أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - رشيد طلحة - ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها















المزيد.....

ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها


رشيد طلحة

الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 09:45
المحور: ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم
    


مرت واحد و تسعون سنة على الثورة الشعبية التي أشعلها الشعب الروسي على الانظمة التقليدية التي حكمت روسيا القيصرية كأول تجربة حقيقية، في تاريخ الإنسانية، لإقامة نظام اشتراكي على طريق الشيوعية ، مستلهمة فلسفتها من تجربة كمونة باريس و أفكار ماركس، و قد تعودنا في مثل هذه الأيام أن نشاهد في الساحة الحمراء استعراضات الجيش و العمال و الفلاحين و يهتفون بمجد هذه الثورة ملوحين بأعلام الاتحاد السوفياتي و حاملين لصور ماركس و لينين و شهداء الثورة الشيوعية...
غير انه منذ عقدين تقريبا لم تعد هذه الساحة الرمزية تعرف مثل هذه الاحتفالات ما عدا بعض المسيرات المحتشمة التي ينظمها ما تبقى من أعضاء الحزب الشيوعي الروسي.
لقد انهار الاتحاد السوفياتي و تفكك لدويلات تخلت شعوبها عن الاشتراكية و انبطحت أنظمتها تحت أقدام الرأسمالية العالمية و تبخرت أحلام الشعوب المضطهدة في إقامة ثورات شبيهة و مستلهمة من فلسفة ثورة أكتوبر للتخلص من تبعيتها للدوائر الرأسمالية...
فمن حقنا ، نحن الذين حلمنا بإقامة نظام شيوعي، كنظام متكامل بديل يخلو فيه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان و تحقق في ظله كل آمال البشرية في التقدم و الازدهار و الحرية، أن نتساءل لماذا انهار هذا الحلم بهذه السرعة الكبيرة تحت مرأى و مسمع و صمت الشعب الذي ضحى بأعز ما يملك في سبيل هذه الثورة ، و هل كانت ثورة أكتوبر ثورة اشتراكية بالمقاييس الماركسية، و هل حققت أهدافها التي استشهد من اجلها الملايين، و ما هي أسباب انهيار النظام الاشتراكي في أوربا الشرقية و هل أصلا تبنت هذه الدول النظام الاشتراكي الذي بشر به البيان الشيوعي ... أسئلة كثيرة قد لا نستطيع الإجابة عنها في ظل الركود الخطير الذي يعيشه الفكر الاشتراكي المعاصر لكن مع ذلك سنحاول الوقوف عند أهم مراحل الثورة مستخلصين ايجابياتها و سلبياتها من خلال قراءة نقدية لهذه التجربة.
فرغم كون ثورة أكتوبر قد استلهمت مرجعيتها و فلسفتها من الفكر الاشتراكي الماركسي، إلا أن منظرها الأكبر لينين قفز على المبادئ الأولية للنظرية الاشتراكية التي صاغها ماركس نفسه معللا ذلك بضرورة تجاوز الحتمية التاريخية.
فقد فسر كارل ماركس، في البيان الشيوعي، تطور المجتمعات البشرية، من خلال تحليل مادي تاريخي لأنماط الإنتاج، حيث أبرز التطور التاريخي للوعي البشري من خلال أربعة أنماط إنتاج رئيسية و هي المشاعية البدائية ثم العبودية ثم الفيودالية فالرأسمالية، و فسر كيف يتم الانتقال من نمط إلى آخر عندما ينضج التناقض بين العلاقات الاجتماعية للإنتاج و وسائل الإنتاج و كيف أن جميع الأحداث و الحروب التي شهدها العالم منذ القدم لم تكن سوى شكل من أشكال الصراع الطبقي بين طبقات مستغلة وطبقات مستغلة تحكمها مصالح متناقضة مما يؤدي إما انتصار طبقة على أخرى أو اختفاء هذه الطبقات و ظهور مكانها طبقات اجتماعية جديدة كما أن استغلال الإنسان لأخيه الإنسان هو القاسم المشترك بين هذه الأنماط رغم كون هذا الاستغلال يأخذ منحى تناقصي كلما انتقلنا من نمط إلى نمط آخر ، و عليه فقد توصل أن النتيجة الحتمية للتطور التاريخي للإنسانية سيكون هو الانتقال إلى نمط أسمى و هو الشيوعية الذي ستختفي فيه نهائيا الطبقات الاجتماعية و بالتالي كل أشكال الصراع الطبقي، لكن ذلك لن يتأتى إلا عبر المرور من مرحلة الاشتراكية.
