أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود حمد - حذار من عودة -الخَتّانْ التَشكيلي-!!؟














المزيد.....

حذار من عودة -الخَتّانْ التَشكيلي-!!؟


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 2375 - 2008 / 8 / 16 - 10:17
المحور: حقوق الانسان
    


بعد الانتفاضة عام 1991 وطغيان طوفان التخريب والحرائق..وسعيا من النظام الدكتاتوري لاختبار وإعادة سطوته على العراقيين ..فردا ..فردا..أطلق حملته لاستبدال هويات الأحوال المدنية ..وربط ذلك الإجراء بالبطاقة التموينية..وكنا ضمن طوابير ملايين العراقيين المصطفين في الشوارع المحيطة بإدارات الأحوال المدنية بعد أن ضاقت تلك المباني وساحاتها بالمراجعين والوسطاء والمرتشين..
وبعد أيام من التدافع..
خرجنا ..ولدي الصغير "عليٌ" وأنا مُنْهكين إلى محطة الباص الفولاذية المتأججة ..
وجدنا تلك العلبة المعدنية المتوهجة عند الظهيرة..من فرط إعيائنا..واحة للاسترخاء بعد الخلاص من مفاجآت البحث الأمني في السجلات..
كان "عليٌ" يتأبط كيس الجنفاص الذي إخْتَزَنّا فيه كل ما يثبت عراقيتنا..وأضفنا إليها بطاقات الأحوال المدنية الجديدة..(المحفوظة في الآلة الحاسبة ..كما توعدنا الموظف الأجلح.. قبل أن يَبصقها بوجوهنا!)
لَكَزَني "عليٌ" بِكوعه الصغيرة.. متسائلا ببراءة طفولية ..
بابا ..شنو يعني خَتّان تشكيلي !؟
أجبته هامساً بِحياء..
عيب بابا هذا الكلام!
لا بابا..هذا مكتوب تحت صورتك..المهنة :خَتّان تشكيلي..!
اختطفت الهوية من يديه..
المهنة:خَتّان تشكيلي!
عدنا راكضين أنا و"عليٌ" وكيس الجنفاص إلى الموظف الأجلح..
أخي هناك خطأ في المهنة..
قدم طلب للإدارة العامة لتغيير المهنة..
أجابني دون أن يلتفت إليّ..
أخي..
وقاطعني بحدة..
قلت لك ..قدم طلب تغيير مهنة ..وبدون إلحاح..
أخي ..أرجوك اقرأ ما هو مكتوب..!..
قلتها محتدما..
قرأ توصيف المهنة بصوت مسرحي ساخر..متسائلا باستغراب:
أين الخطأ؟..
قلت له..الصحيح فنان تشكيلي ..
ومالفرق؟!
رد علي باندهاش..
ثم رمى البطاقة بوجهي..امسكني موظف آخر كان يجول بين الزحام..
أخي لا تتعب نفسك..اذهب إلى فرع المأمون وقدم طلب تغيير مهنة..
أجبته بِحَيرة :
سيضحك علينا الناس إن تقدمنا بمثل هذا الطلب..الأمر ببساطة خطأ في حرف بخط يد الموظف المعني..
تعاطف معنا الرجل..
وعاد إلى الموظف الأجلح وهمس في أذنه مترجيا..
انتفض الرجل زاعقا كالملسوع:
كل يوم نحيل مئات الناس إلى الإدارة العامة لتغيير المسمى الوظيفي..ما هو الجديد والغريب في قضية الأفندي؟!
اقتربت منه نافذ الصبر..وبكلمات حادة:
هل تعرف ما معنى خَتّان؟
أجاب بثقة ..نعم..
وهل تعرف معنى فنان؟
صرخ بوجهي ..
أنت جاي تلقي محاضرة عَليَّ..
وواصلت..
أتعرف الفرق بينهما؟
زمجر بوجهي صارخا:
نفس الشيء!
وخرجت..
****
في البيت تقاطر علينا الأصدقاء ومنهم الصديق أبو ثائر..
طمأنني بان احد أقاربه يعمل في الإدارة العامة للجنسية وسييسر لنا الأمر..
في اليوم التالي ذهبنا لذلك الرجل الوقور..الذي احتفى بنا..ورافقنا إلى مسؤول يتقدمه بضع مراتب في الوظيفة.
شرح له الموضوع..قاطعه الرجل بجفاف:
الموضوع لا يحتاج للشرح..قدم طلب تغيير مهنة ..وانتهى الأمر..
قلت له موضحا..ومتسائلا:
هل سمعت بوظيفة خَتّان تشكيلي؟!
أعاد علي نفس سؤال صاحبه الأجلح..
وما هو الصحيح؟
فنان تشكيلي..أجبته بمرارة..
لكن الرجل انفجر ضاحكا بسخرية ومعه جوقة مدججة بالسلاح والشوارب الكثة ومعبئة بأكياس زيتونية غامقة..وهو يتمتم..
خَتّان تشكيلي..فَنان تشكلي ..كُله تشكيلي !
في تلك الآونة وأنا افترش الأرض الترابية تحت الشجرة المنعزلة في فناء إدارة الجنسية بالمأمون لأيام عسيرة..تذكرت حديث فنان الشعب رشاد حاتم ..في آخر لقاء له مع مجموعة من الإعلاميين والفنانين ..وهو يقلب بعض صفحات الحوارالتي كانت تجري في سجون العهد الملكي..
مستذكرا:
قال لي الرفيق فهد مصححا قولي "إني فَنان" ..
قل:
فُنّان..ولا تقل ..فَنان!..
لأن "فَنان" بفتح الفاء تعني الحمار الوحشي ..
أما "فُنّان" بضم الفاء وتشديد النون فتعني :الحِرَفي المُتقِن لحِرفته والمبتكر فيها..
فأجبته – يقول - المرحوم رشاد حاتم:
ألف حمار وحشي ولا فُنّان واحد..رفيق هذي "الفُنّان" تقطع النفس من واحد يقولها..ثم منو الليّ يفَرْزِن بين الحمار الوحشي ..والحِرَفي المُبتكر!؟
قلت مع نفسي :
لو يدري فناننا الزاهد رشاد حاتم ومعلمه فهد.. إن فتح الفاء قد جعلني خَتّاناً ..فماذا سأكون لو ضَمَمْتَها وشَدَّدت النون؟!
****
بعد نشر مقالي ( من هم المرشحون لمجالس المحافظات ؟!) بيوم واحد اتصل بي الصديق العزيز "أبو ثائر" من بغداد..يسألني:
هل تتذكر صاحبنا الأجلح ..مدبج الـ"خَتّان التشكيلي"ّ؟
فأجبته:
كيف أنساه!
قال:
لقد خلع البذلة الزيتونية ولبس لحية وحفر خندقا في جبهته..بعد الغزو مباشرة..وهو اليوم عضوا في المجلس المحلي في (.......)
صدمت..أول وهلة..وتداركت جزعي..قائلاً:
لم يتبق سوى أشهر معدودة وسَتُطَهر تلك المجالس من الأدران..
قهقه أبو ثائر وبلغته الساخرة :
لقد أتقن ارتداء كل الأزياء ..وأحسن كل أنواع تسريحات اللحى خلال هذه السنوات الخمس..واصطفى لنفسه هيئة يرضى عنها أولي الأمر..و تخطئها صناديق الاقتراع !
حينها صرخت:
حذار من عودة الخَتّان التشكيلي..
فقد خَتَن أعماركم بالحروب والمقابر الجماعية قبل السقوط..
وخَتَن أموالكم وأحلامكم بالمواعظ بعد الغزو..
وسَيَختِن(وجودكم) في الجولة القادمة..ويقطع نسل العراقيين..
فحذار من عودة الخَتّان التشكيلي..
****
اللهم اشهد إني قد بلغت!!!



