب عليهم بالمقابل من واجبات.

ثانيا: مضمون الحقوق الفردية من حيث التطبيق .

تنص دساتير الدول الديمقراطية على مبدأ تمتع المواطن بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو المبدأ الذي اخذ به المشرع العراقي في الدستور الجديد ضمن باب الحقوق والحريات.
والذي يهمنا في هذا الجانب هو النص الدستوري الذي يقضي بان( العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة). وبناء على ذلك، لابد من ايجاد القواعد القانونية التي تؤمن امكانية وضع مثل هذا الحق موضع التطبيق الفعلي. واذا تعمقنا في مضمون النص الدستوري وغاياته ، فان قصد الشارع يذهب ليس فقط الى تامين الحق الشخصي للفرد في حيازته للعمل ، وانما هو تاكيد لحاجة الدولة العراقية لهذه الطاقات بكل انواعها، وبالتالي فهي بنتائجها تضمن للانسان العراقي حياة كريمة. ونسأل هنا بان النص الدستوري جاء مطلقا، فهل يؤكد ذلك الحاجة الى تشريع خاص يكون موضوعه الكوادر والكفاءات العراقية في المهجر كي تتمتع بهذا الحق من الناحية الفعلية؟ ويوافقنا الجميع بان صيانة الحياة الحرة الكريمة للعراقي ليست في الاطار الجغرافي لسيادة العراق ، انما هو ضرورة لاحكام المواطنة في ان نهتم بالتمتع بها اينما يقطن في عالم يخضع لقوانين العولمة الاقتصادية والانسانية.

ليس هو جديدا ايضا في تاريخ الدول التي تريد نهضتها بشكل متسارع ، ان تمنح الطاقات العلمية في الداخل والخارج على حد سواء نوعا من المزايا المادية والمعنوية من خلال التشريعات الاستثنائية، ومنها التأكيد على افضليتها في التمتع بحقها في العمل وحاجة الدولة العراقية لها وتسهيل اجراءات استقطابها. وهذا الافتراض جائزا واكيدا عندما نهدف الى عودة الكفاءات العراقية في المهجر كما هو الحال في قانون الاستثمارالاقتصادي الذي يمنح الامتيازات لتفعيل استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية وحتى العراقية في المهجر.

المساواة الدستورية تقضي ايضا بان ( تكفل الدولة الضمان الاجتماعي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجزعن العمل........، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي ، وينظم ذلك بقانون).
ولم يغفل المشرع الحق لكل عراقي في الرعاية الصحية، والتعليم المجاني ، وتشجيع الدولة للبحث العلمي للاغراض السلمية.... هذه الحقوق تسري ضمنا من حيث قصد الشارع على العراقيين المغتربين جميعا ومنهم الكوادر والكفاءات العراقية. ولكن نجد من الضرورة ان تنظم هذه الحقوق بقواعد النظام القانوني الخاص لهذا الغرض . وضرورة هذه القواعد تبين اليات التنفيذ وتحديد الطرف الذي تقع عليه مسئولية التنفيذ وحمله على هذا التنفيذ.




ثالثا: مفهوم قواعد التعاون مع السلطة التنفيذية

ان طبيعة العلاقة القانونية بين السلطة التنفيذية والكفاءات العراقية في المهجر يجب ان تتمتع بمضمون اكيد وصريح يؤسس لواقع تعاون متطوربين الاطراف المعنية بهذه العلاقة. ولابد من الاشارة الى تعدد وتنوع السلطات الادارية من وزارات ودوائر فرعية هي المعنية بهذا التعاون.