غير أن لينين، و على خلاف كاوتسكي، كان يرى أن الناس هم من يصنعون تاريخهم وأنه من الواجب تجاوز الحتمية التاريخية و الانتظارية و ضرورة الإسراع بعجلة التطور التاريخي ، فحاول إقناع نفسه و رفاقه بأنه ليس من الضروري انتظار توفر كل الشروط الموضوعية للاشتراكية في بلد غير مصنع و متخلف اقتصاديا كروسيا، وأنه ممكن إنجاحها إذا تم استغلال الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد (الأزمة الاقتصادية- الهزائم المتتالية للجيش خلال في جبهات القتال – انتشار البؤس و الفقر في أوساط شريحة كبيرة من المجتمع ...) لتحريض الشعب و الجيش و تشكيل تحالف بين الفلاحين و العمال لإسقاط نظام القيصر و الاستيلاء على السلطة، و بعدها فقط يتم تطوير علاقات الإنتاج.
ففي بداية القرن العشرين كانت روسيا دولة فلاحيه لازالت تتخبط في مستنقع الفيودالية المتعفنة و لم تندمج بعد في نظام اقتصادي رأسمالي، حيث أنها لم تكن تتوفر إلا على وحدات صناعية قليلة أقامتها الجالية الأوربية في بعض المدن الرئيسية و بالتالي لم تتشكل بعد طبقة بروليتاريا قادرة على قيادة الصراع الطبقي لانعدام الوعي الكافي للقيام بذلك، على اعتبار أن واقع الناس هو الذي يحدد وعيهم وهذا ما خالفه لينين الذي اعتقد أن وعي البروليتاريا لن يأتي إلا من خارجها أي من المثقفين البورجوازيين المنغرسين في هموم الطبقة العاملة كطليعة ثورية ، فكانت النتيجة أن المساواة الحقيقية لم تتحقق و بدل أن يأخذ العمال زمام الأمور انفردت نخبة من المثقفين البرجوازيين بالحكم بدعوى قيادة الثورة و تمثيل العمال و الفلاحين.
وبعد نجاح الثورة و استلام البلاشفة للسلطة، تم إبرام اتفاقية صلح مع ألمانيا لإعطاء الأولوية لتعزيز الجبهة الداخلية و حتى يتسنى تطبيق خطة الانتقال إلى الاشتراكية من خلال إقامة كمونات شعبية و اعتماد العمل الجماعي كوسيلة للإنتاج سواء في المعامل أو في الأراضي الفلاحية التي تم تأميمها ، غير أن هذه الخطة أدت إلى تأزم الوضع الاقتصادي و ضعف الإنتاج الفلاحي فأدخلت البلد في ازمة حقيقية أرغمت قادة الثورة على تعديلها تحت شعار" خطوة إلى الوراء من اجل خطوتين إلى الأمام" حيث تم السماح بملكية فردية محدودة لوسائل الإنتاج و اعتماد العمل الفردي من اجل تحريك عجلة الاقتصاد لكن سرعان ما تم التراجع على هذه الخطة في عهد ستالين ليتم إجبار الفلاحين على العمل الجماعي كعبيد في أراضي الدولة حيث واجه الكثير منهم عقوبة الإعدام أو النفي أو العمل الشاق في صحراء سيبيريا.
و اذا كان لينين قد كرس ما تبقى من حياته في تجسيد تصوراته و أفكاره لإرساء أسس الدولة الاشتراكية و تدعيم الجبهة الداخلية و مواجهة كل أشكال الثورة المضادة و التحريفية و تصدير الثورة لغرب أوربا، فان مرحلة ستالين و هي الأطول ، في تاريخ روسيا ما بعد الثورة ، عرفت حكماا استبداديا توتالتاريا، أفظع مما كان عليه في عهد القيصر، حيث حكم الاتحاد السوفياتي، لازيد من 24 سنة، بقبضة من حديد فأدى به طموحه للاستيلاء على السلطة لإزاحة كل من كامينيف و زينوفيف اللذين شاركاه الزعامة، بعد وفاة لينين في إطار الحكومة الثلاثية، و نشر بوليسه و مخابراته داخل و خارج الاتحاد السوفيتي ثم انتقل إلى تصفية خصومه السياسيين و لم يسلم منه حتى رفيق دربه تروتسكي، فاغتال و اعتقل ونفى وحاكم كل من شك في ولائه لمبادئ الاشتراكية أو العمالة لصالح الرأسماليين بعد محاكمات انتفت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة لمجرد أنهم خالفوه أفكاره، مما أوقع البلاد في فوضى سياسية حقيقية فانهارت أسس الديمقراطية بشكل كامل و سيطر على مراكز القرار في الحزب الشيوعي وتحول الاتحاد السوفياتي لدولة بوليسية قمعية من الطراز الأول و ارتكبت مجازر كثيرة باعتراف خروتشوف نفسه و قد كان أقرب المساعدين لستالين آنذاك.
كما أن سياسة التخطيط الحازم التي سطرها ستالين جعلت الشعب السوفياتي يعيش أزمة و ضيق شديدين، فخطط التصنيع الثقيل التي أطلقها ، حيث أجبر العمال على العمل في ظروف سيئة، و إقحام الاتحاد السوفياتي في السباق المحموم نحو التسلح و غزو الفضاء بدافع إبراز التفوق الشيوعي على الغرب الرأسمالي كانت على حساب لقمة عيش و حرية الشعب الروسي الذي ناضل من أجل الحرية و الانعتاق من الحكم الجائر للقيصر نيكولا و الحكومة الفاشلة لكرنسكي.
