أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - حول طائفية إعلان دمشق















المزيد.....

حول طائفية إعلان دمشق


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في 16 أكتوبر من العام 2005، وفي ذروة الهجمة البدوية البوشية على سوريا، طرحت بعض الأحزاب والشخصيات السورية إعلاناً ديمقراطياً ( هكذا أسموه) كبديل موضوعي لنظام البعث سيحل فوراً مكان أجهزة النظام، بعد سقوطها وتغييبها، وذلك منعاً لحدوث أي فراغ دستوري أو سلطوي وحصول ما لا يحمد عقباه، على غرار ما حدث في العراق كما جاء في الإعلان. هكذا كان التصور حينه، وهذا كان الدافع الحقيقي وراء الإعلان فلا ديمقراطية ولا تغيير ولا من هم يحزنون، مجرد قفزة سياسية في مجهول وفراغ آخر بسبب الافتقار لأدنى المدركات السياسية والجيوستراتيجية. وانطوى البيان على عبارات استفزازية فيها الكثير من التحدي للنظام وتشي بأن الإعلانيين امتلكوا دفة القرار السوري وبأنهم سيفعلون كذا وكذا وقريباً، وباتوا يوجهون النصح والإرشاد والتوجيهات السامية إلى كافة السوريين في السلطة وخارجها.

وقد كانت هذه الحركة السياسية في الحقيقة ومن جانب آخر، وبعيداً عن منظورها السياسي ولكن في محتواها الباطني الإيديولوجي، توطئة، ومقدمة لتأسيس لا يقبل الجدل عن رغبوية دفينة لقيام دولة للخلافة الإسلامية تحاكي الممالك الإسلامية والطالبانية القريبة في المحيط والجوار، القائمة على اعتبار أن الإسلام "التقليدي" سيكون هذه المرة، وبدل البعث، هو القائد للدولة والمجتمع، وكافة مكوناته الإثنية والعرقية والدينية الأخرى، أي وضع هذه المادة بدل المادة الثامنة في الدستور السوري، وهذه الفقرة الإشكالية هي التي فضحت طائفية الإعلان والإعلانيين وبينت حقيقة ما يقف خلف مشروعهم الديمقراطي الجهنمي حين ذهبت إلى القول دونما أي تحفظ أو خوف من ردات الفعل، فالأمر بات محسوماً كما ظهر ولاح في حينه:" الإسلام الذي هو دين الأكثرية وعقيدتها بمقاصده السامية وقيمه العليا وشريعته السمحاء يعتبر المكون الثقافي الأبرز في حياة الأمة والشعب. تشكلت حضارتنا العربية في إطار أفكاره وقيمه وأخلاقه، وبالتفاعل مع الثقافات التاريخية الوطنية الأخرى في مجتمعنا، ومن خلال الاعتدال والتسامح والتفاعل المشترك، بعيداً عن التعصب والعنف والإقصاء. مع الحرص الشديد على احترام عقائد الآخرين وثقافتهم وخصوصيتهم أياً كانت انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفكرية، والانفتاح على الثقافات الجديدة والمعاصرة. هذا الكلام صحيح بالمطلق، ولا يثير تحفظ أي كان، ولا غبار عليه في بلدان مثل إندونيسيا، وأفغانستان، أو الجزائر، وتونس، وليبيا، ومقاطعة كشمير، وبنغلادش، حيث التمايزات والفروقات المذهبية تنخفض إلى نسب تكاد لا ترى، ولكن في مجتمع تعددي متنوع الأعراق والمذاهب، كما هو الحال السوري، فهو بحاجة لكلام وعبارات ومصطلحات أكثر رقياً ووعياً وحصافة وحكمة من هذا الكلام الذي يعتبر بمثابة إعلان حرب على المكونات المجتمعية السورية الأخرى التي قد "لا تقبض" كثيراً، ولا تهضم هذا الكلام ولا يعني لها شيئاً، بل وقد تتوجس منه، وحتى بالنسبة لبعض السوريين " الأكثريين" المتحررين من ضغط الطوق الديني وممن يغردون، فكرياً وسلوكياً، خارج سرب ومفاهيم "الأكثرية" الذي أعطاهم الإعلان سلطة مطلقة، وتفويضاً مفتوحاً، وشيكاً على بياض لقيادة "قطعان" الأقليات الأخرى التي لا تعرف كيف ستعيش وتتنفس من دون شرعية وقيادة الأكثرية لها. فمجرد الانتماء لتلك "الأكثرية" المزعومة هو صك غفران وجواز سفر وعبور إلى المناطق الآمنة سلطوياً ومجتمعياً، وفرض وصاية أبدية على المكونات الأخرى لا يمكن التحرر منها أو التنصل منها نظراً لبعدها القدسي والتحريمي الواضح.( هل للطائفية أي معنى آخر، أفيدونا أفادكم الله؟) فإذا لم تكن هذه هي الطائفية بأسمى تجلياتها فماذا عساها أن تكون إذن؟ وإذا لم يكن فرض عقيدة، ووجهة نظر دينية ما، وبدون أي تحديد، هنا، على مجاميع إنسانية مختلفة وشديدة التباين والهوى المذهبي، توتاليتارية، وطائفية، فماذا يمكن أن تكون؟

