|
تفشي حالات الشذوذ في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 06:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تناقشت مع صديق يعيش منذ مدة طويلة في بغداد حول ما كان عليه العراق و تاريخه المزدهر و الغني بالكثير من المنجزات التي يفتخر بها ابناء الشعب العراقي من كافة النواحي والجوانب الاجتماعية الثقافيةالاخلاقية، و تطرقنا في ما امتاز به من الطقوس و التقاليد و العادات و العلاقات الحميمية القوية بين الاهل و الاقرباء و الجيران من الناحية الاجتماعية ،و تعرجنا على الوضع الثقافي العام والمبدعين من الشعراء و الادباء والفنانين و نتااجاتهم المتميزة المبدعة و طبيعتهم و مميزاتهم و احاسيسهم و صفاتهم التقدمية التي تمتعوا بها من الحب و التعاون و الشهامة و الكرم و الاحترام و العطف والصدق و الامانة و اتباع السلوك السوي والوفاءو الاخلاص و الكظم و الغيرة الى غير ذلك من الاخلاقيات المتميزة. و قيمنا الوضع الراهن و ما توصل اليه الشعب العراقي اثر المتغيرات الكبيرة بعد خمسة و ثلاثون عاما من حكم الدكتاتورية و الحصار الاقتصادي والحروب وافرازاتها لحين سقوط الدكتاتور ، و التغييرات السلبية بعد السقوط و كيف تاثر الشعب و تغير من الجوانب كافة ، في حين يتطور العالم و يتبع الطرق المتعددة لخدمة الاجيال الا ان العراق تراجع خطوات و تراوح في مكانه في حالات اخرى. الا ان ما استوقفنا حقا في النقاش و ما دفعني الى التعمق في اسبابه و نتائجه الخطرة على ثقافة و اخلاق المجتمع هو حدوث شذوذ في كافة الجوانب، ناهيك عن الشواذ في السسياسة و الفكر و التحزب بشكل عام، الا ان ما احزنني حقا هو تفشي و انتشار الشذوذ الاخلاقي بما فيها الشذوذ الجنسي الغريب عن الشعب بشكل كبير و استشراء الحالات بشكل علني على الرغم من ادعاء اكثرية الاحزاب المتنفذة بالاهتمام بالصفات الحسنة و الفكر الملائم و الاخلاق و السمات العالية ، و كان لابد في نقاشنا ان نحلل و نشخص الاسباب و الطرق المؤدية الى ذلك و من المستفيد في تلك الصفات المتخلفة و ما تؤدي الى التغيير في الوضع الاجتماعي التي يتصف به المجتمع، و ما اهم العوامل البارزة المسببة في تفشي هذه الحالات ، و توقفنا على مجموعة اسباب و عوامل و كانت في مقدمتها سياسية فكرية عقيدية قبل ان تتدهور الاوضاع الاقتصادية. من المعلوم ان الاسباب الموضوعية التي تعتبر هي الاساسية في تغيير الوضع الاجتماعي العراقي لازالت هي المسيطرة ، الحروب التي دمرت تركيبة العراق الاجتماعية و بناه التحتية افرزت حالات و خصفات و استمرت طيلة هذه المدة الى ان اضيفت اليها الافكار و العقائد و المسببات السياسية التي دخلت بعد سقوط الدكتاتور ،زيادة نسبة الاناث و الارامل بشكل خاص مع انخفاض مستوى دخل الفرد و تدهور الاقتصاد اعتبرت من اولى الاسباب ، بحيث قلت نسبة الزواج و زادت العوانس و على الرغم من الضوابط الاخلاقية المبدئية الا ان الغرائز و الاحتياجات و الضرورات اباحت نشر الشواذ من العادات والتقاليد . لم تجر اية بحوث او دراسات واقعية لتحليل وتفسير الاوضاع بشكل علمي لايجاد الحلول المناسبة و بتعاون الجميع،ان لم نقل لم يحس اي من القادة و المسؤولين بهذه الظواهرالخطيرة لحد اليوم. قبل سقوط النظام السابق كانت الحالات الشاذة سرية ، و اتبعت بطرق شتى و في مناطق معينة و بعض منها بتشريع ديني او عشائري بعيد عن عيون الناس و عامة الشعب و من دون اي ترويج ، و كانت منغلقة الى حد كبير، اما بعد السقوط فتعددت مصادر التشريع و الفتاوى و ازدادت المسببات و تدخلت السياسات و المصالح،فتدهور الوضع ،بالاضافة الى زواج المتعة و المسيار و تعدد الزوجات و عدم اعتماد العمر في الزواج الى غير ذلك من الطقوس و العادات الغريبة ،و هذه الى حد ما يمكن ان يُغض الطرف عنها لكثرة الاسباب المؤدية و منها الواقعية في تحديد الطريقة لفض العشوائية و انهاء الفوضى الاخلاقي ، وما يؤسف له هو انتشار عادات اخرى حسبما يؤكد المتابعون