انه من غير الممكن تحقيق اغراض هذا التشريع دون ان يتم خلق الاسس القانونية التي تكون حجة تتمتع بقوة الالزام باحترامها و اامكانية المطالبة بوضعها موضع التنفيذ من حيث الزمان والمكان. اذن يجب وضع القواعد التي ترسم واجبات السلطة التنفيذية وضرورة الالتزام بها في كثير من الوقائع التي يتطلبها برنامج استقطاب الكفاءات العراقية في المهجر. . ان اجهزة السلطة التنفيذية هي وحدها الجهة المعنية بتنفيذ احكام هذا القانون بعد تشريعه. ومفهوم التعاون يعني التعامل بجدية وواقعية مع ظروف التنفيذ . الا ان مضمون هذا التعاون يجب تحديده بنصوص قانونية ملزمة لسلطات الادارة المختصة وفروعها المحلية أوفي بلدان المهجر . ومن المؤكد ان هذه الالتزامات تقع على عاتق بعض الوزارات الاساسية في عملية استقطاب الكفاءات العراقية لغرض استثمار طاقاتها. والقاعدة العامة يجب ان تقضي بان من اهم هذه الالتزامات هو توفير المكان المناسب للشخص المناسب من الكفاءات ليساهم فعليا في عملية الاعمار والبناء كل حسب اختصاصه وخبراته وطاقاته.

يتضح مما تقدم هو ضرورة ايجاد علاقة تعاونية متبادلة تحقق قصد الشارع. وهذه العلاقة لابد ان تستند في احكامها على قواعد قانونية محددة كي يتبين من خلالها نوع الاجراءات الضرورية لاتباعها وتحديد جهة المسئولية عند الاخلال بتنفيذها. ان هذا النظام القانوني ، يلزم من ناحية اخرى، بيان مضمون التعاون الذي لايمكن الاستغناء عنه لتنفيذ هذا المشروع ، وهو مساهمة المنتديات ومجالس الجاليات في المهجر.




رابعا : قواعد التعاون مع مجالس ومنتديات الجاليات في المهجر

تقدم المنتديات ومجالس الجاليات في المهجررافدا مهما في دعم وتطوير موضوع استقطاب الكوادر والكفاءات العراقية لاستثمار طاقاتها العلمية والاكاديمية . فهي على بينة من واقع التشخيص الفعلي العلمي ومستوى الخبرات والمؤهلات التي يتمتع بها العراقييون في مناطق ممارسة نشاطاتها وفي اطار الاختصاص لكل منها. فهي في الواقع اقرب بكثير الى تشخيص هذا الواقع مما تقدمه واقع المعطيات التي تزودها مؤسسات السلطة التنفيذية في المهجر، مثل السفارات أو الملحقيات بكل انواعها . هذا من الناحية العملية، ومن الناحية القانونية يجب اعتبار هذه الكيانات من مؤسسات المجتمع المدني العراقي لكي يمكن تقييم المعلومات المتوفرة لديها واعتمادها لاثراء قواعد النظام القانوني موضوع البحث. ومن جانب آخرلابد من منحها الشخصية المعنوية الاعتبارية في ممارسة نشاطاتها في المهجر. ضمن هذا المبدأ يجب ان تتحدد صيغة التعاون لمؤسسات الدولة مع هذه المكونات الاجتماعية على اساس الالتزام باعطائها دورا منتجا وجوهريا في تنفيذ هذا المشروع. وهي لن تكون كذلك الا حينما تتضمن القواعد التشريعية نوع التعاون ومضمونه الذي يلزم السلطات التنفيذية التقيد به في تنفيذ القانون.

اذن لابد اولا من تشخيص نوع الواجبات التي تتكفل بها هذه المؤسسات المدنية كغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المحلية، ووضع هذه المهمات موضع التنفيذ بعد تمتعها قانونيا بقوة الالزام. ان ذلك لايعني ان لهذه المنظمات سلطة وظيفية أو عقدية مع مؤسسات الدولة الاخرى ، انما هي علاقة تعاونية تنظيمية يتم تحديدها بدرجة تحقق قصد الشارع في تنفيذ الاجراءات والاهداف لهذه القواعد القانونية والعمل بموجبها نصا وروحا.