و كانت لسياسة ستالين في القطاع الفلاحي نتائج و خيمة على علاقة بالفلاحين بالحزب الشيوعي الذي نعتهم بالطفيليين الرأسماليين و ذلك بسبب إجبارهم على العمل الجماعي في التعاونيات الفلاحية الشيء الذي رفضه هؤلاء بقوة رغم استخدام قوات خاصة لقمعهم، ففضلوا إتلاف المحاصيل الزراعية و نحر المواشي حتى لا تأخذها الحكومة بالثمن الزهيد الذي تحدده مما سبب أزمة في عملية الإنتاج الغذائي ووفرة المواد الغذائية بل و كادت روسيا تغرق في المجاعة.
و على المستوى حرية التفكير والعقيدة، فقد قام نظام ستالين بهدم الكنائس و دور العبادة و حرق الكتب المقدسة و كل الرموز الدينية بدعوى تنظيف عقول الشعب من الخرافات و التقاليد البرجوازية و إلغاء الدين من الهوية الشيوعية علما أن لا ماركس ولا لينين كانا يمانعان انضمام رجال الدين للحزب الشيوعي ما داموا منضبطين لبرنامج الحزب، و سعى ستالين إلى التضييق على الحريات العامة و خصوصا حرية الرأي فرحل المثقفين الذين يخالفونه تصوراته للعمل الشاق في معتقلات سيبيريا بل و قتل منهم الكثيرين. و باختصار فمرحلة ستالين اعتبرت انتهاكا و تنكرا لمبادئ الشيوعية بصفة عامة و أهداف الثورة الروسية بصفة خاصة.
بعد وفاة جوزيف ستالين سنة 1953 ، استطاع خروتشوف تنحية كل من مولوتوف ومالينكوف وبيريا و بالتالي الإنفراد بالرئاسة، و قد تميزت مرحلة حكمه بانفراج سياسي داخلي حيث أطلق سراح المعتقلين السياسيين و كشف عن جرائم ستالين و أدخل إصلاحات في الحزب الشيوعي باعتماد القيادة الجماعية و أصلح نظام التعليم و الزراعة و توج انخراط الاتحاد في برنامج الفضاء بإرسال أول رجل إلى الفضاء ...و على المستوى الدولي فقد انخرط في السلم العالمي رغم أزمة الصواريخ الروسية في كوبا التي كادت أن تشعل حربا نووية و عمل على التقارب مع الغرب الرأسمالي و تبنى سياسات موالية لدول العالم الثالث خاصة في الشرق الأوسط حيث دعم الحركات التحررية في العالم و على مستوى المعسكر الشيوعي فقد أسس حلف وارسو عام 1955 و تقارب مع تيتو لكن بالمقابل استعدى عليه الصين حيث كان صاحب قرار سحب الخبراء والفنيين السوفييت من الصين ووقف المساعدات الاقتصادية والفنية عنها عام 1961 مما تسبب في أزمة إيديولوجية قسمت العالم الشيوعي لصلح الإمبريالية الرأسمالية.
غير أن اتهامه بالتحريفية و ردته عن اللينينية و الإساءة لسمعة الاتحاد السوفيتي إبان أزمة الصواريخ و التقارب مع الغرب على حساب القطب الشيوعي عجل بإزاحته عن الحكم سنة 1964 .
من هنا يتبين أن ثورة أكتوبر لم تكن اشتراكية بالمقاييس الماركسية و لم تحقق السلام و السعادة للإنسانية كما بشرت به أطروحات لينين كبديل عن الرأسمالية المتوحشة، ذلك أن سعي بعض قادة الثورة للانفراد بالحكم و جنوحهم لنزواتهم السلطوية أدى إلى تركز أجهزة القرار في فئة صغيرة انحرفت عن الأهداف الإنسانية للثورة.
صحيح أن الثورة حققت بعض المكتسبات ليس فقط لروسيا و إنما لدول العالم الثالث إلا أنها جعلت من الاتحاد السوفيتي دولة امبريالية مستبدة و قامعة للحريات حيث حقرت الإنسان السوفيتي وافقدنه إنسانيته و هدرت حقوقه و كرامته فكانت النتيجة أن انهارت الاشتراكية بمباركة من الشعب نفسه الذي ضحى من أجلها.



#رشيد_طلحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن والسلطة و السياسة
- بؤس الفتوى الدينية
- اليسارفي المغرب: أسباب الأزمة
- اليسار في المغرب واقع و افاق
- تاريخ اليسار في المغرب


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- ثورة أكتوبر .. منجزات مذهلة تتحدى النسيان / حميد الحلاوي
- بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية / حميد الحريزي
- الرفيق غورباتشوف / ميسون البياتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - رشيد طلحة - ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها