أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - ابراهيم الداقوقي - استراتيجية غزو العراق تدشين لولادة الإمبراطورية الأمريكية وبداية نهايتها















المزيد.....


استراتيجية غزو العراق تدشين لولادة الإمبراطورية الأمريكية وبداية نهايتها


ابراهيم الداقوقي

الحوار المتمدن-العدد: 774 - 2004 / 3 / 15 - 03:35
المحور: ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري
    


قام العالم الانثروبولوجي المعروف أريك شاورمان بتأليف كتاب (بابا!ي) عام 1985 ليتحدث فيه عن "وصول مجموعة من الرجال البيض الغربيين الى جزر ساموا كمبشرين بين السكان المحليين فيها، فاطلق عليهم مواطنو ساموا اسم (بابالانكي) أي الرجال البيض الذين هبطوا من ثقب السماء نظرا لعدم معرفتهم مكان ورودهم الى الجزيرة. ورغم ان هؤلاء المبشرين الغربيين قد حملوا العلوم والفنون والاداب الى اولئك السكان، الا انهم سعوا الى طبعهم بطابع واحد ليكونوا نسخة منهم لايمانهم بان الحضارة التي تتمتع بها مجتمعاتهم تستدعي فرضية تخلف الشعوب الاخرى التي يجب هندستها وفق منظورهم ائحضاري المتقدم، رغم ان محاولة التغيير هذه قد ادت الى اشكالات كبيرة سواء في حياة الساموائيين او في نظرتهم الى الوجود والانمسان والإله، والتي اورد شاورمان نماذج كثيرة منها في كتابه الطريف (الترجمة ا لتركية- 1992). وا ليوم تروج ا لاسترا تيجية ا لامريكية، بهدف الاستحواذ على طاقتي البترول والغذاء في القرن الحادي والعشرين، لأشكال من التدخل- المباشر وغير المباشر- في سناريوهات تقسيم معظم بلدان مستطيل الشرق الاوسط او مشاريع انظمة الحكم البديلة فيها او المطالبة- اولا ثم فرض- تغيير المفاهيم ونظم الحكم والتعليم والمعتقدات الدينية واساليب الخطاب الاعلامي، من اجل هندسة البشر- في العالمين الاسلامي والبوذي- لصياغة النظام العالمي الجديد، لما بعد احداث 11 سبتمبر الارهابية، لتشكيل منطقة الشرق الاوسط الكبير وفق مصالح الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الاستراتيجيين ومن اجل اقامة الامبراطورية الامريكية الامبريالية.
واذا كانت كبريات الصحف الامريكية قد تحدثت عن بعض المواضيع التي تقلق الاميركيين عشية العام الجديد، فانها قد اكدت بصراحة "ان مصادر ذلك القلق تتجسد- نتيجة استطلاعاتها- في: الازمة الاقتصادية التي تأخذ بخناق الاميركيين لان اقتصاد بلادهم يسير نحو الاسوأ نتيجة تراجع ا لمؤشرات الاقتصادية، وازمة ا لنفط ا لفنزويلية والتحدي الكوري الشمالي لامريكا بسبب تزويد مفاعلاتها النووية بالوقود، والحرب المحتملة ضد العراق واحتمال وقوع هجوم ارهابي جديد ضد المصالح الامريكية"... فان الحرب الاستباقية التي تخوضها اميركا ضد الارهاب اليوم او الدول المارقة- او مثلث الشر- غدأ، ستكون حريا- كما قال هنتنغتون- بين المركز (الغرب) والاطراف (العالم الثالث) لاقامة ذلك النظام