الباب الثاني : تنفيذ قواعد النظام القانوني

ان قيمة وفعالية اي نظام قانوني هو درجة مايتمتع به من وسائل تنفيذية صالحة وملائمة . وتنفيذ قواعد النظام القانوني للكفاءات بحاجة الى تحديد ما هي الوسائل التي تتطلبها طبيعة العلاقات القانونية الناشئة عنها. وبشكل عام ، فان مستلزمات التنفيذ تتطلب تنوع في هذه الوسائل تتخصص كل منها بانجازالمهمات الاساسية لغرض وضع الاحكام التي جاء بها النظام موضع التنفيذ الفعلي ، وهي :
- المهمات الادارية
- المهمات الفنية
- المهمات الاستشارية
- المهمات المالية
- التمثيل القانوني
نتناول اركان التنفيذ هذه تباعا لنبين الدافع لاعتمادها وتحديد مضمون الصياغة القانونية التي يجب ان تندرج في قواعد النظام القانوني.

1- المهمات الادارية.
المهمات ذات الطابع الاداري هي تلك التي تعهد الى بعض السلطات الادارية لتنفيذها، وهي ما يجب تحديدها بصياغة قانونية وفنية واضحة. ومن ناحية اخرى ، يجب ان تتمتع هذه السلطات بمبدأ الادارة المستقلة لانجاز واجباتها. والسبب في ذلك هو ان تتحرر هذه الادارة من الاجراءات التقليدية التي تتداخل مع الواجبات الادارية الاخرى لانجاز ذات الغرض. وهذا يعني توفير قواعد عمل متميزة ترمي الى تسهيل انجازمستلزمات التتنفيذ لمقاصد الشارع في استقطاب الكفاءات في المهجر.
من الناحية التطبيقية ، تسري هذه الاحكام على موضوع منح الجوازات العراقية أو سمات الزيارات او تزويد ذوي الحاجة بالوثائق والمستمسكات الرسمية القانونية، كي تنجز باقصر كلفة من الوقت والجهد. ويتعزز هذا الامتياز للكفاءات العراقية في المهجر بالعمل بمبدأ الاعفاء من دفع الرسوم الخاصة بانجاز هذه المعاملات .

2- المهمات الفنية للاتصال والبرمجة
نقصد بهذه المهمات، هي تلك التي تستند على وسائل الاتصال والتنسيق والبرمجة الاحصائية والفنية .
لانتطرق الى اهمية هذه الوسائل وانواعها وتاثيرها العملي في استقطاب الكفاءات في المهجرلانها المحور الثالث لهذا المؤتمر، ولا شك انها تحضى بدراسات وافية من المشاركين.
الا انه ليس مجديا فقط تشخيص آليات هذه الوسائل الجوهرية. ما يهمنا هو ضرورة تقنين ما هو مفيد لتنفيذ هذه المهمات واعطاؤها القوة القانونية الملزمة كي تنتج آثارها. ما هو اذن مضمون القواعد القانونية لهذا الغرض؟
يجب ان تبين القاعدة الاولى تعريفا قانونيا للهياكل الادارية والفنية التي تتولى تنفيذ هذه المهمات. وبهذا يتحقق لنا الوجود القانوني لهذه الهياكل . ويستلزم ذلك ايضا تحديد مضمون واجباتها والصلاحيات التي تتمتع بها والضوابط القانونية التي تتعرض اليهاعند المخالفة او التقصير.
القاعدة الثانية هو تشخيص الجهة الادارية العليا في مؤسسات الدولة العراقية التي تتكفل بهذه الهياكل التنظيمية لوسائل الاتصال والتنسيق والبرمجة وتكون جزءا من نشاطاتها ووحداتها الادارية.
ان تنوع الاختصاصات للكوادر والكفاءات يجعل بالضرورة تعدد الجهات الادارية العليا ذات العلاقة في توفير مستلزمات تنفيذ احكام هذا القانون. وعلى سبيل المثال تنشطر الاختصاصات بين المؤسسات التنفيذية في القطاعات الانتاجية والخدمية ، والمؤسسات الاكاديمية وكذلك مؤسسات البحث العلمي بكل انواعه الصناعي والطبي وغيرها........ فما هو مقدار التزام هذه المؤسسات قانونيا بتنفيذ واجباتها؟ هذا ما يجب تحديده في مضمون القواعد التي تحكم هذا الموضوع.
ومن الملاحظ ان تواجد هذه الهياكل الادارية التخصصية يكون جانب منه في ممثليات مؤسسات الدولة العليا في المهجر. وبهذا الواقع الجغرافي تكون واجباتها اكثر تاثيرا وانتاجا او اخفاقا لتحقيق اغراض هذا التقنين.اذن لابد ان تقرر قواعد النظام القانوني الحد الادنى من مستلزمات التحصيل العلمي أو الاداري للعاملين في هذه الادارات لغرض التعامل بموضوعية ومعرفية تامةلانجازالواجبات المنوطة بها.

