أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والحرية















المزيد.....

مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والحرية


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 09:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


على مر القرون دار الجدل بين من يسمون بالقدريين (الذين يعتقدون بالقضاء والقدر) والإراديين (أنصار المذهب الإرادي).
إن الإراديين ينسبون للإرادة البشرية الدور الحاسم في تطور العالم (من هنا جاءت تسمية "الإرادية"). إنهم لا يأخذون بالحسبان الظروف الموضوعية القوانين الموضوعية والضرورة التاريخية. ويفهمون الحرية على أنها عدم تقييد الإرادة البشرية. غير أن هذا الرأي أيضا خاطئ. فبدون أسباب، ما من شيء في العالم ينشأ ويفعل فعله. ولذا لا تستطيع الإرادة البشرية أيضا، ألا تعتمد على شيء وأن تفعل كما يطيب لها.
وعلى النقيض هو رأي القدريين. إنهم يؤمنون بالقدر الحتمي، وإيمانهم هذا يقوم على التصور بأن كل شيء في العالم قد تقرر سلفا وأن الإنسان عاجز عن تغيير شيء (من هنا جاءت تسمية "القدرية"). هذا الفكر وهذه الفلسفة القدرية تقضي على الناس بالخمول. فلو أخذ الناس برأي القدريين بداية وحتى النهاية، لترتب على الناس الجلوس مكتوفي الأيدي. وهذا يولد الشعور بالقضاء والقدر. لذا تقوض وتقضي مثل هذه النظرية على ثقة الجماهير الكادحة بقواها وبإمكانية تغيير الأنظمة الرجعية الاستغلالية.
وفي وسع المرء أن يرى إلى أي درجة يضر الموقف القدري من ظواهر العالم استنادا الى المثل التالي. بعض الفلاسفة ممثلي الطبقة البرجوازية الحاكمة، وكل الطبقات السائدة عبر التاريخ يتحدثون عن الحتمية القدرية للحروب وسباق التسلح. ومن هذا المنطلق نجدهم عندما يتحدثون عن الحرية والدمقراطية والنظام والحضارة في الغرب، توجه المدافع والطائرات والصواريخ العابرة للقارات لسحق شعوب بأكملها، في أفغانستان والعراق، وقتل الأطفال والنساء في الضفة والقطاع ويستمر الاحتلال الإسرائيلي بممارساته البشعة وجرائمه وبناء الجدار العازل واضطهاد وتهميش وإلغاء إنسانية الآخر وكأن الأمر قدر إلهي مفروض على المنطقة. بينما الأمر يختلف في الواقع، إذ أن سياسة النضال في سبيل انهاء الاحتلال كل احتلال وصيانة السلام العالمي من خلال مشاركة الجماهير الواسعة. قادرة على درء الحروب المحلية ودرء نشوب حرب عالمية ثالثة. فالحرب كل حرب هي استمرار للسياسة، والحرب ضد العراق وفلسطين هي استمرار للسياسة العدوانية الإمبريالية العالمية، وربيبتها الصهيونية العالمية، هي استمرار لسياسة النهب والظلم الاستعماريين، سياسة نهب وظلم الشعوب المستضعفة، من قبل الإمبريالية المتوحشة السائرة لا محالة، نحو الانحطاط والانحدار والاحتضار. وهذه الحروب تعبير عن تقيحات المجتمع الطبقي البرجوازي. في أعلى مراحله وآخرها الإمبريالية.
ولذا كانت كلتا وجهتي النظر الإرادية والقدرية خاطئة. إنهما تعتمدان وترتكزان على حل المسألة بطريقة ميتافيزيقية، فتعترفان إما بالحرية وإما بالضرورة. إما أن كل شيء يتم بحكم النشاط البشري الحر وعندها لا يمكن أن توجد الضرورة، وإما أن كل شيء يتم بحكم الضرورة، وعندها لا يمكن للحرية أن توجد. إن الحرية لا تتفق مع الضرورة – هذا هو الأساس الذي يقوم عليه مثل هذا الرأي الفلسفي ويطرح السؤال ما هو إذًاالحل الصحيح للمسألة؟. في الحياة اليومية، كثيرا ما يفهم بكلمة "حرية" الشيء الذي لا تضيق عليه قيود. ولذا يفكرون أحيانا بأن الضرورة تنفي الحرية، فطالما هناك ضرورة فإن ثمة قيودا "عراقيل" وهذا يعني أنه لا يمكن للحرية أن تكون. ومن هنا حل مشكلة الحرية يعني حل المسألة التالية! هل يمكن أن يكون المرء حرا وهو يخضع لقوانين الضرورة الطبيعية.
لنبدأ من هذا المثل. أن ارتياد الفضاء الكوني مرتبط بتخطي قانون الجاذبية العالمية التي وكأنها "تربط" الإنسان بالأرض ولكن، هل من الممكن عمل هذا "دون مراعاة" هذا القانون، أي رغما عنه، إذا جاز القول؟ طبعا لا.
فمن أجل أن تخرج السفينة الكونية الى المدار عليها أن تطير بسرعة تكون فيها قوتها المركزية الطاردة أكبر من قوى جاذبية الأرض (وهذا يحدث مع سرعة قدرها أكثر من 8 كيلومترات في الثانية) لقد تسنى للعلماء إرسال سفينة إلى الفضاء الكوني لا على الرغم من قانون الجاذبية العامة بل على أساس دراسة مفعولة دراسة عميقة.
من هنا أين تتجلى إذًا الحرية الحقيقية- أهي حيث "لا يعترفون" بأية قوانين أم هي حيث تعرف هذه القوانين ويستفاد منها؟ الجواب واضح! هناك حيث تعرف هذه القوانين ويستفاد منها. لقد عبر لينين عن هذه الفكرة على الوجه التالي:" الضرورة عمياء طالما هي لم تعرف، ولكن إذا عرفت الضرورة، إذا عرف القانون، وإذا أخضعنا فعله لمصالحنا، فإننا أسياد الطبيعة". وقد كتب إنجلز في مؤلفه "ضد دوهرينغ" يقول: "لا تكمن الحرية في الاستقلال الموهوم عن قوانين الطبيعة، وإنما في معرفة هذه القوانين وفي الإمكانية القائمة على هذه المعرفة لإرغام قوانين الطبيعة بصورة منهاجية على الفعل من أجل أهداف معينة".
وهذا القول يصح بالنسبة لظواهر الطبيعية والحياة الاجتماعية على السواء. فقبل ظهور الماركسية، لم تكن قوانين التطور الاجتماعي معروفة. وقد بقي الناس عبيدا للضرورة التاريخية. أما الماركسية فقد كشفت عن هذه القوانين وعرفتها. ولقد كانت تلك أول خطوة لكي يصبح الكادحون المتسلحون بهذه القوانين، قوانين المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية صانعين، أحرارا لمصيرهم، لكي يبنوا حياتهم على نمط جديد طبقا للضرورة التاريخية.
إن حرية الإنسان تكمن في معرفة قوانين تطور الطبيعة والمجتمع، في استخدام هذه القوانين بمهارة في النشاط العملي. ولا يمكن لحرية الإنسان أن تتعدى حدود الضرورة. يعتقد بعضهم في البلاد الرأسمالية بأنه قد اختار نمط التفكير "بحرية" تامة، وأن رغبته وعاداته نتيجة "الحرية الشخصية" بينما هو في واقع الأمر عبد الظروف التي يعيش فيها، عبد الغرائز الناتجة عن الملكية الخاصة والتي يغذيها ويتبناها نمط الحياة برمته. فليس هنا أي ظل "للحرية الشخصية" بالمعنى الذي يؤولها العلماء البرجوازيون إن كل شيء هنا خاضع للضرورة. وهذه الضرورة تظهر في ظروف الرأسمالية بشكل قوى اجتماعية عمياء يمكن مقارنتها بالرياح العاصفة. أما الحرية التي تستند الى معرفة الضرورة فهي شيء آخر. والماركسية تؤكد بأن ضرورة الظواهر الطبيعية تختلف اختلافا جوهريا عن ضرورة الظواهر الاجتماعية. إن الضرورة في التطور الاجتماعي تتحقق بصورة تختلف عن تناوب النهار والليل، أو مجيء الربيع والصيف، فمثل هذه الظواهر الطبيعية تجري بدون اشتراك الإنسان.
أما في المجتمع، فإن كل شيء ناتج عن عمل يدي الإنسان، عن نشاطه العملي الإنتاجي.
ولكن هل يعني هذا أن الضرورة الاجتماعية، أن قوانين التطور الاجتماعي هي من صنع الناس! طبعا، لا. فالضرورة الاجتماعية موضوعية بقدر ما هي عليه الضرورة في الطبيعة. غير أن هنا فرقا جوهريا. ففي الطبيعة لا تفترض الضرورة نشاط الناس. أما في الحياة الاجتماعية، فإن نشاط الناس يدخل في عداد الظروف التي بدونها لا تتحقق الضرورة ولا تتجلى. وإذا لم يفعل الناس أو فعلوا بدون دأب ومثابرة في السعي الى الهدف المنشود فإن هذا يعني أن جهودهم بالذات لا تكفي في الوقت المعني لبلوغ الهدف.
هل من الممكن، مثلا، تجنب الحرب بدون النضال النشيط ضدها من جانب الجماهير الشعبية الواسعة؟ كلا بالطبع. فإذا كانت قوى السلم خاملة لا تقوم بعمل، فإن قوى الحرب السوداء ستزيد من نشاطها بكل تأكيد. وهذا ما يحدث للمجتمع الإسرائيلي المصاب بالبسيخوزا الاجتماعية والذي يخرج من حرب ويدخل حرب دون وجود قوى سلام قادرة على منع الحرب القادمة. لقد بين التاريخ أن الحرية في مجتمع يوجد فيه استغلال الإنسان للإنسان والظلم القومي والاستعماري هي وهم، وخداع للشعوب.
فلا حرية للشغيلة حيث توجد الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونتيجتها- استغلال الإنسان للإنسان. ذلك لأن حرية الشعب في هذه الظروف لا تقوم على أساس موضوعي واقعي، إنها لا تتسم بالنسبة له إلا بأهمية شكلية فقط. والذي يتمتع بالحرية فقط المستغلون. إن الحرية التي لا تقوم على قاعدة مادية، مجرد الحرية، الحرية كفكرة تشبه زهرة بدون جذور وتربة. فمهما كانت رائعة الجمال فإنها سرعان ما تذبل بكل تأكيد وتجف وكما قال لينين:" لا يمكن أن تقوم حرية واقعية فعلية في مجتمع قائم على سلطة النقود، وتعاني فيه الجماهير الكادحة من البؤس وتحيا فيه حفنة من الأغنياء حياة الكسل والطفيلية. ان الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الواسعة لا يكسبون الحرية السياسية والاجتماعية إلا عندما يأخذون السلطة في أيديهم ويبنون مجتمعا جديدا خاليا من المستغلين والظالمين. إن الإنسان لا يشعر بنفسه حرا إلا إذا توفر لديه الأساس المادي لتحقيق أهدافه ومساعيه". لذلك كتب إنجلز يقول " الاشتراكية هي قفزة من ملكوت الضرورة إلى ملكوت الحرية فقط في ظروف الاشتراكية يتمكن الناس من وضع مجرى التطور الاجتماعي تحت إشرافهم، ومن التصرف بحرية بمصيرهم. وستتعاون جميع الظروف من أجل العمل الخلاق الحر، ومن أجل تطور جميع كفاءات الإنسان ومواهبه. وبهذا سيجري تخطي آخر حاجز في طريق البشرية الى ملكوت الحرية حقا" .