الجديد الذي يصفه عالم السياسة الايطالي طوني نيغري ( شهرية لوموند ديبلوماتيك الفرنسية يناير/ كا نون ا لثاني 2001) في مقا له ( ا لامبراطورية اعلى مراحل الامبريالية) ا لمكرس لتعريف كتابه (الامبراطورية) الذي الفه بالاشتراك مع العالم الامريكي مايكل هاردت "بانه نظام السيطرة الراسمالية العالمي للامبراطورية الجديدة الذي يقوم على فكرتين اساسيتين: الاولى- ان البعد الشمولي للسوق لا يختل فقط شكلأ اصليا من اشكال الادراك ولا ما انتهت اليه ممارسة خيالية طويلة، بل تنظيما فعليآ راهنآ واكثر، ا نه نظام كوني جديد. وا لفكرة الثانية- تتوحد السوق الشمولية العالمية مع توسيع نطاق الدولة القومية- المسيطرة.! خارج حدودها من خلال خلق علاقات استعمارية- مموهة باسم التحديث والتغيير- على حساب شعوب ظلت بعيدة عن مسار الحضارة الغربية الراسمالية المتمركزة حول اوروبا- او بالاصح الدول الثماني الصناعية ا لكبرى- ا لتي تمارس عدوا نها العسكري وا لاقتصادي والسياسي والثقافي واحيانا العنصري ضد الامم الفقيرة، وصولا للمرحلة الامبراطورية التي يمثلها (ا لرأسمال ا لجما عي) للراسماليين الاميركان والاوروبيين وايضآ هؤلاء الذين يجنون ثرواتهم من الفساد الروسي او العريي او دول اسيا وافريقيا الذين يرسلون اولادهم الى جامعة هارفرد واموالهم الى وول ستريت " (الترجمة الالمانية والتركية). واذا كان نيغري يجيب في تحليلاته على العديد من الاسئلة التي تشغل بال ا لسياسيين وا لاقتصاد يين حول موضوعة مأسسة (الامبراطورية) وتجذيرها والقوى العالمية الفاعلة التي ستقف بوجه غطرستها، فانه يؤكد"ان القضية المهمة في تجذيرالامبراطورية الامبريالية ، اوفي انتقال انتاج الثروة من المعامل الى المجتمع ومن العمل الى الاتصالات اوايضا تطور انماط الحكم المسلكي وتحولها الى آليات الرقابة.
ولكن ماهو سبب هذا الانتقال؟
يجيب نيغري : انه في راينا نتيجة نضالات الطبقة العاملة والكادحين في العالم الثالث وحركات التحرر التي اخترقت عالم الاشتراكية الفعلي السابق، انها مقاربة على طريقة كارل ماركسى، أي ان النضالات تولد التطور وحركة البروليتاريا تصنع التاريخ. وفي الواقع يقتصر الموضوع المركزي الذي يدور حوله جميع هذه التحليلات، على السؤال الرئيس: كيف المناهضة للعولمة الرأسمالية الاستغلالية- يقف بوجه الامبراطورية". يمكن ان تنشب حرب الجماهير الاهلية- يقصد المنظمات الجماهيرية غير الحكومية والنقابات- ضد راسمال العالم؟
نجيب: في كل الامكنة التي جرت فيها نضالات مواطني المدن الكبرى ضد الامبراطورية الجديدة، وهي تمثل التنظيم الراهن للراسمالية التي يتجدد بناؤها بعد قرن من النضالات العمالية التي لا مثيل لها في تاريخ الانسانية...، حلمت ذات يوم بتوحيد الطبقات المستغلة- بفتح الغين- داخل اممية شيوعية، لاننا نرى في تلك النضالات ولادة قوى جديدة. ومن هنا فان كتابنا يعبر عن رغبة ما في الشيوعية".
اذًا، ان هاردت ونيغري عندما يعتقدان بان الولايات المتحدة الامريكية قد طورت الراسمالية الجديدة الى نموذج امبراطوري "يعد اعلى مراحل الامبريالية" التي تعد- أي الراسمالية الجديدة- شكلا من اشكال التوتاليتارية الدكتاتورية المستبدة، فانهما يدعوان الى نوع من ا الشيوعية الجديدة "التي ستتحقق نتيجة نضالات الطبقة العاملة والكادحين في العالم الثالث وحركات التحرر العالمية والمنظمات غير الحكومية، في مقاربة على طريقة كارل ماركس " أي انهما في نقدهما للامبراطورية الامريكية بوصفهما لها بـ " اعلى مراحل الامبريالية " فانهما يقعان- ايضا- في مطب دكتاتورية البروليتاريا والمركزية الديموقراطية من خلال رغبتهما فكريآ، في تأسيس نوع من الشيوعية الجديدة " لمقاومة ذلك النظام البالغ القوة والقسوة: امبراطورية العولمة لجديدة". غير ان نيغري يستدرك على ذلك بالقول " ان المؤشرات الايجابية التي جرت فوق الحيز الجديد للسلطة، من خلال تلك النضالات، تعبير جديد عن الديموقراطية ضمن اطار الرقابة على الظروف السياسية لاعادة انتاج الحياة والتي تتبلور ضمن تحركات
السكان في مايتجاوزالاطار الوطني وفي نزوعها الى ازالة الامبريالية هي مسألة الحدود والوصول الى مرتبة المواطنية العالمية التي يلتزم بها الافراد والجماعات الساعية الى اعادة امتلاك الثروة المنتجة بفضل ادوات الانتاج التي تحولت- بفعل الثورة التكنولوجية الدائمة لملكية الافراد- الى بدائل لعقولهم. وقد ابرزت تلك الافكار ظاهرة يمكن تثميرها بقوة: هي الوعي الجديد بان الملكية المشتركة حاسمة في الحياة كما في الانتاج اكثر من. (الخاص) او (الوطني)) اذا استعملنا العبارات القديمة . ولهذا فان (المشترك المتعدد العناصر ) وحده - ويقصد به نيغري القوى الفكرية
والاجتماعية المعاصرة الواسعة المناهضة للعولمة الرأسمالية الاستغلالية- يقف بوجه الامبراطورية". غير ان المفكر الفرنسي روجيه غارودي يستخدم في كتابه (امريكا طليعة عصر الانحطاط) عبارة "وحدانية السوق " بدل "المشترك المتعدد العناصر " التي تريد الايديولوجيات المسيطرة فرضها على
العالم لإحكام هيمنتها المطلقة وتحطيم كل القوى التي تحاول الحفاظ على هويتها او المؤمنة بانظمة ومفاهيم تختلف عن النظام والمفهوم الاميركي. ومن هنا يعتقد نيغري بضرورة قيام القابضين على السلطة في الولايات المتحدة بتغيير الدستور او سن دستور جديد " لكي يسمح التوسع الدستوري الاميركي بتطوير مجموعة من وظائف الحكم على المستوى الدولي وتوظيف دينامياتها الخاصة في بناء حيز دولي عام. وتقوم نظرية (نهاية التاريخ) لفوكوياما، تحديدا على توازن هذه الوظائف الملكية والارستقراطية والديموقراطية وفق دستور اميركي
يتسع بطريقة امبراطورية ليطاول السوق العالمية بعد تعزيز رقابته على مختلف مفاصل الحياة الفكرية والعاطفية والبيوسياسية - أي تسييس الحياة البشرية من خلال الضبط والمراقبة- نتيجة الانتقال من نظام الانتاج الراسمالي الصناعي الى اشكال استثمارية اجتماعية لا مادية " . ومن هنا فان النخبة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة تؤمن " بان مصاعب المنافسة الاقتصادية مع اقطاب المستقبل من الشركاء الغربيين تكمن في مدى قوة الهيمنة السياسية وابعاد التطورات الداخلية في معظم اقطار العالم، ولهذا فان اصطلاح الاقتصاد القومي لا يضم اليوم الشركات العاملة ضمن دولة المركز- على عكس الدول المركانتالية القديمة- وانما كافة الفعاليات الاقتصادية التي تساهم في زيادة الدخل القومي. ولذلك فقد اختفى اليوم
والى الابد، التمايز الاقتصادي الذي كان قائما بين الشركات الوطنية والاجنبية، بحيث غدت شركة اوبل- مثلا- التابعة لجنرال موتورز الامريكية لا تختلف كليا عن شركة فولكسواغن الالمانية "لان القسطاس الاقتصادي الذي يحظى بالاهمية لدى النخبة السياسية الامريكية هو مدى سيطرة الفعاليات الاقتصادية ضمن الحدود السياسية في المدى البعيد " او بعبارة اخرى: ان الادوات السياسية تحاول اليوم تحقيق المنافع القومية على الصعيد الدولي.