3- المهمات الاستشارية.
ونقصد هنا القواعد الخاصة بخلق اللجان الاستشارية التي تكون عنصر من عناصر تنفيذ هذا النظام القانوني. وهي لاتختلط مع وسائل مهمات الاتصال والتنسيق والبرمجة. الغرض الاستشاري هو خطوة متقدمة باستثمار الطاقات في جانبها المعرفي في دراسة جدوى المشاريع وتقييم طرق وامكانية وجهات تنفيذها من جوانب متنوعة. فاذا كانت الاهمية تقضي بخلق مثل هذه اللجان، لابد اذن من وضع المعايير القانونية التي تعرفها وتبين فيما اذا كانت تتمتع بالاستقلال التام قانونيا وماليا واداريا، وتحدد هذه المعايير صلاحياتها وحدود المسئولية التي تقع على عاتقها.
وقد يضاف الى مهماتها الاستشارية ان تقوم بتقييم واقع الكفاءات العراقية في المهجرومدى توفر نوع التخصصات العلمية والاكاديمية التي تتمتع بها وتوزيعها الجغرافي في بلدان اقامتها. تقدم عندئذ بنك للمعلومات يتطلبها التخطيط لاستثمار هذه الطاقات في المهجر. وبالامكان ايضا ان تقدم تقييما موضوعيا عن الكفاءة التقنية والملائة المالية للمؤسسات والشركات الاجنبية التي يجري التعامل معها او في النية ابرام العقود الدولية معها لتنفيذ المشاريع الوطنية أو للاستثمار المشترك عند الضرورة .
اللجان الاستشارية ينبغي ان تتمتع بالاستقلال التام، وا ن لاتكون مرتبطة بالمؤسسات والادارات التقليدية . . وهذا الواقع يمنحها هامش من الموضوعية في طبيعة القرارات التي تنتج عن دراساتها وتوصياتها.
ان النص القانوني الذي ينظم وجود وعمل هذه اللجان ينبغي ان يجعل منها هيئات مستقلة تكون بمجموعها مؤسسة خاصة بها لها شخصية قانونية مستقلة، أو مرتبطة بالمؤسسة العليا الخاصة بالمشروع الوطني للاعمار والبناء كي تتمتع بالرعاية الاستثنائية لاداء مهماتها . وضمن هذا المفهوم يجب ان يحرص المشرع على ايجاد الاحكام القانونية الملائمة. وقد تتبنى وزارة التخطيط الاهتمام بهذه اللجان الاستشارية واعتبارها احدى روافدها في توفير المعلومات لاغراض البناء والاعمار والتنمية الوطنية.


4- قواعد التنفيذ المالية.

ان تنفيذ يرنامج استقطاب الكفاءات يتطلب تعيين التخصيصات المالية الملائمة وصلاحيات اكيدة برصد الاموال اللازمة لهذا الغرض. ويكون ذلك من مسؤولية السلطات المالية المختصة في الدولة العراقية.
ومن ابواب الصرف التي ينبغي تحديدها هي تلك المتعلقة بانجازكافة المهمات التي تطرقنا اليها اعلاه و غيرها من وسائل التنفيذ التي يقدر المشرع اهميتها لتحقيق اغراض هذا القانون. والقاعدة العامة تقضي بانه لايمكن انجاز اي مشروع دون ان ترصد لصالحة الميزانية المالية الضرورية ويكون ملزما تنفيذها من جهات التمويل المخولة بالصرف. فكيف يتم فرض هذا الالتزام دون وضع القواعد القانونية الصريحة؟
هذه القواعد هي التي يتعين فيها شروط التصرف بالاموال المخصصة ومقدارها ، ووضع الحدود التي لايجوز التجاوز عليها ، وكذلك تعيين الجهة التي تتمتع بصلاحية الصرف التي عليها مسك القوائم الحسابية اللازمة التي تعين في اثبات واقع الموازنة في الميزانية السنوية . وكذلك النص صراحة على نوع العقوبات الادارية والجنائية عند ثبوت المسؤولية عن فساد اداري أو مالي يتعرض اليه المال العام.

