أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رشيد طلحة - في ذكرى اغتيال بن عيسى














المزيد.....

في ذكرى اغتيال بن عيسى


رشيد طلحة

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 03:54
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


صباح فاتح مارس 1993 ، بينما كنت متوجا إلى كلية الحقوق بظهر المهراز بفاس للاطلاع على آخر تطورات الوضع المتشنج بالساحة الجامعية، فاجأنني أحد الرفاق بخبر كان من الصعب علي تقبله لأول وهلة و هو استشهاد المناضل القاعدي أيت الجيد محمد المعروف في الأوساط الطلابية ببنعيسى.

ففي عشية يوم 25 فبراير 1993 و بينما كنا نخوض مقاطعة عن الدراسة لمدة يومين احتجاجا على الأوضاع المتردية في كلية الحقوق و سعيا منا لتحصين بعض المكتسبات التي حققناها بعد صراعات طويلة مع الإدارة و تنديدا منا بالانزالات التي ما لبثت القوى الظلامية الرجعية و التي لا تمت للجامعة بصلة تقوم بها من فينة لأخرى لتشيع جوا من الخوف و الذعر داخل الأوساط الطلابية، اعترضت مجموعة من الإسلاميين المنتمين لجماعة " العدل و الإحسان" مدججة بالهراوات و الخناجر لسيارة أجرة كانت تقيل بنعيسى و رفيقه الخمار إلى حي القدس حيث يقطنان لتخرجهما بعنف و تعلن فيهما تنفيذ فتوى القتل التي أصدرها أحد زعمائهم كتتويج لمسلسل التصفية الجسدية للمناضلين القاعديين و الذي بدأت أطواره في سنة 1989 بدعوى محاربة الإلحاد في الجامعة المغربية.

في الشارع العام و على مرأى و مسمع القوى المخزنية التي كانت تعسكر بالساحة الجامعية و الطرق المؤدية للحي الجامعي، و بطريقة و همجية الإنسان البدائي، أسقط أفراد العصابة الشهيد أرضا ليضرب رأسه بقوة مع الرصيف و في مراكز حساسة من رأسه لتحدث به كسورا بليغة و.لتدخله في غيبوبة دامت أربعة أيام و لم تتدخل قوى الأمن إلا بعد انتهاء أطوار الجريمة لتنكشف مرة أخرى المؤامرة الدنيئة و ليتأكد صدق ما كنا ندعيه من وجود تحالف موضوعي بين النظام المخزني و العصابات الفاشية لقمع رموز الحركة الطلابية.

لقد نجا رفيقنا الخمار و بأعجوبة من محاولة الاغتيال هذه، غير أن الضربات التي و جهت له خلفت في جسده آثارا ظل يعاني منها لمدة طويلة.

ما زاد في حرقتنا و غضبنا هو قيام الأمن المخزني بتهريب جثة الشهيد و بغاية في السرية إلى وجهة لم نعلمها إلا فيما بعد، حيث توجهنا في حشد جماهيري كبير من الطلبة و هيئات المجتمعين المدني و الحقوقي إلى مستشفى الغساني لنطالب بحقنا في استلام و تشييع جثمان الشهيد باعتباره شهيد كل الطلبة ، و رغم تعرضنا لتهديد مباشر من قوى الأمن التي كانت مستعدة لتستغل أي ارتباك في صفوفنا لتشن قمعها المعهود فقد أبينا إلا أن نبقى مصرين على طلبنا ليجبر بعض ضباط الأمن على الاعتراف بنقل جثة الشهيد ليلا إلى قرية " تزكي إدا وبلول" بإقليم طاطا جنوب المغرب لدفنها سرا و ذلك رغم أن عائلته كانت تقيم في مدينة فاس.

ولم لا، فالشهيد بن عيسى بمصداقيته النضالية أرعب النظام حيا فاعتقله و أذاقه مرارة السجون، و أرعبه ميتا فنفى جثته بعيدا عن رفاقه.

سعيا منا لضبط أعصابنا و تفادي أية مواجهة مع فيالق قوات التدخل السريع فقد ارتأينا أن نتراجع للساحة الجامعية في مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الطلاب بشعارات نعاهد فيها الشهيد بالسير على دربه لشق قيد الوطن الأسير، وقد ملئت سماء فاس بزغاريد انطلقت من سطوح أحياء القصدير أطلقتها نساء الطبقة الكادحة القاطنة بحي الليدو المجاور للحي الجامعي لتعبر عن مدى ارتباط هموم الجماهير الشعبية بهموم الجماهير الطلابية و لتؤكد مدى التلاحم بين الجامعة و الشارع.

في قلب الساحة الجامعية أقمنا حفل تأبين رمزي للشهيد ألقى فيها ممثلي الفصائل التاريخية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب و الهيات الإنسانية كلمة وداع للشهيد و نددت فيه بالجريمة الوحشية التي ارتكبت في حق أحد اشرف المناضلين مذكرة الرأي العام الوطني و الدولي بجرائم الجماعات المتاسلمة في حق كل من عمر بن جلون و معطي بوملي ...

تم إعلان 10 مارس 1993 يوم حداد وطني حيث عبرت من خلاله الجماهير الطلابية، في كال المواقع الجامعية، عن إدانتها الجماعية لأسلوب الإرهاب الذي تنهجه العصابات الظلامية في حق المناضلين الشرفاء مؤكدة تشبثها بالهوية التقدمية و الكفاحية لاوطم.

لقد ظل النظام المخزني صامتا عن هذه الجريمة البشعة لسنوات طويلة، و بدل متابعة الجناة و مسيريهم و تقديمهم للمحاكمة عبر أكثر من مرة عن دعمه الخفي لهذه القوى الظلامية مادامت تكفيه عناء ملاحقة المناضلين التقدميين، و ما دامت ستلهي الجماهير الطلابية عن معاركهم الحقيقية و تقحمهم في معارك هامشية و ما دامت ستضعف الفكر التقدمي داخل الجامعة المغربية و هو ما نجحت فيه فعلا مستغلة الانشقاقات داخل ا و ط م و اعتقال أغلبية طلائعه.

كان علينا أن ننتظر أربعة عشر سنة حتى يتم فتح ملف القضية و يقدم أحد المتورطين في الجريمة لتتم محاكمته ابتدائيا بعشر سنوات و يتم تخفيض هذا الحكم من طرف محكمة الاستئناف لسنتين فقط و تحويل التهمة من "القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد" إلى "المشاجرة المفضية إلى الوفاة" !!!

من يعرف بن عيسى، لا يمكن أن يتصور أنه دخل في مواجهة مع هذه العصابات لانه و ببساطة انسان مسالم و رزين و ضد العنف كما أن نحالة جسمه لا تسمح له بتاتا بمواجهة جحافل مدججة بكل أنواع السلاح الأبيض.

لقد سعى النظام الى طي هذا الملف بهذه السرعة بما يرضي مخططاته في اطار ما أسماه "الانصاف و المصالحة" غاضا النظر عن مباركته السابقة لهذه الجريمة.

هكذا تم اغتيال الشهيد مرتين، مرة عندما قتلته القوى الظلامية و مرة عندما لم ينصف القضاء عائلته و رفاقه.



#رشيد_طلحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرونولوجيا حياة و مؤلفات ماركس
- ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها
- المواطن والسلطة و السياسة
- بؤس الفتوى الدينية
- اليسارفي المغرب: أسباب الأزمة
- اليسار في المغرب واقع و افاق
- تاريخ اليسار في المغرب


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رشيد طلحة - في ذكرى اغتيال بن عيسى