أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل مهيوب طاهر - بارانويا العرب والمسلمين















المزيد.....

بارانويا العرب والمسلمين


نبيل مهيوب طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 03:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل مدة قصيرة حدثت لي قصة مع ابنتي المتدينة شجعتني على الكتابة حول موضوع كنت أنوي الكتابة عنه منذ زمنٍ طويل. وحيث أن الموضوع معقد فقد كنت أؤجل الكتابة حتى يتسنى لي القيام بالبحث اللازم وترتيب أوراقي بالطريقة المناسبة.

الموضوع هو مرض الارتياب (أو ما يسمى بالبارانويا) الذي يعاني منه المسلمون, خصوصاً العرب. والقصة هي أن ابنتي أشترت لنفسها حذاءً وحين عادت إلى البيت ندمت ندماً شديداً لأنها اكتشفت أنه صنع في إسرائيل. وبما أن الحذاء كان جميلاً وبسعرٍ معقول فقد أقنعت نفسها وقررت الاحتفاظ به . وفي اليوم التالي ذهبنا إلى مدينة الألعاب القريبة وقبل أن نركب إحدى الألعاب (Roller Coaster) قررت ابنتي , خلافاً عن كل الناس, أن تخلع الحذاء.( ثقافة خلع الحذاء هي أيضاً سِمة خاصة بالمسلم مستوحاة من التراث الصلعماوي). وعندما بدأت "اللعبة" بالحركات السريعة وقع الحذاء تحت الماكينة المحركة للعبة فاضطر المشرفون إلى توقيف اللعبة واستدعاء الميكانيكيين واستمرت المسرحية حوالي نصف ساعة كانت ابنتي المحجبة البطلة الرئيسية فيها.

المهم أنه بعد طول الانتظار وبعد أن استعدنا نعل ابنتي كدتُ أنفجر من الضحك – أو من الحزن على الأصح— عندما قالت بأن "" الجزمة الإسرائيلية"" كانت سبب المشكلة لأن الله عاقبها على فعلتها. عندها حكيت لابنتي عن حكاية الطلاب العرب الذين درست معهم في إحدى الدول الاشتراكية سابقاً. فقد كان معظم الطلاب العرب يقضون أوقاتهم يلهثون وراء الجنس والكحول ليعوضوا ما حٌرموا منه في مجتمعاتهم وعندما يفشلون في الامتحانات يتهمون المدرس باليهودية وبكراهية العرب حتى لو كان المدرس لايمت لليهودية بأي صلة أو حتى لو كان متعاطف مع "القضية العربية" . وكانت عبارة (( **س أخته يازلمة, يهودي,, بيكره العرب )) التي يتفوه بها الطالب العربي حالما يخرج راسباً من قاعة الامتحان مألوفة جداً حتى أن قصة "المدرس اليهودي" أصبحت نكتة نستخدمها في وصف كلّ من لم يلبي لنا طلباً مهما كانت عدم شرعية ذلك الطلب. فكنا نطلقها على المدرس والسكرتيرة وسائق الباص والشرطي وصاحب الشقة وحتى على بعضنا البعض.

وكما ذكرت فإن مرض الارتياب الذي يعاني منه المسلم والعربي بشكل خاص موضوع معقد بحث فيه "الكفار" والإسرائيليون!! (بالطبع العرب لم يبحثوا في هذا الموضوع). وأنا لستُ بصدد مناقشة ما كُتب في هذا المجال فبإمكانك عزيزي القارئ البحث في الشبكة وستجد الكثير (ولا تنسى أن تحمد آلهة الGoogle).

إن التربية التي يتلقاها المسلم المشحونة بذلك الكم الهائل من الوعيد والتهديد بجهنم وبعذاب القبر وبالانتقام وبالإحباط في الدنيا إن هو خالف أمر الله تخلق منه إنساناً غير متزن يشعر بأنه مستهدف مترقباً الآخرين خصوصاً الذين يختلفون عنه. والمسلم أيضاً يعيش طوال حياته مقتنعاً أنه مراقب من ملكين يجلسان على كتفيه, احدهما يكتب حسناته والآخر يكتب سيئاته وهذا الاعتقاد بحد ذاته كفيل بأن يولد حالة الارتياب المزمنة.