ومن الملائم ان يكون مضمون هذا الالتزام المالي هو ان يقدم في جانب آخر منه بعض الحوافز والامتيازات في العائدات والمكافئات الفردية والعائلية التي تمنح استثناءا من احكام قواعد القوانين الخاصة الاخرى بما يتعلق مثلا بقواعد نظام سلم الرواتب ومكافئات بعض انواع الخدمة أو مخصصات السكن ومخاطر المهنة، والاعفاء الضريبي....وغيرها. ان هذه المعيار ينسجم مع مبدأ تشجيع الدولة لابناؤها برعايتهم للتفوق والابداع والابتكار والبحث العلمي الذي تحقق من خلال مؤهلاتهم المكتسبة . وليس صعبا على الدولة العراقية ان تضع قواعد قانونية لحقوق مالية تؤدي الى ان تتمتع الكوادر والكفاءات بقدر من مستوى الدخل الملائم للعيش في حياة كريمة تليق بتحصيلهم العلمي، وهو مبدأ ضمنه الدستور لكل العراقييون.
من وسائل التشجيع لاستقطاب الكفاءات ايضا هو ان تجد ما هو ضروري من المختبرات والاجهزة والمعدات والمشاريع البحثية بالقدر الذي اعتادت ان تتمتع به في الدول المتقدمة علميا وتقنيا.
لايمكن عودة الكفاءات في حالة فقدان عناصر البحث والابداع ووسائل التطبيق الفعلي للانجازات العلمية المتحققة ومزاولة طاقاتها التخصصية. ولهذا الغرض لابد من تمكين المؤسسات المعنية بالاموال اللازمة لتوفير هذه الوسائل بقواعد صرف مالية استثنائية . ان اعطاء الاهتمام والتقييم لهذه الشروط من قبل الدولة العراقية يدلل على مدى قدرتها الفعلية في ان تنهض بالشكل الصحيح وتسارع في بناء مؤسساتها في مختلف القطاعات. وهذا ما يلزم تضمينه في قواعد النظام القانوني لاستثمارالكفاءات بشكل عام وتلك العائدة بشكل خاص.

الباب الثالث :الضمانات وقوة الالزام.

لكي يتأكد انجازما تقدم من العناصر التي نقدر اهميتها في هذا المشروع ، نجد من الضروري ان نعطي بعض الضمانات القانونية اللازمة لنجاحها والتي تمنحها قوة الالزام للجهات المكلفة بوضعها موضع التنفيذ والاشراف والمراقبة. ونوع الضمانات التي نراها ملائمة هي:

- ضمانات المباديء الدستورية واحكام القانون
- ضمانات المتابعة والاستشارات القانونية



اولا : ضمانات المباديء الدستورية واحكام القوانين الاخرى.