#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقولات الديالكتيك الماركسي: السبب والنتيجة- العلة والمعلول
- مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والصدفة
- الاقتصاد السياسي الرأسمالي من آدم سميث الى تأليه السوق الحرة
- الروابط الإسرائيلية مع المحافظين الجدد، والحرب على العراق
- النظرية الماركسية والثورة الاجتماعية
- المادية الديالكتيكية: ما هي المادة؟ المادة وأشكال حركاتها
- خواطر
- المادية الديالكتيكية: ما هي المادة
- المكون الأول للفلسفة الماركسية- المادية الفلسفية: المادية ال ...
- المادية الماركسية
- الفلسفة المثالية الألمانية
- النضال ضد الصهيونية جزء مهم من النضال ضد الامبريالية
- ماركس من النظرية إلى التطبيق (1846- 1848)
- تطور الإشتراكية من طوباوية إلى علمية: ماركس من الطوباوية إلى ...
- من -الخطر الشيوعي- إلى -الخطر الإسلامي- - خدعة الإعلام الرسم ...
- نقد يهودية الدولة من وجهة نظر ماركسية
- العراق- مذبح هيمنة رأس المال وكهنة الحرب
- الماركسية فلسفة إنسانية
- الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية
- الأهمية العالمية لثورة أكتوبر


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والحرية