وانطلاقا من هذه الفكرة يؤمن بعض الاقتصاديين في العالم الثالث- ومنهم العرييان اسماعيل صبري عبدالله وسمير امين والتركي مصطفى اوزال والهندي رام كرشنا- ان الولايات المتحدة الامريكية تحاول اليوم الاستحواذ- بحصة الاسد- على المواد الخام في العالم، وتقتير المنافع الاقتصادية على اللاعبين الرئيسيين في الساحة السياسية لفترة ما بعد الحرب الباردة، وذلك للوصول الى هدفين: تحقيق اعظم المكاسب الاقتصادية لشركاتها العملاقة من اجل جني اكبر كمية من الضراثب، وعدم اتاحة المجال لاولئك اللاعبين الرئيسيين لمنافستها اقتصاديا او الوصول الى مرتبة القطبية السياسية المنافسة لها او المتخاصمة معها. لاسيما وان الاقتصادي الامريكي المعروف " مالكولم دان " قد اكد ( ان المنافسة الاقتصادية في القرن ائحادي والعشرين سوف لن تقوم بين الشركات وانما بين الدول المتقدمة صناعيآ وتكنولوجيا " (مصطفي اوزال/ في 29/12/0220) وهي الفكرة التي تبنتها النخبة السياسية- الاقتصادية ا لمتحكمة بالادارة الامريكية ا ليوم.
واذا كان نيغري وهاردت قد وضعا الاسس الاقتصادية للامبراطورية الامريكية الامبريالية، فان الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي يعتقد "بان تلك الامبراطورية لا تزال في دور التكوين لانها تقوم اليوم- سياسيا- على رجل واحدة باعلانها ائحرب على الارهاب ونجاحها في تجييش معظم دول العالم خلفها لغزو افغانستان، اما الرجل الثانية- التي لا تستطيع ان تقوم بدونها- فهي غزو العراق من اجل تغيير منطقة الشرق الاوسط وفق بنية ثقافية منسجمة" لتحقيق الاستراتيجية الاميركية للقرن الحادي والعشرين في الاستحواذ على طاقتي البترول والغذاء- بالسيطرة على مصادر المياه وقنواتها ومعابرها والاراضي الخصبة- في الشرق الاوسط الكبير، من اجل تحقيق الهيمنة الكاملة باقامة الامبراطورية الامبريالية المعولمة.
ومن هنا يمكن التاكيد بان جورج بوش الابن- ومن ورائه صقور الادارة الامريكية- قد قاموا بشن الحرب الماحقة على العراق ليس عداءآ للدكتاتور صدام حسين- الذي قامت عشرات الشركات الامريكية بتزويده بمعدات ومواد الاسلحة الفتاكة التي القيت على حلبجة لتثبيت السلطة الدكتاتورية في العراق- وانما للاستحواذ على ثروة العراق النفطية وعلمائه من اجل حرمان العراق- ومن وراثه العرب- في اللحاق بركب التقدم والمعاصرة من جهة ولتحقيق اعظم المكاسب الاقتصادية لها وحدها- أي الولايات المتحدة- ولشركاتها البترولية العملاقة وتجار الاسلحة واصحاب شركات الخدمات والبناء والاتصالات الالكترونية في وادي السليكون، اضافة الى قيام تلك الشركات بإصلاح ما ستدمره الحرب، وعلى حساب العراق- تلك التكاليف التي تقدرها واشنطن بحوالي 400 مليار دولار- أي من موارد النفط. العراقي لمدة الثلاثين سنة القادمة تقريبا- من جهة اخرى. وقد تنبه القابضون القابضون على السلطة في الاتحاد الاوروبي- لاسيما المانيا وفرنسا وكذلك الصين الشعبية وروسيا واليابان ومعها انتفاضة الشعوب في وقفة تاريخية- اخلاقية ضد الاحادية