من علامات الارتياب أن "المريض" يفسر الأحداث بطريقة "مؤامراتية" ويتشكك بأن الآخرين يحيكون المؤامرات لينالوا منه وهذا بالضبط ما يشعر به العرب والمسلمون كمجتمعات وكأفراد. وما عليك إلا إن تتصفح الشبكة وستجد كيف يصرخ المسلمون ويمزقون قمصانهم متباكين أنهم ودينهم ونبيهم مستهدفين من جميع أمم الأرض. والمعروف أن غالبية العرب لا يزالوا يؤمنون بأن أحداث أيلول الإرهابية هي مؤامرة صهيونية. وقبل الغزو الأمريكي للعراق أذكر أنني ناقشت رجل سلفي فقال أنها مؤامرة بين صدام وأمريكا وإسرائيل, أما صديقي القومي فقد فسرّ الغزو بأنه مؤامرة إيرانية أمريكية وهكذا.

والمصاب بمرض الارتياب أحياناً يفسر أن ما يملكه هو شيء ثمين ولذلك يحسده الآخرون ويتآمرون على ذلك الشيء. والمسلمون يشعرون بأن دينهم ونبيهم أعظم ما وجد في هذه الأرض وأن بقية البشر يحاولون النيل من هذا الدين ونبيه. وفي بعض الحالات فإن المصاب بهذه الحالة يتوهم أشياء غير منطقية مثل العظمة أو المعرفة التي تفوق معرفة الآخرين أوالأفضلية عليهم أو أنه على صلة بقوة ربانية خفية. والمعروف أن العرب يؤمنون أنهم "خير أمة أخرجت للناس" وأنهم من أهم الناس وأشجعهم وأشطرهم وأنظفهم وأقواهم حتى من الناحية الجنسية. وقد تصل البارانويا إلى حد إيمان المصاب بقوة ربانية خفية والإسعدا بالتضحية بالنفس من أجل تلك القوة.

ولكن برأيي ما يدعو إلى الضحك هو آخر "موضة" في بارانويا العرب والمسلمين وهي مسألة "الإسرائيليات" حيث يتهم المسلمون إسرائيل بدس أحاديث ونسْبها إلى النبي صلعم. وكم أتمنى أن يأتي اليوم الذي يشكك فيه المسلمون أن صلعم أساساً لم يقتل الأسير ولم يتزوج بفتاة عمرها ست سنوات ولم يقل " أسلم أو ادفع" ولم يأمر بمعاملة المرأة و"الذمي" وكأنهم بشراً من الدرجة الرابعة ولم يكن له جواري إناث "يطأهن", فيضعون هذه الأشياء في خانة الإسرائيليات - إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستخلصهم من عصور الظلمات وتدفعهم ولو قليلاً نحو الحضارة البشرية.

أخيراً, لابد من وقفة عند بعض الآيات التي تحض المسلم على عدم الثقة بالآخر:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

ملاحظة: قبل أن أكمل كتابة هذا المقال كنت أعد لمقال آخر فوقعت في طريقي قصة في جريدة "المصريون". القصة عن سيدة مصرية أشعلت سيجارة في مطار القاهرة فرآها أحد الملتحين وقال: "إن شاء الله تكون آخر سيجارة في حياتك". وقبل أن تقلع الطائرة أبلغ طاقمها الكابتن بأن أحد الركاب مصاب بالذعر ويطلب النزول. وعند التحقق وجدوا أن السيدة كانت مذعورة من دعوة الرجل وخافت أن يحقق الله دعوته خصوصاً أنه صائم. أرجو أن توافقوني أن هذة القصة تدخل في باب البارانويا الإسلامية.



#نبيل_مهيوب_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الغدر والنفاق


المزيد.....




- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل مهيوب طاهر - بارانويا العرب والمسلمين