القواعد الدستورية تعتبر من اهم الضمانات التي تستند اليها صحة التشريعات وطرق تنفيذها ، لانها هي مصدر شرعية جميع القوانين الاخرى. واذا اردنا ان تكون احكام قواعد النظام القانوني لاستقطاب الكفاءات متمتعا بقوة الالزام والشرعية التامة ، فلابد ان لا يتعارض مفهوم هذه الاحكام واجراءات التنفيذ التي تتمتع بها مع النصوص الدستورية. انما ينبغي ان تستمد قوة الحجة والدليل القاطع في احترامها والخضوع اليها عندما تتطابق مع روح ونص الدستور.
على لجنة اعداد قواعد هذا التشريع المقترح، عليها ان تعود دائما الى احكام الدستور لبناء وصياغة النصوص اللازمة كي تحقق الضمانة باعلى مستوياتها القانونية . وتحتاج لهذا الجهد والاهتمام ابتداءا من الاسباب الموجبة والى ان تتناول جميع احكام هذا المشروع القانوني . ولقد تطرقنا في اكثر من حالة، كيف ان كثير من الاحكام التي تتضمنها قواعد النظام القانوني، سواء في اطار المضمون أوفي اجراءات التنفيذ ، تستمد قوتها القانونية من احكام الدستورالجديد لعام 2005 والذي نص على صلاحية المحكمة الاتحادية في الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة.
ان طبيعة النصوص التي تستمد قوتها من الدستورلايدع للسلطات الادارية امكانية مخالفتها باصدار نصوص أوانظمة خاصة تتعارض مع روح المباديء التي استمد منها هذا التشريع قوته ، أو بعدم تنفيذ ما نص عليه هذا التشريع من احكام، اهمالا أو تقصيرا تعمدا.
ان مثل هذا التصرف ينبغي ان يعرض قرارات السلطات الادارية الغير صحيحة الى اجراءات الطعن والالغاء لعدم مشروعيته ومخالفته لاحكام القانون ، ويعاقب على حالة عدم التنفيذ.
والضمانات هنا تندرج تحت طائلة نفاذ القوانين المعنية، وهي على نوعين:
الاولى : هي المسؤولية الادارية الناتجة عن اهمال وعدم اداء الواجب. ومن آثارها العقوبات الادارية بموجب قانون انضباط المكلف بالخدمة العامة، وهي على درجات تتطابق مع حجم نتائج وآثار التقصير في اداء الواجب. وقد تدفع جسامة الخطأ في التنفيذ او التعمد بعدم التنفيذ الى المطالبة القضائية امام المحاكم الادارية كي تصدر حكمها لاصلاح الضرر.
والثانية: تستند على قيام المسؤولية التقصيرية التي تنشأ عن الضرر عند الامتناع عن فعل يوجبه القانون. ونسميها ايضا المسؤولية عن الفعل الضار. فالقانون يتدخل هنا ليرتب جزاءا على من الحق بغيره ضررا. وهي مسؤولية مدنية لان اساسها الضرر الذي اصاب الفرد الذي يوجب القانون لضمان حقوقه الفردية. وتترتب على هذه المسؤولية ازالة الضرر بالتعويض العادل. والاصل ان من صدر عنه هذا التصرف الضار، يقع عليه وزر نتائجها. واذا تعذر قانونا ان تنسب المسؤولية الى الموظف الذي صدر عنه التصرف الضار تنفيذا لامر صادر من رئيس تجب طاعته،عند ذلك تنتقل المسؤولية الى الرئيس الآمر بهذا التصرف الضار( فق2 من المادة 215 ق م ع). هذه القاعدة القانونية توفر ضمانة اكيدة لتطبيق احكام ما نص عليه هذا التشريع ودون تماهل او تقصير.



2- ضمانات المتابعة والاستشارات القانونية.