المتغطرسة والعولمة الوحشية الى الخطط الامبراطورية الامبريالية الامريكية واطماعها الاقتصادية في مستطيل الشرق الاوسط الكبير بالمفهوم الكيسنجري- الممتد من نواكشوط غريا الى افغانستان شرقا والذي يغطي اقطار العالمين العربي والاسلامي الغنية بالموارد الطبيعية- فكانت مواقفها المتناقضة مع المنظومة الغربية حول الحرب ضد العراق ومعارضتها لانفراد الولايات المتحدة في شن تلك الحرب على العراق خارج نطاق الشرعية الدولية. لان واشنطن لا تريد بغزوها للعراق اعادة تخطيط خارطة الشرق الاوسط فحسب، وانما تحجيم كل القوى الاقتصادية المنافسة او التي يمكن ان تصبح قطبآ سياسيا منافسأ او معارضا"لها في المستقبل من خلال جحيم سماء بغداد... لان الولايات المتحدة تريد ان تنفرد بكل منافع الاستيلاء على العراق ومنح حصة منها الى انكلترا فقط مع رفض مشاركة القوى الدولية الكبرى فيها. فإما ان يكون الدسم كله لها وجزء منه لانكلترا- التي كلفتها واشنطن بادارة شؤونعراق ما بعد صدام حسين لخبرة لندن في الشؤون العراقية (الوكالات 27/ 1 / 2003 )- والفتات فقط للاخرين، او ان يحرقجحيم الحرب ملايين العراقيين وحرثهم وبترولهم معآ ولتذهب الامم المتحدة والشر الدولية والرأي العام الدولي الى الجحيم، بعد ان فقدت الديموقرا الامريكية مصداقيتها- نتيجة الكيل بمكيالين- من خلال دعمها لشارون ولآلته القمعية ضد الفلسطينيين العزل، وسكوتها عن الاهانة التي وجهتها لها كوريا الشمالية وتحديها للعنجهية الاميركية في موضوعة اعادة تشغيل مفاعلها النووي. وهذا الجشع الامريكي في الاستحواذ على كل مفانم العراق الاقتصادية هو الذي ادى بكولن باول، وزير خارجية الولايات المتحدة الى ان يهدد فرنسا "بالحرمان من المزايا الاقتصادية في العراق وبان واشنطن ستحتفظ بالنفط العراقي امانة لديها في حالة استخدام فرنسا لحق الفيتو في مجلس الامن ضد حرب واشنطن المحتملة ضد العراق " (النهار في 3003/3/7). لان مستقبل الرئيس جورج بوش الابن، السياسي سيتحدد بناءآ على نجاح او فشل ذلك الغزوه الذي يعد (قفزة في المجهول) كما قال المعلق الاميركي وليم كوانت، او ( لعبة بوكر تكساسية ومغامرة مجهولة العواقب) كما قال احد المعلقين الاميركان من اصل عربي. ولكن الفخ الذي نصبته واشنطن لحليفاتها الاوروييات في الحلف الاطلسي- المانيا وفرنسا بالذات- لجرهم الى المشاركة العملية واللوجستية في غزو العراق بحجة حماية تركيا، ادى الى انشقاق اهم حلف عسكري- رغم زوال اسبابه الموجبة- من جهة، والى مقاومة الثنائي الاوروبي القوي : المانيا وفرنسا- تؤيدهما روسيا الاتحادية وبلجيكا- الاحتواء الامريكي
