أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل مهيوب طاهر - المسلم السعيد والمسلم التعيس















المزيد.....

المسلم السعيد والمسلم التعيس


نبيل مهيوب طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 07:40
المحور: كتابات ساخرة
    



لي قريب له شأن كبير ويشغل منصب رفيع في احدى إمارات "صلعم-ستان". عنده قدر من الذكاء والمعرفة, خصوصاً إذا ماقورن بالبؤساء الجهلة الذين يعيشون من حوله. استطاع طبعاً ان يجمع اموال طائلة ويرسل اولاده إلى أفضل جامعات بلاد الكفار ويتعالج في المانيا وامريكا حتى من نوبات الزكام. لديه العشرات من السيارات الفخمه والعديد من المنازل او القصور على الأصح. يطأ (حسب تعبير صلعم) بمعدل إمرأه جديدة في الأسبوع ويتناول افخر المشروبات من الويسكي الإسكتلاندي والنبيذ الفرنسي. وحتى لا أطيل عليكم... لا اعتقد ان هناك شيئ يرغبه قريبي الا كان من السهل عليه ان يقول كن فيكون, طالما فخامة الملك راضياً عليه

بالطبع هو يقوم بكل هذا ويطبق المبدأ النفاقي الرائع "وإذا بُليتم فاستتروا" كما امره ربه احمد الراحمين (عفواً, اقصد ارحم الراحمين). أما حين لايكون "مستتراً" فهو من اشد الناس فصاحة في الدفاع عن فضائل الإسلام. أطرف شيئ كان عندما زارني خلال إحدى (الرمضانات) السابقة واظطر الى ان يأم المصلين من الجالية المقيمة في هذا البلد بعد ان كان قد تناول نصف ليتر من الويسكي قبل الإفطار. وقريبي كما قلت عنده قدر لابأس به من التعليم وسافر الى بلاد الكفار مراراً ولذلك عنده وعياً كافياً ليدرك مشاكل الدين الحنيف وتناقضات القرآن والمصائب الأخلاقية التي اقترفها صلعم ومعضلة "الردة" الإسلامية الحديثة التي باتتت تهدد إمارته

بالمقابل (كما يقول فيصل القاسم), لي صديق توفي وخّلف وراءه ارملة فقيرة تعيش ايضاً في صلعم-ستان في نفس الإمارة التي يحكمها قريبي. لها اولاد كثيرون وهي غير متعلمة لاتعرف إلا سورة الفاتحة التي تنفعها في الصلاة. كل همها ان تحصل على القوت اليومي للعيال وتصلي وتدعي الإله الرحيم بالرزق وبحسن الخاتمة وبالجنه طبعاً. فهي لاتفهم ما يقوله طبول الدين امثال القرضاوي وزهلول النجارعندما يطلون من شاشتها الصغيرة ويشرحون فضائل الإسلام وآفاق الإعجاز القرآني

سؤالي هو: من في تصوركم اكثر سعادة؟ قريبي الثري ام الأرملة المسكينة؟

تعالوا نبحث معاً

الأرملة المسكينة على الرغم من تعاستها وصعوبة الحياة التي تعانيها, إلا أنها من الناحية النفسية أكثر استقراراً. فهي تؤدي فروضها وتعرف ان الله هو خالقها وان الرسول محمد هو النبي المعصوم من كل الأخطاء وأنها, إن شاء الله, ستكون في الجنة الخالدة التي ستعوضها عن كل مافتها في هذه الحياة من الماء والعسل واللبن واللحوم والفواكه الطازجة والكنبات (الأرائك). واراهنكم أيضاً ان تلك الأرملة المسكينة مقتنعة بأن الإله الجبار سينتقم لها شر انتقام من كل الظالمين الذين أكلوا أموال المساكين بمن فيهم فخامة الملك والتابعين له امثال قريبي العزيز. حياة تلك المرأه بسيطة جداً من الناحية النفسية, فليس عندها العلم الكافي او الوعي اللازم لتتعلم دينها بعمق وتتعرف على تناقضات الكتاب المجيد وليس عندها القدرة للقراءة النقدية لأخلاق الرسول الكريم. وهي بذلك غير معرضة للإصابة بالإرتباك النفسي والإنفصام الشخصي الذي يصاب به المسلم المتعلم. كلما تعرفه هو ان دينها هو افضل دين وانها طالما التزمت حدود الدين فإنها ستُعوض عن العيشة "الضنكا" التي ارتضاها لها الله في هذه الدنيا