و خاصة المناطق التي تاثرت بالحروب و الحصار و ظلم الدكتاتور اكثر، ومنها السحاق و المثليين الذي لا يمكن ان يصدق تفسيرها ان تتفشى بهذا الشكل، بالاضافة الى الزواج المؤقت و المساكنة من اجل المال و الدعارة في بقعة معينة او في طائفة دون اخرى و لفئة ما و بتشريع سياسي و من اجل هدف معين قبل ان ينسب الى فتاوى و تشريعات دينية لمذهب او طائفة معينة. و ان كانت العوامل متعددة و متشعبة ، فلابد ان تحدد و تفسر و على المعنيين ايجاد المناسبة قبل فوات الاوان ، فان كان الاسباب ثقافية و تعود الى تخلف الذي وقع فيه العراق و بنسبة كبيرة ، فيمكن بحثها و العمل على توفير الوسائل المانعة و وضع الحد الفاصل من اجل التقليل منها على القل، وان كانت اقتصادية و كما هو حال الاكثرية فاحلول تكون اسهل لو كانت الحكومة مهتمة و جدية و لم تكن مشغولة بالصراعات الحزبية و الشخصية، و اما الشذوذ التي ترتكب تحت خيمة التشريع سوى كانت عن حسن نية و من اجل ايجاد حلول للعوائق و تصحيح مسار الحالات الاجتماعيةو تشخيص العلات و ايجاد العلاجات لما تفرضه الغريزة البشرية و لكن بالطرق الخاطئة، فيمكن علاجها و بخطوات حكومية و من خلال مؤسساتها و منها الدينية، و المؤسسات الدينية غير الحكومية و عن طريق المنظمات المدنية ، اما بعض الحالات التي برزت من خلال الفوضى و استغلال الحرية و بطرق لامسؤولة و فوضوية فيمكن حلها ايضا بالقوانين الحاسمة و الحازمة. اذن توفير الحريات مع المحافظة على الخصائص و المميزات و الخصوصيات الاجتماعية يحتاج الى اعمال و جهود من قبل الجميع، و بتعاون كافة المعنيين من المذاهب و الاديان و الحكومة بشكل خاص، و بزوال المسببات تُزال النتائج ويعود الوضع الاجتماعي الاخلاقي الى نصابه الصحيح تقريبا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين النخب الفكرية من الوضع الراهن في العراق
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام .....
...
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام......
...
-
انغلاق الاحزاب الكوردستانية على نفسها
-
السلطة العراقية و مصير سلطان و الكيمياوي
-
المجتمع الكوردستاني بين العقلانية و العاطفة
-
الفتاوى الدينية و الازمات السياسية
-
جوهر نضال الطبقة الكادحة يكمن في الالتزام باليسارية الواقعية
-
الافكار الضيقة لا تساهم في علاج الازمات الخانقة في العراق
-
الاعلام الحر ومخاوف سلطة اقليم كوردستان العراق
-
اقليم كوردستان العراق و الثقافة التنموية
-
الشعب العراقي بين الدعوة و العودة
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى فلسفة الحكم العلماني و الشفا
...
-
ماذا بعد اقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق؟
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (7
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية( 6
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (5
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (4
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (3
...
-
كادحوكوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى القوى اليسار
...
المزيد.....
-
لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار
...
-
حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب
...
-
جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي
...
-
السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي
...
-
قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل
...
-
-يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في
...
-
-تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن
...
-
الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود
...
-
-بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز
...
-
هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|