لمستقبل اوروبا من جهة اخرى. مما قد يفتح ذلك، الطريق امام انهيار الحلف الاطلسي كمؤسسة والى بروز الحلف الالماني+ الفرنسي المناهض للهيمنة الامريكية كقوة عالمية ثانية او كقطب آخر مضاد لأحادية القطبية الامريكية، بل قد يشجع هذا التحالف الجديد الى بروز الصين الشعبية كقوة قطبية ثالثة. واذا اضفنا الى ذلك مظاهرة الثلاثين مليون شخص من المؤمنين بفكرة (المواطنة العالمية) في 600 مدينة عالمية- من ضمنها 90 مدينة امريكية- كبرى (خلال يوم السبت الموافق 15 شباط 2003) المنددين بالفقر والاستغلال والدكتاتورية والرافضين للحرب، تلك المعارضة الكونية الشعبية- عذها بعض المراقبين كقطبية اخرى معارضة للقطبية الاميركية- التي ابتكرت اساليب جديدة في الكفاح السياسي- مثل ارسال الدروع البشرية من كل انحاء العالم الى بغداد ئحماية المراكز الحيوية للعراق وليس دفاعا عن دكتاتورية صدام حسين+ والتي تقودها المنظمات غير الحكومية والجمعيات والنقابات وتكتلات جماعات الرأي واصحاب النشاطات السياسية والفكرية المناهضين للامركة الغازية المتغطرسة والداعين الى الحرية والعدالة للجميع في ثورة انسانية عارمة نابعة من الضمير الاخلاقي والشعور بالمسؤولية... عرفنا مقدار عدم مصداقية امريكا وضخامة النكسات المتتالية التي تعرضت لها دبلوماسية الاعداد للحرب الاستباقية وفق مبدأ الرئيس بوش الابن "المطؤر من مذهب (الحرب النووية الوقائية) الذي تبناه شيني 1991 من موقعه كوزير الدفاع آنذاك والتي وضع خططها الاستراتيجية وولفوويتز منذ عام 9992 واكملتها غونداليزا رايس بالبيان الاستراتيجي الامريكي (وثيقة الامن القومي) الصادر في سبتمبر/1 يلول الماضي " والتي ستؤدي الى حروب لا نهاية لها. ومن هنا يعتقد معظم علماء السياسة والتاريخ والفلسفة والمستقبليات المعروفين في العالم والذين تناولوا موضوعة تحول القطبية الاوحدية الامريكية- بمبدأ بوش الابن في الحرب الوقائية لايمانه بان قدرة إلهية قد اوكلت اليه مهمة (تحرير) العراق كمرحلة اولى+ الى امبراطورية معولمة، وهم: الفرنسيان روجيه غارودي وريجيس دوبريه والامريكيون: جورج كنان ومايكل هاردت ووليم بولك ووليم كوانت وجيفري ساكس وناحوم تشومسكي والايطالي طوني نيغري والعرب: مهدي المنجرة وهشام شرابي ومحمد عابد الجابري "بان مبدأ بوش الذي يعد وصفة لحرب لا نهاية لها هي بداية النهاية للامبراطورية الطاغية والمتغطرسة ولتراجع الامة الاميركية وعزلتها داخليا وخارجيا وانهيار الامبراطورية وهي في اوج قوتها نتيجة اتجاه اميركا نحو فيتنام جديد في الشرق الاوسط " وقد تكون مظاهرة الثلاث ملايين اميركي في 90 مدينة اميركية كبرى، ارهاصات لذلك النكوص والتراجع. اضافة الى اللطمة غير المتوقعة من البرلمان التركي لهستيريا الحرب الامريكية برفضه لاقتراح الحكومة- رغم اكثريتها النسبية في البرلمان- الموافقة على نشر 62 الف جندي اميركي في الاراضي التركية توطئة لنقلهم الى شمال العراق من اجل غزو العراق، انتظارا لقرار الشرعية الدولية وحفاظا على كيانهاوسيادتها. ورغم ان معظم المدن العريية الكبرى لم تشارك في مظاهرة الثلاثين مليون في 600 مدينة كبرى حول العالم، فان قيام المنظمات المدنية+ الاهلية بقيادتها ودعوتها الى رفض الحرب والدكتاتورية والهيمنة والاستغلال والفقر، تأييد لمقولة نيغري السالفة "بأن المنظمات غير الحكومية هي التي ستتولى مقاومة الامبراطورية الاميركية في المستقبل ".