. وفي الوقت الذي جهر فيه الإعلان بتوجه طائفي علني وبحت في وثيقته الأساسية عبر اعتبار الإسلام "التقليدي" (يعني غير إسلام الفرق "الضالة" والعياذ بالله)- وكما عبر عن ذلك، لاحقاً، وفي موضع آخر شيخنا الجليل الدكتور يوسف القرضاوي علنا- هو القائد للدولة والمجتمع، يتعامى فيه بعض البلاشفة والملابرة عن مثل هذا الكلام الخطير لا بل يؤيدونه، ويعتبرون أن كل من يتصدى له، ويتحفظ عليه هو غير وطني وغير ديمقراطي. وهنا يتبادر فوراً للذهن سؤال هام وهو لماذا يكون الإسلام "التقليدي"، وليس غيره، إذا لم تكن الدوافع طائفية بحتة، قائداً للمجتمع والدولة ولا يكون البعث مثلاً، أو أي مكون آخر، قائداً للمجتمع، إذا كنا فعلاً ديمقراطيين؟ وهل علينا أن نتدمقرط إعلانياً فقط لإحلال توتاليتارية دينية مكان توتاليتارية شمولية قومية أخرى استفزت الإعلانيين لإشهار إعلانهم العظيم. وهل سيتقبل الإعلانيون توبتنا وانضمامنا لشرف الإعلان، وعتباته المقدسة، فيما لو راودنا ذاك "الإثم" الديمقراطي الكبير؟ وهل يبتعد الفكر القومي كثيراً عن الفكر الديني وما هي المسافة والحدود بينهما؟ ألا يعتبر الفكر الديني الخزان والمنهل التي نهلت منه جميع الحركات القومية في المنطقة؟ ولو لم تكن الدوافع والغايات طائفية وكيدية لما تم فعلاً رفض توتاليتارية بعثية، والقبول بتوتاليتارية دينية أشد وطأة وشدة وتطرفاً وانغلاقاً وماضوية لا تحمل في طياتها أية نويات نهضوية يمكن التبشير بها والتعويل عليها؟ وبالمقارنة التفاضلية فيما بين هاتين "التوتاليتاريتين" فلا شك بأن الكفة ستميل، (ولا تتفاجؤوا رجاء)، لصالح التوتاليتارية البعثية التي تنطوي على بعض الرؤى والممارسات الحداثوية والعلمانية الحياتية التي يصعب العثور عليها في أية توتاليتارية دينية يطرحها الإعلانيون علينا في برنامج سياسي لم يكتب له التوفيق. ولماذا ينبغي على جميع المكونات المجتمعية السورية أن تسلـّم تاريخياً وأبدياً بالقياد والطاعة لـ"أكثرية" مزعومة بعينها، وهذا طبعاً تفكير غير طائفي، فيما لو تبوأ أي مكون مجتمعي سوري دفة المسؤولية أصبح الأمر استبداداً وتوتاليتارية وكفراً وتعلن عليه الحروب المقدسة والتكفير من كل حدب وصوب من البلاشفة كما من السلفيين؟