وعلى العكس من ذلك, فقريبي الباشا غير مستقر من الناحية النفسية ومتخبط ويعاني من الشيزوفرينيا الإسلامية. فهو مثل كل المسلمين المتعلمين يحاول الجمع بين إيمانه بالإسلام-- الذي هو ايضاً الى حد كبير سبب البهوية التي يعيشها— وبين كلام القرآن وتصرفات صلعم التي لاتدخل عقل أي بشر يحترم آدميته. فتجد قريبي مرةً يختلق الأعذار لصلعم ومرةً ينتقد المتشددين في الإسلام, ومرة يقول لك العيب في المسلمين وليس في الإسلام --اغبى نقطة يطلقها الإعتذاريون-- ومرةً يقول أن الحديث مزور ولازم نرجع للقرآن, ولكنه يتذكر أن مصائب القرآن لاتقل عن مصائب السيرة كماً أو كيفاً, وأحياناً يتشجع و يعترف بأن صلعم كان معتوه

والطريف أنه رغم اسلوب حياة قريبي الذي يخالف تعليم الإسلام (زنا, سرقة, خمرة) فإنه يرجع إلى الله ويتضرع إليه بكل جوارحه كلما مرت عليه محنه في هذد الدنيا. فهو مثلاً عندما يسمع عن تغيير حكومي قريب تجده يفارق السيد (جوني واكر) ويواظب على الصلاة (خصوصاً الوسطى) ويذهب إلى المسجد ويتصدق ويستغفر المتقدم من ذنوبه والمتأخركذلك. وأتذكر أنه مرة قال لي أن الحاقدون اوغروا صدر مولاه الملك فلم يكن راضي عنه فكنت اراه في تلك الأيام يقوم في الأسحار ويتهجد لساعات ويبكي كالطفل متضرعاً الى الله وسائلاً المغفرة والرحمة

ولعل القارئ المسلم سيعلق قائلاً انه بحسب معايير التعاليم الصلعماوية فإن قريبي لايمت للإسلام بأي صلة وأن الدين الحنيف قد أمره بالعدل وعدم أخد اموال الناس وإن مصيره في الدرك الاسفل من النار . أتصور انهم ايضاً سيذهبون إلى ان قريبي ليس عنده الإيمان الكافي لإنه لو كان كذلك لما تسرب الشك إلى قلبه ولارتدع عن اموال الناس وارتكاب المعاصي

ونحن نقول "حلو أوي"ولكن

أولاً: انتم الذين تقولون أن الدين الإسلامي هو مصدر الأخلاق ونحن— أقصد معشر الملاحِدة والعلامِنة — نقول أنه لاعلاقة بين هذا وذلك. يعني ممكن تكون مسيحي, بوذي, يهودي, ملحد أو مسلم وعندك أخلاق والعكس صحيح هذا شيئ بديهي لكل عاقل. فليس صحيحاً ان نربط ألأخلاق بالدين, و خصوصاً إذا مأخدنا في عين الإعتبار الدين الإسلامي والأعمال التي "هببها" صلعم من قتل, وغنائم حرب, وجواري, ونسوان وبيدوفيليا ( يعني نكاح تخصص اطفال للذين لم تمر عليهم هذه الكلمة من قبل) إلى أخر القائمة

ثانياً, وهذا الأهم, نحن هنا لانناقش تصرفات قريبي. فأنا ضدها تماماً ولم أحاول الإستفادة من وضعه مع أنه عرض علي فرص مغرية ( لكن ماذا افعل؟ فأنا ملحد وعندي أخلاق :-). ما نناقشه هنا هو التأثير النفسي للإسلام وكيف يصبح العلم مشكلة بالنسبة للمسلم المثقف الذي يجد نفسه ممزقاً بين العلوم الحديثة والمفاهيم الحضارية النبيلة من ناحية وبين خزعبلات القرآن والتراث الصلعماوي المشين من ناحية أخرى. ولهذا يحاول المسلم المثقف جاهداً الجمع بين هذة التناقضات. فتجدهم يبحثون عن التبريرات الإعتذارية والتفسيرات المطاطية لتلك التناقضات والفضائح الأخلاقية. وهنا, تبدأ رحلة العذاب والتمزق النفسي التي يعيشها المسلم الذي يجد إحدى قدميه في الحضارة الخلاقة والأخرى في عصورالظلام وكهوف المغالطات النفسية. والسؤال هنا: من الذي يعيش حالة التخبط؟ المسلم المتعلم ام الملحد؟

اعتقد ان الإجابة على السؤال الذي طرحته واضحة: الأرملة الجاهلة مع بؤس حياتها فهي من الناحية الروحية والنفسية اسعد واكثر استقراراً من البيه قريبي. ربما الأصح ان نقول انها أقل تعاسة منه. ولهذا عند اقرب فرصة سأغير عنوان هذا الموضوع الى " المسلم التعيس والمسلم الأتعس"

كل السلام والمودة



#نبيل_مهيوب_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بارانويا العرب والمسلمين
- ثقافة الغدر والنفاق


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل مهيوب طاهر - المسلم السعيد والمسلم التعيس