ان غزو واشنطن وحلفائه اليوم لعراق الحضارة هو تدشين لولادة الامبراطورية الامريكية من اجل اعادة تركيب العالم ولوضع نظام عالمي جديد تتريع عليه الشركات العملاقة وعلى رأسها شركات البترول الاميركية- التي يمتلك معظم اسهمها او تولي ادارتها او عمل في هيئتها الادارية كل من الرئيس بوش الأب وجورج بوش الابن ونائبه تشيني ومستشاره للامن القومي كونداليزا ووزير الطاقة ابراهام اسبنسر ووزير التجارة دونالد ا يفانس ووزير الداخلية غيل نورتون+ وشركات إنتاج وتسويق الأسلحة التي يرعاها وزير الدفاع رامسفيلد. وبذلك تكون واشنطن قد استكملت سيطرتها على بترول مستطيل الشرق الاوسط الكبير والتحكم باسعاره من جهة وتجربة أسلحتها الفتاكة- مرة أخرى- في العراق لتسويقها من جهة أخرى، من أجل تأمين الموارد للخزينة خلال المئة عام القادمة. وحينذاك سيأمل الرئيس جورج بوش الابن في فترته الرثاسية الثانية- اذا لم تطح به نتائج الغزو - بعد تحقيقه لمصالح صقور الادارة الاميركية... انقاذ الاقتصاد المتدهور- حيث يبلغ عجز الميزانية اليوم 450 مليار دولار- من وهدته بتحقيق اعظم الارباح للشركات الامريكية العملاتة، وبالتالي اكبر كمية من الضرائب للخزانة الاميركية من اجل توطيد دعائم الامبراطورية الاميركية في عالم ما بعد 11 سبتمبر، المفتوح لكل الاحتمالات ولكل المساومات ولكل التنازلات حفاظا على المصالح والاقطاعيات والعروش، اذا لم تنزلق واشنطن الى مستنقع المغامرة العسكرية الاستعمارية الخطرة- بناءا لرغبة مجلس السياسة الدفاعية للبنتاغون- والتي سيكون ثمنها باهضا جدا.
وإذا كان لقوات الحلفاء فضل إسقاط الطاغوت ونظامه الدموي واستعماره الداخلي طيلة 35 عاما ، فإن على واشنطن أن ترحل عن بلادنا بعد تشكيل الحكومة الانتقالية بمدة محددة، لترك العراق لشعبه توطئة لإجراء الانتخابات الحرة بإشراف الأمم ا لمتحدة والجامعة العربية لإقامة حكومة ديموقراطية وطنية في البلاد. لأن واشنطن سوف لن تنتزع من الشعب العراقي اعترافا بشرعية الغزو ولا بقانونية نتائجه. ولأن الشعب العراقي المكافح والمدافع عن وطنه سوف لن يقبل بمنطق الهيمنة واستعباد الشعوب.
إن إرادة الشعوب المحبة للسلام والرافضة للاحتلال والاستبداد والاستغلال وحروب الهيمنة هي التي ستقضي على الامبراطوريات، والتاريخ خير شاهد على هذا التضامن الإنساني منذ ايام الاسكندر الاكبر الى زمان هتلر الدموي وعلى ذلك القصاص ا لعا دل.



#ابراهيم_الداقوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق الغد : بحث عن اساليب الحوار العابر للثقافات
- الغد ... مجلة عراقية للدراسات والابحاث
- ديموقراطية اميركا وحربها التحررية
- تركمان العراق : مواطنون ... ام رعايا ؟
- محنة الكتاب والمثقف في الوطن العربي
- ديموقراطية اميركا وحربها التحررية
- محنة العراق في جدل الديموقراطية والتقدم العربي
- انتخابات قبرص : ستقررمستقبل تركيا في المنظومة الاوروبية


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - ابراهيم الداقوقي - استراتيجية غزو العراق تدشين لولادة الإمبراطورية الأمريكية وبداية نهايتها