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم المرشحون لمجالس المحافظات!؟
- هل يمكن التعايش بين ثقافة -حرب العصابات-.. و-ثقافة- الديمقرا ...
- رسالة مفتوحة إلى -مثقفي- الأحزاب والحركات والهيئات والمنظمات ...
- ديمقراطية -بيولوجية-..و..ديمقراطية ب-التَبَني-!
- -ادارة الثقافة- العراقية..من -الواح الطين- الى ..جدران التخل ...
- ثقافة الاستثمار..والمليارات البائرة؟
- مالذي يريده العراقيون؟..-بُناة- ام -مخربون- حكوميون؟!
- رسالة مفتوحة الى رئيس واعضاء مجلس النواب ومنظمات المجتمع الم ...
- آن الاوان لتكريم شاعر -الوثبة- والسلام ..علي جليل الوردي!
- لنقف جميعا بوجه الغزو الأمريكي الجديد للعراق!!؟
- رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء السيد نوري المالكي
- متهمون خارج قفص الاتهام..وغياب شهود الإثبات!؟
- من اوراق -سميرة الوردي-الآذارية!
- عبادة الاصنام تعود ثانية!؟
- نوايا الزعامات المتطرفة..تختطف المصالح الإستراتيجية للشعوب؟!
- بدلا من اصدار قانون لحماية المثقفين من الانقراض..رئيس الوزرا ...
- أفول وسطوع نزيهة الدليمي!؟
- مصير المثقف العراقي ..بين-اعادة انتاج ثقافة التوسل-و-الحقوق ...
- لماذا لا نقتدي بالمثقفين -المشاغبين-؟!
- دعاء-ام حسن-!


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود حمد - حذار من عودة -الخَتّانْ التَشكيلي-!!؟