كما لم نجد، في حقيقة الأمر، أيضاً، من بين جميع أسماء الموقعين على هذا الإعلان أي اسم لحركيين أو نشطاء من بيئة جغرافية سورية بـ"عينها" ويعرفها الإعلانيون جيداً، استثناهم الإعلانيون عمداً من التوقيع على الوثيقة الأساسية لكي لا تتدنس بحبرهم "الأقلاوي" المريب. ونجد أنفسنا في كل مرة مضطرين لإعادة قصة ومأساة الدكتور عارف دليلة، الذي خرج من غير "حمّـص" من مولد الإعلانيين، والذي كان مجاوراً لزنزانة "رائد" الديمقراطية الأكثروية السورية رياض سيف، وأخفوا عنه بكل (.......) فحوى الوثيقة خشية أن تتسرب لأجهزة النظام لأنه-أي دليلة- موجود في السجن بترتيب أمني حسب ما أفاد بذلك علناً "رائد" ديمقراطي رياضي شعبوي آخر، ومنع دليلة بناء على هذا "التسريب" الإعلاني من الإطلاع على الوثيقة، لأسباب لا يعلمها، ولا يعمل بها إلا الطائفي رسمياً، حتى ولو كان إعلانياً ابن إعلاني وأبا عن جد. ولكن بعد ذلك وبكل مكر ودهاء فتح الإعلانيون سرادق العزاء الديمقراطي على دماء دليلة وبدؤوا طقوساً بوذية وكربلائية من النحيب واللطم والمناحات السياسية على "السجين" عارف دليلة( من يضحك على من؟). كما لم يعلن أي من الإعلانيين عن تحفظه للانضمام "الإشكالي" للجماعة الدينية الإخوانية السورية -التي لعبت سابقا بالورقة الطائفية السورية كما يلعب بها الإعلانيون اليوم- والذي كان قد رتب له سراً – للإعلان- الأستاذ ميشيل كيلو، عجل الله في فرجه، وكما ذكر ذلك جوشوا لانديس خبير الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما في إحدى دراساته القيمة عن الإعلان والمعارضة السورية.

ولماذا يجب على كل من في سورية أن يقبل بقيادة وبوراثة امرأة، أسموها وردة أو زهرة سوريا على ما أعتقد، لتاريخ أبيها النضالي العريق لمجرد أنها من ذات "الأكثروية" المعصومة، ولا يعرف أحد، حتى الآن، خيرها من شرها ولا شيئاً عن تاريخها السياسي، وما هي فضائلها، وما يشرعنها ويضع عصمة سوريا السياسية كلها في يديها المباركتين هو فقط انتماؤها الجغرافي والوراثي، فيما يطنطن الإعلانيون كثيراً بالحديث عن الوراثة السياسية في مكان آخر؟ ألا يمهدون هنا، احتفاء واحتفالياً، للوراثة السياسية وللديمقراطية التوافقية الطائفية المقيتة "حصراً" بنسختها العراقية واللبنانية المحاصصاتية الأشد تخلفاً وفجاجة ونفوراً من أية توتاليتارية وجدت على وجه الأرض، ثم يندبون ويلطمون على طائفيات متخيلة هنا وهناك؟

فهل الوراثة حلال في مكان، وحرام في مكان آخر؟ وإذا كانت هنا حرام ومنبوذة، فلماذا هي هناك حلال إن لم يكن ذلك على أساس طائفي؟ وهل الحلال والحرام، يقرره قانون وضابط ما أم مجرد الانتماء، هو ما يجعله مسموحاً أو ممنوعاً؟ إذا لم تكن هذه هي الطائفية المجردة حتى من ورقة التوت، فماذا عساها أن تكون، أيضاً وأيضاً، وحتى لو تجاهلها وأغمض العين عنها بلاشفة وعتاولة وسماسرة الإعلان؟ وإذا لم يكن ذلك الإعلان، وبناء على كل ما سبق طائفياً، فماذا عساه أن يكون إذن؟

تقبل الله طاعتنا، وطاعتكم جميعاً، وكل 1400 عام وأنتم بخير يا.....شباب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنصرية وعرب الخليج الفارسي
- عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!
- عار السعودية الأبدي
- سحقاً للقتلة والجبناء
- القرضاوي وهشاشة الفكر الديني
- السّعُوديّة أولاً!!!
- حروب الشيوخ الكارتونية
- لا لأي تدخل سوري في لبنان
- عقلانية العرب: عبد الرزاق عيد أنموذجاً
- تصريحات جنبلاط وإعلان دمشق للتغيير الديمغرافي
- لماذا صوم رمضان فقط؟
- مهند ونور، وهشام وسوزان
- 11/9 جديدة: اللهم شماتة
- المعارضة السورية وسياسة التضليل
- هل يكرهوننا حقاً؟
- هل انتهت مغامرة خدام؟
- لماذا سيخافون من الإسلام والمسلمين؟
- الحقيقة وطلاب الحقيقة في سوريا
- لبنان الكرامة والشعب العنيد: عذراً فيروز ومعذرة
- العرب وغربة الأولمبياد


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - حول طائفية إعلان دمشق