مفهوم المتابعة هو التحقق من أن قواعد اي نظام قانوني لابد ان يخضع لآليات ادارية، تنظيمية كانت أوقانونية، تعمل على توفيربعض الضوابط والمحددات. وهذه القواعد ترسم مسار العمل بتنفيذ احكام القانون وتؤكد عدم التماهل أو التوقف او الانحراف في تحقيق قصد الشارع. فهي تكون آلية مراقبة وتقييم لصحة الاجراءات المتبعة او الاعتراض عليها....
ان خصوصية النظام القانوني لاستقطاب الكفاءات ومنحه الاولوية والاستثناءات القانونية والتنظيمية التي ذكرناها سابق، يتطلب هذه الحلول الاستثنائية لضمان انجاز هذا النظام رغم ان آلية المتابعة ترافق دائما مبدأ وضع القوانين موضع التنفيذ الفعلي وبالشروط الصحيحة. فهل يدعو ذلك الى تاسيس لجان متابعة يتم النص عليها من حيث الشكل والمحتوى ، وماهي حدود الواجبات التي تعمل ضمنها؟
يتبين مما تقدم ان حضور هذه المتابعة ينبغي ان يتحقق في جميع مراحل تنفيذ هذا النظام سواء في جانبه الاداري أو المالي او الاستشاري أو اجراءات التنسيق والاتصال والبرمجة وغيرها من المهمات التي قد يتوسع بها المشرع لاهميتها. فهي تتطلب اذن خلق لجان متابعة متخصصة تمتلك الصلاحيات اللازمة لاداء واجبها . عليها ان تراقب طبيعة الاجراءات المتخذة وملائمتها لضمان حقوق الاطراف المعنية..
ان اجراءات التنفيذ بشكل عام وعمل لجان المتابعة بشكل خاص يستلزم ان تستمد قوتها قبل كل شيء من نص القانون، و ايضا من تقييم اللجان الحقوقية عند طلب الاستشارات في حالة البحث عن الحلول أو الطعن باجراءات التنفيذ ان اقتضى ذلك. ومن المعتاد ، ان اهمية الاستشارات القانونية تقدم الضمانات الاكيدة للمطالبة بالحقوق او بايجاد وسائل الطعن عند التجاوز على هذه الحقوق وتحديد الجهة الاكثر ملائمة لتقديم الطلب اليها.
ومن الضروري ان تحدد قواعد هذا النظام الاختصاص القانوني والقضائي لتطبيق احكامه في حالات الطعن أو عند المطالبة بالحقوق التي يرتبها هذا النظام للكفاءات العراقية المقيمة في المهجرلان من الجائز الدفع بمبدأ وجود التزامات تم تبنيها في بلد غير بلد اقامتهم. واهمية ذلك هو ان اطراف العلاقة بسبب تعدد مكان اطراف النزاع ، لاتخضع من حيث الاصل الى تطبيق احكام قانون واحد وقضاء واحد . لابد اذن من النص صراحة على ولاية القضاء العراقي بالنظر في كل النزاعات حتى تلك التي تنشأ في بلدان المهجربسبب الالتزامات والحقوق التي يقررها هذا التشريع وتعدد اطراف تنفيذه.


خاتمة:
كل المعايير التي تم التطرق اليها في هذه الدراسة الموجزة لاتعني انها نهائية وتامة. انها تقدم بعض الارشادات المتواضعة بعد رغبة المشرع في خلق قواعد النظام القانوني الخاص بالكفاءات العراقية في المهجر . وتحاول هذه القواعد باحكامها كما حاولنا بيانه ان تساعد السلطات التنفيذية لتحقيق هدف استقطاب هذه الكفاءات والعمل علي ديمومتها. لان من المصلحة العليا للدولة العراقية ايجاد الحلول لصيانة اركان وجودها سواء من خلال الاهتمام بالمواطن بشكل عام ، او الذي يمتلك الخبرة والمؤهلات العلمية لاثراء مؤسسات الدولة بعناصر رقيها ومتانتها.
ونؤكد دائما ان تكون بناء المشاريع الوطنية قائمة على بناء قانوني يمنحها الشخصية القانونية التامة ، ويوفر لها وسائل التنظيم المالي والاداري الضروري لانجاز اغراضها. هذه عناصر اساسية تساعد الدولة من خلال مكوناتها البشرية وغيرها على تنفيذ برامجها الاستثمارية بثبات واستقرار.



#عبد_المنعم_عنوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع الاتفاقية الامنية العراقية - الامريكية بين الرفض و الق ...
- مستلزمات بناء الدولة الوطنية الديمقراطية
- تفعيل اليات التنسيق لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية المهاجرة
- مشروع الاتفاقية العراقية – الامريكية من وجهة نظر العلاقات ال ...
- مفهوم الديمقراطية وتعدد السلطات للدولة العراقية
- طبيعة العلاقة بين النفط والغاز والسيادة الوطنية في الاقتصاد ...
- تفاقم الجريمة في العراق
- المعايير القانونية لتكييف مفهوم المواطن العراقي في الدستور ا ...


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد المنعم عنوز - قواعد النظام القانوني لاستقطاب الكفاءات العراقية في المهجر - مؤتمر بغداد 22 - 24 ./12 / 2008